الفصل 14
تفاجأت سارة.

ثم تذكرت أن اليوم هو يوم إقامة حفل خطوبة السيد برهان ولينا.

فقد سمعت السيد سمير يقول ذلك أول أمس عندما كانت في منزله لسداد ديْنِها.

رفعت سارة عينها ونظرت إلى ملابس لينا وفستان خطبتها الرائع والقلادة الماسية حول رقبتها وأقراط الماس في أذنيها والتاج الذي فوق رأسها.

كانت لينا جميلة وكأنها حورية من الجنة نزلت إلى الأرض.

بالطبع يجب أن تكون كذلك، فهي الشخص الأهم في هذا اليوم.

لكن ماذا أفعل أنا هنا؟

نظرت سارة إلى ما ترتديه، فوجدت أن قميصها الأبيض ملطخ برواسب مسحوق الغسيل، وتنورتها السوداء بالية ومليئة بالخدوش.

هل جئت إلى هنا لتناول وجبة مشبعة؟

تُرى ما الذي يفكر فيه السيد برهان....!

ما دخلي أنا بمأدبة الخطبة التي أُعدت على شرف الخطيبين، ولماذا جعلني آتي إلى هنا كالحمقى....!

تملك الغضب من قلبها.

نظرت سارة إلى لينا بنظرة حادة يملؤها الحزن: "حسنًا، ماذا أفعل هنا يا تُرى؟".

نظرت لينا إلى سارة وهي تتمنى أن تمزق وجهها وتقطعها إربًا: "أنتِ! سارة! كم أنتِ وقحة! إن اليوم حفل خطبتي أنا والسيد برهان، وقد أتيتِ إلى هنا بهذه الملابس القذرة البالية، ولماذا تمشين بعرجٍ هكذا وقدماكِ متباعدتان! هل تعرضتِ للاغتصاب للتو ثم جئتِ إلى هنا لتجلبين لي الحظ السيء! اخرجي من هنا!".

هل كان سهلًا عليها هي أيضًا تنظيم حفل الخطبة بسرعة هكذا مثل السيد برهان؟

كان السيد برهان لا يحب التباهي، ودائمًا يأمرها بالتواضع والبساطة في كل شيء، حتى عندما أقام حفل الخطبة هذا، لم يخبر عائلة لينا، بل اكتشف والدها الأمر بنفسه.

لحسن الحظ أنهم أيضًا أغنياء، وإلا لما تمكنوا من تجهيز كل ما يلزمهم في يومٍ واحد، فستان خطبة لينا وكل هذه الحُلي الثمينة، وفستان السيدة غادة وبذلة السيد سمير الخولي، كل هذه الأشياء الفاخرة باهظة الثمن تتجاوز قيمتها العشرة آلاف دولار.

دعت عائلة لينا بعض الأقارب والأصدقاء أيضًا.

فحفل الخطبة هذا هو مناسبة سعيدة للأسرة بأكملها، ومهما كان بسيطًا، لابد من دعوة ثلاثة أو أربعة من الأقارب على الأقل.

في هذا الوقت كانت السيدة غادة تتباهى أمام أقاربها وأصدقائها وتقول: " على الرغم من نفوذ عائلة السيد برهان وثرائهم، إلا أنه يحب البساطة والتواضع كثيرًا، وباعتباري حماته فإنني أحب هذه الرزانة والبساطة فيه كثيرًا".

قال بعض الأقارب بابتسامة مجاملة: "زواج لينا من عائلة السيد برهان أغنى رجل في مدينة السحاب، هو حقاً حظٌ عظيم، تهانينا، تهانينا، في المستقبل سنتمكن نحن الأقارب والأصدقاء من الاستفادة أيضًا من نفوذ زوج لينا، سنتعرف عليه ونصبح جزءً من عائلته الكبيرة، مما سيعود علينا بالنفع جميعًا".

كان الجميع يعلم أن السيدات الراغبات في الزواج من السيد برهان في مدينة السحاب كثيرات، لدرجة أنهن لو امسكن بأيدي بعضهن البعض، لتمكنَّ من تطويق المدينة بأكملها. لكن في النهاية، كان الأمر يعتمد على امتلاك ما يكفي من الحظ لنيل هذا الشرف.

ومن لديه هذا الحظ سيظل الناس يتجمعون حوله دائمًا ويتملقونه.

وبينما كان بعض السيدات المدعوات من عائلة لينا يتملقن السيدة غادة، سمعن لينا تصرخ من مدخل المطعم: "أيها الأمن، أيها الأمن، أخرجوا هذه الحثالة من هنا!".

هرول السيد سمير وزوجته السيدة غادة إلى ابنتهما، وعندما رأيا سارة غضبا بشدة.

رفعت السيدة غادة إصبعها نحو وجه سارة وقالت بغضب: "كم أنتِ وقحة يا سارة...! لقد سمعتِ بخبر خطبة لينا والسيد برهان منذ يومين وأنتِ كنتِ في بيتنا آنذاك، لذا قررتِ الحضور اليوم لتعكري صفونا وتفرقي شملنا، أليس كذلك؟".

"تعالوا وانظروا، تأملوا هيئتها، ملابسها بالية وكأنها ممزقة، وتمشي بعرج وقدماها متباعدتان وكأنها فرغت لتوها من عمل مشين، ليس مرة واحدة بل عدة مرات على ما يبدو. لقد نسيت، ألم تخبرني لينا أنكِ تعملين بائعة هوى؟ هل جئتِ إلى هنا بعد انتهاء دوامكِ لتجلبين لنا الحظ السيء؟".

"وحتى إن جلبتِ لنا الحظ السيء فنحن ضعفاء لا نستطيع ردعكِ".

"لكن إن رآكِ السيد برهان هنا فستكونين في ورطة كبيرة". لم تكن السيدة غادة لتفوت هذه الفرصة دون أن تهدد سارة بالسيد برهان ونفوذه.

حتى الأقارب والأصدقاء المدعوين بدؤوا أيضًا في توبيخ سارة وسبها.

"هل تظنين أنكِ بقدومكِ هنا ستسرقين الأضواء من لينا؟ سمعنا أنكِ عشتِ ثماني سنوات في بيت السيد سمير، ثماني سنوات كافية لتربية ثعبان سام مثلكِ".

"أنتِ بائعة هوى...! جئتِ إلى هنا بحثًا عن رجل، لكنكِ جئت للمكان الخطأ، حتى إن كان الرجال هنا يبحثون عن شيء كهذا، فلن يلتفتوا إلى فتاة وضيعة مثلكِ، اذهبي إلى أماكن تجمع رجال منحطين، حتمًا ستجدين مرادكِ هناك".

تقدم السيد سمير نحو سارة وبدأ يدفعها خارجًا: "أما زلتِ هنا؟ هيا انصرفي، كم أنتِ مليئة بالشر والأنانية، كل ما تفكرين فيه هو تدمير سعادة لينا، ماذا تريدين؟ ليتكِ متِ في السجن، هيا ارحلي....! وإلا فإن السيد برهان إذا رآكِ هنا سيقتلكِ بأبشع الطرق".

كانت سارة في هذه اللحظة تود لو تقتلهم جميعًا.

لكن لماذا....!

لماذا جعلها السيد برهان تأتي إلى هنا....!

في تلك اللحظة، سمعوا صوتًا عاليًا من خلفهم يقول: "هذه ليست متسولة ولا امرأة قذرة كما تقولون، إنها رفيقتي".

نظر الجميع خلف سارة.

فصاحت لينا بدهشة: "سيد فؤاد؟".

قال السيد فؤاد وهو ينظر إلى لينا بعينين مفعمتين بالبراءة: "تهانينا يا آنسة لينا على خطوبتكِ من السيد برهان".

نظرت لينا إلى سارة غير مصدقة ما يقال: "سيد فؤاد أنت وهي.........".

قال السيد فؤاد وهو يمد ذراعه ويضعه حول كتف سارة: "نعم يا آنسة لينا، الآنسة سارة جاءت إلى هنا في سيارتي، وهي اليوم رفيقتي في حفل خطوبتكِ أنتِ والسيد برهان".

خفضت سارة رأسها نحو كتف السيد فؤاد بلا حول ولا قوة، ثم نظرت بفتور إلى لينا وكل من في المكان: "آنسة لينا، سيد سمير، سيدة غادة، عذرًا، أنا رفيقة السيد فؤاد في حفلكم اليوم، وأنا ضيفة هنا".

وفجأة أمسكت يد قوية يد سارة وسحبتها بعيدًا عن حضن السيد فؤاد: "تعالي معي".

رفعت سارة رأسها لترى من المتحدث، فإذا هو السيد برهان.

اتجهت لينا نحوه بسرعة وقالت: "ها قد أتيت أخيرًا يا سيد برهان، ما رأيكَ في فستان خطبتي؟".

نظرت السيدة غادة إلى السيد برهان وقالت مبتسمة: "انظر ماذا حدث يا سيد برهان، لقد قلت لنا إن حفل الخطبة يجب أن يكون بسيطًا، ونحن لم ندع أحد، لا أعرف كيف عرفت سارة بالخبر وما الذي جاء بها إلى هنا".

قالت نصف الحقيقة فقط، وعندما رأت وجه السيد برهان قد ارتسمت عليه تعابير باردة توحي برغبته في قتل كل من حوله، سكتت ولم تجرؤ على مواصلة الكلام.

نظر السيد برهان بدهشة إلى عائلة لينا: "كيف جئتم إلى هنا؟"، لا يعرف السيد برهان ما الذي أتى بهم إلى المطعم، فقد كان حفل زفافه هو وسارة بسيطًا ولم يدعُ إليه أحد سوى سارة ووالدته والواعظ.

فقد أقام هذه المأدبة تلبيةً لرغبة والدته فقط.

تجمدت لينا في مكانها: "ماذا؟".

"عودوا إلى منزلكم فورًا"، رمق السيد برهان لينا بنظرة حادة وباردة، ثم أضاف قائلًا: "وإلا ستكون العواقب وخيمة وأنتم من ستتحملون مسؤولية ما سيحدث".

عائلة لينا وأقاربهم وأصدقاؤهم: "..........".

ثم وجه السيد برهان عيناه السوداوين الحادتين كالسكين نحو السيد فؤاد.

"إن التي بين يديك يا سيد برهان هي رفيـ......."، ثم سكت السيد فؤاد ولم يجرؤ على إكمال كلامه.

جذب السيد برهان سارة من ذراعها بقوة: "هيا تعالي معي فورًا لترتدي فستان الزفاف".
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP