الفصل5
"سيدتي مها، أعتذر لكِ ولكن وفقًا لقانون الزواج، لا بد من الالتزام بفترة تهدئة الطلاق لمدة شهر"

"بالإضافة إلى ذلك، زوجك لا يملك بطاقة هويته، فلا يمكننا إتمام الطلاق على الفور"

قالت الموظفة هذا الكلام بلطفٍ شديدٍ وهي تعيد لمها الأوراق المتعلقة بالطلاق.

"هذا هراء! أيّ طلاقٍ يحتاج لفترة تهدئة؟"

"استدعي مدير المكتب فورًا لإنهاء الإجراءات!"

صرخ شاهين بغضبٍ وهو يضرب على الطاولة بقوة.

تغيرت ملامح الموظفة ولكنها ما زالت تحافظ على هدوئها وقالت بلطف: "سيدي، أنا ألتزم بالإجراءات القانونية…"

صاح شاهين بغطرسة: "كفاكِ تلاعبًا معي"

"قلت لكِ استدعي مدير المكتب الآن! هل أنتِ صماء؟"

جذبت هذه الضجة انتباه الكثير من الحاضرين، حيث بدت عليهم علامات الاستغراب.

فمثل هذه الفوضى لم تحدث من قبل في مكتب الأحوال المدنية.

لم يمضِ وقت طويل حتى انتبه كبار المسؤولين للأمر، فهرع مسؤول قوي البنية في منتصف العمر نحو المشهد بخطوات سريعة.

"السيد شاهين هنا!"

قال المسؤول مبتسمًا، محاولاً تهدئة الأجواء: "سيد شاهين، اهدأ رجاءً، الموظفة سندس لم تكن تعرف شيئًا عن شخصيتك المرموقة ولم تقصد الإساءة إليك، أرجو منكَ أن تسامحها..."

ثم استدار بغضب نحو الموظفة منددًا بها: "سندس، ألا تعرفيه؟ إنه السيد الشاب لشركة عائلة شاهين! اعتذري له فورًا!"

"شركة عائلة شاهين؟"

اندهش الجميع لسماع ذلك.

إذ أن شركة عائلة شاهين تُعد من الشركات الصاعدة المشهورة في مدينة المنصورة، حيث تمتلك أصولًا تقدر بمليار إلى ملياري دولار، أي أنها ذات قوة وثروة لا مثيل لهما، ولا يجرؤ أحد على الإساءة لهم.

"السيد شاهين، أنا آسفة، لقد أخطأت، سامحني رجاءً..."

كانت سندس مرعوبة، فنهضت بسرعة وانحنت أمام شاهين معتذرة.

شعر شاهين بالرضا، واستمتع بالأنظار المليئة بالهيبة التي كانت تتوجه نحوه من الجميع.

"أيها المسؤول حازم، أسرع بإنهاء إجراءات طلاق امرأتي، وبعد ذلك رتب استخراج شهادة زواج لنا!"

رد المسؤول حازم بابتسامة متملقة: "حسنًا، سأقوم بذلك حالًا"

وبالفعل، قام المسؤول سريعًا بإنهاء إجراءات الطلاق بين مُراد ومها، وأعدّ في الوقت نفسه شهادة الزواج لمها وشاهين.

"زوجي، أنتَ مهيب حقًا!"

"أحبك جدًا!"

قالت مها ذلك وهي تتدلّل وتحتضن شاهين بحميمية، متخذة هيئة الفتاة الصغيرة التي تتكئ على حبيبها.

فشعر كل من مها ووالدتها بفخر كبير وهما يران شاهين يبهر الجميع بقوته وهيبته، وأصبحوا محط الأنظار.

"من هذه المرأة؟ كيف استطاعت الارتباط بالسيد الشاب لشركة عائلة شاهين؟"

"حظها رائع حقًا!"

لم يستطع أحدٌ من حولهم منع نفسه من إلقاء نظرات مليئة بالغيرة تجاه مها، خاصةً بعض الشابات اللواتي امتلأت وجوههن بعلامات الحقد.

فكانت مها في أوج فخرها، إذ سلّطت على نفسها الأضواء، وضحكت بسعادة اعتزازًا بنفسها!

وعلى النقيض تمامًا، سرعان ما أدرك الجميع أن مُراد كان الضحية لخيانة زوجته له مع شاهين، فكانت نظرات الجميع نحو مُراد مشوبة بالشفقة والازدراء، بل وبالاشمئزاز الواضح أيضًا.

مما زاد من شعور مُراد بالإهانة والعار، حتى أنه تمنى لو تنشق الأرض وتبتلعه في تلك اللحظة.

وبعد استلام شهادة الطلاق،

كان وجه مُراد مظلمًا بالغضب، وبينما همَّ بالمغادرة، وقف شاهين في طريقه فجأة، مبتسمًا ابتسامة باردة.

وقال له مهددًا: "أتريد الرحيل؟ الأمر ليس بهذه السهولة!"

تجمد وجه مُراد سائلًا: "ماذا تريد؟"

ردّ شاهين مبتسمًا ابتسامة باردة: "ماذا تظن؟"

"لقد أهدرت وقتًا طويلًا على امرأتي هذا الصباح، وزعمت أن هويتك الشخصية ضاعت وكنت ترفض الطلاق بإصرار!"

"هل تظن أنني سأنسى هذه الأمور بكل بساطة؟"

"لقد أوضحت الأمر بالفعل، أنا لم أتعمد إزعاجها، لقد فقدت بطاقتي الشخصية حقًا"

كبح مُراد لهيب غضبه.

"لا تحاول خداعي، هل تظنني حقًا طفل عمره ثلاث سنوات يسهل خداعه؟"

ابتسم شاهين له بازدراء، وتوجه نحو اثنين من حراسه آمرًا إياهم :"ابرحوه ضربًا! لقنوا هذا الوغد درسًا، ليعرف عواقب العبث معي"

"حسنًا"

رسم الحارسان على وجهيهما ابتسامة شرسة، ورفعا قبضيتهما تجاه مُراد لتحيّته.

كان هاذان الحارسان بارعان في الفنون القتالية، فسقط مُراد سريعًا على الأرض ولم يسعه سوى أن ينكمش مُحوطًا يديه حول رأسه، تاركًا لكمات الحارسين تنهمر فوق جسده.

"هذا الشاب حقًا مثير للشفقة"

"“لقد سُلبت منه زوجته، كما أنه يتعرض لضربٍ مُبرح"

"إن كنت أعيش مثل هذه الحياة البائسة، لفضّلت الموت"

......

أخذ من حوله يُعلقون عليه بصوتٍ مُنخفض، وينظرون إليه بشفقةٍ وازدراءٍ متزايد.

كما أدركوا تمامًا أن هذه ربما تكون البداية فقط، وسيتحول مصير مُراد للأسوأ فيما بعد أمام نفوذ شركة عائلة شاهين.

صوت توقف سيارة.

حينذاك، صدرت ضجة من الخارج.

توقفت سيارة رولزرويس طويلة فارهة خارج بوابة قطاع الأحوال المدنية، خلفها سيارتين مرسيدس باللون الأسود.

فُتح باب السيارة الرولزرويس، خرجت فتاة بمنتصف العشرينات من عمرها، تتميز بجمال فريد، ملامح رائعة، قوام طويل ورشيق، وأناقة رفيعة.

يتبعها ستة من الحراس الشخصيين

يتميز كل منهم بجسدٍ قوي مليء بالعضلات، وعيونٍ لامعةٍ، ويتضح أنهم بارعون في الفنون القتالية.

"يا إلهي، إنها لؤلؤة!"

"إنها أجمل بنات المنصورة، الآنسة لؤلؤة التي تنتمي إلى عائلة باهر النبيلة"

......

تعرف أحد الحضور على هوية الفتاة الجميلة، وهتف سريعًا بذلك في دهشة.

لم تكن لؤلؤة شخصية عامة، ولم يرها الكثير من قبل.

ولكن لأنها جوهرة عائلة باهر، وإحدى الجميلات المعروفات بالمنصورة، فهي مشهورة للغاية، وسمع عنها الكثير.

والآن كُشف عن هويتها، وأدرك الجميع فورًا أن تلك الفاتنة ذات الجمال السماوي أمامهم هي الملاك التي يُعجب بها الكثير من الرجال –- لؤلؤة.

"يُقال أنها لطالما كانت عزباء، ولم يسبق أن كان لديها حبيب، فلماذا جاءت إلى قطاع الأحوال المدنية اليوم؟"

"هل وجدت حبيب، وتنوي الزواج منه؟"

......

بدت الدهشة والحيرة على وجوه الجميع، وخمّنوا في أنفسهم أنها ربما جاءت لاستخراج وثيقة الزواج، ويبدو أن جميع الرجال الحضور قد سمعوا صوت انكسار قلوبهم.

كما أنهم كادوا يفقدوا صوابهم مِن الحيرة، فمَن الذي حالفه الحظ لينال انتباه الفاتنة لؤلؤة!

لم تكترث لؤلؤة لنظراتهم المتطفلة، وسارت نحو قاعة الخدمات، متجهةً نحو شاهين.

احمّر وجه شاهين، وأخذ قلبه ينبض من الإثارة.

إنه صاحب شركة عائلة شاهين، كما أنه مُنخرط في دوائر الأعمال، فبالتأكيد قابلها مُسبقًا.

ومنذ أن رآها لأول مرة، فُتن بها واعتبرها الملاك الذي يحلم به.

تتميز عائلة باهر بنفوذٍ هائلٍ، وهي من كبرى عائلات المنصورة، كما تمتلك تأثيرًا كبيرًا في الدوائر العسكرية والسياسية والتجارية.

مما يجعلها أقوى بكثير من شركة عائلة شاهين، وأبعد تمامًا من أن تُقارن بها.

وبالرغم من إعجابه بها، لكنه لم يجرؤ أن يتودد إليها.

لأنه ليس مؤهلًا لذلك.

ولكنها الآن تُبادر بالسير نحوه، مما أثاره وأشعره بالتيه.
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP