انتقام الزوج من طليقته
انتقام الزوج من طليقته
Por: أسامة الفاخري
الفصل1
يبلغ مُراد من العمر ستة وعشرين عامًا، ويُعد الصهر ذا السُمعة الأسوأ في المنصورة، حيث كان يعمل خادمًا لعائلة عامر طَوال ثلاث سنواتِ زواجه، يبلغ مُراد من العمر ستة وعشرين عامًا، ويُعد الصهر ذا السُمعة الأسوأ في المنصورة، حيث كان يعمل خادمًا لعائلة عامر طَوال ثلاث سنواتِ زواجه،

ويغسل أقدامهم دون أدنى كرامة، ولكنه انفجر أخيرًا ليلة أمس.

كان يعمل جاهدًا طِوال النهار في شركة عائلة عامر لمدة ثلاث سنوات، ثم يُسلّم راتبه بالكامل إلى زوجته مها التي لا يُمكنه لمسها إطلاقًا.

وعندما يعود إلى منزله مساءً يغسل الثياب، ويمسح الأرضيات، ويُعد الطعام، وكان يؤدي كافة مهام المنزل دون تذمر.

لقد ظنّ أنه بذلك سينال إعجاب زوجته، وستظل تُحبه إلى آخِر عُمرِها، ولكنها في المُقابل منحته هدية خاصة.

طفل!

صحيح!

نعم، فمن كان يتوقع أن زوجته التي لم يجرؤ على لمسها طَوال ثلاث سنواتٍ حامل؟

كما كان عليه أن يكون سعيدًا لأنه سيُصبح أبًا.

يا له من خبرٍ سعيد!

"مُراد، إنك لا تُجيد غسل الملابس، ولا تمسح الأرض جيدًا"

"يا لك من عديم الفائدة، إنك لا تُجيد فعل أي شيء"

"لا جدوى من بقائك في منزلنا، إن أحضرنا كلبًا سيكون أفضل منك"

قالت بصوتٍ ساخرٍ وحاد، وأشارت ليلى الهنداوي حماة مُراد إلى أنفه وهي توبخه بصوتٍ عالٍ.

فرفع رأسه، واحمرّت عيناه من الغضب.

"أُمي"

عضّ مُراد على أسنانه غيظًا، وكبح صوته داخل حلقه.

"لا تُناديني بأُمي، فأنت لا تستحق ذلك يا عديم الفائدة"

بدا على ملامحها الجفاء الشديد والازدراء.

لزم مُراد الصمت، ولم يجرؤ على الرد.

قبل ثلاث سنوات، سقط السيد عامر فجأة مريضًا، ورآه مُراد صدفةً.

فحمله مُراد على ظهره، وسار سبعة أو ثمانية أميال، وأوصله إلى المشفى في الوقت المناسب لتلقي العلاج، مما أنقذ حياته.

وبعد ذلك، لم يكترث السيد عامر لمعارضة عائلته، وأصر على زواج حفيدته من مُراد ردًا لجميله.

ومنذ ذلك الحين، أصبح صهر عائلة عامر لمدة ثلاث سنوات.

ثلاث سنوات!

ثلاث سنوات!

ومن المفترض أن يلين الحجر أمام ما يُقدمه مُراد.

ولكنه لم يؤثر في الأم وابنتها القاسيتين.

لمجرد أنه يتيم، وليس له أُصول، احتقرته عائلة مها كثيرًا.

وبالرغم من قيامه بأمورٍ صالحة، كانت أسرتها تتصيد له الأخطاء، وتضربه، وتوبخه لأتفه الأسباب.

كان السيد عامر الوحيد الذي يُعامله جيدًا.

لطالما كان السيد عامر يُدافع عنه من قبل، وكانت حماته ليلى الهنداوي تضبط نفسها قليلًا.

ولكن بعد وفاة السيد عامر بسبب المرض منذ شهر تمادت عائلة ليلى الهنداوي في أفعالها رغبةً في طرده.

وأصبح شخصًا غير مرغوب به، يعيش حياةً أسوأ من حياة الكلب.

فُتِح الباب، ودخلت مها مُرتدية ملابس أنيقة، وجميلة، كما تفوح منها رائحة الخمر، كانت ترتدي ملابس من الحرير الأسود، وأخذت رجلاها

الطويلتان تتمايل ذهابًا وأيابًا أمامه، وكانت تضع أحمر خدود ساحر، لا يُمكن للمرء أن يُقاوم جاذبيتها.

إنها…

قد عادت.

رفع مُراد رأسه، وفاض قلبه بالحُزن المؤلم، فهي حامل، ووصلت بها الجرأة أن تثمل بالخارج.

كان مُراد على وشك أن يذهب ليسندها تلقائيًا.

ولكنها ابتعدت عنه.

"لا تلمسني"

"احزم أمتعتك سريعًا، واستعد للرحيل، سنذهب غدًا إلى قطاع الأحوال المدنية لطلب وثيقة طلاقنا"

"لماذا؟"

وفي تلك اللحظة جاءت حماته، رأت مُراد ساكنًا شارد الذهن، فوبخته باستياء.

"مُراد، ما الذي تنتظره؟ فلتُسرع لغسل قدمي مها"

بعدما أنهت حديثها، ذهبت إلى مها مُبدية تعابير متملقة، ويظهر عليها التلطُف تجاه ابنتها، وسألتها باهتمامٍ شديد: "لماذا شربتِ الكثير من الخمر مُجددًا؟ هذا يضر جنينكِ"

"لقد حملتِ أخيرًا بابن شاهين، عليكِ ألا تفقديه بسهولة"

لم يُولد الطفل بعد، وتتوقع الحماة أن يكون ذكرًا، لأن إنجاب ذكر سيمنح ابنتها فرصة أن يتزوجها شاهين، كما أنها تسمح لمُراد بالبقاء لأنها

ليست مُتأكدة من نوع الجنين بعد، وعلى كلِ حال ستحتاج ابنتها مَن يعتني بها فيما بعد، وتوظيف خادمة سيتطلب نفقات إضافية.

"لا داعِ"

"مُراد، لقد اكتفيت من كونك عديم الفائدة طَوال ثلاث سنوات"

"دعنا نذهب للطلاق غدًا"

رمقته مها بنظرات باردة ومتكبرة، وبدا عليها ملامح الاحتقار.

شعر مُراد في تلك اللحظة كأن آلاف الأسهم تخترق قلبه، فهو كان يعرف أنه ليس كافيًا بالنسبة لها، ولكنه أخذ يبذل أقصى جهده طَوال ثلاث

سنوات، ويتحمل الشقاء أملًا بنيل تقبلها.

ولكن ما لم يرد في خاطره أن يكون الطلاق هو مُقابل جهوده الشاقة.

"حسنًا، لنفعل ذلك"

تداركت الحماة الأمر سريعًا قائلةً: "على كلِ حال، أنت تحملين ابن شاهين الآن، واستمرار بقائكِ معه لن يكون في صالحكِ إذا انتشر الخبر"

"أُمي، أنا مُرهقة، فلتأخذيني إلى غرفتي لأستريح"

"رؤية هذا الأحمق تدفعني للغثيان"

أخذت مها تتحسس بطنها إعجابًا، وبدأت تقلق أن تستغل إحدى النساء الخداعة حول شاهين الموقف عندما تكبر بطنها، وبينما كانت ليلى الهنداوي تأخذ مها للغرفة، سخرت من مُراد قائلةً: "ألم تنصرف بعد؟ ما الأمر؟ أتريد البقاء لتحتفل بكونك أب؟"

للحظة، تدفقت الإهانة، الاستياء وغيرها من المشاعر إلى قلبه، فقد كان أشبه بكلب بلا مأوى، يُطرد من المنزل بلا رحمة، وأُلقي بكل أغراضه التي أمتلكها في المنزل طَوال ثلاث سنواتٍ -بما فيها بطاقته الشخصية- بسلة المهملات، وكان أثقل شعور يراوده في تلك اللحظة هو الخيبة المريرة.

فهو لا يملك منزلًا يعود إليه.

كان يعمل طَوال ثلاث سنوات، ويُصرف راتبه بالكامل، ولكن حماته ومن معها لم يُعطوه قرشًا واحدًا، وأصبح في تلك اللحظة كلبًا ضالًا، بلا مأوى.

أخذ مُراد يتنقل حتى وصل إلى مدافن يغمرها الظلام الدامس والبرد القارس.

وقف أمام ضريحٍ بينما تبدوعليه مشاعر الوحدة، وكانت عيناه مفتوحتين على مصراعيها، ولم يذرف أي دمعة.

فهو لا يعرف إن كان غاضبًا، أم يائسًا، أم خائب الأمل.

وقف أمام الضريح صامتًا، لقد كان ضريح السيد عامر، كان السيد عامر الوحيد الذي يحميه، ويعتني به طَوال الثلاث سنوات، والآن طُرد من

المنزل، وتجرّد من أغراضه، لذلك أراد أن يزور السيد عامر مرةً أخيرةً.

يُمكن اعتبارها زيارة، ولكنه في الواقع لا يملك قرشًا واحدًا، فلا يُمكنه شراء الزهور له.

"جدي، أشكرك على اعتنائك بي طَوال الثلاث سنوات الماضية..."

"سوف ننفصل أنا ومها غدًا..."

"لقد خيبت ظنك..."

وفي الليل، احمرّت عيناه، وأخذ يدعو للسيد عامر أمام ضريحه عدة مرات، وبداخل قلبه مرارة وحزن لا يُمكن وصفهما.

بعدما انتهى من زيارته،

أخرج مراد قلادة، وأمسك بها داخل راحة كفه، جالسًا على الأرض مستندًا إلى الضريح، وشرد بعينيه. كانت عيناه فارغة وجامدة، تُداوي وحدته وجروح قلبه.

ولكن ما لم يكن يعرفه، أن القلادة البسيطة المُعلقة على صدره شعرت باستيائه وإهانته، وأخرجت ضوءًا أبيضًا دون أن يلحظ…
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP
capítulo anteriorcapítulo siguiente

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP