الفصل 5
أومأ آدم برأسه وقال: "أعلم أنها طيبة القلب، وإلا فلما قد تعطي غريبًا مثلي كل تلك الأموال؟"

"هاهاها! من الجيد أنك تدرك هذا"

بعد حوالي عشر دقائق، دخل ياسر الصالة برفقة الطبيب لؤي.

نادى الطبيب لؤي آدم بأدبٍ قائلًا: "صديقي العزيز آدم!"

نهض آدم من مكانه متعجلًا، وقال: "الطبيب لؤي!"

كان ياسر ما زال ينظر شزرًا لآدم.

في تلك الأثناء، خرجت مريم وأزهار من المطبخ، وقالت أزهار على الفور: "مرحبًا بك يا حضرة الطبيب، تفضل بالجلوس!"

قال لؤي مبتسمًا: "يا لذوقك يا سيدة أزهار! لقد أعددتي الكثير من الطعام والآن أشعر بالإحراج منكم"

أجابته أزهار: "لقد أنقذت حياة أبي، فهذه الوجبة لا تسوى شيئًا مقابل الجميل الذي قدمته لنا"

أشار الطبيب بيده وقال: "لا تبالغي، لم أكن لأفعل ذلك لولا آدم"

قالت مريم بغضب: "أرجوك لا تدافع عنه، فهذا المحتال حاول خداع جدي بإعطائه روث أغنام"

"أحضر روث أغنامٍ وادّعى أنه حبوب دواء، محاولًا خداع جدي ليتناوله"

اندهش ياسر ما إن سمع ذلك، وقال: "أيعقل أن يحدث شيئًا كهذا؟"

تفاجأ لؤي كذلك، وقال متعجبًا: "هذا مستحيل!"

امتعض وجه فاروق، لكنه ابتسم ليخفف حدة الأجواء، وقال: "هذا غير صحيح، حفيدتي تتفوه بالترهات، فلا يمكن لآدم أن يؤذني"

أجابه ياسر قائلًا: "أبي، مريم ليست بكاذبة، أعتقد انه من الأفضل توضيح هذا الأمر، وإلا قد يكون بيننا من يحمل نوايا خبيثة، ولن يهدأ لي بالٌ حينها"

ازداد عبوس الجد فاروق، فمن الواضح أن هذا الأب وابنته يضمرون الضغينة لآدم.

لكنه اعتقد أنه بغض النظر عما يشعرون به، كان ينبغي عليهما حفظ ماء وجه آدم أمام الغرباء، أليس كذلك؟

كان آدم في قمة الهدوء، وكأنه لا يبالي تمامًا بما يدور حوله.

لم يكن لؤي في موقفٍ يسمح له بقول المزيد، لكنه اعتقد أن من المستحيل أن يكون أدم هذا النوع من الأشخاص.

"ما هذا؟"

فجأة، شمّ لؤي رائحةً غريبة، وسأل متعجبًا: "من أين تأتي تلك الرائحة؟"

أجابت مريم مسرعةً: "عساها تكون رائحة روث الأغنام الذي ألقيته في القمامة يا حضرة الطبيب"

اعتلت الدهشة وجه لؤي، ونظر إلى سلة القمامة ليرى بداخلها بضعة حبّات دواءٍ بحجم روث الأغنام.

لم يأبه بوجودها في القمامة، ومد يده ممسكًا بواحدةٍ ثم قربها من أنفه ليشمها.

وفي اللحظة التالية، سيطرت على وجه طبيب المعادي المشهور علامات دهشةٍ لا تصدق.

"هل يعقل أن تكون تلك حبوب أعشاب العافية التي لم تعد موجودة منذ زمنٍ سحيق؟"

تضاربت مشاعر مريم، وانعكس هذا على وجهها المتوتر، وهي تقول: "لا بد أنك أخطأت يا حضرة الطبيب، عن أي حبوبٍ تتحدث؟"

تجاهل لؤي ما كانت تقوله، ونظر لآدم بحماسٍ وقال: "آدم يا صديقي، هل أنت من حضّرت تلك الحبوب؟ هل هي حقًا حبوب أعشاب العافية؟"

أجابه آدم: "أظن ذلك، فاسمها يطابق ذلك الذي أخبرني به معلمي"

تنفس لؤي بعمقٍ وقال بذهول: "آدم، أيمكنك بيع تلك الحبة لي؟ سأدفع لك أي مبلغٍ تطلبه"

قال آدم مبتسمًا: "إن كنت تريدها، فسأترك واحدةً للجد فاروق، وأهديك البقية"

اعتلت الفرحة وجه لؤي، وقال كاتمًا أنفاسه من فرط الحماس: "حقًا؟ أشكرك جزيل الشكر!"

على الناحية الأخرى، أخذت تعبيرات وجه ياسر بالتقلب، بينما تجمدت مريم بمكانها من هول المفاجأة.

"حضرة...حضرة الطبيب، هل تلك الحبوب حقيقية فعلًا؟"

بدا على وجه ياسر بعض الخجل، وتلعثم وهو يطرح سؤاله بارتباك.

أومأ لؤي بؤأسه بعزمٍ وكأنما عشر على كنزٍ ثمين، ووضع الأربع حباتٍ بحرصٍ على الطاولة.

"أيها الجد فاروق، تلك الحبة تعد من الأدوية العلاجية المقدسة، والتي ضاعت تركيبتها منذ زمنٍ سحيق"

"في العصور السابقة، كان هذا الدواء مخصصًا فقط للقيادات العسكرية ذات الرتب العالية"

"لولا أنني ورثت بعض المعرفة عن أسلافي، لما تعرّفت على هذا الدواء النادر! هذا كنزٌ لا يقدر بثمن يا أيها الجد"

تغيرت تعبيرات وجه فاروق بشكلٍ ملحوظ بعد سماع هذا الكلام، أيعقل أن تكون تلك الحبة حقًا ثمينة لتلك الدرجة؟

لم تصدق مريم الأمر، فكيف يعقل لهذا الشيء الذي يشبه روث الأغنام أن يكون بتلك القيمة؟

لكنها ألقت به في سلة القمامة!

في تلك اللحظة، شعرت مريم بالخزي الشديد، حتى أن احمرت وجنتيها، وودّت لو انشقت الأرض وابتلعتها.

لم يتوقع ياسر كذلك أن يتخذ الحديث هذا المجرى المفاجئ، فسعل بخفةٍ وقال: "أبي، طالما أكد لنا الطبيب لؤي أن الدواء ذا فعالية، فعليك بتناول واحدة"

وعندما أنهى حديثه، نظر بريبةٍ إلى آدم، فلو كانت تلك الحبة فعلًا بهذا القدر من الفعالية والقيمة، كيف حصل عليها هذا الشاب؟

حينها أدرك فاروق ما يحدث، وقال مبتسمًا: "يا حضرة الطبيب! هذه هدية من آدم، لا يمكنك أخذها مني بتلك السهولة"

لم يرد لؤي أن يفقد هذه الجوهرة الثمينة.

لذا تحدث بنبرةٍ عنيفةٍ بعض الشيء، وقال: "لا يمكن ذلك! لقد أعطاني آدم تلك الحبات بالفعل! سأشاركك اثنتين فقط لا أكثر"

"لقد ألقيتموه في سلة القمامة، مما يدل على أنكم لم تريدوه، لذا عندما أخرجته منها أصبح ملكي بالطبع"

زادت تلك الكلمات من خجل مريم، فلو كانت تدرك قيمة تلك الحبات لما تجرّأت على التخلص منها.

لكن فات الأوان على الندم.

استشاط الجد فاروق غضبًا، ثم التفت لآدم وسأله: "آدم! هل تملك المزيد من تلك الحبوب؟"

"اممم..." لم يعرف آدم في تلك اللحظة كيف يتعين عليه أن يجيب.

وحين لاحظ نظرات لؤي المتلهفة، هزّ رأسه وقال: "لقد نفذت بالفعل يا جدي"

شعر فاروق بالندم وقال: "ألا يمكنك عمل المزيد منها؟"

رفع آدم يديه بغير حيلةٍ، وقال: "هذا صعب، كما أنني لا أملك الأعشاب اللازمة في الوقت الحالي"

قال لؤي متلهفًا: "أنا أدير عيادة، ولدي بها أعشاب علاجية، أذكر ما تحتاجه منها وقد تجده عندي"

ذكر آدم بعض الأعشاب النادرة بشكلٍ عشوائي، فقال لؤي بأسف: "هذه الأعشاب التي ذكرتها من الصعب الحصول عليها، فهي ثمينة للغاية"

ابتسم آدم ولم يسترسل في الحديث، لأنه في الواقع لم يكن بحاجة لأعشابٍ بتلك القيمة والندرة.

هو وحده من يمكنه عمل حبوب أعشاب العافية، ولا يرغب بقضاء كل وقته في عملها.

شحب وجه فاروق، فهل تلك الحبات الأربعة هي آخر ما تبقى من هذا الدواء في الوقت الحالي؟

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP