الفصل 6 مواجهة
عندما سمعت خديجة السعيد أن ابنتها تنوي الاتصال به، تغيرت تعابير وجهها فجأة، وفي اللحظة التالية، ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة، وقالت بنبرة عاطفية:

"لا داعي لذلك، يا حبيبتي. صحيحٌ أنني أكره ذلك الوغد، لكني لست عديمة الضمير. كنتما معًا لسنوات، لا أريد أن أضعك في موقف صعب، فلا تتصلي به. إذا استطعتي أن تكوني سعيدة مع نور الدين، فأنا راضية تمامًا. وما خطب الصفعتان؟ هذا قليلٌ جدًا، وأنا مستعدة لتحمل هذا النوع من الإهانة."

"أمي......" شعرت هند الهاشمي بالضيق عند سماع هذه الكلمات، فلطالما رأت والدتها امرأة متسلطة، وعنيدة، وغير منطقية، ولم تكن تتحمل أي ظلم، بل كانت تسعى دائمًا للانتقام واسترداد حقوقها حتى النهاية، لكنها في هذه المرة قد تغيرت حقًا.

وبطبيعة الحال، تغير أحمد أيضًا، فأصبح غريبًا...... غريبًا لدرجة أنها لم تعد تعرفه.

"آه يا هند! لا تشغلِ بالك بي الآن، تأكدي فقط ألا تتعاملي مع ذلك الوغد مرة أخرى، وسأكون سعيدة جدًا. اذهبي وركزي على عملك." قالت خديجة بابتسامةٍ مشرقة عندما لاحظت أن ابنتها بدأت تتردد.

وقف نور الدين التميمي بجانبها، ووضع يده برفق على خصرها قائلًا: "بالطبع يا هند، ألم يتم دعوتك لحضور حفل القصر الملكي الليلي في العاصمة الإقليمية الليلة؟ خذي الأمور ببساطة، سأصطحبك لشراء بعض الفساتين الجميلة، ونذهب إلى الحفلة في قمة الأناقة والسعادة."

لمعت عينا خديجة السعيد، وقالت بحماس: "نعم، نعم، حفل القصر الملكي الليلي! سمعت أنه يضم القوى الكبرى في العاصمة الإقليمية، وحتى اتحاد البحار الأربعة سيكون هناك! ابنتي، إذا تمكنت من إقامة علاقة مع اتحاد البحار الأربعة، ستكونين قد ترسخت في مدينة النهر الجنوبي بشكل نهائي. جميع العائلات الثرية والشركات الكبرى سيحسدونك ويتطلعون إليك."

ضحك نور الدين التميمي، وقال: "اتحاد البحار الأربعة ليس له تأثير فقط في مدينة النهر الجنوبي، بل يسيطر على كافة المناطق الشمالية والجنوبية من النهر. إذا تمكن المرء من بناء علاقة معهم، سيمكنه تغيير مصيره بالكامل، ولكن، تلك الأميرة الكبرى المشهورة للاتحاد معروفة بأنها امرأة متعجرفة للغاية، نيل إعجابها سيكون مهمة صعبة جدًا."

"لكن لا تقلقي، أنا أعرف بعض الأشخاص في قسم المشاريع التابع للاتحاد. إذا التقينا بهم الليلة، سأقوم بترتيب الأمور وتقديمكم لبعضكم البعض."

أومأت هند الهاشمي برأسها قائلة: "شكرًا جزيلًا لك يا سيد نور الدين."

"أمي، أرجوك اعتني بأخي جيدًا، سأتعامل مع موضوع أحمد، وسأضمن أن يدفع الثمن المناسب لما فعله."

بعد أن أنهت هند حديثها، استدارت وغادرت.

في السيارة، ظلت هند الهاشمي شاردة الذهن، فخلال السنوات التي أمضتها مع أحمد، واجهتهما خلافات ومشاكل، لكنها كانت مليئة بالسعادة والفرح أكثر من أي شيء آخر. لقد كان شخصًا أنيقًا ودافئًا، لكنها الآن ترى أن المشكلة كانت في حكمها على الأمور، لقد فشلت في كشف زيفه وخداعه، وهذا الشعور بالخداع جعل قلبها يعتصر ألمًا، وكأن سنوات من المشاعر تم إهدارها.

"سكرتيرة أمينة، أخبريني، لقد أمضيت سنوات في مجال الأعمال، وقابلت العديد من الأشخاص الذين يجيدون التظاهر والخداع، أستطيع أن أميز الخير عن الشر بنظرة واحدة، فكيف أخطأت في فهم أحمد؟ لطالما ظننت أن الطلاق كان خطئي، وأنني من ظلمته......"

تنهدت أمينة -التي كانت تقود السيارة- عند سماعها ذلك، وقالت: "مديرتي هند، مشكلتك أنك طيبة جدًا وسريعة الثقة بالآخرين، بالنسبة لأحمد، كنت أعلم منذ البداية أنه ليس شخصًا جيدًا. والآن بعد أن كُشف عن حقيقته، أصبح الأمر واضحًا لك أيضًا."

"ثم إن الحقائق واضحة أمامنا؛ كيف يمكن لأحمد أن يدعي البراءة بعد أن ضرب أمك وسيد آدم بهذا الشكل؟"

عضت هند شفتيها، وقالت: "أعلم ذلك، لكنني لا أستطيع تصديق أنه استطاع التظاهر لمدة ثلاث سنوات أمامي، كان دائمًا لطيفًا للغاية، ولم يرفع صوته علي ولو لمرةٍ واحدةٍ. حتى عندما كنا معًا، لم أقلق بشأن أي شيء يخص الطعام أو الملابس، لا أستطيع تصديق أن شخصًا مثله قد يمد يده على أمي."

"كما أنني أعرف شخصية أمي جيدًا، لا أحد يعرفها أفضل مني، خصوصًا في السنوات الأخيرة، ومع تطور شركتي وارتفاع مكانة العائلة، أصبحت أكثر غرورًا وتعجرفًا، أظنها فعلت شيئًا أزعج أحمد ودفعه لفقدان أعصابه، فضربها......"

ابتسم نور الدين التميمي بلطف، وقال: "هند، دعيني أسألك شيئًا؛ هل استجدت تلك الطباع لدى والدتك منذ طلاقك؟"

توقفت هند للحظة، ثم هزت رأسها بدون وعي.

"بالطبع لا، لطالما كانت طباع والدتنا هكذا، وأحمد يعرف ذلك جيدًا، فلماذا لم يفقد أعصابه ويضربها قبل الطلاق؟"

"هذا يعني أنه كان يكبت الكثير من الغضب بداخله لفترة طويلة، وقبل الطلاق، كان يعتمد عليك في كل شيء، حتى وإن تعرض للإهانة، فكان عليه التحمل، لكن الآن وبعد الطلاق، لم يعد لديه ما يخسره، فكشف عن وجهه الحقيقي."

أيقظتها كلمات نور الدين التميمي، نعم! هذا يفسر كل شيء؛ طباع والدتها لم تتغير، وهي هكذا منذ زمن بعيد، وأحمد كان يعرف ذلك مسبقًا، فلماذا إذن فعل ذلك بعد الطلاق؟ لأنه كان يتحمل بصمت طوال الوقت.

ابتسم نور الدين التميمي بثقة، ومد يده بشكلٍ لا إرادي نحو خصر هند، وقال: "شخصٌ فقير ومعدم مثله، حصل على فرصة الزواج من سيدة ثرية وذكية مثلك، بالتأكيد كان سيعاملك كالإلهة! كل ما رأيته منه سابقًا كان مجرد قناع متقن الصنع، أما الآن، فهذه حقيقته، مجرد وغد."

أحكمت هند قبضة يدها، ثم ضربت المقعد بقبضتها، وقالت: "يا له من حقير! لقد تمادى كثيرًا! إذا كان لديه أي شكوى أو استياء، كان بإمكانه أن يأتي إلي مباشرةً ويتحدث، ما معنى أن يمد يده على أمي وأخي؟ أي نوعٍ من الرجال يفعل هذا؟"

كلما فكرت هند أكثر، زاد غضبها، فأخرجت هاتفها واتصلت بأحمد مباشرةً.

في الجانب الآخر، كان أحمد على وشك الوصول إلى وجهته، وعندما رأى اتصالًا واردًا على هاتفه، تردد للحظة، لكنه قرر الرد في النهاية.

"هند، لم أتوقع أبدًا أن تتصلي بي." تنهد أحمد بعمق، وكأن لديه الكثير ليقوله لكنه لم يتمكن من النطق بأي شيء.

على الجانب الآخر من الخط، فوجئت هند قليلًا.

لم يتوقع أن تتصل به؟

لقد ضرب الناس؛ ضرب أمي، وأرسل أخي إلى المستشفى، ومع ذلك يقول إنه لم يتوقع أن أتصل به؟ ألا يشعر بأي ذنب حيال ما فعله؟ ألا يعلم أنني بالتأكيد سأتصل لمواجهته؟

عندما فكرت في ذلك، شعرت هند بالغضب، فابتسمت بسخريةٍ وقالت دون أي مجاملة: "أحمد، كنا معًا لسنوات، ولم أكن أتصور أبدًا أنك هذا النوع من الأشخاص؛ حقير، وقح، دنيء، منافق، وخبيث! اللوم كله علي لأنني كنت عمياء بما يكفي لأعتبرك شخصًا جيدًا. أنا نادمة لأنني عرفتك، وأكثر ندمًا لأنني تزوجتك."

"هل تعلم يا أحمد؟ طلاقي منك كان أفضل قرار اتخذته في حياتي!"

فتح أحمد فمه، لكن لم يستطع النطق بأي كلمة، فكانت كل كلمة من كلماتها كمساميرٍ تُدق في قلبه بقوة.

ففي مخيلته، حتى إذا غضبت هند فلن تفقد وقارها وتصرخ أو تشتم كالجاهلات أبدًا.

ولكنها الآن بدت كمن فقدت عقلها، وقالت له أبشع الكلمات، متخليةً تمامًا عن كل تصنع.

"لقد أخبرتك من قبل؛ إذا كانت لديك أي شكاوى أو طلبات، كان يمكنك أن تأتي وتتكلم معي، كنت سأفعل ما بوسعي من أجلك بدافع العشرة بيننا، ولكنك تجاوزت كل الحدود بضربك أمي وأخي! بأي حقٍ تفعل ذلك؟ هل تظن أن عائلتي سهلة المنال؟"

عندما لم يرد أحمد، شعرت هند أنها تملك كل الأدلة ضده، فقالت بضحكة ساخرة:

"تكلم! اشرح لي! أريد أن أسمع تبريرك الآن! وإذا لم تتمكن من إعطائي تفسيرًا يرضيني، فاستعد لمواجهة غضبي وانتقامي يا أحمد!"

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP