زواجٌ سعيد، وانتقامُ شديد
زواجٌ سعيد، وانتقامُ شديد
Por: جين يه
الفصل 1
استيقظت ريم في منتصف الليل وهي تعاني من صداع وجفاف في فمها.

كانت قد نامت تلك الليلة وفي قلبها سعادة غامرة.

فقد نجحت أخيرًا في ابتكار عطر"الحب الأوّل"، الذي كانت تحاول تركيبه طيلة الأيام الماضية، وعقدت نيتها أنها بعد حصولهم على جائزة في مسابقة ليلة الغد، ستحدد هي ووليد موعد زفافهما.

تعرف ريم وليد منذ خمس سنوات، من أيام الجامعة تحديدًا، وقد نشأت بينهما قصة حب في السنوات الثلاثة الأخيرة.

تركت ريم كل شيء وراءها وكرّست حياتها لدراسة العطور والبحث فيها، وساعدت وليد في تنمية شركة العطور الخاصة به. وكانت ترى مستقبلهما الجميل يلوح في الأفق؛ لذلك أسرفت في الشراب قليلاً الليلة الماضية.

فركت ريم عينيها، ثم قامت لتجد بعض الماء لتشربه، لكنها سمعت أصواتًا غريبة قادمة من الغرفة المجاورة.

كانت تلك الشقة الصغيرة المستأجرة تسكنها ريم وحدها، وكان وليد يقيم في الغرفة المجاورة لها، ويزورها في شقتها أحياناً.

عندما سمعت ريم تلك الأصوات، قلقت خشية أن يكون وليد متعباً قليلاً.

لكنها عندما اقتربت قليلاً، سمعت صوت امرأة تقول: "وليد، هل تعتقد أن ريم ستسمعنا؟"

رغم أن صوت الرجل لم يكن واضحًا، إلا أن ريم كانت متأكدة تمامًا من أنه صوت وليد.

سمعت تلك الكلمات وشعرت ببرودة تتسلل إلى قلبها. لقد عانت ريم من الأرق لسنوات بسبب أبحاثها، واعتادت على استخدام الأدوية لتساعدها على النوم حتى صارت تلك الأقراص المنوّمة لا تؤثر فيها.

"عندما يفوز المنتج الجديد بالجائزة غدًا، سأصبح خبيرةً في صناعة العطور، وستكون لي مكانتي في هذا المجال. وفي ذلك الوقت، سيكون هناك الكثير من الاستثمارات بانتظارك، ولن تكون لدينا مشكلة في توظيف أي عدد من مصنّعي العطور، فما حاجتنا لريم بعد ذلك؟"

وقفت ريم عند الباب، وأمسكت المقبض بإحكام، ثم اتّضح لها أن ذلك الصوت كان صوت كارمن.

وهي صديقتها الجامعية، وكانت تربطها بخطيبها وليد علاقة غير واضحة.

لم تكن ريم غافلة عن بعض الشائعات التي تدور حولهما، لكنها اختارت بعنادٍ أن تثق بهما، إلا أن الواقع صدمها صدمةً قوية.

"سمّيت الشركة باسمك، لتعرفي كم أنا أحبك. وريم ليست سوى وسيلة سأصل بها لهدفي، ولولاك لما استطعت التلاعب بوصفتها في المسابقة الأولى."

"لا أسمح لك بذكر اسمها. قل لي، هل تحبني أنا أم هي؟"

كان صوت كارمن ناعمًا ورقيقاً، وتخلّلته في تلك اللحظة نهاية متغنّجة مُغرية مرّت على أذن ريم كصوت الصاعقة.

كانت ريم تصرّ على أسنانها وتفتح عينيها على اتساعهما، وكأنها تحاول اختراق الباب لترى بوضوح هذين الخائنين.

ثم توالت الأصوات بعد ذلك، وكانت مزعجةً لدرجة أنها كادت تتقيأ، ويداها المتشنجتان كانتا تنزفان من شدة ضغط أظافرها، لكنها ظلت تكبح رغبتها في اقتحام الغرفة عليهما.

لم تكن لتتصور أبدًا أن يكون هذا نتيجة مجهوداتها وتضحياتها اللامتناهية.

قبل ثلاث سنوات، اشتهرت ريم في مسابقة العطور على مستوى المقاطعة، وحصلت على العديد من العروض، من ضمنها عروض من شركات كبيرة مثل "العود الذهبي"، ولكنها رفضت كل ذلك من أجل دعم وليد ومساعدته على إنشاء شركته الجديدة.

وقبل عامين، عندما شاركت ريم مرة أخرى في مسابقة عطور كبيرة، واجهت مشكلة في عطرها وسخر منها الناس قائلين إنها "صانعة عطور بلا أنف". وقتها، لم تستطع فهم الخطأ الذي حدث، وكان وليد بجانبها "يدعمها بإخلاص" طوال الوقت، واقترح عليها بلطف أن تنتقل للعمل خلف الكواليس، وتترك جميع المسابقات والظهور العلنيّ لصديقتها كارمن.

ظنت ريم حينها أن وليد كان يدعمها، ليتجاوزا تلك المصاعب معًا، ولكنها اكتشفت أنها كانت مجرد قطعة شطرنج في أيديهم.

عندما أسس وليد شركته وأطلق عليها بالإنجليزية اسم"K&W"، قال لها أن هذه الأحرف مأخوذة من إسم زهرة بريّة عطريّة تنبت في أراضي أسبانيا، وقد سمّى بها شركة العطور لأجل هذا السبب، وصدّقته ريم بكل سذاجة. وفي الواقع، كانا أول حرفين من اسميهما، كارمن ووليد.

بينما كانا يستعرضان حبهما سرًا، كانت ريم تمتلئ بالحماس والعزيمة، والآن بدا لها كم كانت غبية وساذجة. تحولت نار الغضب في صدرها إلى هدوء بارد، وقضت ريم ليلتها بلا نوم، ولم تسمع صوت ذلك الخائن وتلك الحقيرة يختفى إلا عند بزوغ الفجر.

نهضت ريم على الفور وبدأت تبحث في كل مكان حتى وجدت تلك البطاقة المذهّبة.

قبل ثلاث سنوات، أعطاها السيد سعيد، الرئيس التنفيذي لشركة "العود الذهبي"، كارت عمله شخصيّ.

لم تكن متأكدة مما إذا كان رقم الهاتف المسجل على الكارت قد تغير أم لا، فأمسكت بالهاتف بإحكام، وأدخلت الرقم، وما إن نقرت على علامة الإتصال، حتى شعرت ببعض التوتر يعتريها، "مرحباً، السيد سعيد، أنا ريم."

توقفت قليلاً، وعندما انتبهت أن الخط لا يزال مفتوحاً، تابعت بسرعة، "التقينا قبل ثلاث سنوات في مسابقة العطور الإقليمية، وقد أعطيتني كارت عملك..."

"نعم تذكرتك."

جاءت تلك الكلمتين بصوت ذلك الرجل الهادئ والعميق، فأزاحت عن ريم توترها.

" كنت أود إخبارك بأن لدي صفقة قد تثير اهتمامك."

بعد لحظة صمت قصيرة، أجاب السيد سعيد بصوت عميق النبرة، "غداً في التاسعة صباحاً، تعالي إلى مكتبي لنتحدث."

وعندما شعرت بأنه على وشك إنهاء المكالمة، سارعت ريم بإيقافه، "انتظر لحظة... سيد سعيد، غداً سيكون الوقت قد تأخر. هل يمكن أن نلتقي اليوم؟ وأيضاً، هل يمكننا تغيير المكان، فالمكتب قد لا يكون مناسباً؟"

كانت متوترة للغاية وتتكلم بسرعة، وبعد أن أنهت حديثها شعرت بعرقٍ بارد يتصبب منها.

شركة "العود الذهبي" هي إحدى أكبر الشركات في صناعة مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة في الصين، حيث تسيطر على ثلثيّ الحصة السوقية، ناهيك عن نطاق أعمالها الواسع والدعم المالي الكبير الذي تتمتع به.

أمّا السيد سعيد، فبصفته الرئيس التنفيذي لشركة "العود الذهبي"، فهو شخص يعتبر بمثابة أسطورة في عالم الأعمال. وتخصيصه وقتاً للقاء ريم يُعد شرفاً كبيراً لها، وكانت جرأة كبيرة من ريم حين تفاوضت معه بشأن الوقت والمكان.

لكن، لم يكن أمامها خيار آخر.

كان حفل إطلاق المنتجات ومسابقة العطور سينعقدان الليلة، وإذا انتظرت حتى الغد، فسيكون الوقت قد فات. علاوة على ذلك، كان ذهابها إلى الشركة سيجذب الانتباه، مما قد يؤثر على خطتها.

قبضت ريم على هاتفها بإحكام، وصارت تتنفس بحذر شديد، وكلها استعداد للمجازفة.

مرت ثلاث دقائق ولم تسمع أي صوت من الجهة الأخرى، وعندما ظنت أن السيد سعيد سيرفض طلبها، سمعت صوته فجأة يقول: "موافق. بعد ثلاثين دقيقة، في مقهى الحديقة الشمالية."

"شكرًا..."

لم تكمل ريم كلمة "شكرًا" حتى سمعت السيد سعيد يردف قائلاً: "تذكري أن تحضري بطاقة الهوية وسجلّك العائليّ."

"ماذا؟"

ثم أُغلق الخط فجأة.

جلست ريم لحظة لتهدأ وتستوعب، وكانت تشك في أنها ربما قد أخطأت في سماع الكلمات، لكن الوقت لم يسمح لها بالتفكير أكثر.

قامت بسرعة بتغيير ملابسها، ورتبت هندامها ببساطة ثم غادرت.

ولحسن الحظ، كان مقهى الحديقة الشمالية قريبًا نسبيًا، فوصلت في الوقت المحدد. وعندما كانت على وشك الدخول، أوقفها شخص فجاة وقال: "أنتِ السيدة ريم؟"

ناداها الشخص باسمها مباشرة، لكنها لم تكن تعرفه، فنظرت إليه باستفهام: "؟"

قال الرجل: "سيدي طلب منك أن تأتي لمحادثته."

وأشار بيده إلى الاتجاه، فنظرت للجهة التي أشار إليها، فرأت سيارة ليموزين سوداء طويلة تقف على جانب الطريق.

ففهمت على الفور.

لم تتردد، بل مشت مباشرة نحو السيارة، ففتح لها السائق الباب من الخارج. لم تستطع رؤية ما في الداخل، لكنها لاحظت ساقين طويلتين وأحذية لامعة.

انحنت ريم قليلاً أثناء صعودها السيارة، وكان الهواء البارد داخلها قويًا، مما أصابها ببعض القشعريرة. ثم رفعت عينيها باتجاه ذلك الشخص، وقالت: "مرحبًا، سيدي، أنا..."

قاطعها صوته البارد قائلاً: "اختصري بسرعة."

لم ينطق سوى كلمتين بنبرة صوته الجافّة، مما جعل ريم تتوقف على الفور. وعندها، استطاعت أخيرًا رؤية وجهه بوضوح.
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP
capítulo anteriorcapítulo siguiente

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP