"ياله من أمرٍ مضحك!""حتى أن الطبيب المتمرس عثمان ليس بوسعه علاج مرض السيد باهر الغريب، فمن تظن نفسك أنت ليكون لديك طريقة لإنقاذه؟""هل تعتقد أن مهاراتك الطبية أفضل من مهارات العم عثمان أم ماذا؟"قال مساعد العم عثمان ساخرًا."أصابتك رغبتك في الشهرة بالجنون!"عبس العم عثمان وأخذ يتفحص مُراد بنظراته، "هل أنت أيضًا طبيب؟""أنا لست طبيبًا..."هز مُراد رأسه نافيًا."كيف تتجرأ على قول هذا الهراء إن كنت لست بطبيبٍ حتى!""حتى لو كنت طبيبًا، فلن يمكنك علاج أي شخصٍ في عمرك اليافع هذا. أنت فقط تحاول جذب الانتباه كالمهرِّج تمامًا!"كان بسّام يشتعل غضبًا وهو ينظر إلى مُراد بقساوة.صمت مُراد، فقد توقَّع مثل هذه النتيجة.كما توقّع بالضبط، واجه الجميع كلامه بالرَّفض.من المؤكد أنه وقع في ورطةٍ مرة أخرى."ربما لا يكون مُراد مخطئًا!""فقد قال مُراد بالفعل عندما رأى جدي لأول مرة أن لون وجهه غريب وأن حياته في خطر!""وعندما وخز العم عثمان جدي بالإبر منذ قليل، أشار أيضًا إلى أن مواضع الوخز كانت خاطئة، لكن أحدًا منا لم يصدِّقه!""ولكن يبدو أنه كان على حق!"اتَّضحت الرؤية في عقل لؤلؤة بشكلٍ
انتهى مُراد من حقن الإبر.أصبح بعدها وجهه شاحبًا والعرق يتساقط من جبينه كما الأمطار، فسقط جالسًا على الأرض وكاد ينهار في الحال إثر الإرهاق.كان مُراد جاهلًا كل الجهل بتلك الطريقة السداسية للوخز بالإبر وليس لديه مهارات للتحكم في الإبرة، فلم يعتمد في تلك الطريقة إلا على قوة جسده التي ظهرت من العدم، والتي هي بالكاد كفيلة لإطلاق العنان لطريقة الوخز تلك."آآآه! آآآه!"وفي تلك اللحظة، استجاب جسد السيد باهر للحقن فجأة، ففتح كلتا عيناه، وأخذ يتقيأ دمًا بلا توقف، وسرعان ما تصبَّغت ملابسه وأرضية الغرفة أمامه بلون الدماء الأحمر.أغلق السيد باهر عينيه بعد ذلك فورًا، ولم تصدر عنه أي حركة، ثم توقَّف عن التنفس وفارق الحياة!"جدي.....""أبي......."وقفت لؤلؤة ووالدها بسَّام في صدمة وصرخا بحزن فيما يرميان بنفسيهما أمام جسد السيد باهر."كنت أعلم أن هذا الصبي كاذبٌ يبتغى الثناء وحسب، لكني لا أعلم كيف له أن يقوم بهذا الفعل المتهور في حين أن الأمر يتعلَّق بحياة أو موت شخص."" كدَّرتنا وعكّرت صفونا، كل هذا بسببك!"هز المساعد رأسه موافقًا، فقد توقع منذ وقت طويل بأن هراء مُراد الطبي لن يؤدي إلا إلى
"ما الذي حدث بحق الجحيم؟"بدا السيد باهر مرتبكًا، فقد استيقظ للتو من غيبوبته وكان غير مدركٍ لما يحدث حوله. "ما حدث هو......"ذهبت لؤلؤة ناحيته وأخبرته بالقصة بكل حذافيرها.صُعق السيد باهر وصفع بسَّام على وجهه قائلًا: "ألا تخجل من نفسك أيها الوغد؟ هل تعتقد أنك قمت بعملٍ خيِّر؟" "عندما أراد مُراد أن ينقذني، أراد أن يفعل ذلك بنيةٍ طيبة ولا يهم إن كان سينجح في علاجي أم لا، المهم أنه بذل ما في وسعه، كيف يمكن لك أن تقابل جميله بهذا النكران؟" "هيا اذهب بسرعة واعتذر لمُراد!"لم يكن بسًام يحب مُراد بسبب موضوع الفيلّا، لكنه أُرغم على الإعتذار منه تحت تخويف والده، "يا مُراد، ما حدث للتو كان خطأي أنا، أعتذر منك...""يا عم بسَّام، لم يكن هذا سوى مجرد سوء فهم، لا عليك."قال مُراد بسرعة.جاء العم عثمان أيضًا في هذا الوقت وانحنى لمُراد قائلًا: "يا أخي الصغير، أعتذر عن وقاحتي منذ قليل.""إن مهاراتك الطبيَّة رائعة للغاية، إنها بمثابة معجزة طبيَّة، وأنا كعثمان أحني رأسي إعجابًا وتقديرًا لها.""بالإضافة إلى ذلك، أود أن أستفسر منك عن شيء، ألم تكن طريقة الوخز تلك التي استعملتها للتو هي طريقة
"نعم."أومأ مُراد رأسه بجدية.مستواه التعليمي ليس عالياً وقدراته في العمل أيضاً ليست مميزة، لذا لم يكن من السهل عليه العثور على وظيفة جيدة في فترةٍ قصيرة.إذا كان بإمكان السيد باهر أن يوفر له وظيفة مستقرة، فهذا سيكون بمثابة مساعدة ضخمة له."يا مُراد، سامحني على صراحتي، بهذه المهارات الطبية الرائعة، كيف لك أن تبحث عن وظيفة عادية فحسب، بل إنه لن يكون أمرًا صعبًا عليك إذا أردت أن تصبح طبيباً شهيراً مثل العم عثمان!"قال السيد باهر بدهشة.بهذه المهارات الطبية التي عرضها مُراد أمامهم، الكثير من الأثرياء وأصحاب النفوذ قد يرغبون في التعامل معه.سواء أراد مُراد المال أو السلطة أو الشهرة والمكانة، فكل ذلك سيكون في متناوله بسهولة.هل هو بحاجة إلى البحث عن وظيفة؟"هذا...""يا سيد باهر، لأكون صادقاً، لم أتعلم الطب من قبل، وليس لدي شهادة لممارسة الطب.""الطريقة التي عالجتك بها للتو هي طريقة وخز بالإبر ورثتها من أجدادي، وقد تعلمت منها القشور فقط.""لقد تمكنت من علاج مرضك بالصدفة البحتة."ابتسم مُراد بإحراج.في الواقع، ليس لديه أي فكرة عن الطب، لكن المهارات الطبية الموروثة في قلادة اليشب
"يا لؤلؤة، عليكِ أن تتعلمي من تجاربكِ. العيش وحدكِ ليس آمناً على الإطلاق، الأفضل أن تعودي للعيش مع العائلة!" قال بسَّام بقلق، ولم يستطع منع نفسه من إلقاء نظرة على مُراد الذي كان واقفاً بجانبه.كان يريد أن تعود ابنته إلى العائلة، ليس فقط لحمايتها بل أيضًا لإبعادها عن مُراد. فمن خلال المعلومات التي حصل عليها، كان متأكدًا أن مُراد يحاول التقرب من ابنته، لذلك تجرأ على علاج الجد وحالفه الحظ هذه المرة.بالنسبة له، مُراد شخص عديم الفائدة، ولا يستحق ابنته على الإطلاق!"هذا مستحيل، لن أعود أبداً!" قالت لؤلؤة برفض."المنطقة التي أعيش فيها منطقة سكنية فاخرة وهي محمية بأفراد أمن محترفين على مدار الساعة. كما أن جدي قد وظف لي مرة أخرى ستة حراس شخصيين إضافيين لحمايتي، لذا لا داعي للقلق بشأن سلامتي!"هزت لؤلؤة رأسها رافضةً. كانت قد تعرضت للاختطاف ليلة أمس أثناء عودتها إلى المنزل، وكان ذلك مجرد حادث غير متوقع. حتى لو أراد أحد استهدافها، فإن العودة للعائلة لن تكون ذات فائدة."ولكن...""لا يوجد ولكن! طالما أن هدى لا تزال تعيش وسط العائلة، فلن أعود أبداً!" قالت لؤلؤة بحزم.شعر بسَّام بالعجز، فلم
بعد تناول العشاء، غادر مُراد ولؤلؤة منزل عائلتها وعادا بالسيارة إلى فيلّا التجمع. في ذلك الوقت، كانت الخادمة أمينة قد رتبت غرفة الضيوف لمُراد ليقيم فيها.استلقى مُراد على السرير أخيرًا، حيث استطاع أن يهدأ قليلاً، حيث قرر أن يدرس تراث أجداده بتمعن. بمجرد أن أغلق عينيه، تدفقت إلى ذهنه كميات هائلة من الذكريات المتعلقة بهذا الورث، والتي تضمنت أنواعًا مختلفة من كتب المهارات. من بينها كتب طب قديمة وأساليب اعتكاف سحرية وغيرها الكثير...ماذا؟ هناك أيضًا ما يسمى بالاعتكاف الثنائي؟ سعل مُراد قليلًا وقرر التركيز على فهم معنى الاعتكاف. فالمقاتلون يسعون وراء طريق القوة ويعتمدون على تدريب قدراتهم على التحكم الداخلي. أما في الاعتكاف، فيسعون وراء فهم الحياة من خلال استيعاب طاقة الطبيعة.وبالمقارنة، فإن أسرار الاعتكاف أعمق بكثير من فنون القتال. لكن مع مرور آلاف السنين، اندثرت هذه الأسرار تمامًا، وحتى المقاتلون المتمرسون أصبحوا نادرين.من الواضح أن هذه الأسرار تعتبر شيئًا عظيمًا، لذا يجب أن يتدرب عليها جيدًا.أزال مُراد كل الأفكار المشوشة من عقله، وجلس متربعًا على السرير وبدأ في ممارسة التأمل.با
قالت لؤلؤة بصدمة: "ليس لديك رخصة قيادة؟""هذا سيكون مزعجًا بعض الشيء."فكرت لؤلؤة قليلاً، وكأنها تذكرت شيئًا: "هل تعرف كيفية قيادة دراجة نارية رياضية؟""نعم، أعرف كيفية قيادتها ولدى رخصة قيادة."أومأ مُراد برأسه. في السابق، كانت مكانته في عائلة عامر أسوأ من الكلب، ولم يكن لدىه الحق في قيادة سيارة.لكن عائلة عامر كانت تحتاجه غالبًا لتوصيل بعض الأشياء، فخصصوا له دراجة نارية قديمة مستعملة لتسهيل المهمة."حسنًا، هذا جيد.""لدى هنا دراجة نارية رياضية، هدية عيد ميلادي من عمتي العام الماضي.""لا أستخدمها كثيرًا على أي حال، لذا سأعطيك إياها لتستخدمها كوسيلة نقل."سحبت لؤلؤة مُراد إلى الزاوية، حيث كانت هناك دراجة نارية رياضية وردية اللون تبدو مذهلة."لا تستهين بهذه الدراجة النارية، فهي تكلّف على الأقل أكثر من مليون دولار...""ماذا؟""أكثر من مليون؟"صُدم مُراد لدرجة أن فكّه كاد يسقط على الأرض."نعم، أذكر أن عمتي قالت إن هذه الدراجة النارية الرياضية تم تصنيعها بواسطة رولز رويس كإصدار محدود خاص، ويبدو أن سعرها حوالي 1.7 مليون دولار!"تذكرت لؤلؤة.صُدم مُراد، وقال في نفسه أن الأثري
نزلت امرأة طويلة القامة ذات قوام ممشوق من السيارة."آسف، آسف..."سارع مُراد بالاعتذار.شخصيته دائماً كانت متسامحة ولا يحب أن يتجادل مع الناس، حتى لو كان الخطأ من الطرف الآخر، إلا أنه يبادر بالاعتذار."كيف تقود دراجتك بهذا الطيش؟ هل فقدت بصرك؟"تأففت المرأة ذات القوام الطويل، وبدت غير راضية.عبس مُراد قليلاً، فالموقف بسيط جداً، لكن تصرف المرأة المتعجرف جعله يشعر بعدم الارتياح: "سيدتي، من الواضح أنك فتحت باب السيارة دون أن تنظري في المرآة الجانبية ولا أظن أن اللوم يقع عليَّ.""ثم إني قد اعتذرت بالفعل، ألا يمكنكِ أن تكوني أكثر تفهماً؟""أنت تقول إنني غير منصفة؟"غضبت المرأة طويلة القامة وألقت نظرة باردة على دراجة مُراد الوردية باحتقار: "يالها من دراجة بالية تلك التي تقودها والأسوأ أنها وردية!""رجلٌ كبير بالغ يتصرف كأنثى، كم هذا مقزز!""لون ما أركبه لا يعنيكِ بشيء!""يا أنت... لا تدفعني إلى الجنون!"احمرت وجنتا مُراد فوراً.من الواضح أنها هي من فتحت الباب عليه، وبدلاً من الاعتراف بالخطأ، تقوم بإهانته وتصفه بالخنيث!مهما كانت طيبته، لم يستطع أن يتحمل إهانة كهذه.في هذه الأث