الفصل 15
قالت سارة في ذهول: "أنت......ماذا تقول؟".

رغم هدوئها الدائم وتعاملها مع الأمور بلامبالاة، إلا أن كلمات السيد برهان في تلك اللحظة صدمتها بشدة. لم يقدم السيد برهان أي تفسير، بل أمسك بيدها بقوة وسحبها إلى ممر في نهاية المطعم وقال: "هيا، لقد أضعتِ وقتًا طويلًا".

ذهل السيد فؤاد هو الآخر، فهو من أحضرها في سيارته من موقع البناء إلى هنا، ومن ثم تظاهر أمام الجميع بأنها رفيقته. أمسك السيد فؤاد برأسه من شدة الخوف، وبدأ يبحث عن هاتفه وهو في حالة توتر شديد، ثم أخرج هاتفه وأجرى اتصالًا.

لم يتأخر الطرف الآخر في الرد وأجاب بسرعة.

تحدث السيد فؤاد وهو يبكي: "قد أُقتل يا مختار".

سأل مختار السيد فؤاد بلهجة ساخرة وهو يقود سيارته على الطريق: "ماذا حدث؟ لا تخبرني أن الفتاة التي اصطحبتها من موقع البناء قبل ساعة قد استسلمت لك بسرعة، أو أنها لم تستسلم وحاولت قتلك؟".

"لست في مزاج جيد لمزاحك هذا، هذه المرأة ستصبح زوجة السيد برهان".

مختار: ".........".

سكت مختار لبرهة ثم قال: "حسنًا يا فؤاد، أنا أقود السيارة الآن، لا أستطيع التحدث معك، مع السلامة".

"مختار، مختار......"، انقطعت المكالمة، وبقي السيد فؤاد وحده مذهولًا، حينها أمسكت فتاة بذراعه فجأة، ارتجف السيد فؤاد وابتعد عنها قائلًا: "ماذا تريدين؟".

"ساعدني يا سيد فؤاد أرجوك، قل لي ما الذي حدث للتو؟"، وقفت لينا أمام السيد فؤاد وهي ترتجف وقد تلطخ مكياجها بسبب البكاء الشديد، كانت كأنها شبح يقف أمام السيد فؤاد.

دفع السيد فؤاد لينا بازدراء شديد.

وهو يضحك في سره بسخرية على موقفها المخزي هذا.

يستحيل أن يكون في العالم أشخاص بهذا الغباء.

ها أنتِ هنا متأنقة ومزينة بزينة العروس، على الرغم من أن السيد برهان لن يخطبكِ أنتِ من الأساس.

رفع السيد فؤاد حاجبيه متجاهلًا لينا: "أسف، آسف، لا أستطيع مساعدة نفسي حتى أساعدكِ، عليَّ البحث عن تعويذة أحمي بها نفسي وأحافظ بها على حياتي"، ثم دفعها بسرعة وخرج من المطعم.

كانت لينا تشعر بيأس وإحراج شديدين.

وعندما استدارت برأسها، رأت السيد برهان ممسكًا بسارة، وواقفًا معها في آخر الرواق. لم تدري لينا من أين جاءت لها الجرأة، حيث رفعت فستان الخطوبة وركضت بسرعة لتلحق بهما.

قفزت لينا في حالة من الفزع أمام سارة والسيد برهان دون أن تأخذ في اعتبارها تهديد السيد برهان لها، ثم قبضت على سارة بيدها وسألتها بغضب: " هل فعلتِ هذا عمدًا يا سارة؟ هل كنتِ تقصدين تخريب حفل خطبتي؟ لقد احتضنتكِ عائلتنا منذ كنتِ في الثانية عشرة، وها أنتِ تردين الإحسان بالإساءة، كيف يمكن أن تكوني بهذه الحقارة؟ كيف يمكنكِ أن تضمري لنا كل هذا الشر؟".

ظلت لينا تبكي حتى غطت الدموع وجهها.

ردت سارة بهدوء دون أن ترفع عينيها نحو لينا: " اليوم هو حفل زفافي يا آنسة لينا، وهذا هو زوجي، لقد حصلنا على وثيقة زواجنا منذ فترة، وهو زواج شرعي وموثق، إننا لم ندعكِ إلى حفل زفافنا مطلقًا، بل جئتِ بنفسكِ إلى هنا وارتديتِ فستان الزفاف، فهل تظنين أنكِ بذلك تعلنين رغبتكِ للجميع في أن تكوني عشيقة زوجي؟".

"لم أرَ في حياتي عشيقة وضيعة وعديمة الأخلاق مثلكِ".

"لكني لن ألومكِ على سلوككِ، فأنتِ في النهاية عشيقة".

"لكن عليكِ أن تسألي زوجي أولًا، هل يوافق أن تكوني عشيقته من الأساس؟".

كانت سارة تتكلم بلهجة فاترة للغاية.

لكنها حادة كالسيف.

كان هذا الرد طبيعيًا؛ لا سيما بعدما تعرضت له سارة من إهانة وشتائم من قبل أفراد عائلة لينا وأقاربها المدعوين، وهو ما أثار غضبها بشدة.

تحاشت لينا النظر إلى السيد برهان الذي بدت على وجهه أمارات الغضب، ثم نظرت إلى سارة وصاحت: "لقد وعدني السيد برهان أنه سيتزوجني بعد شهرين".

أخفضت سارة نبرتها أكثر وقالت ببرود: "وما علاقتي بهذا الأمر؟".

لينا: "........".

لم تكن لينا راضية عما يحدث.

كيف حدث هذا؟

إن الجميع في المدينة الجنوبية يعلم أن لينا ستتزوج من السيد برهان بعد شهرين، وقد دعت عائلتها اليوم العديد من الأصدقاء والأقارب، ولكن الآن، أصبحت هي ووالداها محط سخرية أمام هؤلاء المدعوين.

إذن كيف يا تُرى سينتهي المطاف بعائلة لينا.....!

في تلك اللحظة، لم تكن لينا تشعر سوى باستياء عميق اجتاح قلبها، حتى أصبحت لا تخشى الموت، فتشبثت بالسيد برهان الذي كان غاضبًا للغاية، وتوسلت إليه قائلة: "قبل أيام قليلة، زرت منزلنا، وأنت بنفسك أخبرت والديّ بأنك ستتزوجني وتدخلني إلى منزل عائلة رستم بعد شهرين، هل نسيت ما قلته يا سيد برهان؟".

نظر السيد برهان إلى لينا بعيون مفعمة بالكراهية، وقال بغضب شديد: "قلت بعد شهرين، ليس الآن".

لينا: "........".

أخذ السيد برهان سارة وسلمها إلى مسؤولة التجميل وقال: "بعد نصف ساعة ستأتي أمي، خذيها فورًا وألبسيها فستان الزفاف وضعي لها بعض مستحضرات التجميل".

اصطحبت مسؤولة التجميل سارة إلى غرفة تبديل الملابس: "حسنًا يا سيد برهان".

في هذه اللحظة فجر السيد برهان نظراته الباردة القاتلة نحو لينا.

شعرت لينا حينها بقشعريرة تسري في جسدها من شدة الخوف.

وفجأة تذكرت لينا أنها هي من انتحل هوية سارة لتصبح خطيبة السيد برهان، هل يمكن أن يكون السيد برهان قد اكتشف أن المرأة التي أنقذته تلك الليلة وضحت بعذريتها من أجله، هي سارة وليست لينا؟

إن علم السيد برهان بهذا الأمر حقًا، فإنه سيبيد عائلة لينا بأكملها.

ارتجفت لينا من شدة الخوف: "آسفة.....سأغادر فورًا يا سيد برهان".

وقبل أن تكمل جملتها، أمسك السيد برهان بذراعها ودفعها نحو الباب كما لو كان يدفع دجاجة صغيرة. في تلك اللحظة، كان السيد سمير وزوجته السيدة غادة يحدقان بقلق شديد نحو الممر الذي تقف فيه ابنتهما مع السيد برهان.

ظلا ينتظران خروج ابنتهما لينا بفارغ الصبر.

لكنهما رأيا السيد برهان يدفعها نحو إلى الخارج.

ولما رأيا هذا المشهد كادا ينهاران على الأرض من شدة الخوف.

استجمع السيد سمير شجاعته وصاح بحذر شديد: "سيد برهان، سيد برهان".

"اسمعوا"، نظر لهما السيد برهان بوجه جامد خالٍ من أية تعابير وقال: "لو لم تكن لينا قد أنقذتني تلك الليلة لكنت قتلتها في الحال، سأسألكما للمرة الأخيرة، هل تريدان تعويضًا أم زواجًا؟".

ظل السيد سمير وزوجته السيدة غادة في حالة صدمة لبرهة من الزمن.

فقد ظنا أنه قد انكشف أمرهما عندما أخذ السيد برهان سارة إلى الداخل لترتدي فستان الزفاف.

لكنهما عرفا الآن أنه لم يكتشف أي شيء.

أومأ السيد سمير برأسه مسرعًا: "سمعًا وطاعة.....سنفعل ما تأمرنا به يا سيد برهان".

قال السيد برهان بحدة وحزم: "إن كنت تريدني أن أتزوج ابنتك بعد شهرين، فعليك الخروج من هنا فورًا! ولا تُريني وجهك هنا مرة أخرى".

على الرغم من أن عائلة لينا كانت عائلة مثيرة للاشمئزاز حقًا.

إلا أن السيد برهان كان لا يقسو على شخص أنقذه أبدًا.

أومأ السيد سمير برأسه وانحنى وهو يمسح العرق عن جبهته وقال: "نعم، نعم، سنغادر فورًا، سنغادر فورًا".

وبعد أن فرغ من كلامه، أمسك زوجته السيدة غادة بإحدى يديه، وسحب لينا المرتعشة والمرعوبة بيده الأخرى، وساروا متعثرين خارج المطعم.

حينئذ قام السيد برهان بتعديل هندامه، ثم عاد وتابع خطواته بثقة نحو الرواق، وعند وصوله إلى باب غرفة تبديل الملابس، فتح الباب برفق.

وعندما دخل الغرفة، تجمَّد في مكانه مما رآه.
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP