الفصل 18
والمدعو أبو الرّوس، هو بلطجيّ ذائع الصيت في مدينة السّحاب، وقد كان هو المدبّر لجميع التهم التي لُفقت لسارة قبل وبعد دخولها السجن. وقد تعاونت عائلة السيد سمير مع أبو الرّوس أكثر من مرة من قبل، لكن هذه المرة كانت لينا تنوي الإقدام على أمر أكثر بشاعة.

لم تكن عائلة السيد سمير قبل مصاهرتها للسيد برهان تخطط لقتل سارة، وذلك لأنهم كانوا خائفين من المشاكل التي قد تنجم عن ذلك وتعرقل زواج ابنتهم، والسبب الثاني هو أن لينا أرادت أن تخبر سارة بنفسها أن كل الرخاء والرفاهية التي صارت تعيشها جاءت على حساب شرف سارة الذي ضحّت به.

كانت تريد بذلك أن تغيظ سارة وتقتلها ببطء.

ولكن الآن، لم تعد لينا تهتم بكل ذلك.

كل ما تريده هو موت سارة! والآن!

طلب أبو الروس مليون دولار.

فوجئت لينا وقالت: "أبو الروس! أنت جشعٌ جدًا!"

ضحك أبوالروس بخبثٍ وقال: "أعرف من هي المرأة التي تريدين التخلص منها، ولن أكتفي بقتلها، بل سأجعلها تعاني قبل أن تموت لتشفي غليلكِ منها، وإذا أردتِ، يمكنكِ مشاهدتي وأنا أعذبها. ألا يستحق الأمر هذا الثمن؟"

وافقت لينا على الفور وقالت: "حسناً! سأدفع المليون!"

على الرغم من أن هذا المبلغ ليس صغيرًا بالنسبة لعائلة السيد سمير، إلا أن لينا شعرت بأن هذا المبلغ لا يساوي شيئًا أمام أنها ستتزوج من برهان وتصبح سيّدة عائلة رستم.

بعد اتفاقها مع أبو الروس، ابتسمت لينا بسخرية وقالت: "سارة! كل شيء كان لكِ أصبح ملكي الآن، وأنتِ قد انتهى دوركِ حتى هنا، فلتذهبي للجحيمّ!"

نظرت لينا نحو مطعم "البيك" بوجهٍ يقدح منه الشر ثم غادرت بسرعة. وفي الوقت ذاته، كانت سارة تدفع كرسي الخالة سمية المتحرك وتخرج من بوابة ذلك المطعم.

سألت سارة الخالة سميّة: "أمي، هل بإمكانكِ العودة والمبيت في المنزل الليلة؟"

على الرغم من معرفتها أن هذا مستحيل، إلا أنها سألت ذلك السؤال.

ونظرًا لسوء الحالة الصحية للخالة سميّة، فلم يُسمح لها بحضور حفل الزفاف إلا مع ممرضة ترافقها، ولم يسمح لها الأطباء بالبقاء سوى ثلاث ساعاتٍ فقط، وبعدها، كان يجب عليهم العودة إلى المشفى على الفور.

هزت الخالة سميّة رأسها بابتسامة خفيفة وقالت: "أيتها الصغيرة الساذجة، اليوم هو يوم زفافكِ أنتِ وبرهان، يجب أن تستمتعا بوقتما معًا، هل يعقل أن أكون بينكما كالعَزول في ليلةٍ كهذه؟ سأعود إلى المشفى مع الممرضة، وأنتِ وبرهان اذهبا إلى المنزل مباشرةً."

ردت سارة: "حسنًا، أمي." وراقبتها وهي تصعد إلى سيارة الإسعاف، وظلت تراقبها حتى ابتعدت. وعندما استدارت، كان برهان قد اختفى.

ابتسمت سارة والحزن في قلبها.

ففي النهاية، كل ما حدث مجرد صفقة.

لقد فعل برهان كل ذلك ليؤدي واجبه تجاه والدته.

أما هي، فكانت تعتبر الخالة سمية مصدر الدفء الوحيد في حياتها.

حتى لو كان برهان يسيء فهمها، وحتى لو كان قاسيًا وباردًا معها، فإنها مصممة على البقاء بجانب الخالة السمية في أيامها الأخيرة.

سارت سارة بفستان زفافها الطويل الذي يلامس الأرض عبر القاعة متجهة نحو غرفة تبديل الملابس، ومن خلفها كان هناك مجموعة من النوادل بالمكان ينظرون إليها بغرابة. وعندما وصلت غرفة تبديل الملابس، لم تجد ملابسها التي كانت خلعتها سابقًا.

سألتها إحدى النادلات: "أيتها العروس، عمّ تبحثين؟"

قالت سارة: "أين ملابسي...؟"

قالت النادلة: "أي ملابس؟"

قالت سارة: "التنورة السوداء والقميص الأبيض، كانت متسخة قليلًا..."

قالت النادلة: "آه، تلك الملابس؟ ظننا أنها قمامة فرميناها."

سكتت سارة ولم ترد.

كيف يمكنها الخروج وركوب الحافلة بدون تلك الملابس؟

هل من الممكن أن أستقل سيارة أجرة وأنا أرتدي فستان زفاف ٍوحذاء بكعب عالٍ؟

أخرجت سارة هاتفها واتصلت ببرهان لكنه لم يرد.

فجلست وحدها في الردهة مرتديةً فستان الزفاف، لا تعرف ماذا تفعل.

قبل ساعة واحدة، كانت العروس الجميلة التي يحسدها الجميع، والآن، أصبحت أضحوكة الناس في القاعة، تمامًا مثل لينا.

اخذت هاتفها وأرسلت إلى برهان رسالة نصية تقول فيها: "هل قررت منعي من العودة لمنزلك مرة أخرى؟ أرجو إخباري."

لكن برهان لم يجب على تلك الرسالة أيضًا.

انتظرت سارة في الفندق لمدة ساعتين كاملتين.

حتى أصبح الوقت متأخرًا جدًا، ويبدو أنها ستضطر حقًا إلى ركوب الحافلة مرتديةً فستان الزفاف لتعود إلى منزل برهان. وبينما كانت على وشك النهوض، سمعت صوتًا مهذبًا يناديها: "سيدة سارة، كان لدى السيد برهان أمر مهم فغادر باكرًا، وسأقوم أنا بإيصالكِ."

عندما رأت سارة حازم، مساعد برهان، تنفست الصعداء أخيرًا وقالت: "حسنًا."

وعندما وصلت إلى منزل برهان، كان الهدوء يعمّ غرفة الجلوس، مما يعني أن برهان قد ذهب إلى النوم على الأرجح.

كانت سارة تنوي العودة إلى غرفتها لخلع فستان الزفاف، لكنها انتبهت فجأة لذلك السوار الأخضر الذي ألبستها إياه الخالة سمية في معصمها.

كان يبدو ثمينًا للغاية. ولم تكن سارة ساذجة لدرجة أن تظن بأن برهان كان موافقًا على إهداءها إياه حقًا.

فقررت خلعه والذهاب إلى غرفة برهان لتعيده.

طرقت باب غرفته، ولم تسمع أي رد. طرقت مرة أخرى، وفجأة انفتح الباب ببطء.

دفعت سارة الباب قليلًا، فوجدت أن برهان ليس في الغرفة.

يبدو أنه لم يعد بعد.

خمّنت أنه في هذه اللحظة ربما يكون في منزل عائلة السيد سمير يواسي لينا؟

كانت على وشك الانسحاب، لكنها شعرت بأن سوارًا باهظ الثمن كهذا تجب إعادته بسرعة وتخزينه بشكل جيد. دخلت الغرفة ووضعت السوار على طاولة السرير الخاصة ببرهان. وعندما استدارت لتخرج من الغرفة، اكتشفت أن الباب لا يفتح.

شعرت بتوتر مفاجئ.

فأمالت رأسها تبحث عن القفل السريّ لمقبض الباب، لكنها لم تتمكن من العثور عليه.

لا يختلف هذا الباب عن أي باب عادي، ولا يوجد أيّ قفل سريّ على المقبض، فلماذا لا يمكن فتحه؟

حاولت سارة دفع الباب بقوة، ثم حاولت سحبه والضغط على المقبض، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل.

في النهاية، غمرها التعب وبدأ العرق يتصبب منها دون جدوى.

وبعد أن استنفدت قواها، قررت الرجوع عند المنضدة بجوار سرير برهان، وبدأت تبحث في أدراج المنضدة لعلها تجد مفتاحًا أو بطاقةً لفتح الباب. ولحظة فتحها الدرج، انطلق نحوها فجأة خنجر لامع بسرعة شديدة.

“آه…” صرخت سارة مرتعبة.

لكن ما خافت منه لم يحدث، إذ بالكاد حفّ الخنجر جسدها وأكمل مساره وانغرز في الحائط.

نظرت سارة إلى الحائط فوق الخنجر، لتجد جملة محفورة هناك.

دققت سارة النظر، فقرأت: "هذه المرة جعلتك تتعرض لموقف مخيف فقط. إن تجرأتِ على لمس أي شيء آخر في هذه الغرفة، فستكون نهايتك تحت وابلٍ من الخناجر."

شعرت سارة بعرق بارد يتصبب منها، لدرجة أن قدميها لم تعد قادرة على حملها. ما زال جسدها ينتفض رعبًا، حاولت الاعتماد على السرير لتسند نفسها، وعندما وصلت يدها إلى طرف اللحاف، سحبتها بسرعة خائفة.

لم تجرؤ على لمس أي شيء آخر، وجلست متكوّرة في زاوية الغرفة بجانب الباب، تحتضن ركبتيها من شدة الخوف.

أدركت أنها وقعت في ورطةٍ بلا شك.

فحتى إن لم تقتلها هذه الفخاخ المخفية في غرفة برهان، فإن برهان بذاته لن يتركها سالمةً عندما يعود.

وبينما كانت جالسة هكذا في الزاوية، غلبها النعاس دون أن تشعر ونامت.

عاد برهان في وقت متأخر من الليل، وما إن اقترب من باب غرفة النوم حتى لاحظ أن أحدًا قد عبث ببابه. دفعه بسرعة ودخل، فرأى سارة متكوّرة في الزاوية.

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP