الفصل3
"أبي!"

كان ياسر مُندهشًا مُتسائلًا هل حقًا جُن جنون الجد؟

هل حقًا سيُلزم مريم بالزواج من هذا الشاب المجهول؟

فقال سريعًا : "إن زواج مريم هو الأمر الأكثر أهمية في عائلتنا، فلا يُمكنا الاستهتار هكذا."

عبس فاروق قائلًا : "إن آدم هو أكثر شخص مُلائم، هل لديك أي اعتراض؟"

فانزعج ياسر قائلًا : "لا، أنا فقط أشعُر بأنكم مُتسرعين بعض الشيء..."

تجاهله فاروق ونظر مُباشرةً لمريم قائلًا :"يا ابنتي ألن تُطيعي جدكِ؟"

"يا جدي أنا..." شعُرت مريم بالظلم، حيث كانت تود الرفض بشدة ولكنها خائفة من أن يلحق الضرر بقلب الجد بسبب حالته الصحية الضعيفة.

"قُضي الأمر، لا تقلقي، فلن يخدعكِ جدكِ." لم يُرد فاروق قول شيئاً آخر، لذا حرّك قدمه وكأنه يتهيأ للاستلقاء.

لكن بسبب هذه الحركة أدت لانحراف الإبرة التي نخزها آدم بساقه.

وفجأةً، تغيّر لون وجه فاروق وبدأ الألم يتغلغل في جسده، فأصبح وجه شاحبًا على الفور، تعرّق بشدة من رأسه حتى سقط أرضًا.

فبث هذا المشهد في قلوب مريم والآخرين الرُعب.

"هل أنت بخير يا جدي؟ بكت مريم قائلةً : "أعِدُك يا جدي بالتزوج منه ولكن لا تُخيفني هكذا!"

صرخ ياسر بقلق : "أيُها الطبيب لؤي!"

هرع الطبيب لؤي لفاروق حتى يقس نبضه، فتغيّر تعبيره وقال حائرًا :"كيفما؟ كيف اضطرب ضغط دم فاروق؟"

حيث لم يكن يتوقع حدوث هذا!

بعد كُل شيء، فقد توقع أن فاروق سوف يستيقظ بعد ست ساعات على الأقل!

بدأ فورًا العلاج بالأبر ولكن مهما فعل لم تتحسن حالة فاروق، حتى تقيّأ فاروق كمية كبيرة من الدم.

"أبي!" ارتبك كُلًا من ياسر وزوجته، فلو كان بالتوقيت الصحيح لصرخ بالطبيب لؤي عما يفعله.

بدأ الطبيب لؤي بالتعرُق بشدة مُستمرًا بعلاج الوخز بالإبر ولكن كل جهوده ضاعت سُدىً.

فاهتز جسد فاروق بشدة وكأنه مُصابًا بالصرع.

شحب وجه الطبيب لؤي قائلًا : "أنا آسف... فأنا... بلا حول ولا قوة"

بهذا الوقت قال آدم : "أيُها الطبيب لؤي يُمكنك تجرُبة وخز الإبرة الفضية بمعصم الجد فاروق أولًا."

صرخ ياسر قائلًا :"اُصمت! ليس لديك الحق بالتحدُث هنا!"

نظرت إليه مريم بغضب قائلةً :"لا تُصدر الأوامر جُزَافًا، إن الطبيب لؤي يُمارس مهنة الطب لعقود، ألن يعرف أكثر منك!"

قال آدم :" الموت هو المصير المحتوم على أي حال والطبيب لؤي رُبما لا يعرف أينما يبدأ، لذا فليُجرب الأمر!"

وقفت مريم ثم قالت : "ألن تُصدق إلا إذا مزقتُ فمك إربًا!" على الرُغم من أن الدموع كانت تُغطي وجه مريم إلا أن تعبيرها كان باردًا.

صرّ الطبيب لؤي على أسنانه ثم وخز الإبرة الفضية بمعصم فاروق كما قال.

وبشكلٍ غير متوقع الجد فاروق الذي كان يهتز بشدة هدأ تدريجيًا.

"هذا..." كان الطبيب لؤي مصدومًا ومُرتبكًا! قد نجح الأمر!

كبح الطبيب لؤي دهشته طالبًا نصيحة آدم حيث سأل بتواضع : "أيُها الفتي، أين يجب أن أوخز الإبرة التالية؟"

أذهل هذا المشهد عائلة ياسر حيث صمتوا جميعًا، وكانت مريم تنظُر لآدم بذهول.

رأى آدم أن الطبيب النابغ المُلقب بلؤي استمع إلى نصيحته فهز رأسه قائلًا : "توخز الإبرة الثانية بالأمعاء الدقيقة والثالثة بالعضلة الخلفية أسفل قصبة الساق."

استمر الطبيب لؤي بالوخز بالإبر طبقًا لتعليمات آدم وبعد خمسة دقائق هدأت حالة فاروق كُليًا مُستلقيًا على السرير بينما يتنفس بانتظام.

التف الطبيب لؤي بقلق ناظرًا لآدم قائلًا : "شُكرًا لنصيحتك أيُها الفتى!" فلولا آدم لكانت تلطخت سُمعته اليوم.

وعلى صعيدٍ آخر، كانا ياسر ومريم في حالة ذهول، أحقًا نجح الأمر؟

ضحك آدم قائلًا :"لا شُكر على واجب، فقد أنقذته بالفعل."

كان الطبيب لؤي مُمتنًا لآدم، فإن مات فاروق لانتهت حياته.

كان الاسم الحقيقي للطبيب لؤي هو لؤي أشرف، إنه بالفعل طبيب مشهور بكونه نابغة حيث تسعى العديد من الشخصيات المرموقة وكِبار المسؤولين لتلقي العلاج منه.

فذهبت اليوم مريم وعائلتها ثلاثتهم لقاعة الأطباء لدعوته للحضور.

التف الطبيب لؤي ناظرًا لياسر والآخرين قائلًا :"أنا آسف حقًا على ما حدث اليوم، لولا آدم لكنتُ قتلت الجد فاروق!"

"أيُها الطبيب لؤي أنت رؤوفٌ حقًا" فبطبيعة الحال لم يستطع ياسر إلقاء اللوم عليه.

سادت أجواء الحرج الغُرفة حتى قرقرت بطن آدم.

ابتسمت أزهار التى كانت مُرهقةً بعض الشيء وقالت : "هل أنت جائع يا آدم؟ سأنزل لأُعد لك بعض الطعام."

كان من الواضح عليها علامات القلق بشأن حالة الجد الخطرة.

قال آدم بامتنان : "شُكرًا لكِ يا عمتي."

شعر لؤي بالإحراج من البقاء هنا لفترةٍ أطول، لذا رحل مُتحججًا بشيءٍ ما، وقبل أن يرحل ترك بطاقة عمل لآدم.

تلين أسلوب ياسر قليلًا وسأل آدم :"هل أنت عليم بالطب؟"

هزّ آدم رأسه قائلًأ :"علّمني مُعلمي القليل."

"إن مُعلمك هو..."

هزّ آدم رأسه قائلًأ :"يرفُض مُعلمي البوح باسمه."

"حسنًا لن أسال إذن." يبدو أن ياسر قد نسى إسلوبه السابق تجاه آدم وسأله :"متى سيستيقظ أبي؟"

"سينام لثلاث أو أربع ساعات."

إذن فلينزل ثلاثتنا لتناول الطعام الذي أعدته والدة مريم.

لم يكن وجه مريم طبيعيًا، حيث كانت تنظر لآدم ببرود من حين للآخر. شعُرت أن ليس من الجيد النظر إليه.

استيقظ الجد فاروق بعد ثلاث ساعات.

وكان أول ما طلبه حين أفاق أن يحصُلا مريم وآدم على شهادة الزواج.

وبهذا الوقت على الرغم من أن مريم لم تكن راضية، إلا أنها لم ترفض.

حتى ياسر لم يعترض ولم تقل أزهار شيئاً، يبدو وكأنها كانت راضية عن آدم، حيث كانت دائمة الابتسام عندما تنظُر لآدم.

وفي الليل رُتب لآدم أن يبقى بغُرفة الضيوف.

وفي الصباح التالي، استطاع فاروق أن ينهض من السرير، فذهب لإيقاظ آدم ومريم بالسابعة صباحًا وتعجلهم بالذهاب للحصول على شهادة الزواج.

كان آدم قليل الحيلة، فكيف لمُعلمه فعل هذا به؟ لمُجرد رد جميل مُعلمه قد تفاقم الأمر حتى وصل للزواج من حفيدة شخصٍ ما.

حيث اعتقد آدم بالأصل أنه سيرد الجميل بإنقاذ حياة الجد فاروق ثم يرحل ولكنه لم يكن يتوقع أن العجوز لن يذكُر ذلك أبدًا.

ذاك العجوز لم يذكُر مدى ما يدين إليه به، لذلك بطبيعة الحال لم يتمكن من الأخذ بزمام الأمور للتوضيح.

وبالتالي لم يكن أمامه سوى الذهاب مع مريم للحصول على شهادة الزواج.

رُبما لأن الأمر كان مُرتبًا مُسبقًأ، حصلوا على شهادة الزواج الموثّقة بسرعة كبيرة، حيث أصبح كُلًا من آدم ومريم متزوجين بشكلٍ قانوني.

مريم التى كانت تقاوم بالبارحة، أصبحت لا تُعارض الأمر.

ولكن سُرعان ما فهم آدم ماذا يحدُث.

بعد رحيلهم من مكتب الأحوال المدنية، نظرت آدم ببرود قائلةً :"إن شهادة الزواج هذه مُزيفة،نظرًا لسوء حالة جدي الصحية، أرجو منك ألا تُخبره حاليًا، فإن علم بالحقيقة سيغضب بالطبع!"
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP