قالت ريم بشيء من المزاح: "لا داعي لذلك حقًا، اسمعيني يا يارا، لقد أرهقك العمل مؤخرًا، عليك أن ترتاحي قليلًا".فلما رأتها مصرة على رأيها، توقفت يارا عن نصحها: "حسن إذًا، أنت تعرفين أن ادي هاتفين، سأغلق هاتف العمل، وإذا طرأ شيء اتصلي على الهاتف الآخر"."نعم، استمتعي بوقتك".ولما أغلقت المكالمة، وجدت السيد سعيد يتأملها بنظره، فأطرقت ريم قليلًا وكأن شيئًا لم يحدث."ما الأمر؟"."هل دفعتها إلى الرحيل لأنك لا تريدين إقحامها في ذلك الأمر؟".ولما تطرق السيد سعيد إلى لب الموضوع مباشرة، تسمرت ريم في مكانها، ثم ضحكت قائلة: "ليس الأمر هكذا بالضبط"."يارا كانت دائمًا مساعدتي المقربة، ويمكنني القول إنها على دراية تامة بكل إنجازاتي. وقد عقد وليد عزمه هذه المرة على أن يكيل لي التهم الكاذبة والافتراءات، وإذا قرر النبش في الماضي، فإنهم بالتأكيد سيلجؤون إلى يارا للحصول على الوثائق، وإذا لم تكن يارا قد استقالت حينها، فسيتعين عليها الإفصاح عما تعرفه، شاءت ذلك أم أبت"."لذا فإن غيابها عن المشهد وقتئذ هو الخيار الأمثل".كانت ريم تواصل تناول طعامها وتباشر الحديث مع السيد سعيد في آن واحد.ثمة دائمًا س
"لقد شبعت"، خفضت ريم رأسها، وأحمر خدها قليلًا."إذاً، لنذهب الآن، دعينا نرتاح أولًا، فأنتِ بحاجة للراحة، سنناقش باقي الأمور غدًا".بدا السيد سعيد وكأنه يعلم ما يدور في ذهنها فقال: "بالنسبة لما ذكرتِهِ، سأطلب من فوزي أن يحل الأمر، لا تقلقي".بعدما قال ذلك، لم تشعر بالاطمئنان فحسب، بل كانت في قمة الراحة والسكينة.فالشعور بأن هناك من يقرأ أفكارك قبل أن تتكلم، ويقوم بتنظيم كل شيء لك بشكل مثالي، هو شعور لا يوصف ولا يضاهي جماله أي شعور آخر.بينما كانت تجلس ريم في السيارة مع السيد سعيد، سألها السيد سعيد فجأة: "هل الشقة التي تسكنين فيها الآن هي شقة مؤجرة؟""أجل"."اتركيها، وانتقلي لتعيشي معي".ثم أمسك بيدها برفق وهو يتحدث معها.تسارعت نبضات قلب ريم فجأة، فقبضت على أصابعها قليلاً، ثم خفضت رأسها وفكرت فيما يقوله في صمت.لم يكن مستعجلاً في دفعها للإجابة، بل ظل صبورًا، ممسكًا بيدها بهدوء، وينظر إلى الأمام وكأنه ينتظر ردها.في الواقع، كانت ريم على علم بأن هذا اليوم سيأتي، لكنها لم تتصور أنه سيأتي بهذه السرعة.على أي حال، لقد حصلوا على شهادة زواجهما، ويمكن القول أنهم... تشاركوا سرير واحد، وفي النهاي
"أنا أحب الهدوء، وهناك سيدة تأتي كل يومين لتنظيف المنزل" قال وهو يفك ربطة عنقه: "سأذهب للاستحمام، يمكنكِ أن تستريحي قليلًا، يوجد غرفة ملابس فارغة بالداخل، يمكنكِ وضع أغراضكِ فيها".قال كلامه هذا وكان قد دخل إلى غرفته بالفعلاستمعت ريم إلى صوت تدفق الماء القادم من الغرفة الداخلية، وشعرت ببصيص من الارتياح.فبعدما وجدت نفسها في هذا المكان الغريب، كانت في أمس الحاجة إلى بعض الوقت للتأقلم.كانت الفيلا فسيحة، تتكون من ثلاثة طوابق تقريبًا، وكان الطابق العلوي عبارة عن علية منخفضة الارتفاع، بينما تمتد المساحة الرئيسة للفيلا على كونها فسيحة متسعة.غلبت الألوان الباردة والخطوط البسيطة الأنيقة على ديكورات المكان وكأنها تعكس شخصية مالكه: باردة حازمة دؤوبة.دخلت ريم إلى الغرفة حاملة حقيبتها، وشعرت بدهشة بسبب حجم غرفة الملابس وما بها من تجهيزات.تبدو الغرفة وكأنها غرفة عادية لا شيء مميز فيها، ففي داخلها، بجانب خزانتي ملابس تحتويان على ملابس رجالية مرتبة، لا يوجد شيء آخر سوى مساحة فارغة لا شيء فيها.لم يكن لديها سوى بضع قطع من الملابس، علقتها واحدة تلو الأخرى، ثم أخرجت كيسًا صغيرًا به جميع وثائقها الم
اغرتها بشرته السمراء وعضلاته الممشوقة حتى كادت تمد يدها لتلمسهم.ابتلعت ريقها بصوت مسموع."ريم، ريم؟".لم تُجب فظن وليد أنها اغلقت الخط، فناداها عدة مرات.في هذه اللحظة، فتحت ريم عينيها على آخرهما، وهي ترى السيد سعيد ينحني بجسده الطويل نحوها، ووجهه الوسيم يقترب من وجهها أكثر فأكثر.حبست أنفاسها، ثم ..........عندما كادت شفتيه تلامسان شفتيها، مال بوجهه فجأة قليلاً، وقبَّلها بلطف بالقرب من أذنها، ثم اعتدل ودخل مباشرة إلى غرفة الملابس."بوووم! طاااخ!"انزلق الهاتف من يدها وتدحرج على السجادة مرتين.لولا هذه السجادة، لتحطم الهاتف تمامًا.حينها انزعج وليد، الذي كان ينتظر ردها من الجهة الأخرى من الهاتف، بسبب الصوت العالي الذي صدر إثر سقوط الهاتف، فسرعان ما أبعد الهاتف عن أذنه.وبعد أن تدارك الأمر، بدأ يصرخ: "ريم! ماذا تفعلين بالضبط؟ هل سمعتي ما قلته؟"انحنت ريم لالتقاط الهاتف، وعندما سمعت صراخ السيد وليد، مسحت الهاتف بهدوء، وتأكدت من عدم تعرضه لأي ضرر ثم قالت: "سيد وليد، إن كان هناك أمر طارئ، أخبرني به مباشرة"."أنتِ......."كبح وليد غضبه، وأخبر نفسه أنه يجب أن يتحمل مزاجها المتقلب هذا حتى تن
كان السيد سعيد معروف بقسوته، ومعاملته الجافة القاسية وأسلوبه الحاد، لم يتوقع أحد أبدًا أن يكون بهذه الرقة والاهتمام.وبالفعل، كانت درجة حرارة الماء مثالية، فاستمتعت ريم بحمام دافئ ومريح، ثم ارتدت ملابس نظيفة واستخدمت مستلزماتها الشخصية المريحة، مما خفف بشكل كبير من آلام الدورة الشهرية وجعلها تشعر بارتياح كبير.كان السيد سعيد محقًا، فعلاً لا حاجة للاستعجال، يجب عليها أن تأخذ قسطًا من الراحة.غفَت قليلاً بينما كان السيد سعيد يحتضنها، مما منحها شعورًا عميقًا بالأمان، استرخيا معًا، دون أن يفعلوا شيئًا سوى النوم، ولكن ريم شعرت حينها بسكينة وسعادة فريدة لم تعهدها من قبل.نامت ربما ساعة أو أكثر، وعندما استيقظت، وجدت أن هاتفها كان على وشك الانفجار من كثرة المكالمات.كان وليد كان مستعجلاً للغاية، وكلما استعجل، كلما زادت ريم في التراخي والتأجيل.وقفت بهدوء، وارتدت فستانًا أبيض بسيطًا، دون أي زينة أو تصميمات خاصة، كان تصميمه بسيطًا جدًا، لكنه كان يتناسب تمامًا مع قوامها، وعندما ارتدته، ظهرت بمظهر أنيق وجميل.وقبل أن تذهب، وقف السيد سعيد ولف يديه حول خصرها وقبَّل رقبتها، قائلاً: "لو كان الأمر بيدي
مشت ريم مباشرة وجلست في مقعدها بكل أناقة.حينها وصلت كارمن، فلمحت وليد ورأته وهو يشير إليها بإشارة "تمام"، عندها شعرت ببعض الراحة.بدأ المؤتمر الصحفي بسرعة، وشرع وليد مباشرة في التحدث عن الموضوع الأساسي الذي يريد طرحه."بالنسبة للحدث الذي وقع في مسابقة العطور الجديدة في مدينتنا مساء الأمس، أظن أن الجميع قد اطلع عليه، هناك بعض سوء الفهم الذي أحاط به، وها نحن اليوم نجتمع في هذا المؤتمر الصحفي لنوضح من خلالكم، أيها الإعلاميون الأعزاء، للزملاء المهتمين بهذه القضية ولكل من يتابعها، حقيقة الأمر وتفاصيله"."لقد لاقى المنتج المشارك في مسابقة العطور ليلة أمس بعنوان 'الحب الأول' إشادة كبيرة، لكن طرأت بعض المشكلات، مثل تداخل أعمال شركتين من ضمن الشركات وتبادل الاتهامات بسرقة الأفكار، لكن نعلمكم أن الأشخاص المعنيون بالأمر موجودون هنا اليوم، لذا سأترك لهما المجال لشرح التفاصيل بأنفسهما".قال ذلك، ثم قام بتمرير الميكروفون إلى كارمن.كانت كارمن ترتدي فستانًا أسودًا بكتفٍ واحدٍ، مما أضفى عليها مظهرًا قويًا ومهيبًا، وما يلفت النظر هو التباين الكبير بينها وبين ريم الجالسة بجانبها، حيث كانت ريم ترتدي فست
استيقظت ريم في منتصف الليل وهي تعاني من صداع وجفاف في فمها.كانت قد نامت تلك الليلة وفي قلبها سعادة غامرة.فقد نجحت أخيرًا في ابتكار عطر"الحب الأوّل"، الذي كانت تحاول تركيبه طيلة الأيام الماضية، وعقدت نيتها أنها بعد حصولهم على جائزة في مسابقة ليلة الغد، ستحدد هي ووليد موعد زفافهما. تعرف ريم وليد منذ خمس سنوات، من أيام الجامعة تحديدًا، وقد نشأت بينهما قصة حب في السنوات الثلاثة الأخيرة.تركت ريم كل شيء وراءها وكرّست حياتها لدراسة العطور والبحث فيها، وساعدت وليد في تنمية شركة العطور الخاصة به. وكانت ترى مستقبلهما الجميل يلوح في الأفق؛ لذلك أسرفت في الشراب قليلاً الليلة الماضية. فركت ريم عينيها، ثم قامت لتجد بعض الماء لتشربه، لكنها سمعت أصواتًا غريبة قادمة من الغرفة المجاورة. كانت تلك الشقة الصغيرة المستأجرة تسكنها ريم وحدها، وكان وليد يقيم في الغرفة المجاورة لها، ويزورها في شقتها أحياناً. عندما سمعت ريم تلك الأصوات، قلقت خشية أن يكون وليد متعباً قليلاً. لكنها عندما اقتربت قليلاً، سمعت صوت امرأة تقول: "وليد، هل تعتقد أن ريم ستسمعنا؟"رغم أن صوت الرجل لم يكن واضحًا، إلا أن ريم كانت مت
كان التعامل مع شخص كهذا يتطلب أقصى درجات التركيز والانتباه.دخلت ريم في الموضوع مباشرة وقالت: "أعلم أن شركتكم ستشارك الليلة في مسابقة عطور هذا الموسم، لدي عطر جديد ابتكرته مؤخرًا، وأتمنى أن أتمكن من إضافته إلى منتوجات شركة العود الذهبي."رد السيد سعيد بسرعة قائلاً: "شركة العود الذهبيّ قد اختارت الأعمال المشاركة بالفعل."كانت ريم على علم جيد بهذا الأمر، فقالت: "لكن يمكن أن تكون هناك أكثر من مشاركة واحدة. أنا فقط أرغب في إضافة عطر جديد، وليس استبدال الموجود..."قاطعها السيد سعيد بسؤال مباشر: "لماذا يجب عليّ الوثوق بك؟"فتحت ريم حقيبتها الصغيرة بسرعة وأخرجت منها مجموعة من المستندات، قائلة: "هذه هي البيانات والصيغ التي قمت بتطويرها لتركيب عطرالحب الأول، وهذا دليل على صدقي وإخلاصي. أما بالنسبة للجودة..."وتابعت بثقة: "قبل ثلاث سنوات، وجهت لي دعوة خاصة، وأعتقد أن ذلك كان اعترافًا من جنابك بقدراتي. في الواقع، لقد أحضرت معي اليوم عيّنة أيضاً." رد السيد سعيد باهتمام: "عينة؟"بعد حديث ريم عن العطر، تغيرت ملامح وجهه أخيرًا، ورفع حاجبيه قليلًا كما لو أنه بدأ يهتم.أومأت ريم برأسها، ثم مدت يدها نح