الفصل 3
جاءت ليلى حاملة معها قائمة المهر، وقالت: "لقد أنفقتِ من نقودكِ هذا العام ما يعادل ستة آلاف دينار ذهبي، ولكن المحلات التجارية، والعقارات، والأراضي، كلها لم تُمس، كما أن السندات التي تركتها السيدة الوالدة في المصرف، إلى جانب صكوك الملكية، محفوظة في صندوق ومغلقة بقفل."

"حسنًا!" نظرت سلمى الهاشمي إلى القائمة، وتذكرت كيف أن والدتها أعدت لها مهرًا وفيرًا، خشية أن تُعامل معاملة سيئة في بيت زوجها، فشعرت بوخز في قلبها.

سألت ليلى بحزن: "سيدتي، إلى أين سنذهب الآن؟ هل نعود إلى عائلة الهاشمي القائد؟ أو ربما نرجع إلى جبل الزيتون؟"

مرّت أمام عيني سلمى مشاهد الدماء التي غطت عائلة الهاشمي القائد، وصور المذبحة التي قضت على عائلتها. شعرت بألم عميق في قلبها، وقالت: "إلى أي مكان، سيكون أفضل من البقاء هنا."

"إن تركتِ القصر، ستُعطينهم فرصة ليحققوا ما يرغبون به."

ردت سلمى بهدوء: "فليكن، إن بقيت هنا، فسأقضي حياتي في معاناتي من حبهم لبعض. ليلى، لم يبقَ من عائلتي سوى أنا، وعليّ أن أحيا حياة جيدة، حتى يرتاح والداي وأشقائي في قبورهم."

"سيدتي!" انفجرت ليلى في بكاء حار، فقد كانت خادمة ولدت ونشأت في عائلة الهاشمي القائد، وفقدت أسرتها في تلك المذبحة التي قضت على جميع من في القصر.

وإذا غادرتا قصر الجنرال، هل ستعودان إلى عائلة الهاشمي القائد؟ لكن قُتل الكثيرون في عائلة الهاشمي القائد، وكل زاوية فيه تحطم القلوب.

"سيدتي، ألا يوجد خيار آخر؟"

ردت سلمى بعزيمةٍ في عينيها: "هناك خيار آخر، يمكنني الذهاب إلى قصر العدل، والاعتماد على أمجاد والديّ وإخوتي في طلب استعادة قرار الزواج من السلطان. وإن لم يقبل طلبي، فسأضرب رأسي في قصر العدل."

أصيبت ليلى بالذعر، وركعت أمام سلمى وقالت: "سيدتي، لا تفعلي هذا، أرجوكِ!"

تألقت عيون سلمى ببريق حاد، لكنها ابتسمت قائلة: "هل تعتقدين أن سيدتكِ بهذه السذاجة؟ حتى لو ذهبت إلى قصر العدل، فإن طلبي سيكون الحصول على مرسوم الطلاق."

زواج طلال بن زهير من أميرة الكنعانية هو مرسوم ملكي.

وبالتالي، طلاقها أيضًا يجب أن يكون بمرسوم، لكي تغادر القصر بكرامة، لا أن تُطرد وكأنها تُلقى في الشارع.

ثروة عائلة الهاشمي القائد كافية لجعلها تعيش بكرامة ورفاهية طوال حياتها، فلا حاجة بها لتحمّل هذه الإهانة.

جاء صوت من الخارج ينادي: "سيدتي، تطلبكِ السيدة الكبيرة!"

قالت ليلى بصوت منخفض: "إنها زهراء، خادمة السيدة الكبيرة، أعتقد أنها ستسعى لإقناعكِ بالبقاء."

شدّت سلمى على أعصابها ونهضت وقالت: "لنذهب إذن."

كانت الشمس تغيب بلون الدم، والرياح الخريفية تعصف ببرودتها في الأرجاء.

كان قصر الجنرال قد مُنح لجد طلال بن زهير من قِبَل الخليفة السابق، وقد عاش في مجده في الماضي، ولكنه الآن على وشك الانهيار.

غالبية رجال عائلة بن زهير كانوا يقاتلون في ساحة المعركة، بينما قلّ من يدخل منهم في سلك الوظائف المدنية. إضافةً إلى ذلك، لم ينجح والد طلال، زهير بن رباح، في مسيرته السياسية، أما عمّه زاهر بن رباح فكان مجرد موظف في ديوان الرملة، بينما كان طلال وشقيقه الأكبر، طارق بن زهير، هما فقط من لهما مكانة معتبرة في الجيش، ولكن قبل الانتصار في هذه الحرب، لم يكونا سوى قائدين من الرتبة الرابعة.

بيت الأخ الأكبر وبيت الأخ الثاني لم ينفصلا، ولا يزالان يعيشان في قصر الجنرال.

ففي نهاية المطاف، تقسيم العائلة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانحلال.

دخلت سلمى برفقة ليلى إلى غرفة السيدة الكبيرة في العائلة، والدة طلال. بدت السيدة الكبيرة بحالة صحية أفضل، كانت مستلقية على السرير بابتسامة هادئة عندما رأت سلمى، وقالت: "لقد أتيتِ!"

في الغرفة كان هناك الأخ الأكبر لطلال، طارق بن زهير، وزوجته السيدة ميسون، وكذلك الأخت الصغرى سهى بن زهير، بالإضافة إلى بعض الأبناء من فروع العائلة الأخرى.

كانت زوجة عم طلال، السيدة فاطمة، تجلس أيضًا في الغرفة، ولكنها بدت بملامح باردة تحمل في طياتها بعض الاحتقار.

"أمي، عمتي، عمي، زوجة عمي!" قالت سلمى بتحية لبقة، مستخدمةً الألقاب التقليدية للعائلة.

قالت السيدة الكبيرة بحنان: "تعالي، سلمى!" وجذبتها للجلوس بجانبها على السرير، وأمسكت بيدها بلطف قائلةً: "الآن بعد عودة طلال، أصبح لديكِ من تعتمدين عليه. أدرك أن هذا العام كان صعبًا عليكِ، خاصةً بعد ما حدث لعائلتكِ، الآن لم يبقَ من عائلة الهاشمي القائد سواكِ، والحمد لله أن كل شيء انتهى الآن."

كانت السيدة الكبيرة ذكية في اختيار كلماتها، فهي تشير إلى أن سلمى بلا سند عائلي، وأنها ستعتمد على عائلة بن زهير في كل أمورها المستقبلية.

سحبت سلمى يدها بلطف، وقالت بهدوء: "هل رأيتِ أميرة الكنعانية اليوم يا والدتي؟"

لم تتوقع السيدة الكبيرة هذا السؤال المباشر، فتجمدت ابتسامتها للحظة، ثم عادت لتبتسم وتقول: "نعم، رأيتها. لديها طبعٌ خشن بعض الشيء، كما أن جمالها لا يُقارن بجمالكِ."

نظرت سلمى إلى السيدة الكبيرة وقالت: "إذاً، هل يعني هذا أنكِ لا تحبينها؟"

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP