الفصل 10
تجمدت سارة في مكانها.

وظلت تستمع إلى إهانة لينا لها، وكانت تتمنى من قلبها لو تستطيع تمزيق وجهها.

لكنها لم تكن تستطيع أن تتصرف بتهور آنذاك.

فإن هي بدأت الشجار سيتحول إلى عراك عنيف، لذا خشيت سارة أن يتأذى الطفل الذي في بطنها.

ابتسمت سارة بفتور وسألتها: "هل تهتمين بهذا العمل لتلك الدرجة؟".

ضحكت لينا باستهزاء وقالت: "أنا فقط قلقة على صحتكِ، احترسي ألا تصابين بالأمراض والأوبئة، حينها سيصبح مجيئكِ إلى بيتي سيجلب لي الوباء والفساد".

"إذن لماذا دعوتِني إلى بيتكِ وأصريتِ على بقائي لتناول الطعام؟ لقد ظننتُ أنكِ مهتمةٌ بمعرفة كل شيء عن هذا العمل"، قالت سارة ذلك بنبرةٍ هادئةٍ لكنها كانت كافية لإسكات كل من في المنزل.

لم يلحظ أحد أنه في تلك اللحظة، كانت عينا السيد برهان الحادتين تحدقان في سارة بعمق وبرود.

وبعد لحظات، التقط مفاتيحه وهَمَّ بالمغادرة.

لحقته لينا تسأله: "هل أغضبك شيء ما؟".

قال السيد برهان بفتور دون أن يلتفت إليها: "إن بقيتِ على اتصال بهذه المرأة، فسأعطيكِ بعض المال تعويضًا عن خطبتنا ونفسخ هذه الخطبة نهائيًا".

قالت لينا وهي تلحق بالسيد برهان لتسترضيه: "حسنًا فهمت، لا داعي لتغضب من امرأة كهذه، انتظر سأوصلك".

نظرت السيدة غادة إلى سارة متمنية لو تصفعها بقوة على وجهها وقالت: "أنتِ نذير شؤم، لقد تعمدتِ إغضاب خطيب لينا حتى يغادر، هيا اخرجي من هنا، اذهبي إلى الجحيم".

نهضت سارة وهمَّت بالمغادرة.

صاحت السيدة غادة: "توقفي!".

استدارت سارة ونظرت إلى السيدة غادة: "......؟".

"عليكِ إحضار خمسة آلاف دولار غدًا".

سألتها سارة: "لماذا...!".

"لأن عائلتنا ربتكِ ثماني سنوات، خمسة آلاف هي ثمن الثماني سنوات، هذا هو العدل، لن نبتزكِ"، كانت غادة تعرف حق المعرفة أن سارة لا تستطيع تدبير مائة دولار حتى، ناهيك عن خمسة آلاف.

لكنها كانت تريد أن تدفعها إلى الانتحار!

حتى إن لينا نفسها صُدمت من تصرف والدتها غادة.

ضحكت سارة بامتعاض وقالت: "ألم أسدد ديني عندما سُجنت مكان ابنتكِ منذ عامين؟ ألم أسدد ديني عندما جعلتموني أرافق رجلًا عجوزًا؟ لقد سددت ديني لكم منذ زمن بعيد".

ضحكت غادة بفتور وقالت: "إن كنتِ لا يهمكِ نبش قبر أمكِ وإلقاء جثتها في العراء، فلا تسددي دينكِ".

قبضت سارة يديها وحدقت بغضب إلى السيدة غادة وقالت: "أنتِ.....".

لكنها بعد ثوانٍ كظمت غيظها وقالت: "سأرسل لكِ الخمسة آلاف غدًا".

ولما أن أنهت كلامها استدارت وغادرت على الفور.

وما إن خرجت من بوابة منزل لينا، تجمعت الدموع في عينيها، لكنها رفعت رأسها بعناد رافضة أن تستسلم أو تسمح لنفسها بالبكاء.

فالبكاء لن يفيد.

عليها الحصول على خمسة آلاف.

خمسة آلاف دولار ليست مبلغًا كبيرًا، لكن تسلق الجبال بالنسبة لها كان أيسر من جمع هذا المبلغ.

وعندما خرجت سارة من المنزل، كانت لينا تمسك ذراع السيد برهان وتتمايل نحوه بدلال، فمرت سارة بجانبهما وكأنها لا تراهما، ثم تابعت المشي.

كانت تعلم يقينًا أن السيد برهان لن يعرض عليها أن يوصلها في طريقه.

على الرغم من أن طريقهما واحد فهما يسكنان في المنزل ذاته.

تجاهلت لينا سارة وكأنها لا تراها أيضًا، وظلت تتحدث إلى السيد برهان وتتظاهر بالبراءة وتذرف الدموع قائلة: "عزيزي برهان، أعلم أنني لا أستحقك، هل أنت غاضب مني؟ لم يكن يشغلني الزواج بك في ذلك اليوم، لم أكن أريد حينها سوى إنقاذك، إن كنت لا تحبني فسأنسحب ولن أفرض نفسي عليكَ، إن لم تكن لي، فلا خيار لدي، سأبحث عن أي عجوز هَرِم لأتزوج منه، أو أي شخص آخر يقبلني كما أنا، كل ما أتمناه هو أن تكون سعيدًا".

كان السيد برهان يعلم أن كل ما تقوله مجرد أكاذيب ماكرة.

لكنه عندما تذكر ما تكبدته لينا في تلك الليلة قال: "لا تفكري بحماقة، بعد شهرين سيقام حفل زفافنا حسبما هو مقرر".

حينها توقفت لينا عن البكاء وابتسمت.

فاستأنف السيد برهان كلامه قائلًا: "أنا رجل أحب الخضوع والتواضع دائمًا، عليك اعتياد هذا الأمر ما دمتِ ستكونين معي، هل فهمتِ مقصدي؟".

أومأت لينا برأسها وأجابت: "أجل فهمت يا سيد برهان، سأحرص على أن أكون خاضعةً مستكينةً دائمًا".

ركب السيد برهان سيارته وغادر.

وعندما ابتعدت سيارة السيد برهان، قالت لينا باستهزاء وهي واقفة في مكانها: "أتريدين تدمير سعادتي يا سارة؟ مستحيل، سأجعلكِ تعرفين أن سعادتي ثمنها تضحيتكِ بكل شيء، وأول ذلك نفسكِ وكرامتكِ".

كانت سارة لا تزال في طريقها ولم تبتعد كثيرًا، فمرت سيارة السيد برهان بجانبها مسرعة دون أن تهدئ من سرعتها حين مرت بجانبها.

في هذه الليلة وصلت سارة إلى منزل السيد برهان بعد الساعة العاشرة مساءً، ظنت حينها أن السيد برهان قد خلد إلى النوم، لكنها وجدته يجلس وحده في غرفة المعيشة يدخن سيجارة والدخان من حوله يملأ الغرفة".

لكن الغرفة كانت باردةً جدًا.

وكان وجه السيد برهان يضيء ويظلم تحت إضاءة الغرفة الخافتة.

وعندما رأى السيد برهان سارة وهي تدخل من الباب سألها بفتور: "كم استغرقتِ وأنتِ تراقبين منزل عائلة لينا؟".

نظرت سارة إلى السيد برهان بارتباك وقالت: "ماذا تقصد؟".

نظر السيد برهان إلى سارة ممتعضًا وقال: "هذه هي المرة الأولى التي أذهب فيها إلى منزلهم لأناقش أمر زواجي من لينا، وأنتِ كنت في منزلهم حينها، هل تريدين مني أن أصدق أن هذه كانت مجرد صدفة؟".

لقد أسأتُ تقديركِ حقًا، انظري كيف كنتِ تأكلين في منزل عائلة لينا، لقد فاقت وقاحتكِ كل الحدود".

سألته سارة بوضوح: "ماذا تقصد بكلامك؟".

"لينا ليست مثلكِ، فهي امرأة طيبة ونقية لا تشبهكِ، إن كنتِ تضمرين لها أي نية سيئة، أخبريني الآن، ولا تزعجيهم وتعكري صفوهم وإلا سأجعلكِ تتمنين الموت!".

نظرت سارة إلى السيد برهان وقالت له: "إذن هل أنتَ مستعد لتدفع لي خمسة آلاف دولارًا حتى تضمن ألا أزعج لينا وعائلتها مرة أخرى؟".
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP