الفصل 7
فهمت لينا الأمر، أدركت أن السيد برهان يضمر لها جفاءً شديدًا.

شعرت لينا كما لو أنها طعنت في قلبها بسكين….كان مزيجًا من الألم والخجل والضيق.

بل وشعرت أيضًا بالخوف من السيد برهان.

ولما همَّت بإلقاء بضع عبارات من دلالها المصطنع، سمعته يغلق الهاتف في وجهها بقوة.

شعرت لينا في قلبها بخفقةٍ عنيفة.

سارعت السيدة غادة بسؤالها: "ما الأمر يا لينا؟".

"أمي….برهان لا يرغب في المجيئ لمناقشة أمر الزفاف، إنه…..هل علم شيئًا ما؟".

أخذت لينا تبكي من شدة الخوف وتقول: "هل اكتشف أنني انتحلت شخصية سارة؟ ماذا نفعل يا أمي؟ إن برهان رستم يقتل ولا يبالي، إنني خائفة…..اهئ اهئ اهئ".

ارتدعت فرائص السيدة غادة والسيد سمير الخولي هو الآخر من شدة الخوف.

قضت العائلة فترة ما بعد الظهيرة بأكملها في حالة من الذعر والهلع، إلى أن دخل الخادم قائلًا: "سيدي، سيدتي، سارة تنتظر في الخارج، تقول إنها جاءت لأخذ صورها هي وأمها".

"دعها ترحل!"، صبَّت لينا كل غضبها على سارة في الحال.

كان الخوف يسيطر عليها في تلك اللحظة، حتى إنها نسيت تمامًا ما قالته لسارة بالأمس، إنها من سمح لها بالمجيء لأخذ صور أمها القديمة.

في الواقع، كانت لينا تريد أن تتباهى أمام سارة بحبها للسيد برهان، لتجعلها تموت كمدًا مما ستراه!

لكن ما لم تتوقعه لينا، أن السيد برهان سيرفض المجيء أصلًا.

الخادم: "…..".

"انتظر! سأذهب للتحدث معها!"، نهضت لينا وتوجهت نحو الخارج.

تورمت أجفان لينا من البكاء طيلة النهار، وصار شعرها أشعثًا ومتلبدًا، حتى إنها نسيت أن تنظر في المرآة قبل أن تخرج.

قالت لينا بلهجة ملؤها القسوة والحقد: "سارة بائعة الهوى! أنتِ تمارسين تجارة بيع الهوى، وسوف توسخين بيتنا بمجيئكِ إليه، أنتِ غير مرحبٍ بكِ في بيتنا! اخرجي حالًا!".

قالت سارة وعلى شفتيها ابتسامة ساخرة: "لينا، أنتِ من سمح لي بالمجيء لأخذ صور أمي!".

اغتاظت لينا بشكل غير مبرر: "اخرجي! اخرجي! اللعنة عليكِِ! اخرجي حالًا!".

ضحكت سارة ضحكة تفوح منها رائحة الغضب.

ثم حدقت نظرها في لينا من أعلى إلى أسفل.

فاكتشفت فجأةً أن لينا تستشيط غضبًا بلا سبب واضح.

ارتسمت ملامح البراءة على وجه سارة، ثم قالت بهدوء: "لينا، عيناكِ متورمتان من البكاء، وشعركِ أشعث كما خُمِّ الدجاج، هل أحبلكِ أحدهم ثم رماكِ وانصرف؟".

كشرت لينا عن أنيابها من شدة الغضب وانقضت على سارة: "سأقتلكِ.….".

لم تحرك سارة جفنًا واحد؛ بل قالت بهدوءٍ تام: "أتجرؤين على قتلي أمام بيتكِ، هل تودين أن تمضي بقية عمركِ في السجن؟".

لينا: "أنتِ….أنتِ! اللعنة عليكِ! ارحلي! ارحَ…لي حالًا!".

ضحكت سارة باستهزاءٍ ثم انصرفت.

لم يكن لديها وقت للعراكِ مع لينا.

شعرت سارة بالجوع ورغبة ملحة في تناول الطعام.

منذ بدأ حملها، صارت سارة تجوع بسرعة، كانت ترغب في تناول وجبة مغذية، لكن لم يكن معها ما يكفي من المال.

اضطرت سارة للعودة إلى السكن، وفي الطريق اشترت من أحد الأكشاك بضع فطائر محشوة بالفطر والخضروات.

أخذت سارة تأكل بنهم، وفي تلك الأثناء، نظرت إلى رجل كان يقف على الجانب المقابل.

فإذا هو حازم، مساعد السيد برهان.

تسمَّرت سارة في مكانها للحظة، ثم تناولت فطيرتها وتابعت طريقها إلى السكن متجاوزة حازم دون أن تنبس بكلمة واحدة.

كانت علاقتها بالسيد برهان مجرد صفقة عابرة، فباستثناء تلك التمثيلية التي يؤديانها أمام الخالة سمية، لم تكن تربطهما أية علاقة.

ولم يسبق لسارة أن بادرت بالتودد إلى أحد.

"آنسة سارة"، نادى عليها حازم من ورائها؛ لم يكن يتصور أن سارة ستمر بجواره دون أن تلقي عليه التحية.

التفتت سارة إلى الوراء وقالت: "هل تنادي عليَّ؟".

قال حازم مقتضبًا: "اركبي السيارة".

سارة: "…؟".

"إن السيدة ستتصل اليوم لتتأكد من عودتكِ إلى المنزل، وإذا اكتشفت أنكِ لا تعيشين مع سيدي في البيت…...".

"فهمت"، كان لا بد من إكمال التمثيلية حتى النهاية، لذا ركبت سارة السيارة.

لكنهما لم يذهبا إلى منزل السيد برهان، وإنما ذهبا إلى حيٍّ راقٍ في وسط المدينة، أوصل حازم سارة قبالة أحد المباني وسلمها إلى مدبرة منزل أربعينية ثم انصرف.

نظرت تلك الخالة مدبرة المنزل إلى سارة وقالت ضاحكة: "أنتِ سيدتي الصغيرة الجديدة إذن؟".

قالت سارة بخجل: "…...من أنتِ؟".

عرفَّتها الخالة بنفسها: "أنا الخالة سعاد مدبرة المنزل، ظللت في خدمة سيدتي لأكثر من عشر سنوات، وقد اتصلت السيدة خصيصًا لتوصيني بالعناية بزوجة ابنها، هيا، تعالي معي بسرعة".

كان المنزل عبارة عن شقة فارهة تتألف من طابقين مجهزين بأثاث فاخر وديكورات على درجة عالية من الفخامة والرقي، مسكنٌ كهذا لا تقدر على ثمنه عائلة عادية.

سألت سارة الخالة سعاد: "ما هذا المكان؟".

أجابتها الخالة سعاد: "إنه المنزل القديم لسيدي".

حينها فهمت سارة…..حازم هو الذي أوصلها؛ لا بد أن السيد برهان لن يأتي إلى هنا.

هكذا أفضل، على الأقل لن تقلق بشأن المسكن.

كانت تخطط أن تذهب في اليوم التالي لإحضار حقيبتها البسيطة التي وضعتها بجوار ذلك السرير الذي استأجرته.

رن جرس هاتف الخط الأرضي الذي كان موضوعًا بجانب الأريكة في صالة الاستقبال، أجابت الخالة سعاد على الهاتف، ثم ضحكت وقالت: "سيدتي، آه، موجودة، موجودة، ها هي سيدتي الصغيرة جالسة على الأريكة".

أعطت الخالة سعاد الهاتف لسارة: "مكالمة لكِ من سيدتي".

ردت سارة على المكالمة بصوت عالٍ: "آه….أمي، هل أنتِ بخير؟".

سألتها السيدة سمية بنبرة دافئة: "صغيرتي، أخبريني، هل يعجبكِ المكان؟".

أجابتها سارة: "إنه رائع، لم يسبق لي أن عشت بمنزل جميل كهذا".

فسألتها السيدة سمية من جديد: "هل ولدي المشاغب موجود إلى جانبكِ؟".

كانت سارة تعلم جيدًا أن السيد برهان لن يأتي إلى هنا ما دامت هي موجودة، لكنها مع هذا قالت للسيدة سمية: "إنه على وشك الوصول، إنني في انتظاره لنتناول العشاء معًا".

"حسنا، لن تزعج ماما حياة الزوجين الهانئة، سأغلق الخط".

"إلى اللقاء يا أمي".

في ذلك المساء، لم تتناول سارة وجبة عشاء لذيذة وفاخرة فحسب؛ بل إن الخالة سعاد جهزت لها الماء بنفسها لتستحم بعد تناول العشاء.

"سيدتي الصغيرة، هذا هو الزيت المعطر، وهذا سائل الاستحمام، وهذه بتلات الورود، انقعيهم معًا في حوض الاستحمام لتضمني بشرة أكثر حيوية ونضارة".

"لقد جهزت لكِ المنشفة ووضعتها خارج الحمام بحيث يسهل عليكِ ارتداؤها بعد الخروج من الحمام مباشرةً، سأذهب الآن لأجهز لكِ السرير".

كانت الخالة سعاد مدبرة منزل بارعة.

انتاب سارة شعور بالدهشة من هذه المعاملة اللطيفة.

كان الحمام كبيرًا للغاية، وحوض الاستحمام ضخم ومتعدد الوظائف، أما ما استرعى انتباهها حقًّا، فهو الزيت المعطر وبتلات الورد.

كان مسكنها السابق عبارة عن سرير استأجرته، وكلما أرادت الاستحمام، كان عليها الذهاب إلى دورة المياه العامة.

منذ خروجها من السجن، لم تنعم سارة بحمام واحد هانئ.

لذلك كانت حريصة على اغتنام هذه الفرصة الذهبية التي سنحت لها اليوم.

لم تشعر سارة كم استغرقت من الوقت في حوض الاستحمام، كانت فقط تشعر بارتياح شديد يحتضن جسدها كله، حتى باغتها النعاس.

نهضت سارة من حوض الاستحمام وقد استولى عليها النعاس، كان جسدها كله مبللًا ففتحت الباب ومدت يدها لتأخذ البُرنس، فاصطدمت يدها بجسد قوي فارع الطول.

صرخت سارة خوفًا: "آه….".
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP