الفصل 3
ابتسم يوسف الضاهر بخفة، فقد كان يعرف ما يريد كريم فعله.

"بالمناسبة، سيدي، لقد تلقيت للتو إخطاراً من الإدارة العليا."

"يقولون إن المناطق الثلاث، السوخانا، قلب الشام، ووادي البحر، سيتم دمجها، وتسمى منطقة جنوب النهر، وسيتم تعيينك كالمسؤول العام لها."

"سيدي، هذه فرصة ذهبية!"

نظر كريم من النافذة وقال: "الآن، لا أهتم بهذه الأمور، لنذهب."

"إلى أين؟"

فكر كريم للحظة وقال: "بما أنني عدت، فلنذهب إلى المنزل."

بعد نصف ساعة، توقفت السيارة ببطء.

طلب كريم من يوسف أن يغادر أولاً، ثم دخل إلى مجمع نُزل النعيم، متجهاً نحو فيلّا قديمة نوعاً ما.

دق على الباب بضعة مرات.

"من هناك؟"

كانت التي فتحت الباب امرأة في منتصف العمر، كانت حماته ألا وهي صفية. عندما رأت كريم، توقفت لبضع ثوان ثم قالت بسعادة: "كريم، متى عدت؟"

"عُدت منذ فترة قصيرة."

"هيّا تعال، اجلس بالداخل."

بعد وفاة شقيقه، أصبحت عائلة حماته هم أقارب كريم الوحيدين في العالم.

أدخلت صفية كريم إلى المنزل، وأجلسته، وسكبت له كوباً من الماء، وهي تشعر بسعادة غامرة.

في هذه اللحظة، خرج حماه، عبد الرحمن بن خالد، من الغرفة الداخلية وقال: "من هنا؟"

"إنه كريم، كريم عاد."

"من؟"

نظر عبد الرحمن إلى كريم بعدم ارتياح، وزفر بغضب، وجلس إلى جانب الطاولة.

"يا كريم، كيف تجرؤ على العودة إلى هنا؟"

كانت جملة واحدة كافية لتجعل الجو في الغرفة متوتراً ومحرجاً.

"يا عبد الرحمن، قد كريم عاد للتو، لماذا تتحدث معه هكذا؟"

"ابتعدي، هذا ليس من شأنكِ، اذهبي واطلبي من منيرة عبد الرحمن أن تنزل."

"حسنًا."

نظر عبد الرحمن إلى كريم مباشرة وقال: "سمعت بما حدث لأخيك، الآن لم يعد لشركة تقنيات الحلم أي علاقة بعائلتكم، أليس كذلك؟"

"نعم."

"لقد كنت تخدم في الجيش لخمس سنوات، هل حصلت على أي رتبة؟"

هز كريم كتفيه وقال: "لا يمكنني القول إنني حصلت على رتبة كبيرة."

"إذاً، لم تحقق شيئاً، وهذا ليس غريباً. بذكائك ومهاراتك، لو كنت قد نجحت، لكان ذلك غريباً."

"إذاً، ما خطتك الآن؟ ماذا تنوي أن تفعل لكسب عيشك؟"

هز كريم رأسه وقال: "ليس لدى خطط حتى الآن."

ضحك عبد الرحمن وقال بسخرية: "الشركة انتهت، ولم تحقق شيئاً في الجيش، والآن لا تفكر حتى في البحث عن وظيفة.يا أنت، ما الفرق بينك وبين الفاشل؟"

في هذه اللحظة، سُمعت أصوات الكعب العالي قادمة من الطابق العلوي.

نزلت امرأة من السلم.

كانت ترتدي قميصًا بسيطًا ملتصقًا بجسمها، مما يظهر قوامها المثالي، وكانت ترتدي سروال قصير جينز قصير، تُظهر ساقيها الطويلتين والبيضاء.

وجهها بيضاوي، وأنفها مرتفع، وشعرها الأسود الطويل يتساقط كالشلال على كتفيها.

جمال يفوق الوصف، يذهل كل من يراه.

"أبي، أمي، هل طلبتم مني أن أنزل؟"

"نعم، تعالي اجلسي، كريم عاد."

توقفت منيرة عبد الرحمن للحظة، ونظرت إلى الرجل الذي تعرفه ولا تعرفه في الوقت نفسه، وكانت مشاعرها مختلطة.

رغم أنهما متزوجان، إلا أن كريم ذهب إلى الخدمة العسكرية بعد أقل من شهر من زواجهما، وغاب لخمس سنوات، تاركاً منيرة لتعيش كالأرملة.

والآن، عاد كريم، لكنها لا تعرف كيف تواجهه.

قال عبد الرحمن: "كريم، كما ترى، ابنتي جميلة جداً ولديها قوام مثالي، أفضل من أي عارضة أزياء على التلفاز. كل يوم يأتي رجال يطلبون يدها، لكنها كانت مضطرة للبقاء كالأرملة بسببك!"

"أبي، لماذا تتحدث هكذا؟"

استمر عبد الرحمن قائلاً: "أنا ووالدك كنا أصدقاءًا منذ الطفولة، أصدقاء قدامى. لقد أسس شركة تقنيات الحلم بنفسه، وجعلها ناجحة، وكانت عائلتنا أيضًا في صعود. لذلك، فكرت في الزواج من عائلتك."

"لكن الآن، والدك مفقود، وشقيقك انتحر، وشركة تقنيات الحلم صارت في أيدي الآخرين. وأنت، بعد خمس سنوات من الخدمة العسكرية، لم تحقق شيئًا. لا مال ولا سلطة. أخبرني، هل تستحق أن تكون زوج ابنتي؟"

ساد الصمت القاتل في الغرفة.

كل نفس كان ثقيلاً، ولم يكن أحد يستطيع النطق بكلمة.

بعد لحظات، قال عبد الرحمن: "لا تقولوا إنني واقعي جداً، فإن الحياة قاسية لهذه الدرجة. كنت أنوي أن أجعل منيرة تطلقك فور عودتك، ولكن من أجل الصداقة القديمة بيني وبين والدك، قررت أن أعطيك فرصة."

"ستة أشهر، أعطيك ستة أشهر."

"إذا تمكنت في هذه الفترة من تحقيق شيءٍ ما، لا أطلب أن تكون غنياً أو مشهوراً، فقط احصل على منصب صغير، سأدعك تبقى زوج ابنتي."

"وإلا، فاستعد للرحيل."

"أنا لا أتحدث بلا فعل."

كان وجه منيرة وصفية مملوءاً بالحزن، فهما لم تكن لديهما نفس مستوى الكراهية تجاه كريم. بالكاد عاد، وها هو يتعرض للكلمات الجارحة، وكان الوضع محرجاً للغاية.

وقف عبد الرحمن وقال: "تلقينا للتو إشعاراً، يجب أن أعود إلى القسم لعقد اجتماع، سأذهب الآن."

سألت صفية: "ولكن ماذا عن الوليمة العائلية التي ستبدأ بعد قليل، ألن تذهب؟"

هز عبد الرحمن رأسه وقال: "لن أذهب، لقد تلقينا للتو أخباراً بأن المناطق الثلاث، السوخانا، قلب الشام، ووادي البحر ستُدمج، وسيأتي مسؤول جديد. عليّ أن أعود إلى المدينة فوراً لحضور اجتماع يناقش كيفية استقبال المسؤول الجديد. هذا الأمر لا يحتمل أي خطأ، لأنه يتعلق بمستقبل عائلتنا، وبمستقبلي في المدينة."

"بالتأكيد، جميع الأقسام الأخرى يراقبون هذا الحدث، ولا أستطيع السماح لأحد بأن يسبقني."

"اخبري الوالد بأنني لن أتمكن من الحضور، وبالمناسبة يا كريم، بما أنك عدت، اذهب مع منيرة إلى الوليمة العائلية، فقد تتعلم شيئًا."

ثم ارتدى عبد الرحمن معطفه وغادر المنزل مسرعاً، ليحضر الاجتماع لمناقشة كيفية استقبال المسؤول الجديد.

في المنزل، حاولت صفية أن تهدئ كريم قائلةً : "يا كريم، لا تحزن، إذا عملت بجد، فلن يقول عبد الرحمن أي شيء."

"فهمت يا أمي."

ثم ركب كريم سيارة منيرة، وانطلقا نحو فندق الينابيع النقية.

كان اليوم يوم الوليمة السنوية لعائلة منيرة، وكان جميع أفراد العائلة البارزين سيحضرون.

على طول الطريق، كان كريم ينظر من النافذة، دون أن يتفوه بكلمة.

رغم أنهما زوجان، إلا أنهما لم يكونا قريبين من بعضهما البعض على الإطلاق.

ظنت منيرة أن كريم ما زال غاضباً، فقالت بهدوء: "ليس عليك أن تكون حزينًا للغاية، فوالدي يتصرف بطريقته المعتادة. في الواقع، هو على حق، إذا استمررت في العيش بهذه الطريقة، فهل تعتقد أن ذلك سيكون مناسبًا؟"

"عمرك ليس صغيراً بعد الآن، ولم تحقق شيئًا بعد، لا يمكنك أن تعتمد على عائلتنا لتعتني بك مدى الحياة، أليس كذلك؟ هل ما زلت تُعتبر رجلاً؟"

بقي كريم غير مبالٍ، ولم يظهر على وجهه أي تعبير.

تنهدت منيرة بغضب وقالت: "لا أمل فيك."

عندما اقتربا من فندق الينابيع النقية، ذكرت منيرة: "عندما ندخل، قلل من الكلام. وإذا قال أحدهم شيئاً مزعجاً لك، فقط ابتسم وتجاوزه، هل تفهم؟"
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP