الفصل 5
نظرت نور بارتباك إلى أحمد، فلم تكن قد سمعت عن زواجه.

" أيُها السيد أحمد، نحن نعيش في الخارج منذ سنوات عديدة ولا نعرف أخبار الوطن، فما علاقة ابنتي بك؟"

رفع أحمد حاجبيه ببرود وقال بلا تعبير: "حتى لو كانت هناك علاقة، فهي من الماضي، أنا الآن بصدد الطلاق."

لم تتوقع سارة أن تؤول سنوات من الإخلاص إلى مجرد ذكرى في فم الرجل.

هل كانت غاضبة؟ بالطبع.

لكنها شعرت أكثر بكسر الخاطر، فالرجل الذي ظنّت أنه كنزًا ما هو إلا حيوانًا متوحشًا.

أخرجت سارة علبة الخاتم الألماسي، ورمتها بقوة على جبهة أحمد، "اذهب إلى الجحيم أيها الوغد، أكثر شيء أندم عليه في حياتي هو أنني كنت على علاقةٍ بك.

“لنلتقي في مكتب السجل المدني غدًا الساعة التاسعة، من لا يأتي فهو ابن عاهرة!"

سقطت العلبة على الأرض، وتدحرجت الخواتم بجانب قدميه، ولم تنظر سارة إليها بل غادرت وهي تدوس على الخواتم.

خلال العامين الماضيين، حدثت الكثير من الأشياء لسارة، وكانت هذه الحادثة بمثابة القشة الأخيرة التي كسرت ظهر البعير، فلم تبتعد كثيرًا قبل أن يُغشى عليها على جانب الطريق.

نظرت إلى السماء التي كانت مغطاة بقطرات المطر المتساقطة بلا انقطاع، وكأن هذا العالم يُعاديها.

فكرت أنه من الأفضل الموت هكذا.

لا شيء في هذا العالم المليء بالمكائد يستحق أن تظل فيه.

عندما استفاقت مرةً أخرى، وجدت نفسها في غرفة غير مألوفة، حيث أضاءت الأضواء الصفراء الدافئة الظلام، وكان التدفئة في الغرفة دافئة كما في الربيع.

"لقد استيقظتِ."

فتحت سارة عينيها ورأت عيني باسل اللطيفتين. " يا زميلي الأكبر، هل أنقذتني؟"

قال باسل: "كنتُ عائدًا إلى المنزل بعد العمل ورأيتك مغشياً عليكِ على جانب الطريق، فأخذتُكِ إلى هنا، ورأيتك مبللة تمامًا، لذا طلبت من الخادمة أن تغير ملابسكِ."

كانت نظرات الرجل صافية ونقية، ولم يكن هناك أي تلميح للابتذال.

"شكرًا لك يا زميلي الأكبر"

قال باسل: "لقد طبخت لكِ العصيدة، اشربي قليلاً من الماء الدافئ أولاً."

رفعت سارة الغطاء ونزلت من السرير، "لا داعي لذلك، يا زميلي الأكبر، لا أريد أن أزعجك في هذا الوقت المتأخر."

عندما لمست قدماها الأرض، سقطت نحو الأرض بسبب ضعف جسدها، فمسكها باسل بسرعة. كانت رائحة مسحوق الغسيل على جسده تشبه تمامًا رائحة مسحوق الغسيل الذي يستخدمونه في منزلها،

وكذلك كان أحمد يضع نفس الرائحة.

فكرت في أحمد فتألمت مرة أخرى.

قال باسل برفق: "أنتِ الآن ضعيفة جدًا، إذا كنت تُريدين أن تعيشي فترة أطول، فلا تجهدي جسمكِ." وأضاف بلطف: "افعلي ذلك من أجل والدكِ."

عادت بعض الأمل إلى عيني سارة التي فقدت بريقها، "إذن، سأكون ممتنة لك."

لاحظت وهي تشاهد الرجل مشغولاً في المطبخ أنها ليست على معرفةٍ وثيقة بباسل. فعندما كانت في السنة الأولى من الجامعة كان هو في السنة الرابعة، وقد سلّمها جائزتها كطالبةٍ متميزة.

في ذلك الوقت، كان قد بدأ التدريب في مستشفى مشهورة، وكان قليلًأ ما يقضي وقته في المدرسة، ثم لاحقًا عندما رآته سارة في المشفي، ازدادت تواصُلًا معه.

لكن هذه العلاقة لم تكن سبباً كافياً لتسبب له المتاعب باستمرار.

بعد تناول الطعام وتناول بعض الأدوية للمعدة، شعرت بأن معدتها أصبحت أفضل قليلاً.

عاد باسل للحديث عن العلاج الكيميائي: "الطب الآن متقدم للغاية، أنتِ في مرحلةٍ متوسطة إلى متأخرة، بعض مرضى السرطان في مراحل متأخرة عاشوا، عليكِ أن تثقي بنفسكِ، فإن العلاج الكيميائي وسيلة علاج فعالة."

قالت سارة برأس مائل: "لقد درست الطب، وأعرف فوائد العلاج الكيميائي وآثاره الجانبية."

واصل باسل: "فرص الشفاء بعد العلاج الكيميائي كبيرة، على الرغم من الآثار الجانبية، طلما أنكِ واثقة عليكِ مواصلة التحمل..."

رفعت سارة رأسها ببطء، ودموعها تكاد تنفجر. حيث بذلت قصارى جهدها لعدم ذرف الدموع، لكن شفتيها اهتزت بصوت مرتعش وقالت: "لكنني لا أستطيع التحمل أكثر...."

توقفت كلمات التطمين من باسل، وتجمعت في صدره مشاعر غير واضحة عندما نظر إلى عينيها المتورمتين.

بعد فترة من الصمت، سأل: "يا سارة، هل في هذا العالم لا يوجد من تهتمين لأجله؟"

ترددت قليلاً ثم أجابت: "فقط والدي هو مَن تبق لي."

"إذاً من أجل والدك، يجب عليكِ أن تعيشي جيداً."

ابتسمت سارة بمرارة، "شكرًا يا زميلي الأكبر، أشعر بتحسن الآن، لا أريد أن أزعجك."

لاحظ باسل أن خاتم الزواج الذي لم تفارقه في يدها قد اختفى، فتح فمه، لكنه في النهاية لم ينطق بكلمة.

قال: "إلى أين تذهبين؟ سأوصلكِ."

"لا حاجة لذلك، لقد طلبت سيارة، وستصل قريبًا." رفضت بوضوح، فاضطر باسل للموافقة، لكنه كان حذرًا، حيث شعر بالقلق من أن تفكر في الانتحار بسبب حزنها، فتتبع سيارة سارة سرًا.

عندما وصلت السيارة إلى ضفة النهر، كانت سارة تجلس وحدها تنظر إلى مياه النهر شاردة الذهن. رغم أن المطر قد توقف، كانت الحرارة منخفضة. كان باسل ينوي الذهاب لمساعدتها، لكن سيارة ليموزين سوداء توقفت بجانبها.

عندما فتحت أبواب السيارة، ظهر رجل ثري من المجلات الاقتصادية تحت أضواء الشارع.

شعر باسل بالقلق، هل زوج سارة هو أحمد!

نسمات النهر كانت تلاعب بشعر سارة، مما أضاف لمسة من الشقاء على مظهرها المتعب بالفعل. رفع أحمد يده بشكل غريزي ليعيد شعرها إلى الوراء، لكنه تراجع سريعًا عن الفكرة.

"هل هناك مشكلة؟"

نظرت سارة إليه ببرود، كأنها تريد أن تتعرف على ملامحه بوضوح.

سألت: "هل إفلاس عائلتي له علاقةً بك؟"

أجاب بوضوح: "نعم."

سألت سارة سؤالًا ثانيًا: "والطفل هو ابنك؟"

لم ترفع عينيها عنه وتمنت لو كانت قد أساءت الفهم، لكن أحمد لم ينكر بل أجاب ببرود: "نعم."

خطت سارة خطوتين إلى الأمام وصفعته على وجهه، "أحمد، أنتَ حقير!"

أمسك الرجل بسهولة بمعصمها ومرر يده على دموع وجهها، وسأل: "هل يؤلمكِ؟"

"أيها الوغد، لماذا تفعل هذا بي؟ ماذا فعلت عائلتي لتستحق هذا؟"

كانت عيون أحمد تحت الرموش الطويلة باردة وقاسية، وصوته كان يتسم بالبرودة: "سارة، إذا كنتِ تريدين معرفة الإجابة يمكنكِ العودة وسؤال والدكِ عما فعله."

سألت باختناق: "أحمد، هل أحببتني يومًا؟"

تجمدت نظراته، وببطء قال: "لا، منذ البداية، كنتِ مجرد قطعة شطرنج في يدي."

تساقطت دموع سارة على ظهر يده، وعندما هبت الرياح الباردة، فقدت الدموع حرارتها فجأة.

سألت: "هل تكرهني، إذن؟"

أجاب ببرود: "نعم، هذا ما تدين به عائلتكِ. يا سارة، بما أنكِ ابنة رشيد، سأجعل كل يوم من حياتكِ عذابًا للتكفير عن ذنب أختي!"

"أليست أختك قد فُقدت منذ زمن؟ ما علاقتها بعائلتنا؟"

نظر إليها أحمد بازدراء، وكأنه قاضٍ ينظُر إلى مُتهم : "يا سارة، بينما كنتِ تستمتعين بكل حب العالم من حولكِ، كانت أختي تعاني من تعذيب لا إنساني. خمني ببطء، لن أخبركِ بالحقيقة. أريدكِ أن تعيشي في خوف إلى الأبد، وأن تتذوقوا الألم الذي عانته أختي!“

رفع أحمد قدمه بلا مبالاة إلى السيارة وتركها قائلًا : ”غدًا في الساعة التاسعة، سأنتظرك في مكتب السجل المدني“.

لحقت به سارة مسرعةً وظلت تصفع باب السيارة قائلةً: ” أخبرني بوضوح، ما الذي حدث مع أختك؟

غادرت السيارة بسرعة مع الضغط على دواسة الوقود بقدم واحدة، وفقدت سارة اتّزانها وسقطت بقوة على الأرض.

لأرض.
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP