عُقد لسان آدم، وشعر ببعض الريبة، وبدا كأن السيدة أزهار لا تبغضه على الإطلاق، فما الذي حدث؟هل هذا بفضل إنقاذه للسيد فاروق؟وبعد التفكير بالأمر، وجد أنه لن يكون منطقيًا بالفعل ألّا يذهب لغرفة مريم."حسنًا، سأذهب الآن يا سيدة أزهار"استدار آدم واتجه نحو غرفة مريم، وطرق الباب عدة مرات، لكنه لم يتلقى أي رد لفترةٍ طويلة.ما زالت أزهار تحدق به من أحد الجوانب، فلم يكن أمامه سوى أن يستجمع شجاعته ويدفع الباب للدخول.كان هناك صوت هدير ماءٍ بالأرجاء.سمع آدم صوت الماء قادمًا من الحمام، فرفع حاجبيه متفاجئًا، واتضح أن مريم كانت تستحم، ولهذا السبب لم تسمع صوت طرق الباب.جلس على الأرض بدون أي يمس أيًا من أغراضها.وبعد قرابة العشر دقائق، خرجت مريم من الحمام وهي ملفوفة بمنشفةٍ تصل فوق ركبتيها.كشفت المنشفة عن ساقاها الطويلتان ناصعتا البياض، وكانتا ناعمتان كالحرير، وعلى الرغم من أنها خرجت للتو من الحمام، إلا أن جمالها كان فوق الوصف.رفع آدم نظره للأعلى، فرأى المنشفة ملتفة بإحكامٍ حول جسدها ذا الملامح الأنثوية البارزة.وكان عنقها ناصعًا كبياض الثلج، ووجهها كزهرةٍ ندية، وعيناها اللامعتان تحدقا
عثر آدم على شوقي، رئيس قسم المشاريع.اعتلت الحيرة وجه الأخير، ثم قال لآدم: "توجه نحو المكتب في نهاية الممر، من الآن فصاعدًا ستكون نائبًا لقائد الفريق الرابع.""حسنًا، شكرًا يا سيد شوقي"، لم يشعر آدم بأي خطبٍ بالأمر، وتوجه مباشرةً للمكتب الذي وصفه له السيد شوقي.هز شوقي رأسه متنهدًا، وقال: "هل أساء هذا الفتى إلى السيد فاروق؟ تم إرساله للفريق الرابع المعروف ب(فريق الأمير)... ألن يضطهدوه أشد الاضطهاد؟ يالتعاسة حظه!"...دفع آدم الباب ودخل، ليجد المكتب في حالةٍ رثة ومليئًا بالدخان، وبه سبعة رجالٍ ونساء يرتدون ملابس غريبة، يلعبون على هواتفهم، ويدخنون ويشربون.هل يحدث هذا حقًا بداخل الشركة؟عُقد لسان آدم، هل هذا هو الفريق الرابع؟ هل هؤلاء هم حقًا موظفي شركة السيد فاروق؟ قام شاب بتسريحة شعرٍ عصرية تشبه شعر شخصيات الرسوم المتحركة برفع رأسه، ونظر نظرةً خاطفةً لآدم، ثم سأله مبقيًا على السيجارة بين شفتيه: "هل أنت آدم؟"أومأ آدم برأسه.ألقى هذا الشاب ذو الشعر الغريب سيجارته على الأرض بعنف، ثم ضحك وقال: "توقفوا عن اللعب! أخرجوا عصاكم واهجموا عليه!"في ذات اللحظة، وضع البقية هواتفهم جانب
لم يفقد آدم وعيه، لكنه لم يتصور أن يصدمهم شخصٌ ما عمدًا بتلك القسوة!فتح باب السيارة، ونزل من كل سيارةٍ من السيارات الأربعة رجلٌ ملامحه غير مطمئنة، حتى أنهم قد يكونوا مجرمين.لم يتحرك زعيم العصابة، بل صب تركيزه على آدم.لم تتغير تعبيرات وجه آدم، ونظر لهم بهدوءٍ وقال: "هل أنتم من مجموعة النمر؟"كان زعيمهم يحمل بيده سكينًا، وينظر لآدم بنظرةٍ ثاقبة، ثم قال بصوتٍ غليظ: "كيف لم يصبك مكروه؟"فبعد هذا الاصطدام العنيف، كان من الصعب عليه هو حتى أن يكون بتلك اليقظة، لكن هذا الشاب الذي أمامه كان على ما يرام وكأن شيئًا لم يصبه."لا تضع وقتك بالثرثرة معه، اجهز عليه فورًا يا أخي"صاح أحدهم بحدة، ثم اندفع مباشرةً لمهاجمة آدم.تأفف آدم ببرود، واندفع للأمام كالبرق فلم يتسنى للرجل إبداء أي رد فعل، ثم لكمه آدم لكمةً أطاحت به بعيدًا."همم، يبدو أنك مقاتلٌ ماهر"تغيرت ملامح زعيم العصابة قليلًا، ثم تقابلت عيناه وعينا آدم، فشعر فجأة بالقشعريرة تسري في جسده.في تلك اللحظة دوت صفارات الشرطة من بعيد، فحملق زعيم العصابة بآدم بغضبٍ وقال بصوتٍ خشن: "أيها الفتى، لقد حكمت على نفسك بالموت بتجرؤك على التدخل
بعد عودتهم إلى الفيلا، قامت أزهار بإعداد وعاء من المعكرونة لآدم.وكانت تواسيه طوال الطريق، ولا تلومه على أي شيء.أثر ذلك في آدم، فكم هي لطيفة ورقيقة!نظرًا لعدم وجود خطبٍ بمريم، عادت للمنزل قرابة الساعة العاشرة.وبالطبع لم تتعامل بلطفٍ مع آدم، بل كان نفورها منه يزداد تجليًّا في عينيها.استلقت على السرير، وبدأت تتحدث مع صديقتها المقربة.استشاطت فيروز صديقتها غضبًا بعد أن علمت بما تعرضت له مريم اليوم، وأرادت أن تلقن آدم درسًا انتقامًا لما فعله مع مريم.إلا أن مريم لم تعد تعبأ بالأمر فلم توافقها، فهي غير مكترثة بتأديب آدم بعد الآن.رجلٌ كهذا لا يستحق أن تهدر وقتها عليه.في صباح اليوم التالي، كانت مريم ستذهب للعمل في وقتٍ لاحق، لذا أوصل السائق آدم للشركة.وما إن همَّ بالدخول، حتى اقترب منه فجأة شاب يرتدي نظارات."أيها الفتى، السيد هاني يريد مقابلتك، تعال معي!"نظر ذلك الشاب لآدم شزرًا، وكانت بعينيه شيءٌ من القسوة.السيد هاني؟أليس هذا نفس الشخص الذي ذكره مهاجمو مريم بالأمس؟ابتسم آدم بلا مبالاةٍ وقال: "فلتأخذني إليه"كان اسم ذلك الفتى الذي يرتدي النظارات هو صبري، وكان ابن ا
يا له من لماح! قوة الملاحظة كذلك تعد موهبة.ضحك آدم، وغادر المكان بفخر.في نفس الوقت في مجموعة السيد فاروق:اقتحم وائل رئيس مجموعة النمر مكتب المدير العام لمقابلة مريم.قال وائل بتهكم لمريم التي تعد أجمل امرأةٍ بالقاهرة: "ما شعور حضرة المديرة بعد نجاتها من الموت؟"أجابت مريم بوجهٍ ممتعض: "ألا بد من استخدام تلك الأساليب القذرة يا أستاذ وائل؟"ابتسم وائل باستهتارٍ وقال: "ماذا تعنين بهذه الكلمات؟ أيعقل ألّا تعرفين ما كنت أقوم به في شبابي؟""استعنت ببعض أساليب مجالي السابق، فلما تعتبرينها قذرة؟"كانت مريم تشعر بالخوف حين تتذكر حادث الأمس، ولم تستطع حتى الآن أن تهدئ من روعها.وبنظرةٍ مليئةٍ بالحقد، قال وائل: "انسِ أمر شركة الأسهم الدولية يا مريم، وإلا فستكون العواقب وخيمة""أنت تعلمين جيدًا من هو هاني شاهين، إن أزعجتني، فهو بمفرده قادر على جعلك تخسرين كل شيء"شعرت مريم بالقلق بداخلها، لكنها عضّت على أسنانها بإصرارٍ ولم تتراجع.بدأ صبر وائل ينفذ، وفي تلك اللحظة رن هاتفه، فأجابه بغضب: "ما الأمر؟"لم يكن معروفًا ما قاله الطرف الآخر، لكن وائل انتفض فجأة وقال بملامح ملأها الذعر: "هل
قطّبت مريم حاجبيها ونظرت باتجاه آدم، وفور أن وقعت عيناها عليه طأطأت رأسها على الفور، وقالت ببرود: "لم أتوقع أن يأتي هذا الفلاح لمكانٍ كهذا! لقد أسأتُ تقديره"قال مروان بتردد: "هل أدعوه للمجيء؟"أجابته مريم بدون النظر إليه: "لا! مجرد رؤيته تجلب النحس"لم يطل مروان الحديث، فقد كان قصده أن يمنح آدم فرصة للتقرب من مريم، ولم يكن يعلم أنها تكن له كل هذا الكره.نظرت مريم لآدم، فوجدته قد جلس بالفعل ويلعب بهاتفه، فتهكمت عليه بداخلها، وتعجبت من كونه جاء لهذا المكان ليلعب بهاتفه، يا له من أحمق!بدأ المكان يكتظ بالناس شيئًا فشيئًا، فقال مروان: "أختي مريم، المكان يزداد ازدحامًا، ألا نعود أدراجنا؟"أومأت مريم برأسها وقالت: "حسنًا"بينما كانا على وشك المغادرة، دخل ستة أو سبعة رجال ذوي مظهرٍ مقلقٍ المكان.شحب وجه مروان ما إن رآهم، وطأطأ رأسه على الفور متجنبًا مقابلة أعينهم.لكن مريم كانت جذابة جدًا لدرجة أن لاحظها فورًا أحدهم، وكان طويل القامة حيث يبلغ طوله قرابة المتر وتسعين.تقدم باتجاههم مباشرةً وتبعه البقية."ما هذا؟" قال طويل القامة فجأةً فور أن رأى مروان منكس الرأس، ثم أكمل: "أنت! ارف
تولى صبري زمام الأمور بعد وفاة هاني، وكان قد دعا بعض القادة للاجتماع في ملهى (سهر الليالي).وعندما سمع من أحد رجاله أن أحدهم يثير المشاكل في الملهى، قرر الحضور بنفسه لإلقاء نظرة.كان قلقًا من عدم وجود فرصة ليظهر هيبته، والآن وقد جائته الفرصة لإثبات نفسه، كان في قمة سعادته.اصفر وجه مريم فجأة، صبري؟ لماذا أتى؟ هذا ابن هاني بالتبني؟مما لا شك فيه أنه سيحل محل هاني بعد وفاته!لم تكن تعتقد أبدًا أن هذا الشخص سيظهر، والآن وقد ظهر، ازدادت الأمور تعقيدًا."من هو الحقير الذي..."وقعت عينا صبري على آدم، وفجأة، تسمّر في مكانه وتلاشت الفرحة من قلبه.السيد آ...آ...آدم؟تجمد الدم في عروقه وأصبح وجهه شاحبًا كالأموات.كان على وشك أن ينعته (السيد آدم) وينحني له احترامًا، لكنه تذكر ما قاله آدم بعد مقتل هاني، وأن من المفترض أنهم لا يعرفون بعضهم."أخي صبري! خذ لي حقي من هذا الفتى الذي لم يعطك أي اعتبار، عليك أن تلقنه درسًا"شعر صبري بوخزٍ في رأسه، وتمنى لو استطاع أن يبرح يوسف ضربًا، ياله من وغد! هل يريد أن ينتهي به الحال كهاني؟لم يعرف صبري ما يتعين عليه فعله، وفجأة، وقعت عيناه على مريم الوا
في يوم حفل عيد الميلاد، ذهب آدم إلى قاعة الأطباء بعد انتهاء عمله، ومن هناك تم اصطحابه لحفل عيد ميلاد السيد هشام.كان السيد هشام وابنه كريم في غاية الاحترام مع آدم، حتى أن نبرتهم أثناء الحديث معه كانت مختلفة بشكلٍ ملحوظ، مما فاجأه قليلًا.لم يكن يعلم أن عائلتهم قد وصلها بالفعل نبأ وفاة هاني شاهين، فعلى الرغم من عدم أهمية هاني نفسه لعائلتهم، إلا أنه كان شخصية بارزة في القاهرة بلا شك.وبسبب احترامهم لآدم، أعطوا عائلة فاروق أربعة دعوات تقديرًا له.وإلا فحتى أكبر رجال الأعمال في القاهرة لن يكون لهم فرصة لحضور حفل عيد الميلاد هذا.قال هشام بابتسامةٍ دافئة: "عزيزي آدم، تفضل بالجلوس... أشكرك على حضورك حفل عيد ميلادي""سمعت أنك الآن تقيم مع عائلة فاروق، فما علاقتك بهم؟"أجاب آدم قائلًا: "عائلة فاروق لديها فضلٌ على أستاذي، وأنا هنا لأرد جميلهم هذا""آه، فهمت" قال هشام، ثم نظر لكريم وقال: "أخبر جمال أن يخصص مشروع شركة الأسهم الدولية لمجموعة عائلة فاروق"أومأ كريم برأسه، وقال: "لقد اتصلت به وأخبرته ذلك بالفعل"سكت آدم لبرهة، ثم قال: "هل لديكم كلمة في مشروع شركة الأسهم الدولية؟"ضحك لؤي