الفصل8

ازدادت مها غضبًا كلما فكرت في الأمر.

نهض شاهين من على الأرض، ووجهه مغطى بالكدمات ومليء بالغبار، يبدو عليه الضيق الشديد.

"هذا مستحيل!"

صرخ شاهين بغضبٍ مكبوتٍ، قائلًا: "لؤلؤة هي الإبنة الكبرى لعائلة باهر، مكانتها مرموقة للغاية لا يضاهيها أحد، ولم يستطع أبناء العائلات الثرية ولا أصحاب الجاه والنفوذ في المنصورة جذب انتباهها، فكيف يمكن أن تهتم بشخص بلا قيمة مثل مُراد؟"

"ربما التقيا فقط بمحض الصدفة"

ظل شاهين يهمهم وهو يدلّك وجهه المتألم.

فإنه يرى لؤلؤة بمثابة الملاك التي يُصعب الوصول إليه، بينما كان مُراد في عينيه مجرد شخصٍ تافه، حتى ولو حدث المستحيل، فلن يصدق أبدًا أن هناك أي علاقة بين لؤلؤة ومُراد!

"صحيح، إلا إذا فقدت لؤلؤة عقلها، عندها فقط يمكن أن تهتم بمثله"

"لا! حتى ولو فقدت لؤلؤة وعيها، فمن المستحيل أن تميل إلى هذا الشخص التافه!"

قالت مها ذلك بابتسامة متعالية، وبدأت تشعر بالراحة وكأن الأمور بدأت تعود إلى نصابها.

ثم أضاف شاهين بملامح مليئة بالحقد: "لا يهم كيف هي طبيعة علاقتهما"

"على كل حال، بما أن هذا التافه سبّب لي هذا الضرر، فلن أجعله يفلت بما فعله أبدًا!"

لكنه لم يستطع استفزاز عائلة باهر لقوة نفوذها، ولم يجرؤ على حمل أي ضغينة ضد لؤلؤة.

لذلك لم يسعه إلا رمي كل اللوم على مُراد!

لم يستطع من حولهم التوقف عن نظرات الازدراء نحو مها وشاهين بسبب وقاحتهما.

لاحظ الجميع للتو بكل وضوح، أن لولا تدخل مُراد في الأمر، لما كانت لؤلؤة لتعفو عن شاهين.

وبدلًا من أن يشعر شاهين بالامتنان لمُراد، كان ممتلئًا بالحقد تجاهه.

يا لها من وقاحة حقًا!

نظرًا لقوة عائلة شاهين، لم يجرؤ أحد من الحاضرين على التعبير عن احتقارهم علنًا.

.....

في فندق الجزيرة.

يعد أفخم وأرقى الفنادق ذات الخمس نجوم في مدينة المنصورة.

بعد أن انفصل مُراد عن مها، غادر المنزل دون أخذ شيء.

فأصبح الآن لا يملك شيئًا، حتى أنه في أشدّ الحاجة لمكان يأويه.

قررت لؤلؤة أن تودعه مؤقتًا في فندق فاخر، على أمل أن تسأله عما حدث الليلة الماضية.

عند الوصول إلى الفندق.

أشارت لؤلؤة إلى حراسها ليبقوا في الخارج، ودخلت هي ومُراد بمفردهما.

"أهلًا وسهلًا"

استقبلتهما مضيفتان مبتسمتان بكل رسمية ترحيبًا بهما.

عندما وطئ مُراد بقدمه على السجادة الحمراء الفاخرة، نظر إلى الأعلى وسرعان ما صُدم بتصميم الفندق الفخم، وبنائه الرائع المدهش.

لم يسبق له من قبل أن دخل فندقًا فخمًا ذا خمس نجومٍ كهذا، مما جعله يشعر ببعض الارتباك.

فكان يرتدي من ملابسٍ رثةٍ لا تليق بهذا الفندق الفخم.

وكان يتحرك بحذرٍ شديدٍ مع كل خطوةٍ يخطوها، خائفًا من أن يلوث السجادة الحمراء اللامعة بحذائه البالي.

ثم سمع صوتًا فجأة: "قف مكانك!"

"هذا فندق راقٍ، ممنوع دخول المتسولين أمثالك!"

"إذا كنت ترغب في التسول، اذهب إلى مكانٍ آخر ولا تلوث فندقنا!"

في هذه اللحظة، تقدمت امرأة شابة ترتدي زيًا رسميًا، تبدو في السابعة أو الثامنة والعشرين من عمرها.

كانت تتخذ هيئة التعجرف والغرور، ووجهت كلامها بحدة إلى المضيفتين قائلةً: "ما خطبكما؟ هل أصابكما العمى؟ كيف تسمحان لمتسول بالدخول؟"

"أي متسول؟"

تساءلت لؤلؤة بدهشة، غير مستوعبة لما يجري.

وبعدها تقدمت مشرفة الفندق نحو مُراد، وصرخت في وجهه موجهة إصبعها نحو أنفه: "أيها المتسول القذر! ألا تنصرف من هنا فورًا؟"

فكانت على وشك أن تطرده بنفسها.

احمرّ وجه مراد -الذي كان يشعر بالإحراج بالفعل- بشدة من الخجل وكأنه يتمنى لو تنشق الأرض وتبتلعه في تلك اللحظة.

وأخيرًا أدركت لؤلؤة ما يحدث، فتغيرت ملامح وجهها إلى البرود الشديد وأبعدت يد المشرفة بقوة وهي تقول بحدة: "هل فقدتِ بصرك؟ أي عينٍ من عينيك رأت أنه متسول؟"

"إنه صديقي، ونحن هنا لحجز غرفة في الفندق"

"حجز غرفة؟"

ألقت المشرفة نظراتها على لؤلؤة، ثم قالت لها بسخرية: "تبدين وكأنك ابنة لعائلة ثرية، لكنك تأتين مع متسول لحجز غرفة؟"

"يبدو أنكِ لست أفضل منه، أنتما من نفس النوع"

"هيا، اخرجا من فندقنا على الفور"

غضبت لؤلؤة بشدة، وقالت: "ألا يخرج من فمك إلا القذارة؟"

ثم أضافت بغضب: "أين مديركم؟ أريد مقابلته فورًا!"

ردت المشرفة وهي مبتسمة باستخفافٍ قائلةً: "من تظنين نفسك؟ أنت لا تسوين شيئًا"

"ولا يحق لكِ مقابلة المدير"

أثارت كلمات المشرفة غضب لؤلؤة، حتى ارتعش جسدها غيظًا، فلولا التزامها بالحفاظ على صورتها، لكانت قد صفعتها على الفور.

وسرعان ما لفت هذا الجدال انتباه العاملين في الفندق.

وفي الحال اقترب رجل في منتصف الثلاثينيات بخطوات سريعة.

وكان يعلق على صدر البدلة بطاقة صغيرة مكتوب عليها (أدهم-مدير الاستقبال-)
Continue lendo no Buenovela
Digitalize o código para baixar o App

Capítulos relacionados

Último capítulo

Digitalize o código para ler no App