الفصل 6
ركعت سلمى الهاشمي في قاعة العرش الملكية، وخفضت رأسها وعينيها.

تذكر الخليفة الأكبر عائلة الهاشمي القائد، وكيف أنها الآن لم يتبقَ منها سوى سلمى. شعر بالعطف نحوها وقال: "انهضي وتحدثي!"

جمعت سلمى يديها وانحنت قائلة: "جلالتك، لقد جئت إليك اليوم بطلب، وربما يكون ذلك جريئًا، لكنني أطلب من جلالتك عطفك ورحمتك."

قال الخليفة الأكبر: "سلمى، لقد أصدرتُ القرار بالفعل، ولا يمكنني التراجع عنه."

هزت سلمى رأسها برفق وقالت: "أرجو من جلالتك أن تصدر أمرًا يسمح لي بالانفصال عن القائد طلال بن زهير."

تفاجأ الخليفة الشاب وقال: "الانفصال؟ هل تريدين الانفصال؟"

كان يعتقد أنها جاءت تطلب منه إلغاء مرسوم الزواج، لكنه لم يتوقع أن تطلب أمرًا بالانفصال.

قالت سلمى وهي تقاوم دموعها: "جلالتك، طلب القائد طلال بن زهير والقائدة أميرة الزواج بناءً على إنجازاتهم العسكرية. واليوم هو ذكرى وفاة والدي وإخوتي، وأود أن أستخدم إنجازاتهم العسكرية لأطلب مرسومًا بالانفصال. أرجو من جلالتك أن توافق!"

نظر الخليفة الأكبر إليها بنظرة معقدة وقال: "سلمى، هل تدركين ما ستواجهينه بعد الانفصال؟"

كان هذا الاسم "سلمى" قد مرّ وقت طويل منذ أن سمعتْه يخرج من فم الخليفة.

عندما كان الخليفة ولي العهد، كان يزور أحيانًا عائلة الهاشمي القائد للقاء والدها، وكان دائمًا ما يجلب لها هدايا صغيرة ولطيفة.

بعد ذلك، ذهبت إلى جبل الزيتون لتتعلم الفنون القتالية مع معلمها، ولم تلتقِ به منذ ذلك الحين.

قالت سلمى بابتسامة رقيقة لكن ساخرة: "أعلم، ولكن كما يقول الحكماء، الرجل النبيل يُكمل مساعي الآخرين. سلمى ليست رجلاً نبيلاً، لكنها لا تريد أن تكون شوكة في طريق حب القائد طلال بن زهير والقائدة أميرة."

قال الخليفة الأكبر: "سلمى، لم يتبقَ أحد في عائلة الهاشمي القائد. هل تخططين للعودة إلى بيت الهاشمي؟ هل فكرتِ في مستقبلك؟"

ردت سلمى: "جلالتك، اليوم عدتُ إلى البيت لأداء صلاة العزاء لوالدي وإخوتي، ورأيت كيف أصبح البيت مهجورًا. أريد العودة للعيش هناك، وأريد تبني طفل ليكون وريثًا لأبي، حتى لا ينقطع اسمه ولا تنطفئ نيران العائلة."

كان الخليفة الأكبر يعتقد أنها تتصرف باندفاع، لكنه لم يتوقع أنها قد فكرت في الأمر بهذا الشكل المتكامل.

قال الخليفة: "في الواقع، أنتِ الزوجة الشرعية، ولا يمكن للقائدة أميرة أن تهدد مكانتك. لا يوجد سبب حقيقي يدفعك للانفصال."

رفعت سلمى رأسها وعيناها المليئتان بالدموع تشعّان بالعزم، وقالت: "جلالتك، هذا ليس له أي معنى. لا أريد أن أقضي حياتي في الانتظار بلا جدوى. أنا الوحيدة المتبقية في بيت الهاشمي، وكان والدي وإخوتي دائمًا نبلاء وشجعان، ولا أريد أن أعيش حياة تتنافى مع ما علّموني إياه."

قال الخليفة الأكبر: "أعلم أنكِ أيضًا كنتِ معجبة بطلال بن زهير، هل يمكنكِ التخلي عنه بهذه السهولة؟"

معجبة؟ لا يمكنني أن أقول ذلك. لطالما كنت أحترم القادة العسكريين، بالإضافة إلى أن والدتي كانت تتمنى أن أتزوج وأعيش حياة هادئة، وهذا هو السبب وراء زواجي منه.

ابتسمت سلمى، ابتسامة مثل زهرة نبتت في أرض قاحلة، وقالت: "لقد تخلى عني، وأنا سأتخلى عنه."

تحت ملامحها الرقيقة، كانت تكمن إرادة صلبة، وهذا أثار دهشة الخليفة الأكبر، إذ لم يسبق له أن رأى امرأة مثلها.

كان يشعر ببعض الارتباك، فالفتاة الصغيرة التي كانت دائمًا مبتسمة بلا هموم، تزوجت الآن وتوشك على أن تصبح امرأة مطلقة.

في عيون الناس، الانفصال يعني أنها ستكون دائمًا امرأة مطلقة، خاصةً وأن طلال بن زهير طلب الزواج علنًا.

النساء يواجهن صعوبات كثيرة، وستكون صعوباتها أكثر من غيرها.

كيف ستتحدث عن الزواج مرة أخرى؟ ليس لديها حتى عائلة تدعمها.

تذكر الخليفة الأكبر إنجازات والدها الهاشمي في ساحة المعركة، وكيف أنقذ كل منهما الآخر، مما جعله يشعر بالعطف نحو هذه الفتاة.

قال الخليفة الأكبر: "سأوافق على طلبك. عودي الآن، وسيصل مرسوم الانفصال إلى قصر الجنرال خلال أيام قليلة."

تنهدت سلمى براحة، وانحنت قائلة: "شكرًا لجلالتك على كرمك!"

نظر الخليفة الأكبر إليها مجددًا، وتذكر الطفلة الصغيرة ذات الست أو السبع سنوات، وشعر بشيء من الحنان في قلبه، فقال: "سلمى، إذا أزعجكِ أحد في المستقبل، تعالي إلى القصر فورًا واطلبي مساعدتي."

قالت سلمى: "شكرًا لجلالتك!" وانحنت مرة أخرى.

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP