الفصل 8
عُقد لسان آدم، وشعر ببعض الريبة، وبدا كأن السيدة أزهار لا تبغضه على الإطلاق، فما الذي حدث؟

هل هذا بفضل إنقاذه للسيد فاروق؟

وبعد التفكير بالأمر، وجد أنه لن يكون منطقيًا بالفعل ألّا يذهب لغرفة مريم.

"حسنًا، سأذهب الآن يا سيدة أزهار"

استدار آدم واتجه نحو غرفة مريم، وطرق الباب عدة مرات، لكنه لم يتلقى أي رد لفترةٍ طويلة.

ما زالت أزهار تحدق به من أحد الجوانب، فلم يكن أمامه سوى أن يستجمع شجاعته ويدفع الباب للدخول.

كان هناك صوت هدير ماءٍ بالأرجاء.

سمع آدم صوت الماء قادمًا من الحمام، فرفع حاجبيه متفاجئًا، واتضح أن مريم كانت تستحم، ولهذا السبب لم تسمع صوت طرق الباب.

جلس على الأرض بدون أي يمس أيًا من أغراضها.

وبعد قرابة العشر دقائق، خرجت مريم من الحمام وهي ملفوفة بمنشفةٍ تصل فوق ركبتيها.

كشفت المنشفة عن ساقاها الطويلتان ناصعتا البياض، وكانتا ناعمتان كالحرير، وعلى الرغم من أنها خرجت للتو من الحمام، إلا أن جمالها كان فوق الوصف.

رفع آدم نظره للأعلى، فرأى المنشفة ملتفة بإحكامٍ حول جسدها ذا الملامح الأنثوية البارزة.

وكان عنقها ناصعًا كبياض الثلج، ووجهها كزهرةٍ ندية، وعيناها اللامعتان تحدقان بآدم في دهشة.

"اممم... السيدة أزهار كانت تراقبني، لذا لم يكن أمامي سوى الدخول" قال آدم بنبرةٍ بها بعض الاستسلام.

"أيها ال..."

توقفت مريم عن التفكير للحظة، ولم تتمكن من استيعاب ما حدث لبعض الوقت، وبعد ذلك استطاعت أخيرًا بصعوبة أن تكبح غضبها، وألا تصرخ.

"أدر ظهرك أيها الحقير!"

وبخته مريم بغضب، وكانت دموعها على وشك أن تنهار من شدة القهر.

استدار آدم بسرعة، وأخذت مريم تلتقط ملابس نومها على عجلٍ ثم عادت بها إلى الحمام لارتدائها.

بدت غاضبةً للغاية حين خرجت مجددًا، واعتلت وجهها تعبيرات قاسية، ونظرات حادة وكأنها على وشك قتل أحدهم.

قالت بجفاء: "انسَ تمامًا ما رأيت الآن، ولا تجرؤ على ذكر هذا الأمر لاحقًا، وإلا سأقتلع عينيك"

"حسنًا"

أدرك آدم ألا نفع يعود عليه من الجدال مع مريم.

كان جسد مريم ينتفض قليلًا، مما يدل على أن غضبها لم يهدأ بعد، ولكنها لم تقل المزيد لآدم.

أخرجت بطانيات من الخزانة، وألقتها على الأرض ببرودٍ قائلة: "ستنام على الأرض، وهناك ثلاثة شروطٍ سنتفق عليها"

"أولًا؛ لا يمكنك دخول الغرفة وأنا لست بالمنزل، ثانيًا؛ ستحتاج لإذني قبل دخولها حين أكون بالمنزل، ثالثًا؛ زواجنا مزيف، فلا علاقة لنا ببعضٍ بمجرد أن نخرج من الفيلا"

أجاب آدم بلا تردد: "حسنًا"

عادت مريم لسريرها مكتئبة، وغطت نفسها بالبطانية مديرةً ظهرها لآدم، ثم أخرجت هاتفها وأرسلت رسالةً لصديقتها فيروز.

مريم: آااااااه! سأجن!

فيروز: ما الخطب؟

أخبرتها مريم بما حدث للتو.

فيروز: هذا الوقح يحتاج لمن يؤدبه، وسأدبر من يلقنه درسًا.

كانت مريم غاضبة للغاية، فلم تعارضها، وأجابتها: يكفي أن تجعليه طريح الفراش لثلاثة أيام.

فيروز: اتركي الأمر لي وسأدبر كل شيءٍ بالغد.

تحدثت الصديقتان لبعض الوقت، وكان حديثهما كله يدور حول كيفية معاقبة آدم.

ولم يكن آدم على علمٍ بكل هذا، وحتى لو علم بالأمر فربما كان سيكتفي بالضحك منهم ساخرًا.

فما الذي قد تفعله فتاتان مثلهما لرجلٍ بالغٍ مثله؟

في صباح اليوم التالي، كانت العائلة تتناول الإفطار سويًا.

قال فاروق: "ياسر! اصطحب آدم اليوم للشركة، وجد له وظيفةً مناسبة، وليكن راتبه الشهري خمسة عشر ألف دولار"

امتعض وجه مريم، وقالت: "جدي! هذا غير ممكن، فقد جاء من الريف ولا يجيد فعل شيء"

قطّب فاروق جبينه وقال بحزم: "إن كان هناك ما لا يجيده فسيتعلمه، هذا الأمر ليس مجالًا للنقاش"

أرادت مريم مواصلة الجدال، لكن ياسر أشار لها بالتزام الصمت، وقال مبتسمًا: "حسنًا يا أبي، سأفعل ذلك فلا داعي للقلق"

أومأ فاروق برأسه حينها راضيًا، وقال لآدم مبتسمًا: "لا تقلق يا آدم من ذهابك للشركة، فسوف تتقاضى راتبك الشهري حتى وإن لم تفعل شيئًا"

"شكرًا يا جدي"

أخذ آدم يفكر بداخله: هذا الرجل العجوز يحسن معاملتي للغاية!

بعد تناول الإفطار والراحة قليلًا، ركب آدم السيارة مع مريم ووالدها متجهين لشركة السيد فاروق.

لم يعر الأب وابنته اهتمامًأ لآدم الجالس بالمقعد الخلفي.

قال ياسر بجدية: "عليكِ توخي الحذر في الأيام المقبلة، فقد يستهدفك وائل من أجل إجباري على التخلي عن مشروع شركة الأسهم الدولية"

قالت مريم بغيظٍ: "هذا مزعج للغاية، فمجموعة النمر أقوى مننا من الناحية المالية، فلما يلجأ وائل إلى مثل تلك الأساليب الوضيعة؟"

أجاب ياسر: "لوائل الكثير من المشاريع والاحتياجات المالية الضخمة، أما نحن فقد بدأنا بالتحضير لتمويل مشروع شركة الأسهم الدولية منذ العام الماضي، لذا فمن المؤكد أنه لن يكون بقدر استعدادنا لهذا المشروع"

تنفست مريم بعمقٍ وقالت: "حسنًا، سأتوخى الحذر، فمشروع شركة الأسهم الدولية هو وسيلتنا لدخول العاصمة الإدارية الجديدة، وهو مهم للغاية ولا يمكن التخلي عنه مهما حدث"

كان آدم جالسًا في الخلف، يستمع لحديث الأب وابنته عن هذا المشروع بالغ الأهمية، وحفظه في ذهنه على الفور.

وصل ثلاثتهم إلى الشركة، فقالت مريم ببرود: "اذهب إلى قسم المشاريع، وابحث عن المدير شوقي، وسيتولى هو توجيهك فيما بعد"

أومأ آدم برأسه، وقال: "حسنًا"

بمجرد أن وصلو إلى الطابق المنشود، خرج آدم ليبحث عن المدير شوقي بقسم المشاريع.

أغلقت أبواب المصعد، فعبس وجه ياسر قليلًا، وقال: "هل وضعته بالفريق الرابع؟"

تذكرت مريم ما حدث بالأمس، ورؤية آدم لها وهي ملتفة بالمنشفة، فعضّت على أسنانها، وقالت: "أيعتقد أنني سأسمح له بالحصول على المال بتلك السهولة؟"

"لقد تعمدت وضعه بالفريق الرابع كي يقوم مروان بمضايقته يوميًا، لا تقلق يا أبي! لقد أوصيت مروان ألّا يقسو عليه"

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP