محارب أعظم
محارب أعظم
Por: محمد د. عبدالله
الفصل 1
في أوائل شهر سبتمبر، كانت الرياح الباردة تعصف في أجواء الخريف.

تساقطت أوراق الأشجار الذابلة على كتفَي رجل عريض المنكبين.

وقف كريم الجاسم تحت شجرة قديمة، ينظر إلى البناية الشاهقة لشركة "تقنيات الحلم".

"أخي، لقد تآمروا جميعًا للإيقاع بي، ولم يعد بوسعي العيش."

قبل شهرين…

انقطعت سلسلة التمويل لشركة "تقنيات الحلم"، ووقع رئيس مجلس الإدارة، حسن الجاسم، تحت وطأة ديون تبلغ سبعة عشر مليون دولار .فتم رهن الشركة لمؤسسة "النجمة المضيئة" التابعة لرجل الأعمال نادر الحارثي.

"أخي، سامحني، سأموت قبلك."

في منتصف الليل، قفز حسن من سطح البناية، وفارق الحياة على الفور.

رحل أحد ألمع العقول في عالم الأعمال هكذا، تاركاً خلفه لغزًا كبيراً.

كان الجميع يدرك أن الأمر ليس كما يبدو، فالسوق مثل ساحة المعركة، وكان حسن مجرد ضحية بائسة.

في وسط الرياح الباردة،

تنفس كريم بعمق، ورفع رأسه ناظرًا إلى النجوم المتلألئة في السماء.

"حسن، سامحني، لقد عُدت متأخرًا."

"اطمئن، كل من خانك سيدفع الثمن."

على مدار خمس سنوات، كان كريم يخدم في منطقة مضطربة، متقلداً السلاح منذ البداية، مكافحًا في كل معركة، ومحققًا الانتصارات، حتى ترقى ليصبح قائدًا مرموقًا، واكتسب لقب "المحارب الأعظم" المحترم.

واليوم، ها هو يعود.

في ظلمة الليل، خرجت من الظل شخصية شاحبة، وأعطت كريم دفترًا أزرقًا صغيرًا.

كان ذلك الرجل يوسف الضاهر، الأخ المخلص الذي قاتل جنبًا إلى جنب مع كريم في ساحات المعارك.

"سيدي، مجرد حشرات، لا داعي لأن تتدخل بنفسك."

"إذا أصدرت أمرك، أعدك بأنه خلال ثلاثة أيام، ستختفي مؤسسة "النجمة المضيئة" ونادر الحارثي من الوجود."

هز كريم رأسه بلطف.

"بعض الأمور يجب أن أُنهيها بنفسي."

"تحت أمرك، سيدي."

أومأ يوسف برأسه قليلاً، ثم اختفى كنسمة ريح، دون أن يترك أي أثر.

تقدم كريم بخطوات ثابتة نحو مبنى شركة "تقنيات الحلم".

عندما كان على وشك الدخول، خرج رجل مسن هزيل، يحمل حقيبة، ويتكئ على ظهره المنحني، واصطدم بكريم.

"آسف…" رفع الرجل رأسه ليعتذر، ولكن عندما رأى وجه كريم الصلب، دمعت عيناه فجأة. "سيدي الكبير، عدت؟"

"نعم، يا عم طلال، لقد عدت."

طلال كان موظفاً قديماً في شركة "تقنيات الحلم"، وشاهد إخوة الجاسم يكبرون منذ صغرهم. بالنسبة لكريم، لم يكن طلال مجرد موظف في الشركة، بل كان كجد حنون.

نظر طلال إلى كريم، ثم التفت بنظره إلى المبنى، وقد ظهرت عليه علامات الخيبة.

"لقد، عدت متأخرًا."

في هذه اللحظة، تقدم شاب بشعر أحمر وسيجارة في فمه.

"أيُها الرجل العجوز، ماذا تنتظر هنا؟"

"ألم تسمع بأنك طُردت؟ اخرج من هنا بسرعة، وإلا سألكُمك!"

أومأ طلال برأسه بسرعة، "نعم، نعم، سأغادر الآن."

ولكن من شدة الخوف والعجلة، اهتزت يده وسقطت الحقيبة من يده، وتدحرجت محتوياتها في كل مكان.

"أيها العجوز، هل تجرؤ على تلويث مكاني؟"

اندفع الشاب الأحمر الشعر بسرعة نحو طلال وركله على بطنه.

سمع صوت اصطدام عنيف.

لكن طلال بقي واقفاً على قدميه، بينما كان الشاب الأحمر ممدداً على بعد خمسة أمتار خلف الباب.

ظهر كريم واقفاً شامخاً أمام طلال.

"أنت… أتجرؤ على ضربي؟"

"هل تعرف من أنا؟"

نظر كريم إليه ببرود، وداس بقدمه على وجه الشاب الأحمر.

"من أنت؟"

ارتبك طلال واندفع ليسحب كريم بعيدًا وهو يقول بخوف، "سيدي الكبير، لا تتصرف بتهور. هذا هو ابن شقيق رئيس مجلس الإدارة، نادر الحارثي، واسمه عادل الحارثي. لا نستطيع أن نتحمل العواقب، لنذهب بسرعة."

"نذهب؟"

وقف عادل على قدميه ونفض ثيابه، ثم أشار بإصبعه، فاندفع سبعة أو ثمانية من حُراس الأمن ليحيطوا بهما.

"هل تظنون أن بإمكانكم الهروب؟"

بدأت يدا طلال ترتجف من الخوف، وقال بسرعة: "عذرًا يا سيد عادل، السيد الكبير عاد للتو ولا يعرف مقامك، أعتذر لك بالنيابة عنه."

"تعتذر؟" تقدم عادل بخطوات نحو طلال وصفعه برفق على وجهه. "لو كان الاعتذار ينفع، فلماذا نحتاج لقانون؟"

"اقتلوا هذا الرجل الصغير، وأيضاً هذا العجوز، لا تتركوا أي أثر."

"ابدؤوا!"

تقدم حُراس الأمن وهم يحملون الهراوات الكهربائية.

بكى طلال بشدة، "سيدي الكبير، لقد ورطتنا، ماذا سنفعل الآن؟"

هز كريم رأسه بخفة، وتقدم خطوة إلى الأمام ليحمي طلال خلفه.

بالنسبة للمحارب الأعظم، لم يكن بضعة حراس يثيرون قلقه.

وفجأة، توقفت سيارة بي إم دبليو فضية اللون أمام مبنى الشركة.

فتح الباب وخرج رجل يرتدي بدلة أنيقة من السيارة.

كان ذلك الرجل نادر الحارثي، رئيس مجلس إدارة "تقنيات الحلم".

"ماذا يحدث هنا؟"

عندما رأى الحراس نادر، وقفوا في حالة استعداد.

اقترب عادل وقال: "يا عمي، هناك من يُثير المتاعب، كنا على وشك أن نُلقنهم درساً."

"أوه؟ من يجرؤ على ذلك؟"

تقدم نادر ونظر إلى الموقف، وابتسم.

"أوه، أليس هذا كريم الجاسم؟"

"سمعت أنك غادرت منذ خمس سنوات للقتال، ولم يكن هناك أي أخبار عنك. كيف عُدت فجأةً؟"

ثم نظر إلى عادل وقال: "هذا هو شقيق رئيس مجلس الإدارة السابق."

ضحك عادل بصوت منخفض، الرئيس السابق، أليس هو حسن الجاسم؟ ذلك الذي تحمل ديونًا ضخمة وأُجبر على الانتحار؟

إذا كان الأخ تافهًا، فماذا يمكن أن يكون الأخ الآخر؟

ابتسم نادر وقال بابتسامة خبيثة: "كلنا أهل هنا، مجرد سوء فهم، هيا، دعونا ندخل ونشرب قليلاً."

وجر كريم نحو البهو.

ابتسم عادل ببرودة وتبعه من خلفه.

كان طلال ينظر بقلق إلى ظهر كريم وهو يدخل، غير قادر على فعل شيء. كان يعرف جيدًا أن نادر، هذا الثعلب المبتسم، لا يدعو كريم للدخول للخير.

"سيدي الكبير، اُحرص ألا يحدث لك مكروه، أرجوك."

داخل الشركة، تبع كريم نادر إلى البهو.

كان اليوم حفل الشركة السنوي، واحتشد الجميع بملابس أنيقة، تبدو عليهم سمات الأثرياء.

لم يمضِ شهر على رحيل حسن، ولكن الجميع نسيه بسرعة، ويعيشون الآن بسعادة.

أخذ نادر كريم إلى المسرح، وصفق بيديه ليجذب انتباه الجميع.

ثم قال وهو يبتسم: "زملائي الأعزاء، أرجو أن تمنحوني دقيقة من وقتكم لأقدم لكم شخصًا هاماً."

"هذا هو الأخ الأكبر لحسن الجاسم، الذي وُصف بالجبن وقُتل بسبب انتحاره الجبان."

نظر الجميع إلى كريم بنظرات مليئة بالسخرية.

كان عادل يضحك بسخرية لا تُوصف، وكان أول من بدأ بالتصفيق تشجيعاً.
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP
capítulo anteriorcapítulo siguiente

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP