الفصل 12
حزنت سارة فور سماعها هذا الخبر.

كانت تعلم يقينًا أنها والسيد برهان في حكم الزوجين، لكنهما كالغرباء.

فضلًا عن أن خطيبته لينا عدوتها.

صحيح!

إنها عدوتها!

حتى الآن لم تكن سارة تعلم ملابسات وفاة أمها، وكانت تريد استقصاء ذلك الأمر، لكنها الآن لا تملك حتى أجرة الحافلة لتعود إلى المنزل، كما أنها لا تزال حاملًا.

إنها الآن لا تستطيع تحقيق أي شيء.

وليس أمامها سوى التحلي بالصبر.

اقتربت السيدة غادة من السيد سمير وأمسكت بيده بقوة وقالت: "أحقًا ما تقوله يا سمير؟ أحقًا يريد السيد برهان رستم إقامة حفلة خطوبته على لينا؟ ألا يجب أن تلتقي الأسرتان أولًا؟ هل وافق جده وأبوه على لينا، أليست لديهم مشكلة في أن تكون طفلة متبناة؟".

ولما سمعت سارة كلمة "متبناة"، ازدادت حزنًا على حزنها.

فهي أيضًا كانت متبناة في منزل عائلة الخولي.

كانت عائلة الخولي قد تبنت لينا وهي في عمر السنتين، وما إن دخلت لينا منزل الخولي، اعتبرها كل من السيد سمير وزوجته السيدة غادة، ابنة غالية ولؤلؤة ثمينة.

ظلت سارة تتنهد وتسأل نفسها بحسرة: لماذا حياة لينا سعيدة هكذا؟

انطلقت سارة نحو الخارج بوجه شاحب وقلب حزين.

"توقفي!"، اعترضت السيدة غادة طريق سارة: "أين الخمسين ألف دولار!".

نظر السيد سمير إلى السيدة غادة في ذهول: "ماذا تقولين؟".

فرمقته السيدة غادة بنظرة شريرة وقالت: "لقد ربيناها في بيتنا ثماني سنوات، أطعمناها وكسيناها وأدخلناها الجامعة، ودفعنا أيضًا تكاليف علاج أمها المشؤومة تلك، هل ذهبت هذه الأموال أدراج الرياح!".

السيد سمير: "غادة! لا تنسي أن…..".

قاطعت السيدة غادة كلام السيد سمير قائلة: "لا أنسى ماذا! لا تنسَ أنت أن اسمها سارة الشاذلي، وليس سارة الخولي!".

فسكت السيد سمير ولم يرد.

نظرت سارة إلى هذين الزوجين وهما يمثلان تلك المسرحية، فشعرت بتقزز شديد، ثم قالت بعدم اكتراث: "أعطيتكِ خمسة آلاف دولارًا بالفعل! إذا فكرتما ثانيةً في نبش قبر أمي، فسأهشم رأسي أمام منزلكم حتى أموت!".

فرغت سارة من كلامها ورحلت دون أن تلتفت.

وما إن خرجت سارة من المنزل، صاح السيد سمير في وجه زوجته: "كيف صار قلبكِ أسودًا إلى هذه الدرجة!".

"أتهتم لأمرها؟"، ثم ابتسمت السيدة غادة ابتسامة صفراء وقالت: "اسمعني جيدًا يا سمير! هل تظن أنها لو اكتشفت أن الرجل الذي ستتزوجه لينا هو نفسه الرجل الذي ضحت بعذريتها في سبيل إنقاذه، هل تعتقد أنها لن تكرهك حينها؟ فضلًا عن أن السيد برهان لو اكتشف هذا الأمر، فسنصير جميعًا في عداد الهالكين! هل تظنني أطلب منها خمسين ألف دولارًا لأنني في حاجة إلى مالها؟ إنني أفعل ذلك لأجبرها على الرحيل من مدينة سحاب!".

سألها السيد سمير: "تجبرينها على الرحيل؟ إلى أين تذهب وحدها تلك اليتيمة المسكينة؟".

"إلى المكان الذي تحبه!"، ثم غمغمت السيدة غادة قائلة: "المهم ألا تفسد سعادة ابنتنا الغالية لينا! يا سمير، لقد كبرت لينا وترعرت منذ صغرها أمام عينيك، لا بد أن يميل قلبك إليها هي!".

ولما ذكرت ابنته لينا، ألقى السيد سمير سارة وراء ظهره.

ثم نظر إلى السيدة غادة والابتسامة تعلو وجهه: "هيا يا زوجتي أسرعي بتجهيز ثياب حفل خطوبة لينا، يجب أن نظهر أنا وأنتِ في أبهى منظر، إننا سنصاهر عائلة رستم".

قالت السيدة غادة بشيء من الارتياب: "إذا كان السيد برهان ولينا ستتم خطبتهما، لماذا لم يُعلمنا أحد بالأمر؟ لعلك سمعت بشكل خاطئ!".

قال السيد سمير: "مستحيل أن أخطئ في هذا الأمر. إن السيد برهان يحب الهدوء والكتمان، كما أنه شخصية غير مبالية تمامًا، وبالأخص في موضوع الخطبة وطلب الزواج، إنه حالة استثنائية، هل تظنينه سيأتي في موكب فخم لاستقبال لينا؟ مستحيل!".

السيدة غادة: "إذن ألا يجب على الأقل أن يتواصل معنا الفندق الذي سيقام فيه حفل الخطوبة؟".

"أعلم ذلك! لكن لدي عنوان الفندق، ويمكننا الذهاب إلى هناك بنفسنا في الموعد، لا داعي أبدًا لإزعاج السيد برهان. انتظري حتى يكتمل زواج لينا وتدخل منزل عائلة رستم وتنجب من السيد برهان، حينها فقط يمكننا قول أي شيء".

هزت السيدة رأسها بثقة: "كلامك صحيح".

وبينما كان الزوجان يتحدثان بسعادة غامرة حول ترتيبات حفل الخطوبة، كانت سارة التي خرجت من منزلهما منذ قليل، تهيم على وجهها في الطريق، إنها الآن في حاجة ماسة إلى عمل يوفر لها مصدر دخل.

لكن أين تذهب للبحث عن عمل؟

وفي تلك الأثناء، رن هاتفها، اعتقدت سارة أنها مكالمة من المستشفى التي ترقد فيها الخالة سمية، فأمسكت بالهاتف فوجدته رقمًا غريبًا، فأجابت على المكالمة: "أهلًا، من حضرتك؟".

فسألها الشخص الذي على الهاتف بنبرة لطيفة ومهذبة: "معذرةً، هل أنتِ سارة؟".

"نعم، أنا سارة".

فقال: "لقد وصلتنا سيرتكِ الذاتية وتصميماتكِ التي أرسلتيها، هل بوسعكِ المجيء بعد غد لإجراء مقابلة شخصية؟".

بعد غد؟

أليس بعد غد سيقام حفل خطوبة السيد برهان؟

أجابته سارة والدموع تتساقط من عينيها: "نعم، نعم، لدي متسع من الوقت، شكرًا، أشكرك على منحي فرصة إجراء المقابلة الشخصية، هذا رائع حقًا!".

ولما حصلت سارة على المال، استقلت الحافلة إلى سوق الأدوات المكتبية، واشترت من هناك قلم رصاص وممحاة ولوحة رسم هندسي ومسطرة وغيرها؛ كانت تنوي التدرب على الرسومات الهندسية في المنزل، ولم يكن لديها حاسوب، لذا كان يتعين عليها تنفيذ الرسومات والتصميمات الهندسية يدويًا.

وفي اليوم التالي، ذهبت سارة في الصباح الباكر لزيارة الخالة سمية في المستشفى، ثم عادت إلى المنزل وصبت تركيزها كله في تنفيذ الرسومات والتصميمات الهندسية بمختلف أنواعها، وظلت هكذا حتى منتصف الليل. كانت سارة تدرك أن حظها سيء جدًا، ومن الصعب الحصول على فرصة كهذه، ومن ثم يتعين عليها اغتنام هذه الفرصة جيدًا.

لم يكن أمامها خيار آخر.

في ذلك الوقت، عاد السيد برهان من الخارج فرأى مصباح غرفتها مضاءً، وبعد مرور ساعة أو ساعتين، ذهب وألقى نظرة على غرفتها، فوجد المصباح لا يزال مضاءً، ففكر أن يطرق عليها الباب ليسألها ماذا تفعل؟

وبعد لحظة، تراجع عن تلك الفكرة وعاد إلى غرفته لينام.

وفي صباح اليوم التالي، استيقظ السيد برهان مبكرًا.

كانت أمه قد أخبرته أنها تريد تجهيز مأدبة صغيرة بمناسبة زواجه هو وسارة، مجرد احتفال بسيط مقتصر على أفرد العائلة. كان السيد برهان ينوي الذهاب هو وسارة لإحضار أمه أولًا، ثم يذهبوا جميعًا إلى الفندق لعمل التحضيرات اللازمة.

لكنه انتظر في غرفة المعيشة قرابة الساعة وما زالت سارة لم تخرج من غرفتها، فبدأت علامات العبوس تظهر على وجه السيد برهان.

أليست سارة تنام في الغالب حتى وقت الضحى، ثم تذهب بعدها للعناية بأمه؟

إن هذه الفتاة كسولة حقًا!

انتظر السيد برهان ساعة أخرى، وسارة لا تزال بغرفتها لم تخرج، فتطايرت من عينيه شرارة قاتلة، ثم نهض إلى غرفة سارة وركل الباب بقدمه بعنف.

ولما انفتح الباب، تسمَّر السيد برهان في مكانه مذهولًا من المنظر الذي رآه.
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP