الفصل 20
استمعي إليّ جيدًا! قال برهان بصوت أجشٍّ وبارد، وبكلماتٍ حادّة كالسيف: "إذا تجرأتِ على اقتحام غرفتي مرة أخرى، فستموتين!"

أومأت سارة برأسها وهي ترتجف كغزال صغير تائه، وأهداب عيناها الطويلة الملتوية ترمش بسرعة.

استدار برهان وأخذ السوار الأخضر من على منضدة السرير، ثم حمل سارة وخرج بها من غرفته، ودخل إلى غرفتها ووضعها على السرير، ثم أعاد السوار إلى معصمها وهو يقول:" ارتديه غدًا عندما تزورين والدتي، سيسعدها ذلك كثيرًا."

قالت سارة بصوت خائف ومتقطع: "حسنًا.. فهمت."

ثم خرج برهان.

فأسرعت سارة بإغلاق الباب خلفه، ثم سندت ظهرها على الباب وقد خارت قواها، وفقدت ساقاها القدرة على حملها، فجلست على الأرض وهي تلهث.

شعرت وكأنها عادت من الموت، ولم يكن الأمر يستحق كل ذلك الذعر.

وبعد أن هدأت قليلًا، خلعت فستان الزفاف وحذائها الكريستالي، واغتسلت وتوجهت إلى الفراش.

فغدًا هو يومها الأول في العمل، ويجب أن تكون في حالة جيدة.

وفي اليوم التالي، استيقظت سارة مبكرًا وذهبت إلى المشفى لزيارة الخالة سمية، وحرصت على أن يكون السوار ظاهرًا على معصمها، مع ارتسام ابتسامة خجولة على وجهها.

وفور أن رأت الخالة سميّة السوار في معصم سارة، فرحت وابتهجت.

وبعد أن تحدثا معًا لبعض الوقت، قالت سارة: "أمي، يجب أن أذهب إلى العمل الآن، لا أستطيع البقاء أكثر، وسأعود في المساء لرؤيتكِ مرة أخرى."

سألتها الخالة سميّة في حيرة: "سارة، لقد تزوجتِ بالأمس فقط، فكيف تذهبين للعمل اليوم؟"

ردت سارة بأسلوبٍ دُعابيّ: "أمي! من كان يعلم أنكِ ستفاجئينني بحفل زفافٍ دون سابق إنذار؟ لقد حصلت منذ أيامٍ على وظيفة أحلامي في مجال التصميم المعماري، وأنتِ تعلمين أن هذا هو حلمي."

قالت الخالة سميّة بنبرة حنونة:"حسنًا، حسنًا يا ابنتي، أهنئكِ على حصولكِ على الوظيفة التي تحبينها، اذهبي إلى العمل الآن، ولا تنسي أن تأتي لزيارتي بعد أن تنتهي."

وصلت سارة إلى الشركة الجديدة في موعدها، وسجلت حضورها.

وكما قال لها السيد فؤاد حين أوصلها بالأمس، كلّفها مدير قسم التصميم فور وصولها بالذهاب إلى مواقع البناء في الضواحي الجنوبية للمدينة، بحجة أنها في فترة تدريب. ولكن في الواقع، كانت مجرد مساعد مصمم تقوم بأعمال شاقّة ومتفرقة في موقع البناء.

ومع ذلك، كانت سارة سعيدة.

فراتبها كمساعدة مصمم كان أعلى بكثير من أجر العمال في موقع البناء، وكل ما كانت تريده هو العمل لمدة شهر واحد فقط لتحصل على راتبها، وبالتالي يمكنها إجراء الفحص الطبي الثاني للحمل، وشراء تذكرة قطار للعودة إلى مسقط رأسها والتحقق من سبب وفاة والدتها.

لذلك، لم تهتم كثيرًا بمدى صعوبة العمل.

وعلى مدار ثلاثة أيام متواصلة، انشغلت سارة بإنجاز الأعمال الجانبية الشاقة في موقع البناء.

كانت تبدأ يومها صباحًا بزيارة الخالة سمية في المشفى، ثم تعمل بجد طوال اليوم، وبعد العمل تعود لرؤية خالتها مرة أخرى، وبعد ثلاثة أيام على هذه الحال، بلغ منها الإرهاق مبلغًا لدرجة أنها عادت مساءً، ولم تتناول عشاءها، ونامت فور أن استلقت على سريرها.

وفي اليوم التالي، استيقظت متأخرة عن موعدها المعتاد بنحو ساعة تقريبًا، فنهضت بسرعة، نظفت أسنانها وغسلت وجهها، ثم ركضت لتلحق بالحافلة. وصلت إلى المشفى وتحدثت مع الخالة سميّة لبضع دقائق فقط قبل أن تتوجه بسرعة إلى موقع البناء.

وكي لا تتأخر عن العمل، ومن أجل أن تترك انطباعًا جيدًا لدى مديرها، راحت سارة تركض نحو موقع البناء بعد أن نزلت من الحافلة، وبينما كانت تقترب من الموقع، اصطدمت بشخص غريب.

"آسفة، آسفة، أنا في عجلة من أمري." قالتها سارة وهي تعتذر على عجل ثم تابعت ركضها.

كان الرجل الذي اصطدمت هو أبو الروس.

نظر أبو الروس إليها وهي تركض بابتسامةٍ ماكرةٍ وقال: "لقد وجدتكِ أخيرًا! لقد بحثتت عنكِ في كل مكان، ولم أتوقع أن أجدكِ هنا!"

تبع أبو الروس سارة، وعندما رآها بدأت العمل في الموقع، أخرج هاتفه واتصل بلينا: "سيدة لينا، لقد وجدت المرأة التي تبحثين عنها، تخيلي أين تعمل الآن؟ إنها تعمل في موقع بناء! تلك الأعمال الشّاقة لا يقوم بها إلا الرجال! هل أنتِ متأكدة أن هذه هي مَن تريد سرقة زوجكِ منكِ!"

ضحكت لينا بسخريةٍ وقالت: "سارة تعمل كعاملةٍ في موقع بناء؟ ها ها ها! كم هو أمرٌ مضحك! هي بالفعل تحاول سرقة زوجي وتدمير سعادتي، لكن كيف لرجل مثل زوجي المستقبلي أن ينظر لواحدة مثلها؟"

"ما زلتِ تريدين قتلها إذن؟" سأل أبو الروس لينا مرة أخرى.

"بالطبع! لا أريد قتلها فقط، بل أريد الاستمتاع بتعذيبها أولًا. ألم تخبرني بأنني أستطيع مشاهدتك وأنت تعذبها؟" سألت لينا أبو الروس بنبرة مرحة.

قال أبو الروس: "ما عليك سوى أن تدفعي الأتعاب، وسأجعلكِ تعذبينها بالطريقة التي تريدينها."

قالت لينا بفرح: "هذا رائع!"

وبعد معرفة لينا أن سارة لم تكن سوى أداةً استخدمها برهان ليًريح بها والدته، ازداد شوقها لإخبار سارة بهذه الحقيقة المرّة قبل موتها.

كانت تتوق لرؤية تعابير الصدمة والغضب والألم والعجز على وجه سارة.

ها ها ها!

وبينما هي بانتظار الحافلة بعد انتهاء العمل، اختُطفت سارة وأُخذت إلى مستودع مهجور، ثم أزال أحدهم القناع من على وجهها.

كانت سارة تشعر بالرعب الشديد.

وتحول الكابوس الذي رأته في غرفة نوم برهان إلى حقيقة، فقد رأت فيه أنها اختُطفت على يد عصابة من المجرمين.

كان الرجل الذي يقود العصابة ذو بشرة سمراء وخشنة، وكان واضحًا من مظهره أنه رجل عنيف وصاحب سوابقٍ في القتل. مدّ ذلك الرجل يده وانتزع السوار الذي كانت ترتديه سارة في معصمها، ثم التفت إلى رجاله قائلًا: "إياكم أن تلمسوها!"

فقال أحد رجاله بوقاحة: "أيها الزعيم، ما دامت في عداد الموتى، فلماذا لا نستمتع بها قليلًا؟"

سمعت سارة ذلك الكلام فأغمضت عينيها واليأس يتملّكها، وأخذت دموعها تسيل.

قال أبو الروس:"سوف تستمتعون بالتأكيد، ولكن هذه المرأة هي بضاعتنا الآن، ويجب أن نحافظ عليها حتى تصل السيدة لينا ونعذبها أمامها، وبعد ذلك يمكنكم فعل ما تريدون. وإن لمسها أحدكم قبل ذلك، فسوف أقتلكم جميعا!"

أجاب رجاله بصوت واحد: "أمرك أيها الزعيم!"، وكان لا يجرؤ أحدٌ منهم على عصيانه.

أصدر أبو الروس أوامره، ثم خرج من المستودع حاملًا بيده السوار ليتحقق من قيمته، ليكتشف أن السوار يساوي ثمنه عدّة ملايين.

وعرف أبو الروس أن هناك محل مجوهرات مستعدٌ لشراء هذا السوار نقدًا دون أن يُتعبه بأسئلةٍ عن مصدره.

وخشية أن تضيع منه هذه الفرصة، باع أبو الروس السوار دون تردد.

ولكنه لم يتوقع أن يتصل محل المجوهرات ببرهان على الفور: "سيد برهان، لقد وجدنا السوار، وثبّتنا جهاز تعقب على الشخص الذي باعه لنا، ويمكننا الآن تتبعه للعثور على السيدة سارة."

قال برهان بغضب شديد: "راقبوه جيدًا! وسآتي في الحال!"

هذه المرة، كان برهان عازمًا على الانتقام من سارة، وتقطيعها إربًا!

بعد الانتهاء من المكالمة، قاد برهان فريقًا من أفضل رجاله وتعقّب أبو الروس حتى وصل إلى المستودع المهجور، ثم أحاطوا المكان دون أن يشعر بهم أحد.

وفي ذلك الوقت داخل المستودع، كانت لينا تحدق بغضب شديد في ورقة تحليلٍ كانت تحملها في يدها، وبعد أن قرأتها، صفعت سارة صفعةً قويّة قائلة: "أيتها الملعونة! أنتِ حامل! أنتِ تستحقين الموت حقًا!"

كانت لينا قد وجدت ورقة فحص الحمل هذه في حقيبة سارة.

وبينما كانت سارة مقيدةً بإحكام في عمودٍ خرسانيّ، انسابت دموع اليأس من وجهها الشاحب قائلةً: "كل هذا بسبكم أنتم يا عائلة سمير."

ضحكت لينا بصوتٍ عالٍ وقالت: "سارة، دعيني أخبركِ من هو والد هذا الطفل، أم أنكِ تودين التخمين أولًا؟"

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP