كانت امرأة ضعيفة، مغلوبةٌ على أمرها وتعاني الفقر والعوز، وأٌجبرت على تحمّل ذنب لم تقترفه، فاضطرت للدخول في علاقةٍ أفضت إلى حملها. أمّا هو، فكان شاباً فاحش الثراء، وصاحب سُلطة جبّارة في مدينة السّحاب، ولم يرها سوى زهرة شوكٍ غادرة، يختبئ خلف ضعفها المكر والطمع . ولأنها لم تتمكن من كسب قلبه؛ قررت الاختفاء من حياته. الأمر الذي فجّر غضبه، فانطلق باحثًا عنها في كل مكان حتى أمسك بها. وكان جميع أهل المدينة يعلمون أنه سيعذبها حتى الموت. فسألته بنبرة يائسة: "لقد تركت لك كل شيء، فلم لا تتركني وشأني؟" فأجابها بغطرسة: "سرقتِ قلبي وأنجبتِ دون رغبة منّي، وبعد هذا تظنين أنكِ ستنجين بفعلتكِ؟"
Leer másصرخت سارة بغضب وقالت: "لماذا جئتما إلى هنا؟ هيا اخرجا من هنا فورًا"، لم تكن سارة تكترث لكل الأذى الذي لاقته من لينا ووالدتها غادة، بل كان كل ما يشغل بالها في هذا الوقت، أنهما بالتأكيد جاءتا لمضايقة الخالة سمية وهذا سيفاقم مرضها.أمسكت سارة حقيبتها وضربت بها السيدة غادة.لكن الخالة سمية أوقفتها: "سارة.....".نظرت سارة إلى الخالة سمية وقالت: "لا تخافي يا أمي، سأطردهما فورًا".قالت الخالة سمية: "سارة، أنا من دعوتهما إلى هنا".سارة: ".......؟".نظرت سارة خلفها، فوجدت لينا ووالدتها غادة ينظران إلى الخالة سمية المستلقية على السرير والخوف يملأ أعينهما.ثم نظرت مرة أخرى إلى الخالة سمية وسألتها في حيرة: " أنتِ من دعوتهما للمجيء إلى هنا يا أمي؟".نظرت الخالة سمية إليهما بوجه شاحب ونظرات مفعمة بالتحدي وقالت: "لينا، غادة....".نظرة غادة إلى الخالة سمية نظرة عداء وقالت: "يا خالة سمية.....".قالت الخالة سمية: "هل تظنان أنني وابني برهان كنا سنظل على قيد الحياة حتى الآن لو لم نقاوم كل الظروف كي نحظى بمكانة واحترام بين أفراد عائلة رستم؟ خصوصًا أن زواجي من رستم لم يُعلن بشكل رسمي"."لقد عاشت سارة في منز
قال السيد فؤاد: "على الأقل يمكنكِ دعوتي لتناول الغداء معكِ..." ثم نظر إلى المتجر الصغير من حوله فوجده مظلمًا مليئًا بالدخان ولا يوجد به سوى العمال المهاجرين".غطى السيد فؤاد أنفه بيده وتحمل كل شيء من حوله من أجل أن يحظى بفرصة للفوز بالفتاة التي تعجبه."على الأقل يمكنكِ دعوتي لتناول وجبة طعام لا تتجاوز دولارًا، أليس كذلك؟".أجابت سارة بسرور: "حسنًا".طلب الاثنان وجبتي طعام، عبارة عن طبقين من الخضار وطبق من اللحم.كانت سارة قد شبعت بالفعل بعدما تناولت وجبتها الأولى التي لم يكن بها سوى الفطر والبازلاء، ثم جلست أمام السيد فؤاد تشاهده وهو يتناول طعامه.كان شعورًا محرجًا حقًا.لكن الأكثر إحراجًا هو أن سارة ظلت جالسة أمام السيد فؤاد دون أن تتحدث بكلمة واحدة، بينما كان هو يتناول وجبته عديمة الطعم متمنيًا أن يستطيع إمساك خد سارة البارد ويهز رأسها بقوة.لكنه كان يفضل أن يضمها إلى صدره بقوة ولا يفلتها ثانية.لم يتخيل أنها ستظل طوال الوقت هادئة وانطوائية هكذا.لكن السيد فؤاد صياد ماهر، يعرف كيف يتحلى بالصبر حتى يصطاد فريسته.وبعدما انتهيا من تناول طعامهما، اكتشفت ساره أن السيد فؤاد قد دفع بالفعل
فجأة رفعت سارة عينيها لترى من الذي يتحدث، لكنها لم تتذكر من هو، وبعد بضع ثوانٍ قالت: "السيد فؤاد".حينها وقف مدير قسم التصميم بسرعة وباحترام ومشى نحو السيد فؤاد ثم انحنى قائلًا: "سيد فؤاد، ما الذي أتى بك إلى هنا؟ هل جئت لتتفقد أحوال العمل؟".نظر فؤاد له وقال: "ما مشكلة هذه الموظفة؟".قال المدير: "إنها موظفة جديدة متوسطة التعليم وليس لديها أي خبرة، تغيبت عن العمل لعدة أيامٍ دون إنذار، يستحيل أن يعمل أمثالها في شركتنا"."أقسم أنني لن أتغيب عن العمل مرة أخرى، سأعمل بكل قوتي في الموقع حتى لو اضطررت لنقل الطوب" قالت سارة هذا لتستجدي أي فرصة أخيرة تبقيها في هذه الوظيفة.قال فؤاد بلهجة حادة: "إنها مجرد مصممة مساعدة أليس كذلك؟ في شركةٍ كبيرةٍ كهذه علينا التعامل بتسامح مع الموظفين، يجب أن نعطيهم فرصةً أخرى، خاصةً إن كانوا جدد، ولطالما اعترف الموظف بخطئه، فإنه سيصححه بالتأكيد ولن يكرره".لم يعقِّب المدير على كلام السيد فؤاد.لكنه استنتج أن السيد فؤاد وهذه الفتاة الوضيعة يعرفان بعضهما البعض.لم يكن لدى مدير التصميم خيارًا آخر سوى إعادتها للعمل، خاصةً بعدما شفع لها السيد فؤاد.قال المدير: "بشرط أل
لم يؤثر صراخها في تعابير وجه السيد برهان، بل أخذ ينظر إليها ويتفحصها من رأسها حتى أخمص قدميها. دفعت سارة السيد برهان بقوة لتبعده عن طريقها، ثم التقطت منشفتها ولفتها حول جسدها بسرعة وركضت نحو غرفة الضيوف.وما إن أغلقت الباب خلفها، سالت الدموع من عينيها.تملكها حينها شعور بالخجل والعار هي وحدها من أدركت كم كان شعورًا خانقًا.رفعت معصمها لتمسح دموعها التي لم تستطع كبحها، وقبل أن تنحني لتلتقط ملابسها، انفتح الباب فجأة، فارتعبت سارة وارتجف جسدها، وعندما التفت ورفعت عينها، رأت السيد برهان أمامها يحمل صندوق الإسعافات الأولية.غطت سارة جسدها بالمنشفة وقالت: "أنت.....ماذا تفعل هنا؟".لم يجبها السيد برهان؛ بل اقترب منها وأمسك ذراعها ووضعها على السرير على بطنها، وقبل أن تستوعب ما يجرى، كان السيد برهان قد بدأ يدهن لها مرهمًا باردًا على ظهرها.كان ظهرها مليئًا بالكدمات وآثار ربط الحبال، لم تستطع سارة رؤيتها لكنها شعرت بألمٍ شديدٍ في ظهرها أثناء الاستحمام، والآن بعدما دهن السيد برهان هذا المرهم البارد على ظهرها، هدأ شعورها بالألم على الفور.ثم انتقل بعد ذلك إلى ساقيها اللتين كانتا مليئتين بآثار ربط
صاحت سارة مرة أخرى: "سيد برهان.......".التقط السيد برهان هاتفه وأجرى اتصالًا: "حازم، تعال إلى هنا فورًا لتصطحب الآنسة لينا إلى المنزل".لينا: ".....".أنهى السيد برهان المكالمة ثم قال بفتور: "انتظري هنا، سيأتي حازم في غضون ثلاث دقائق ليعيدكِ إلى المنزل".وما إن أنهى كلامه، دخل المصعد وضغط على زر الصعود وأغلق باب المصعد.بقيت لينا مذهولة وحدها تحت المطر.وبعد ثلاث دقائق، وصل حازم وأوقف سيارته أمام لينا، ثم فتح نافذة السيارة ونادى عليها: "آنسة لينا، اصعدي إلى السيارة بسرعة حتى لا يبللكِ المطر".تغيرت ملامح لينا وقالت: "هل أنت غبي؟".حازم: "....؟".أنا خطيبة السيد برهان رستم، ينبغي عليك بصفتك سائقه الشخصي، أن تنزل وتفتح لي باب السيارة، ثم تركع لتجعل قدمك مسندًا أصعد عليه إلى السيارة".حازم: "......".وبعد بضع ثوانٍ، نزل حازم من السيارة دون أن ينبس ببنت شفة، ثم فتح باب السيارة وثنى إحدى ساقيه باحترام وقال: "تفضلي بالصعود يا آنسة لينا".قالت لينا بنبرة متعالية: "هكذا أفضل!".أدركت لينا بعد هذه الليلة أنها مهما فعلت أو ارتكبت من أخطاء، فإن السيد برهان سيتزوجها في النهاية.ذلك لأنه قد اقتنع
كان الاتصال من الجدكان جد برهان يتحدث بنبرة تجمع بين الأمر والتشاور: "برهان، بما أنك قلت إن تلك المرأة كانت فقط من أجل تهدئة والدتك، فقد قررنا، جدتك وأنا، أن نقيم مأدبة عشاء عائلي بسيطة. في نهاية هذا الأسبوع، ستحضر فتيات من العائلات الراقية من المدينة الجنوبية والعاصمة في هذه المأدبة..."لم يترك برهان فرصة لجده لإكمال كلامه، إذ قاطعه قائلًا: "لن أذهب!"أصبحت نبرة جده أكثر ليونة وقال: "برهان، انتظر قليلًا، اسمعني حتى النهاية، حسنًا؟"برهان: "...""برهان؟""أنا أسمع.""برهان، لن أتدخل في أمور شركة العائلة، ولكنني الآن بلغت السادسة والتسعين. ألا يمكنك أن تترك لي فرصة أن أراك تتزوج وتنجب قبل وفاتي؟ إذا وجدت فتاة تناسبك بين الضيوف، فهذا سيكون الأفضل. وإن لم تجد، فلن نضغط عليك." في النهاية، كان جده يكاد يتوسل لبرهان.ألقى برهان نظرة على لينا، التي كانت لا تزال تحت المطر، ,وأجاب: "حسنًا."بعد أن أنهى المكالمة، قال برهان للينا: "استعدي خلال الأيام المقبلة. سترافقيني هذا الأسبوع إلى منزل عائلة رستم لمقابلة جدي."لينا، التي بدت علامات الفرح تلمع في عينيها، سألت بفرح: "سيدي، ماذا تقول؟ هل تعني أ
"هل تمطر؟" قالها برهان وهو يتجه نحو الشرفة لينظر إلى الخارج، وبالفعل كانت الأمطار تتساقط. عندما نظر للأسفل، رأى امرأة جاثية على ركبتيها في الماء، ترفع رأسها وتنظر تجاهه.أخذ برهان مظلة ونزل إلى الأسفل."سيدي... سيدي... لا أصدق أنك ما زلت تود النزول لرؤيتي." كانت شفتا لينا قد تحولت إلى اللون الأرجواني من شدة البرد، وهي تزحف على ركبتيها باتجاهه، ثم عانقت ساقيه بشدة. "سيدي، اسمعني، دعني أكمل كلامي. حتى لو قتلتني بعدها، سأكون راضية، فقط أطلب منك فرصة واحدة للدفاع عن نفسي."نظر السيد برهان إلى هذه المرأة التي كانت تجثو أمامه بخضوع وتذلل، شعر باشمئزاز شديد يتملكه. فقد كان على وشك أن يركلها حتى الموت بالأمس.لكن في النهاية، تراجع في اللحظة الأخيرة فقط لأنها أنقذت حياته بجسدها ذات مرة، مما منحه الفرصة للسيطرة على مجموعة شركات رستم. توقفت قدمه في اللحظة التي كانت على وشك أن تصطدم بها.ومع ذلك، كانت مشاعر الكراهية تجاه لينا تتزايد في قلبه يومًا بعد يوم.هذه المرأة لم تعد تلك المطيعة والمستسلمة كما كانت في الليلة التي أنقذت حياته. على الرغم من أنه وعدها بالزواج بعد شهرين، إلا أنها ما زالت تثير غ
"أمي، أنا آسفة." سقطت دموع سارة على طرف الغطاء الذي يلف الخالة سمية. كان صوتها مبحوحًا من كثرة البكاء: "لقد بدأت العمل للتو، وكان عليّ الامتثال لتعليمات المدير. قرر المدير فجأة إرسالي في رحلة عمل لبضعة أيام، فلم أتمكن من زيارتكِ في الوقت المناسب."أجابت الخالة سمية بابتسامة حزينة وهي تنظر إلى الأنابيب المتصلة بجسدها: "ليس ذنبكِ يا حبيبتي. جسدي يزداد ضعفًا يومًا بعد يوم... لا أعرف إن كنت سأتمكن من فتح عيني مرة أخرى بعد أن أغلقها.""أمي، لا تقولي ذلك، أرجوكِ، لا تتركيني. لو رحلتِ عني، سأصبح وحيدة تمامًا. لم يعد لدي أي أحد في هذا العالم..." صرخت سارة وهي تضع رأسها على صدر الخالة سمية، تبكي بحرقة ودموعها تنهمر دون توقف.في ذلك اليوم، بعد أن تم إنقاذ سارة، لم تعد إلى المنزل. بقيت في المستشفى تعتني بالخالة سمية. كانت تنظفها، تغسل شعرها، وتقص أظافرها. ومع رعايتها الحنونة، بدأت الخالة سمية تستعيد بعضًا من صحتها، وظهر لون الحياة مجددًا على وجهها الشاحب.بفضل رعاية سارة الدقيقة، بدا أن برهان، الابن البيولوجي للخالة سمية، لا دور له تقريبًا. ففي كثير من الأحيان، كان يقف بهدوء على الجانب، يراقب تلك
سارة كانت ترتجف خوفًا وهي تتكئ على عنق برهان، جسدها يرتعش بالكامل. كانت تعلم أن برهان رجل قاسٍ، لكنها لم تره يومًا بعينيها يتصرف بهذه القسوة. اليوم، أخيرًا شهدت كيف أنه رجل لا يتراجع عن كلمته، مهما كان الأمر.ومع ذلك، كانت تعلم أن هؤلاء الأشخاص يستحقون ما حصل لهم.لم يكن هناك ما يستدعي الشفقة عليهم.على العكس، كادت هي أن تكون الضحية، وكانت على وشك أن تُعذب وتُقتل على يد لينا.رفعت سارة رأسها ببطء، وهي مستندة على كتف برهان، ثم نظرت إلى لينا بعينين بريئتين للغاية.تم نقل سارة إلى المستشفى، وبعد أن أجرى الطبيب الفحص قال: "إنها مجرد كدمات في الأنسجة الرخوة، لا يوجد ما يدعو للقلق."تنفست سارة الصعداء، وبدأت مشاعر الخوف التي كانت تعتريها تتلاشى تدريجياً. بعد أن كانت مُختطفة لعدة أيام، ولم تكن تعرف كيف كانت حال الخالة سمية خلال هذه الفترة."سيد برهان، شكرًا لإنقاذكِ لي، هل الخالة سمية بخير؟" سألته سارة وهي تنظر له بامتنان."الوضع ليس جيدًا!"سارة: "......ماذا... ماذا حدث للخالة سمية؟""في وحدة العناية المركزة." قالها برهان بوجه خالٍ من التعبير. في الفترة الأخيرة، كانت سارة تذهب كل يوم إلى ال