الفصل 7
وقف كريم مذهولًا، فقد أدى انهيار والده المفاجئ لاضطراب قلبه بمزيجٍ من الغضب والقلق.

والآن ظهر هذا الفتى المجهول ليعرقل الطبيب لؤي، مما زاده غضبًا فوق غضبه، وأصبح كريم على وشك الانفجار.

"أيها الفتى، هل تعلم من هو والدي؟ إن أصابه مكروه هنا، فستغلق غدًا أبواب عيادة قاعة الأطباء للأبد"

رمقه آدم شزرًا ولم يكترث بالرد.

وجه آدم نظره للؤي، وقال بدوء: "ضع الإبرة الأولى بأعلى الرأس"

لم يتردد لؤي لثانية قبل أن يغرس الإبره حيث أخبره آدم.

فأكمل آدم قائلًا: "الإبرة الثانية أعلى الجبهة"

غرس لؤي الإبرة الثانية كذلك.

"الثالثة بالسرة... والرابعة..."

بعد غرس ستة عشر إبرة، بدأ تنفس المسن الذي كان على وشك مفارقة الحياة بالاستقرار فجأة، وارتعشت أهداب عينيه برفق.

فتح العجوز هشام عينيه ببطءٍ وقد تخطى الأزمة بالفعل.

نهض لؤي ببطءٍ ووأطلف زفيرًا عميقًا، ثم انحنى نحو آدم قائلًا: "أشكرك يا صديقي، لقد أنقذتني اليوم"

بدا كريم مذهولًا، وسرعان ما همَّ بمساعدة والده، وقال: "أبي، هل أنت على ما يرام؟"

أشار هشام برأسه قائلًا: "أنا بخير"

ثم التفت إلى آدم بتقديرٍ وقال بنبرةٍ صادقة: "أشكرك أيها الشاب، لقد أنقذت حياتي"

بدا مشوشًا بعض الشيء، وكأنه أنصت للجدال الذي حدث للتو.

قال آدم بهدوء: "لا داعي لشكري، وبما أنك تعافيت، فيمكنكم الآن المغادرة ولا تعودوا مجددًا لعيادة الطبيب لؤي، فهذا الطبيب العجوز لا يمكنه تحمل ترف حياتكم"

احمر وجه كريم، وغشّى الغضب عيناه، وهو يقول: "أيها الفتى ال..."

"اخرس!" صرخ هشام فجأة بغضب، فسكت كريم على الفور.

تنهد هشام بعمقٍ وانحنى للؤي قائلًا: "أنا أعتذر منك يا حضرة الطبيب على ما بدر من كريم"

رد لؤي بلطفٍ قائلًا: "لا داعي للاعتذار يا سيد هشام، فالتوتر رد فعل طبيعي في تلك المواقف، وأنا أتفهم هذا جيدًا"

بدا هشام ممتنًا له، وكان ينوي الاعتذار من آدم كذلك، لكنه سمعه يقول: "ألم تعدني أن نذهب لشراء هاتفٍ يا حضرة الطبيب؟"

تردد لؤي للحظة، ثم أومأ برأسه قائلًأ: "كدت أنسى ذلك، شاهندة! اذهبي مع آدم لمتجر الهواتف بالجوار"

قاطع ذلك شرود شاهندة التي بدت وكأنها في عالمٍ آخر، وقالت: "ماذا؟ آه! حسنًا"

كانت تحدق بآدم في دهشة، وقد اعتلت الحمرة وجنتيها اللطيفتين، وامتلأت عيناها بالحماس.

وقف جدي عاجزًا، بينما أنقذ آدم الرجل من الموت، فهل هو أكثر مهارةً من جدي بالطب؟

لا يهم ما إن كان الأمر كذلك أم لا، فهي الآن باتت تكن الاحترام والامتنان لآدم.

تجاوز آدم وشاهندة كلًّا من هشام وكريم، وغادرا العيادة متجهين لمتجر الهواتف المجاور.

بدا على هشام بعض الاستياء، أيعقل أن يهين هذا الشاب كرامته لتلك الدرجة؟

"سأرسل لك تكاليف العلاج لاحقًا يا حضرة الطبيب، ويكفي ما سببته لك من إزعاجٍ اليوم"

أومأ لؤي برأسه فقط بدون أن يقول شيء.

جلس هشام وابنه كريم في السيارة.

"لقد تهورت اليوم يا كريم! الموت والحياة مقدران، وبغض النظر عن مهارة الطبيب لؤي، إلا أنه لن يغير القدر الذي كتبه الله، فلما تهدده إذا جاء أجلي؟"

"من الواضح أن ذلك الشاب الذي أنقذ حياتي غير راضٍ عن تهديدك للطبيب"

"أبي، إنه مجرد صبي، لا تأخذ الأمر على محمل الجد فربما معرفته كيفية انقاذ حياتك ما هي إلا ضربة حظ"

"تذكر جيدًا أن علينا تجنب افتعال المشاكل مع الأطباء، فعائلتنا لا يسعها تحمل ذلك"

قال كريم مستسلمًا: "أردت فقط الضغط على الطبيب لؤي قليلًا ليبذل ما بوسعه لإنقاذك، لم أكن سأؤذيه حقًا"

نهره هشام قائلًا: "مارس لؤي الطب لعدة عقود، فهل هو بانتظار ضغطك عليه كي يبذل قصارى جهده في إنقاذي؟"

لم يكن من كريم سوى أن اعترف بخطئه.

بعد لحظات، قال هشام: "هذا الشاب ليس شخصًا عاديًا، تحقق من أمره وجد فرصةً للاعتذار منه"

"حسنًا"

اشترى آدم هاتفًا بما يقرب الثمانمئة دولار من المتجر المجاور.

لكن شاهندة هي من دفعت قيمته.

"لا يصح أن تدفعي أنت ثمن الهاتف"

ابتسمت شاهندة برقةٍ وقالت: "لماذا لا يصح ذلك؟ سمعة جدي تساوي أكثر من هذا المبلغ الذي دفعته، وإن تركتك أنت تدفع، سيوبخني جدي بالتأكيد"

أجابها آدم مبتسمًا: "شكرًا جزيلًا"

عندما عادوا للعيادة، كان السيد هشام وكريم قد غادرا بالفعل، وبقي آدم في العيادة طوال النهار.

خلال ذلك الوقت، تحدث مع شاهندة عن الكثير من نظريات الطب، حتى أنه كان يناقش الطبيب لؤي، مما أثار إعجاب الفتاة.

وعندما حان الوقت، استعد آدم للمغادرة.

قالت شاهندة بنبرةٍ حزينة: "ألا يمكن أن تبقى وتتناول معنا العشاء يا آدم؟"

أجابها آدم: "لا يمكنني اليوم، لكنني سأحاول أن أجد فرصةً لذلك في يومٍ آخر"

قالت شاهندة بشيءٍ من الإحباط: "تذكر أن تأتي لقضاء بعض الوقت معي حين تسنح لك الفرصة، فأنا دائمًا هنا بالعيادة"

أومأ آدم برأسه، ثم ودّع الجد وحفيدته، وعاد مسرعًا لحيث سيقابل مريم.

بعد أن وصل لجانب الطريق الذي اتفقوا أن يتقابلوا عنده، انتظر آدم قليلًا، ثم رأى سيارة مريم تقترب منه.

توقفت السيارة ببطء، ففتح آدم الباب وركبها.

قالت مريم بجفاء: "مواعيدك دقيقة، هل ابتعت الهاتف؟"

أجاب آدم: "نعم"، ثم أخرج الهاتف ليريها إياه.

ألقت مريم عليه نظرةً سريعة، ثم قالت متهكمةً: "أنت تعرف حقًا كيف تختار ما ستبتاعه"

بالطبع هي على دراية بقيمة الأشياء، وهذا الهاتف يساوي قرابة الثمانمئة دولار، هذا الفلاح ينفق أموال غيره بلا تردد!

لم تهتم مريم بمقدار ما أنفقه آدم، لذا لم تتكبد عناء تفقد المبلغ الذي تم خصمه.

أعطت رقمها لآدم بوجهٍ صارم، ثم عادا معًا إلى الفيلا.

رأى الجد أن آدم اشترى هاتفًا، فعلت وجهه ابتسامة رضا، ولانت نظراته تجاه حفيدته قليلًا.

أثار ذلك غضب مريم، أليست هي حفيدته الحقيقية؟

بعد العشاء، لعب آدم مع الجد بضعة جولاتٍ من الشطرنج، ثم استعد للصعود للطابق العلوي.

كان بصدد الذهاب لغرفة الضيوف حيث يقيم، لكن أزهار خرجت منها فجأة، وبدت كمن انتهى للتو من التنظيف.

قال آدم مندهشًا: "السيدة أزهار؟ ماذا تفعلين هنا؟"

ابتسمت أزهار بلطفٍ وقالت: "أيها الساذج! لما ستنامان بشكلٍ منفصل بعد أن استخرجتما قسيمة الزواج بالفعل؟"

"اذهب لغرفة مريم الموجودة في ذلك الاتجاه، ومن الآن فصاعدًا، يجب أن تناما معًا لتجنب إغضاب الجد"

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP