الفصل 9
عثر آدم على شوقي، رئيس قسم المشاريع.

اعتلت الحيرة وجه الأخير، ثم قال لآدم: "توجه نحو المكتب في نهاية الممر، من الآن فصاعدًا ستكون نائبًا لقائد الفريق الرابع."

"حسنًا، شكرًا يا سيد شوقي"، لم يشعر آدم بأي خطبٍ بالأمر، وتوجه مباشرةً للمكتب الذي وصفه له السيد شوقي.

هز شوقي رأسه متنهدًا، وقال: "هل أساء هذا الفتى إلى السيد فاروق؟ تم إرساله للفريق الرابع المعروف ب(فريق الأمير)... ألن يضطهدوه أشد الاضطهاد؟ يالتعاسة حظه!"

...

دفع آدم الباب ودخل، ليجد المكتب في حالةٍ رثة ومليئًا بالدخان، وبه سبعة رجالٍ ونساء يرتدون ملابس غريبة، يلعبون على هواتفهم، ويدخنون ويشربون.

هل يحدث هذا حقًا بداخل الشركة؟

عُقد لسان آدم، هل هذا هو الفريق الرابع؟ هل هؤلاء هم حقًا موظفي شركة السيد فاروق؟

قام شاب بتسريحة شعرٍ عصرية تشبه شعر شخصيات الرسوم المتحركة برفع رأسه، ونظر نظرةً خاطفةً لآدم، ثم سأله مبقيًا على السيجارة بين شفتيه: "هل أنت آدم؟"

أومأ آدم برأسه.

ألقى هذا الشاب ذو الشعر الغريب سيجارته على الأرض بعنف، ثم ضحك وقال: "توقفوا عن اللعب! أخرجوا عصاكم واهجموا عليه!"

في ذات اللحظة، وضع البقية هواتفهم جانبًا، وقاموا بإخراج عصاهم واحدًا تلو الآخر من الأدراج أو من أسفل الطاولة، وهاجمو آدهم بها.

ارتبك آدم بعض الشيء، وتسائل في نفسه: "ماذا يحدث؟ أليست تلك أول مرةٍ نتقابل بها؟"

ورغم إحساسه بالإحباط، إلا أن هذا لم يمنعه من تدبر أمر هؤلاء الأشخاص.

بوم بوم طاخ طاخ...

أصبح المكتب في حالةٍ من الفوضى العارمة، وبعد ثلاثة دقائق، كان الفتى المتعجرف الذي تحدث في البداية جالسًا على الآرض، مخبئًا بين كفيه وجهه الذي ملأته الكدمات ونزيف الأنف.

"أرجوك يا أخي لا تضربني، إنك تؤلمني"

"ما اسمك؟"

"أنا مروان"

"حسنًا، أخبروني عن عائلاتكم"

سرعان ما فهم آدم الأمر؛ كان أجداد أو آباء هؤلاء الأشخاص من ملاك أسهم الشركة، وكان لمجموعة السيد فاروق منافس تجاري قوي يدعى (مجموعة النمر)، والتي تتبع أساليب منافسة غير نزيهة.

وتم الإبقاء عليهم في الفريق الرابع خشية إثارتهم للفوضى والمتاعب.

هؤلاء أبناء كبار المساهمين في المجموعة!

أما هذا الفتى المدعو مروان، فهو زعيمهم، ويتبع أوامر مريم.

"لحسن الحظ أن مهاراتي الجسدية جيدة، وإلا لواجهت أيامًا صعبة"

أخذ آدم يفكر في قرارة نفسه: يا لتفاهة تلك المرأة! كان جسدها متلحفًا بالمنشفة فلم أره كله، فلما كل تلك الضجة التي تحدثها؟"

في تلك اللحظة، رن هاتف مروان، فأخرجه ليرى المتصل، ثم قال لآدم: "آدم، أختي مريم تتصل"

قال آدم: "لا داعي لتلقينك ما ستقول، أليس كذلك؟"

"بالطبع!" أجابه مروان، وكانت تلك مرته الأولى التي يقابل بها شخصًا بتلك القوة، فشعر تجاهه بمزيج من الخوف والاحترام.

أجاب مروان على اتصال مريم، وفعّل مكبر الصوت.

مريم: "كيف سار الأمر يا مروان؟ سمعت أن المكتب كان يعج بالضوضاء كما لو أنها ليلة العيد"

أجاب مروان بصوتٍ مرتفعٍ وهو جالس وإحدى يديه ما زالت تغطي مؤخرة رأسه: "لا تقلقي، لقد أدبناه بالفعل، وهو الآن جالس في إحدى الزوايا مدثرًا رأسه بين كفيه"

أجابت مريم: "هل أنت متأكد أنك أتممت الأمر على أكمل وجه؟ ليس هناك إصابات واضحة على وجهه، أليس كذلك؟"

"لا تقلقي، كل الضربات كانت موجهة لجسده، ولا يوجد إصابات في الأماكن التي يصعب تغطيتها"

"رائع، سأعطيك مكافأتك لاحقًا"

"حسنًا يا أختي مريم"

أنهى مروان المكالمة، وقال بتوتر: "هل أنت راضٍ يا أخي آدم؟"

"تعجبني قابليتك للتعلم" قال آدم ضاحكًا، ثم أكمل: "تعالوا جميعًا"

نهض مروان والبقية، وساعدهم آدم في مداواة كدمات وجوههم.

تلا ذلك مشهدٌ غريب، حيث بدأ مروان وبعض الفتية الأخرين بمعاملة آدم كأخيهم الأكبر.

وأخذوا يقدمون له الشاي ويصبون له الماء، وينظفون القمامة، وسرعان ما أصبح مكتبهم الفوضوي أقل قذارة من ذي قبل.

لا يتولى الفريق الرابع أي عملٍ في العادة، وأقصى ما قد يقوموا به هو بعض المهام البسيطة في الشركة كتوصيل الوثائق والمستندات وما إلى ذلك.

كان مروان قد أساء من قبل لنجل إحدى الشخصيات المهمة، ألا وهو السيد وائل صاحب مجموعة النمر الذي سمع آدم عنه في السيارة.

ولهذا السبب فلم يكن مروان يجرؤ على التصرف بطيش، وكان يقضي نهاره في الشركة، وليله في المنزل.

كان الحال مشابهًا بالنسبة للآخرين، فلم يكن أيًا منهم معروفًا بالرزانة من قبل.

سأل آدم: "هل تعرفون مجموعة الأسهم الدولية؟"

أجاب مروان بدهشة: "بالطبع أعرفها! سمعت من جدي أن شركتنا بحاجة لموطئ قدمٍ في العاصمة الإدارية الجديدة، وشركة الأسهم الدولية هي السبيل الوحيد لذلك"

"من أجل هذا المشروع لم تجرؤ الشركة على تخصيص أي مبلغ للمنافسة على مشروع آخر في الآونة الأخيرة، ومجلس الإدارة أيضًا يولي هذا الأمر اهتمامًا كبيرًا"

"كما أن أختي مريم لم تحظَ بالراحة طوال الستة أشهر الماضية من أجله، وقد بذلت الكثير من الجهد والوقت في سبيله"

أومأ آدم برأسه قائلًا: "فهمت"، والآن أدرك سبب جدية الفتاة والجد.

"حسنًا، دعكم من هذا الأمر فهو لا يخصكم، وواصلوا اللعب مجددًا"

لوّح آدم بيده، ثم استدار وبدأ يبحث عبر الإنترنت عن المصادر اللازمة لتعلم تنمية مجال البناء والعقارات"

مر الوقت بسرعة بعد كل ما حدث.

نظر آدم للساعة ووجد أن وقت الانصراف قد حان، فسجل خروجه من العمل، وذهب لموقف السيارات بالأسفل لينتظر مريم.

تفاجأ السيد شوقي حين رآى آدم يخرج من المكتب على ما يرام، وتسائل كيف لم يصبه مكروه رغم الضجة التي حدثت صباحًا؟

ودّع آدم السيد شوقي بابتسامةٍ حين رآه محدقًا به، وقال: "أراك غدًا يا سيد شوقي"

أجاب شوقي مستغربًا: "ماذا؟ آه! أراك غدًا"

وصل آدم لموقف السيارات بالطابق السفلي، وارتسمت على وجه مريم ابتسامةً ساخرةً حين رأته، قائلةً: "كيف كان أول يوم عملٍ لك؟"

تظاهر آدم بالتألم، وسكت لبرهة، ثم قال: "رحب بي مروان وبقية الفريق ترحيبًا حارًا"

طلب آدم من مروان أن يتظاهر بتأديبه كما طلبت مريم، وذلك لخداعها كي لا تبحث عن شخصٍ آخر ليضايقه.

"اركب السيارة"، قالت مريم، وشعرت فجأة بتأنيب الضمير بعد رؤيتها آدم بتلك الحالة.

لكن بعد إعادة التفكير، رأت أنه استحق أن يلقن درسًا، فمن سمح لهذا الوغد بالتطفل عليها؟

جلس آدم على الكرسي الأمامي، وانطلقت السيارة.

ساد الصمت طوال الرحلة، وآدم مغلقًا عينيه للاسترخاء والراحة.

فتح آدم عينيه فجأة، وانتابه شعور غير مبرر بخطرٍ يقترب.

في تلك اللحظة، ارتطمت بهم سيارة من الخلف، محدثةً دويًا هائلًا.

"آه!"

ذعرت مريم، فأحكمت قبضتها على عجلة القيادة، وضغطت على المكابح بشكلٍ تلقائي.

لكن في تلك اللحظة، اصطدمت بهم سيارات من الجانبين ومن الأمام، حتى أصبحوا محاطين تمامًا من كل جانب.

انتفخت الوسادة الهوائية، وشعرت مريم فجأة بالدوار والاضطراب.
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP