"أيُها المدير خالد، أرجوك دعني وشأني..."قالت سلمى بنبرةٍ يائسة وملامحها تعكس حيرة عميقة، إذ لم تكن تعرف ما الذي يجب أن تفعله.رد خالد مبتسمًا بخبث: "يا سلمى، النساء الجميلات مثلكِ خلقن ليُعجب بهن الرجال. يجب عليكِ استغلال هذه الميزة جيدًا!""لا تقلقي، طالما أنكِ ستكونين معي، أضمن لكِ الترقية وزيادة الرواتب. ستحصلين على كل ما تريدين في الشركة!"ضحك خالد ضحكة شيطانية وانتهز لحظة انهيار دفاعاتها النفسية ليحتضنها ويبدأ في محاولة تقبيل وجهها الجميل.حاولت سلمى المقاومة ولكن كلما تذكرت صورة والدتها المريضة في السرير، وحاجات شقيقها الدراسية، شعرت بالعجز عن المقاومة، وفقدت كل الشجاعة.في لحظة من اليأس الشديد، استسلمت تمامًا وامتلأ وجهها بالحزن.ثم فجأة، سمعوا طرقًا على الباب ودخل مُراد وهو يحمل بعض أوراق الانضمام للشركة من قسم الموارد البشرية.تجمد مُراد للحظة عند رؤية المشهد في المكتب، غير قادر على فهم ما يحدث.استفاقت سلمى فجأة ودفعت خالد بعيدًا، وقد احمرّ وجهها خجلًا.كان خالد على وشك تحقيق هدفه، ولكن مُراد قاطع المشهد، مما أشعل غضبه. نظر بغضب شديد إلى مُراد وقال: "من أنت أيها ال
على الأقل ضميره لن يسمح له أن يمر بهذا الموقف بسهولة.صرخ خالد: "لا يهمني من تكون، غادر فوراً وإلا لن أكون لطيفًا معك!"كاد خالد أن ينفجر من الغضب، ونظراته كانت مليئة بالكراهية تجاه مُراد.كان مُراد مترددًا.لكن لؤلؤة كانت في ظهره وتدعمه، ولذلك لم يكن يخشى تهديدات خالد.ولكن لؤلؤة أوضحت له من قبل أنها لا تريد الكشف عن العلاقة بينهما، ولا ترغب في أن يستغل مُراد هذه العلاقة في الشركة.إضافة إلى ذلك، خالد كان رسميًا رئيسه المباشر وأحد الشخصيات المؤثرة في الشركة، ممثلًا لمصالح العديد من القيادات العليا.إذا دخل في مواجهة مع رئيسه في أول يوم له في العمل، فلن يكون ذلك في صالحه.وإذا تفاقمت الأمور ونتج عنها آثار سلبية داخل الشركة، فإن صورة مُراد أمام لؤلؤة ستتدهور كثيرًا.رأى خالد أن مُراد التزم الصمت، فظن أنه خائف وضحك ساخرًا: "ماذا تنتظر؟ غادر فوراً!"مُراد، وقد قرر أخيرًا، قال: "أيُها المدير خالد، جئت لأقدم نفسي لك حسب القواعد والإجراءات، وإن طلبت مني المغادرة، فهذا لا يبدو مناسبًا أليس كذلك؟"لقد اتخذ قراره النهائي.عندما أنقذ السيد عامر دون تردد وقبل أيام خاطر بحياته لإنقاذ ل
شعر مُراد بألمٍ حاد على خده، فغطى وجهه بيده وهو يشعر بالغضب الشديد، كان متأكدًا أن خالد قد فعل ذلك عمدًا!ومع ذلك، فقد اعتاد على السخرية والإهانة خلال السنوات الثلاث التي قضاها متزوجًا في عائلة عامر، وقد طمست مها كل الحدة في شخصيته.اختار في النهاية أن يكتم غضبه ويتحمل مضايقات خالد.صرخ خالد بغضب: "ماذا تنتظر!""قم بجمع كل القطع المكسورة ونظف المكان!"مُراد حاول كبت غضبه، وركع ليجمع القطع الخزفية المكسورة من على الأرض.ضحك خالد بسخرية وقال: "أتريد أن تتحداني؟ أنت مجرد كلب أعمى، ما زلت صغيرًا جدًا لتلعب هذه اللعبة!"ثم داس بقوة على ظهر يد مُراد وأدار قدمه بقسوة.كانت يد مُراد مليئة بالقطع الحادة من الخزف، وتدفق ألم شديد عبرها، مما أدى إلى تمزق جلده فورًا وسال دمه بغزارة. شهق مُراد من الألم وسحب يده بسرعة، مسببًا انزلاق قدم خالد المفاجئ، ما أدى إلى سقوطه أرضًا وارتطامه بشدة، لينتهي به الأمر مستلقيًا على ظهره.صرخ خالد غاضبًا: "أيها الحقير، سوف أقتلك!"أمسك خالد بقطعة من سيجارته، محاولًا أن يحرق بها وجه مُراد.تفاجأ مُراد ورفع يده ليتصدى للهجوم، لكن قطعة السيجارة لامست جرحه ا
يبلغ مُراد من العمر ستة وعشرين عامًا، ويُعد الصهر ذا السُمعة الأسوأ في المنصورة، حيث كان يعمل خادمًا لعائلة عامر طَوال ثلاث سنواتِ زواجه، يبلغ مُراد من العمر ستة وعشرين عامًا، ويُعد الصهر ذا السُمعة الأسوأ في المنصورة، حيث كان يعمل خادمًا لعائلة عامر طَوال ثلاث سنواتِ زواجه، ويغسل أقدامهم دون أدنى كرامة، ولكنه انفجر أخيرًا ليلة أمس.كان يعمل جاهدًا طِوال النهار في شركة عائلة عامر لمدة ثلاث سنوات، ثم يُسلّم راتبه بالكامل إلى زوجته مها التي لا يُمكنه لمسها إطلاقًا.وعندما يعود إلى منزله مساءً يغسل الثياب، ويمسح الأرضيات، ويُعد الطعام، وكان يؤدي كافة مهام المنزل دون تذمر.لقد ظنّ أنه بذلك سينال إعجاب زوجته، وستظل تُحبه إلى آخِر عُمرِها، ولكنها في المُقابل منحته هدية خاصة.طفل!صحيح!نعم، فمن كان يتوقع أن زوجته التي لم يجرؤ على لمسها طَوال ثلاث سنواتٍ حامل؟كما كان عليه أن يكون سعيدًا لأنه سيُصبح أبًا.يا له من خبرٍ سعيد!"مُراد، إنك لا تُجيد غسل الملابس، ولا تمسح الأرض جيدًا""يا لك من عديم الفائدة، إنك لا تُجيد فعل أي شيء""لا جدوى من بقائك في منزلنا، إن أحضرنا كلبًا سيكون أ
غادر مُراد بعد أن انتهى من زيارة ضريح السيد عامر، وعند بوابة الضريح، لاحظ فتاة جميلة ساحرة، ترتدي زيًّا رسميًا، فشعر مُراد بالفضول في الحال، مُتسائلًا لما قد تقف فتاة عند بوابة المقابر في منتصف الليل بثيابٍ زاهيةٍ ومكياجٍ بارزٍ، حتى لم يستطع غص بصره عنها.بدا على تلك الفتاة الجميلة الاستياء، وتمتمت بكلمات بدت مثل (يا لك من فقرٍ بائس!) أو ما شابه.في الماضي، لم يكن مُراد ليبالي بمثل هذه الكلمات، فلم تكن تؤذيه أو تنقص منه شيئًا، ولكن اليوم بعد أن اكتشف حمل زوجته من عشيق آخر وتم طرده من المنزل، كان يشعر بالغضب الشديد، ويريد التنفيس عن غضبه، فاندفع نحو الفتاة وقال لها بدون تفكير:"يا أنتِ، كيف تخرجين في هذا الوقت المبكر؟ كم تتقاضين مقابل ليلة واحدة؟ أنا اليوم في مزاجٍ جيد!"في الواقع، لم يكن في جيب مُراد فلسًا واحدًا، وتهدّج صوته وهو يتحدث، قلقًا من أن تكون الفتاة تعمل في هذا المجال، فلن يكون لديه حينها ما يدفعه.لكن لحسن الحظ، بعد أن سمعته الفتاة أصبح وجهها شاحبًا ونظرت إليه بغضبٍ شديد.لحسن الحظ، اتضح أنها من عائلة محترمة.فشعر مُراد بارتياحٍ داخلي.تحمّل مُراد الكثير من الإهانة
تقع المقابر هنا، إنها بعيدة للغاية.بالتأكيد ليس هناك أرواح تطوف بالمكان، ولكن لطالما سمع مُراد أن ذئابًا برية تظهر أحيانًا هنا، كما أن الفتاة الجميلة قد خرجت للتو من الماء، وجسدها مُبلل ومُصاب، ولا يُمكنها إطلاقًا السير لمسافةٍ بعيدة. أوشك منتصف الليل أن يحل مُجددًا، ويبعد موقعها الحالي عن الطريق الرئيسي، ولن يأتي أحد لإنقاذها، كما أنها لا تملك مفتاح سيارة أو هاتف محمول، هل ستصمد إن قضت الليلة هنا؟هذا هو عِقاب مُراد لها.سيُعاقبها لأنها ضيقة الأفق، ولا تُقدّر إحسان الآخرين.غادر مُراد آخذًا خطواتٍ كبيرة."أيها الوغد! أيها الوغد! لا تتركني"تبعته لبضعة خطوات، ولكنها لم تستطع إطلاقًا اللحاق بمُراد الذي تعتريه نوبة غضب، فوبخته وشعرت بالحزن، فهي لم تتوقع أن لؤلؤة الرائعة تُعامل بهذا الشكل من شخصٍ عادي."أيها الوغد سأنال منك عندما أعرف هويتك"صاحت لؤلؤة عاليًا.وبمجرد أن قالت ذلك، تجاهلها مُراد بقسوة بعدما كان مشفقًا عليها.رأت مُراد يتلاشى من أمام ناظرها، وأرادت أن تبكي ولكن لم تذرف الدموع، وكان حِذاؤها ذو الكعب العالي مكسورًا، كما كان جسدها مبللًا بالكامل.وبعدما سارت لبضع
اكتسب مُراد قوة لا مُتناهية بعد عودته للحياة، وبالرغم من أنه حينذاك لم يتمكن من السيطرة عليها، إلا أن مواجهته لقاتلين عاديين كان أكثر من كافٍ، لذلك استغّل مُراد هروب القاتل الآخر قبل مُواجهته، وأمسكه بقوة، ثم تدحرجا إلى الماء بينما يتضاربان.هل سيكون مصيرهما الموت؟ظهر في عينّي لؤلؤة تعابير مُعقدة، بالرغم من أن ذلك الرجل كان مزعجًا للغاية، إلا أنهما التقيا بمحض الصدفة، فلماذا يُضحي فجأة بنفسه متعمدًا لأجلها؟لم تحملها قدميها في تلك اللحظة، فزحفت إلى جانب الماء، وشعرت بمشاعر مُعقدة، فكانت تريد أن يخرج مُراد، وأرادت ألا يخرج أيضًا، لأنه رأى جسدها الشريف والحساس ولمسه، كما أنه قبّلها.أخذت لؤلؤة تعض على شفتيها منتظرةً إياه لفترةٍ طويلة، ولكنه لم يخرج، ولم تعرف لوهلة إن كانت تريد أن يعود ذلك الرجل مجهول المصير، أم تريده أن يموت.ولكن دموعها انهمرت لا إراديًا، ولم تتمكن من إيقافها…لم يمضِ الكثير.ارتفع صوت بوق سيارة، حيث تعقب العديد من الحرس الشخصي لعائلة لؤلؤة مسارها وأتوا.كانت تضع ملابس مُراد وانتظرت طويلًا وبعدما تأكدت من أنه لن يخرج، قالت بلطفٍ للنهر: "اسمي لؤلؤة، فلتبحث عني
"سيدتي مها، أعتذر لكِ ولكن وفقًا لقانون الزواج، لا بد من الالتزام بفترة تهدئة الطلاق لمدة شهر""بالإضافة إلى ذلك، زوجك لا يملك بطاقة هويته، فلا يمكننا إتمام الطلاق على الفور"قالت الموظفة هذا الكلام بلطفٍ شديدٍ وهي تعيد لمها الأوراق المتعلقة بالطلاق."هذا هراء! أيّ طلاقٍ يحتاج لفترة تهدئة؟" "استدعي مدير المكتب فورًا لإنهاء الإجراءات!"صرخ شاهين بغضبٍ وهو يضرب على الطاولة بقوة.تغيرت ملامح الموظفة ولكنها ما زالت تحافظ على هدوئها وقالت بلطف: "سيدي، أنا ألتزم بالإجراءات القانونية…"صاح شاهين بغطرسة: "كفاكِ تلاعبًا معي""قلت لكِ استدعي مدير المكتب الآن! هل أنتِ صماء؟"جذبت هذه الضجة انتباه الكثير من الحاضرين، حيث بدت عليهم علامات الاستغراب.فمثل هذه الفوضى لم تحدث من قبل في مكتب الأحوال المدنية.لم يمضِ وقت طويل حتى انتبه كبار المسؤولين للأمر، فهرع مسؤول قوي البنية في منتصف العمر نحو المشهد بخطوات سريعة."السيد شاهين هنا!"قال المسؤول مبتسمًا، محاولاً تهدئة الأجواء: "سيد شاهين، اهدأ رجاءً، الموظفة سندس لم تكن تعرف شيئًا عن شخصيتك المرموقة ولم تقصد الإساءة إليك، أرجو منكَ أن ت