الفصل2
غادر مُراد بعد أن انتهى من زيارة ضريح السيد عامر، وعند بوابة الضريح، لاحظ فتاة جميلة ساحرة، ترتدي زيًّا رسميًا، فشعر مُراد بالفضول في الحال، مُتسائلًا لما قد تقف فتاة عند بوابة المقابر في منتصف الليل بثيابٍ زاهيةٍ ومكياجٍ بارزٍ، حتى لم يستطع غص بصره عنها.

بدا على تلك الفتاة الجميلة الاستياء، وتمتمت بكلمات بدت مثل (يا لك من فقرٍ بائس!) أو ما شابه.

في الماضي، لم يكن مُراد ليبالي بمثل هذه الكلمات، فلم تكن تؤذيه أو تنقص منه شيئًا، ولكن اليوم بعد أن اكتشف حمل زوجته من عشيق آخر وتم طرده من المنزل، كان يشعر بالغضب الشديد، ويريد التنفيس عن غضبه، فاندفع نحو الفتاة وقال لها بدون تفكير:

"يا أنتِ، كيف تخرجين في هذا الوقت المبكر؟ كم تتقاضين مقابل ليلة واحدة؟ أنا اليوم في مزاجٍ جيد!"

في الواقع، لم يكن في جيب مُراد فلسًا واحدًا، وتهدّج صوته وهو يتحدث، قلقًا من أن تكون الفتاة تعمل في هذا المجال، فلن يكون لديه حينها ما يدفعه.

لكن لحسن الحظ، بعد أن سمعته الفتاة أصبح وجهها شاحبًا ونظرت إليه بغضبٍ شديد.

لحسن الحظ، اتضح أنها من عائلة محترمة.

فشعر مُراد بارتياحٍ داخلي.

تحمّل مُراد الكثير من الإهانة اليوم في منزل عائلة عامر، وكانت معنوياته منخفضة جدًا، وعندما رآها تحدق فيه بغضب، زاد من استفزازه وقال:

"لماذا تحدقين بي هكذا؟ سألتُكِ كم تتقاضين مقابل ليلة واحدة؟"

وأضاف بتهكّم: "ما الأمر؟ كيف تعززينَ نفسك وأنتِ تبيعينها؟ دعيني أُخبرك، لقد كنت أمارس الفنون القتالية سابقًا، وأنتِ محظوظة جدًا بوجودي هنا!"

هذا الكلام أثار غضبها بشكلٍ أكبر، فسألته بغضب: "ما اسمك؟ وبأي شركةٍ تعمل؟"

ردّ عليها بسخرية: "وما شأنكِ باسمي؟ هل يُعقل أنكِ تخططين للمجيء إلى باب منزلي؟"

كان مُراد ذكيًا بما يكفي لعدم الكشف عن هويته الحقيقية.

"أنتَ!"

غضبت الفتاة بشدة حتى احمرّ وجهها، لكنها لم تجد وسيلة أخرى سوى الابتعاد عنه، وبعدها شعر مُراد بأنه نفّس عن الكثير من غضبه.

وعندما استدار للرحيل، لاحظ فجأة شابان يتسللان بخفيةٍ إلى الضريح، وكانا يحملان أكياسًا وحبالًا، ويبدو وكأنهما يخططان لشيءٍ مريب.

وبسبب الظلام الكثيف والأشجار والقبور التي كانت تحجب الرؤية، لم يلاحظ الشابان وجود مُراد.

يمكن لأي شخص بصير أن يلاحظ من الوهلة الأولى أن هذان الشابان يضمران نوايا سيئة.

قطّب مُراد جبينه، وطن أن هذان الشابان قد يكونا مستهدفين تلك الفتاة التي رآها قبل قليل، فراح يراقبهما بهدوء، وكما توقّع، توجّه الرجلان نحو الفتاة التي كانت تنتظر في المقبرة وباغتاها من الخلف، ووضعاها في كيس بعد أن سدَّا فمها بجوربٍ قذرٍ، فبدأت الفتاة تقاوم وتصرخ من داخل الكيس، لكنها لم تستطع فعل أي شيء.

وبعد لحظات.

أمسك أحدهماو الذي كان أكثر ضخامةً بالفتاة بإحكام، بينما جلب الآخر حجرًا ضخمًا وثقيلًا، وربطا الكيس الذي كانت الفتاة به بإحكام.

وألقيا كلًا من الحجر والكيس في النهر.

اتسعت عينا مُراد في رعب!

جريمة قتل!

شعر مُراد برغبة فطرية في الهروب، لكنه خاف أن يُحدث أي صوت قد يلفت انتباه الرجلين، فظل مختبئًا خلف شاهد الضريح حتى رحل الرجلان، وبعد مغادرتهما أطل برأسه بحذر.

وبعد لحظة من التفكير، قرر القفز في الماء، وعلى الرغم من خوفه، إلا أن التربية التي تلقاها منذ صغره لم تسمح له بأن يقف مكتوف الأيدي وهو يرى فتاة ضعيفة تموت أمامه دون أن يفعل شيئًا.

نجح مُراد في أسرع وقت في إنقاذ الفتاة وإخراجها من الماء، وعلى الرغم من أن جسده كان مبتلًا تمامًا وشعر بالتعب الشديد، إلا أنه بادر فورًا بفتح الكيس دون أن يلاحظ الخنجر الذي أسقطه أحد المعتدين بالخطأ بجانبهم.

وفي هذه الأثناء،

وصل الشابان إلى الطريق الرئيسي خارج المقابر، حيث كانت هناك سيارة دفع رباعي فاخرة متوقفة، وبينما كانا على وشك ركوبها للمغادرة، شعر سامي فجأة بالقلق وشحب وجهه بعدما لمس حذاءه.

"يا للهول! لقد سقط خنجري! ربما سقط على ضفة النهر"

"الخنجر عليه بصمات، يجب أن نسرع لاسترجاعه"

بدأ الإثنان في الركض بسرعة نحو ضفة النهر.

عندما فتح مُراد الكيس، وجد الفتاة بداخله مبللة بالكامل، كانت ترتدي زيًا أبيضًا مع تنورة قصيرة، وكانت ملابسها المبللة قد التصقت بجسدها، مما أبرز تفاصيل جسدها المتناسق بشكلٍ واضح، حيث كانت الملابس مبللة لدرجة أن أمكنه رؤية حمالة صدرها السوداء المزينة بالدانتيل من خلال فتحة الزي.

شعر مُراد بشيءٍ من الحرج وهو يبتلع ريقه، فكان يعتقد أن مها هي الأجمل على الإطلاق، لم يكن يتوقع أن هناك امرأة أخرى تتفوق عليها في الجمال، فكان الفرق بينهما كالفرق بين الديك البري والعنقاء.

لقد مضى وقت طويل على غرق الفتاة، فشحب وجهها، وكاد تنفسها يكون غير ملحوظ، فلم يكن أمام مُراد خيار سوى أن يضغط على صدرها ويجري لها تنفسًا صناعيًا.

تفاجأ مُراد بصدرها الناعم وفمها الناعم أيضًا، حتى أنه شعر بطعمه الحلو.

لم يستطع مُراد منع نفسه عن التفكير في سره.

ولكن سرعان ما عادت الفتاة إلى وعيها.

"أوه..."

بدأت الفتاة تتقيأ الماء الذي بلعته، وترجف رموشها، حتى بدأت تستعيد وعيها تدريجيًا.

وعندما استفاقت، شعرت بحرارة واضحة على شفتيها، وعندما رفعت رأسها، لاحظت يد مُراد على ساقها، مما أثار غضبها، فرفسته بقوة إلى النهر.

وراحت تصرخ في وجهه: "ماذا تفعل؟ أتحاول استغلالي؟ يا لك من وغدٍ حقيرٍ ومثير للاشمئزاز!"

لم يكن مُراد مستعدًا لذلك، فسقط في الماء على الفور، وبعد أن كافح قليلاً في النهر، خرج مجددًا إلى الضفة، وبدا أكثر غضبًا مما كان عليه من قبل.

بعد أن عانى من الكثير من الإهانة طوال اليوم، لم يكن لديه وقت للتفسير، وكان الغضب يملأ عينيه.

"يبدو أنه لا يوجد امرأة جيدة في هذا العالم!"

"لقد أنقذت حياتك وأجريت لك التنفس الصناعي، ورغم ذلك، لم تقولي شكرًا، بل رفستِني إلى النهر!"

"هاها، لا أعرف من أين جئت يا فتاة، لكنني اليوم سأعلمك درسًا نيابةً عن والدك!"

ثم تقدّم مُراد بخطواتٍ واسعةٍ نحوها، مما جعلها ترتجف من الخوف، وكان صدرها يرتعش، وصوتها يرتجف وهي تقول: "لا، لا تقترب!"

في هذا المكان النائي، حتى لو فعل بها ما يشاء ثم رماها في الماء، لن يتمكن أحد من العثور على دليل، لكن مُراد اكتفى بنزع هاتفها المبلل الذي لا يمكن تشغيله ومفتاح السيارة، ثم قذف بهما بقوة على الأرض، حتى تحطم الهاتف، وبعد ذلك، رمى المفتاح بقوة في الماء.

"ألم تكوني متعجرفة جدًا؟"

صرخ مُراد بغضب، "لا يمكنكِ التمييز بين الخير والشر، أليس كذلك؟ لقد حطمت هاتفك الآن، وفي هذا المكان النائي، ماذا ستفعلين إذا ذهبت من هنا؟ ليس لديكِ هاتف لتتصلي به، وفقدتِ المفتاح أيضًا فلم يعد بإمكانك فتح السيارة، فكيف ستعودين إلى منزلك؟ هاها، أريدك أن تبقي هنا في هذا المكان البعيد، حيث المقابر، وبحلول الليل، ستواجهين أرواحًا متجولة، فلا داعي للقلق، لأنك لن تشعري بالوحدة"

قال مُراد هذا ثم غادر بخطوات واسعة.

أثارت كلماته الرعب في قلب المرأة، فبدأت ترتجف بشدة.

صرخت وهي تبكي: "لا، لا تفعل ذلك، أرجوك!"

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP