الفصل 4
دخلوا إلى بهو الفندق، وكانت الطاولات مرتبة بعناية، مليئة بأفخر أنواع المشروبات والأطعمة.

كان الحاضرون يرتدون ملابس فاخرة ومجوهرات أنيقة، يحملون كؤوسهم ويتبادلون الحديث والضحك.

تقدمت منيرة مع كريم نحو الطاولة الموجودة في منتصف القاعة، وابتسمت لرجل مسن قائلة" :جدي!"

كان هذا الرجل هو رئيس عائلة عبد الرحمن الحالي، جابر عبد الرحمن.

ضيّق جابر عينيه قليلاً وقال " :يا منيرة، لماذا تأخرتِ إلى هذا الحد؟ لقد جعلتني قلقاً جداً، تعالي، اجلسي بسرعة."

ثم التفت ورأى كريم بجانب منيرة وسأل مستفسراً " : ومن هذا؟"

أجابت منيرة بخجل قليل" :إنه زوجي، كريم."

"حقًا؟"

تفحص جابر كريم من رأسه إلى قدميه وقال" :سمعت أنك كنت تخدم في الجيش، لم أتوقع أن تعود اليوم، تعال، اجلس."

"شكراً يا جدي."

بمجرد أن جلس كريم، سأله يوسف عبد الرحمن بنبرة ساخرة" :أخي، كنت تخدم في الجيش لمدة خمس سنوات، هل حققت شيئاً جيداً؟"

"شيءٌ بسيط."

"حقاً؟ هل استقبلتك سيارة خاصة عند عودتك؟"

"لا أحب تلك الأمور الرسمية، لذا تجنبتها."

ضحك يوسف قائلاً" :أمور رسمية؟ ههه، هل يمكنك أن تتوقف عن التظاهر؟ ربما لم تكن لديك الكفاءة وتم تسريحك، أليس كذلك؟"

نظر الأقارب إلى كريم بنظرات مليئة بالسخرية والاستهزاء.

لكن كريم لم يقل شيئاً.

ظن يوسف أن كريم شعر بالإحراج لأن كلامه كان صحيحاً، فتابع بنفس النبرة الساخرة " :لكن لا بأس، لازال لديكم شركة تقنيات الحلم، حتى لو لم تحقق شيئاً، فلن تموت من الجوع عند عودتك."

عند ذكر هذه الشركة، تغير تعبير وجه كريم قليلاً.

كانت منيرة أكثر غضباً.

كان موضوع شركة تقنيات الحلم مشهوراً في المدينة، وكان يوسف يعلم جيداً أن حسن انتحر بالقفز من المبنى، وكان يتعمد إحراج كريم أمام الجميع.

قال آخرون بابتسامة زائفة" :يوسف، ماذا تقول؟ شركة تقنيات الحلم أصبحت ملك نادر الحارثي، ما علاقتها بعائلة كريم الآن؟"

"آه، نعم، صحيح." قال يوسف بابتسامة خبيثة وهو ينظر إلى كريم" :عذرًا، ذاكرتي سيئة، نسيت."

ثم قال بتهكم" :لكن لا تقلق، حتى لو كنت بلا عمل والشركة اختفت، لن تموت من الجوع. بصفتي أخوك، سأعتني بك. يبدو أنك قوي البنية، ربما يمكنني أن أوظفك حارسًا أو بوابًا في شركتي، سأعطيك راتباً شهرياً قدره ألف ونصف دولار، ما رأيك؟"

"كفى!"

صاح جابر عبد الرحمن بنبرة صارمة ليجعل يوسف يصمت.

"نحن جميعاً عائلة واحدة، فانتبهوا لحديثكم في المستقبل."

ثم نظر إلى كريم وقال" :كريم، وضعك ليس جيداً الآن، أتمنى أن تبذل المزيد من الجهد لتتقدم. وإلا، فلا أعتقد أن لديك سبباً للحضور إلى الوليمة العائلية في المستقبل."

ضحك يوسف وآخرون بسرور لرؤية كريم في هذا الوضع المحرج.

كانت منيرة شاحبة الوجه، لم تشعر في حياتها كلها بمثل هذا الخزي.

أما كريم، فقد عاد إلى هدوئه، ولم يظهر على وجهه أي علامة للغضب أو الحزن، كأن كل ما يُقال لا يخصه.

رأى جابر تعبيره، فغضب وضرب الطاولة بيده قائلاً" :لا أمل فيك!"

في تلك اللحظة، سُمعت أصوات أبواق سيارات قادمة من خارج الفندق.

وصلت أكثر من عشر سيارات بيضاء من نوع بي إم دبليو إلى بوابة الفندق، وعلى رأسها سيارة بينتلي فضية سوداء، تبرز مكانة أصحابها العالية.

"الأخت الكبرى وزوجها قد وصلا!" قال يوسف بفرح، ولم ينسَ أن يوجه لكريم إهانة أخرى" :زوج الأخت الكبرى أيضًا كان يخدم في الجيش، انظر إلى هذا الاستقبال وهذا الاهتمام. نفس الخلفية، لكن الفرق كبير! تقول إنك لا تحب الأمور الرسمية؟ هل سيهتم بك أحد؟ ناهيك عن استقبال كبير مثل هذا!"

"كفى كلاماً، تعال معي لنستقبل أختك الكبرى وزوجها."

نهض جابر من مكانه وسار نحو الباب، وتبعه الآخرون، مما يظهر الاحترام الكبير للشخص القادم.

عند البوابة، توقف جابر.

فتحت سيارة البينتلي بابها، ونزلت ليلى عبد الرحمن وهي تمسك بذراع زوجها حسن بن خالد.

"أبي، لماذا أتيت بنفسك لاستقبالنا؟ هذا كثير عليّ." قال حسن بصوت خشن.

"أنت نائب القائد في المنطقة العسكرية، وأنا مجرد مواطن عادي، فمن الطبيعي أن أستقبلك بنفسي."

"لا تقل ذلك، يا أبي، لنذهب إلى الداخل بسرعة، لا أريدك أن تصاب بالبرد."

"هيا، لندخل."

أحاط الجميع بحسن من كل الجوانب، يقودونه إلى الداخل كما لو كان ملكاً.

"تعال، اجلس هنا بجانبي، أنت وليلى." قال جابر وهو في غاية السعادة، مُظهرًا ابتسامة على وجهه كانت تختلف تمامًا عن طريقته في معاملة كريم.

كانت الطاولة تحتوي على عشرة مقاعد، وبما أنهم لم يتوقعوا قدوم كريم، كان هناك مقعد واحد ناقص.

"أوه، هناك مقعد مفقود." قال يوسف.

نظر جابر نظرة عابرة وقال ببرود" :كريم، ابق واقفاً، وسنطلب من الخادم أن يجلب لك كرسيًا لاحقًا."

كانت نبرته عادية، وكأنه لا يعتبر كريم ذا أهمية.

كانت منيرة غاضبة جداً، وأحكمت قبضتها، لكنها لم تستطع فعل شيء.

ابتسم كريم بمرارة ووقف بجانب الطاولة.

كان جابر يتحدث ويضحك مع حسن، يسأله عن آخر التطورات، بينما لم يُظهر أي اهتمام بكريم.

كان الفرق واضحًا.

بعد قليل، أشارت ليلى إلى كريم وقالت" :أختي، هل هذا هو زوجك الذي كان في الخدمة العسكرية؟"

"نعم."

"لم أره من قبل، لماذا لا تقدمونه لي؟"

ضحك يوسف وقال" :ما الفائدة من تقديمه؟ عائلته انهارت، فشل في الخدمة العسكرية، ولا يملك وظيفة، ويعتمد على عائلتنا لتعيشه. مثل هذا الشخص لا يستحق أن يُقدّم لك، سيُزعجك فقط."

"حقًا؟ لهذه الدرجة؟"

كانت ليلى سعيدة في قلبها، فقد كانت دائماً أقل من منيرة في كل شيء؛ من التحصيل الدراسي إلى الجمال والجسم، لكنها الآن وجدت فرصة لتنتقم.

تمسكت بذراع زوجها حسن بن خالد بدلال قائلة" :عزيزي، أليس صحيحًا أنك كنت في الجيش أيضاً؟ بما أننا كنا في نفس المجال، لماذا لا تجد له عملاً؟"

تجهم حسن وقال" :هل تمزحين؟ هل تعتقدين أن أي شخص يمكنه دخول المنطقة العسكرية؟ في منطقتنا، لا يمكنك الدخول إذا لم تكن لديك رتبة معينة."

التفت إلى كريم وسأله" :ما هي رتبتك الآن؟"

أجاب كريم بنبرة هادئة" :مُحارب أعظم".
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP