كان سعيد حينئذٍ في أكبر جناح خاص بالطابق الثالث.كان مستلقيًا على الأريكة، يحتضن بيده فتاة جميلة ومثيرة، ويحمل سيجارة باليد الأخرى. كان معه شابان آخران، وكلًّا منهما برفقة فتاة مغرية، وبأيديهم السجائر والمشروبات."تهانينا سيد سعيد! لقد نجحت في إبرام مشروعٍ كبير، نرجو أن تتكرم بدعمنا في المستقبل" قال أحد الشابين، وهو طويل القامة، رافعًا كأسه باتجاه سعيد."هاها، لا تقلق، لن أتخلى عنكم" ابتسم سعيد ابتسامة خفيفة، ورفع كأسه ليُلامس الكأس الآخر."بالمناسبة يا سيد سعيد، كيف حال عملية زراعة القلب الخاصة بابنتك؟ هل وجدتم القلب البديل المناسب؟" سأل الشاب الآخر بعد أن أخذ نفسًا من سيجاره."لقد وجدناه" ابتسم سعيد، وقال: "إذا لم يحدث أي طارئ، ستكون في غرفة العمليات خلال نصف ساعة"عند ذِكر هذا الأمر، ارتفعت معنوياته كثيرًا.لقد انتظرت ابنته هذه العملية لقرابة الشهرين، وخلال هذه الفترة، بذلت عائلة آدم قصارى جهدها حتى حصلوا أخيرًا على غايتهم.أما بالنسبة لحياة الطفلة الأخرى، فلم تكن ضمن اعتبارات سعيد على الإطلاق.في نظره، كل إنسان يولد وله مكانته، وما دام يمكن استخدام قلب طفلة أخرى لإنقا
بعد أن أنهى مكالمته مع آدم، أخرج باسل هاتفه المحمول واتصل برقم رامي."أيها القائد!" لم يكد الهاتف يرن مرة واحدة حتى أجاب رامي.قال باسل بصوتٍ بارد: "أحضر رجالًالتنظيف النادي!" وأضاف: "وأيضًا، قابلني في منزل عائلة آدم بعد ثلاث ساعات!""ماذا؟" أصيب رامي بالذهول لوهلة، لكنه سرعان ما أجاب بصوتٍ عالٍ: "عُلِم!"بعد إنهاء المكالمة، توجه باسل نحو الباب، يتبعه لؤي وهو يحمل سعيد الذي أغمي عليه مجددًا.في الوقت نفسه، عند مدخل أفخم مستشفى خاص في القاهرة:توقفت سيارة مرسيدس بنز أمام المدخل.بداخلها كان آدم يجلس مع مدير عائلة آدم، ورجلين قويين البنية، بالإضافة إلى ري ري الصغيرة، التي كانت مستلقية في المقعد الخلفي فاقدةً للوعي.كان آدم جالسًا وهو في قمة غضبه، وجهه متجهم، ونظراته حادة كالسكاكين، وجسده يفيض بروح قاتلة.لقد مرت ثلاثون سنة أو أكثر دون أن يشعر بمثل هذا الغضب، فكيف يجرؤ شخص في مدينة الشيخ زويد على تحديه؟ اعتبر هذا التصرف بمثابة تحدٍّ علني له، وهو أمر لا يُغتفر.داخل عقله، أصدر حكمًا بالقصاص الشديد على باسل، عازمًا على جعله يتذوق أقسى أنواع العذاب قبل موته لإخماد نيران غضبه.سأل
"أنتم...... أنتم لا تفهمون حقًا ما تعنيه عائلة آدم!" قال سعيد وهو يأخذ نفسًا عميقًا، محاولًا الحفاظ على رباطة جأشه قبل أن يواصل الحديث."أعدكم أنكم ستندمون جميعًا على ما فعلتم!""في هذه المدينة -الشيخ زويد- لم يجرؤ أحد قط على تحدي عائلة آدم بهذا الشكل!""ليس فقط أنتما الاثنين، بل حتى عائلة نسمة بأكملها ستُدفن معكم!"رد لؤي بلا مبالاة قائلاً: "أنت حقًا أحمق!"وفي تلك اللحظة، تسللت إلى ذهن لؤي صور حية من ساحات القتال.ذكريات محفورة بدماء وجثث لا تُحصى، مشاهد القائد الأعلى، وهو يقف وحده في قلب المعركة، سيفه يلمع كوميض برقٍ قاتل، والجثث متناثرة في كل مكان كأنها مناظر من الجحيم ذاته، عادت تتكرر في ذهنه.قوة قتالية من هذا المستوى، هل يمكن لعائلة مثل عائلة آدم أن تقاومها؟إنهم حقًا جهلاء لا يعرفون حدودهم!صوت رنين الهاتف!بعد لحظات، رن هاتف باسل، وتلقى مكالمة هاتفية من نسمة."نسمة!" قال باسل بصوت ناعم بعد أن أجاب على المكالمة."أين أنتم الآن؟ هل هناك أي أخبار عن ري ري؟" صدر صوت نسمة المتوتر من الهاتف."نسمة، لا تقلقي، ري ري بخير الآن" رد عليها باسل."هل وجدتم ري ري؟" كان صوت نسم
"ماذا؟"عندما سمع صوت ري ري، ارتعش جسد باسل بشكل واضح، وتوقف عن السير."كيف الوضع يا منى؟" تحدث آدم بلهجة ثقيلة على الهاتف، بينما كانت عينه اليمنى ترتعش بشكل غير إرادي."أبي...... أنقذني......" صرخت منى بصوت مرتفع عبر الهاتف: "إنه...... إنه يريد قتلي......""مرري الهاتف له!" قال آدم بعد أن زفر نفسًا عميقًا."حسنًا...... حسنًا......" أسرعت منى وأعطت الهاتف إلى باسل بيد مرتجفة: "إن...... ابنتك تريد التحدث معك......"صراخ!أخذ باسل نفسًا عميقًا، ثم أمسك الهاتف ونظر إليه."أيها الشاب، إذا تجرأت على المساس بمُنى، فلن ترى ابنتك مجددًا!"قال آدم، وقام بتوجيه الكاميرا نحو ري ري.صوت صفعة!وبعدها مباشرة، صفع ري ري على وجهها، تاركًا علامة واضحة لكفه على خدها."أيتها الطفلة غير الشرعية، أليس لديك شوق لوالدك؟ نادِ عليه الآن!" قال آدم ببرود.صوت دوي!رؤية هذا المشهد أشعل غضبًا هائلًا داخل باسل، تفجر على شكل هالة قاتلة اجتاحت قاعة المكان بأكملها، بينما امتلأت عيناه بلمعان قاتل.على الفور، انهارت مُنى أمامه وسقطت على الأرض بضعفٍ شديد."أبي...... أخيرًا ري ري ترى والدها...... هل أنت حق
منزل آدم في مدينة الشيخ زويد.يقع المنزل على سفح جبل شرق المدينة، في موقع ذا طبيعة خلابة، تحيط به الجبال والمياه، مما يجعله كقطعة من الجنة.لطالما كانت لعائلة آدم كبرياؤها الخاص.في هذه المدينة، حتى عندما تقابل الشخصيات البارزة والنخب الاجتماعية أفراد عائلة آدم، يحرصون على إلقاء التحية بحرارة.قد لا تكون عائلة آدم في مدينة الشيخ زويد متفردة بسلطة مطلقة، لكنها قريبة من ذلك؛ فنادرًا ما كانت تواجه عائقًا أمام ما تريد إنجازه. لكن في هذه اللحظة، لم تعد ساحة قصر عائلة آدم تضج بالحركة والضيوف كالمعتاد، بل على العكس، خيمت أجواء ثقيلة ومتوترة على المكان، وكأن الهواء ذاته بات مثقلًا بالضغط.في الساحة الواسعة داخل بوابة القصر، وقف أكثر من ألف شخص متجمعين.من بينهم، حوالي خمسمائة فرد يرتدون زيًا موحدًا يحمل شعار(قاعة آدم لتعليم الفنون القتالية)، حاملين أسلحة باردة، ملامحهم مشدودة وأعينهم تلمع بالحذر.إلى جانبهم، حوالي مئة رجل يرتدون بدلات سوداء ونظارات شمسية، بوجوه صارمة تخلو من التعبير، وأحزمة خصرهم المنتفخة تدل على وجود أسلحة نارية بحوزتهم.أما المجموعة الثالثة، فتضم حوالي ثلاثمئة فرد،
قال رئيس عائلة زهران بنبرة جادة وهو ينظر إلى الرجلين، محاولًا إظهار نفسه أمام آدم:"أيها الفتى، من أنتما بحق الجحيم؟ كيف تجرؤان على التصرف بوقاحة هنا؟ هل تعرفان أين أنتما؟"رد باسل بنظرة باردة: "ومن أنت؟""أنا رئيس عائلة زهران من مدينة الشيخ زويد. أنصحكما نصيحة أخيرة، إذا كنتما لا تريدان الموت، فاركعا فورًا واعتذرا للسيّد آدم، ربما يمكنكم بذلك......""لديك دقيقة واحدة فقط للتفكير، إذا لم تأخذ رجالك وترحل فورًا، فابتداءً من الغد، لن يكون هناك شيء يُدعى عائلة زهران في مدينة الشيخ زويد!""ماذا؟" ارتبك رئيس عائلة زهران للحظة، ثم انفجر ضاحكًا بصوت عالٍ، وقال: "هذا أطرف شيء سمعته في حياتي! أنت كوميدي رائع!""تبقى نصف دقيقة""أيها الفتى، هل تنتظر رؤية كفنك قبل أن تبدأ بالبكاء؟"قال باسل ببرود: "يؤسفني أنك اتخذت الخيار الخطأ. تذكّر كلماتي جيدًا!"في تلك اللحظة، تدخل رئيس عائلة الغانم قائلاً بابتسامة ساخرة: "أيها الفتى، هل أتيتما هنا فقط لإضحاكنا؟""ومن تكون أنت الآن؟"قال رئيس عائلة الغانم بابتسامة باردة: "أنا رئيس عائلة الغانم من مدينة الشيخ زويد""هل ستخبرني أيضًا أنني أملك دقيق
عند رؤيته......أي سيف عمرو الذي أشهره،عندما كان على بُعد حوالي عشرة سنتيمترات فقط من رأس باسل،تمكن الأخير من الإمساك به بين إصبعيه!لم يتحرك السيف حتى ملليمترًا واحدًا!يا إلهي، هل نحن في فيلم سينمائي؟كيف لضربة بهذه القوة أن يوقفها إصبعان فقط؟هل يمكن أن تزداد الأمور غرابة عن هذا؟طق!بدأ جبين عمرو يتصبب عرقًا،وجسده كله ارتجف دون أي سيطرة.كان يعلم تمامًا، من أعلى رأسه وحتى أخمص قدميه،أنه قد واجه الآن خصمًا من الطراز الأول،شخصًا يزرع بداخله شعورًا تامًا بالعجز واليأس."أنت...... أنت من تكون بحق السماء؟" قال عمرو بصوت مرتجف بعد أن ابتلع ريقه بصعوبة.صوت فرقعة!لم يجب باسل، لكنه استخدم القليل من القوة بأصابعه،لينكسر السيف الفولاذي الصلب بصوت مدوٍ.بعدها، ومع حركة خفيفة من معصمه، طار النصف الأمامي من السيف مثل البرق، مستهدفًا شجرة كبيرة قريبة.صوت سقوط الشجرة!انقسمت الشجرة إلى نصفين، وسقطت بصوت مدوٍ، مع أوراق تتطاير في الأرجاء.انكسر الجذع الكبير للشجرة من منتصفه، وانهار بقوة، وتطايرت أوراقه في الهواء كما لو كانت أمطارًا.أصوات شهيق!انتشر صوت مفاجئ من الحضور الذين ا
"حسنًا!" هتف مائتا رجل من الشرطة في آنٍ واحد.عند سماع ذلك، تراجع كل من تقدم لاعتراض سبيل رجال الشرطة.الأمر ليس مزحة، هؤلاء الرجال يحملون بنادق آلية حقيقية، والاقتراب منهم يعني الموت المحقق!لم تمضِ لحظات حتى تفرّق رجال الشرطة إلى كل مكان لتفتيش القصر ."رامي، أنت......" صرخ آدم، واحمر وجهه غضبًا.انتابته نوبة من الغضب، ولم يعد يحتمل المزيد، فلوّح بيده وأمر رجاله: "أيها الحراس، امسكوا برامي وقيدوه!"طاخ! طاخ! طاخ!في تلك اللحظة، كان هناك صوت خطوات متزامنة ومنظمة تأتي من مدخل القصر.وفي نفس الوقت، اجتاحت أجواء قصر عائلة آدم هالة قاتلة مكثفة، وبدت وكأنها تسحق الأنفاس.وباستثناء باسل ولؤي، شعر جميع الموجودين بضغطٍ هائلٍ أشبه بجبلٍ ينهار عليهم، حتى أن بعضهم لم يستطيعوا كبح أنفسهم عن الارتجاف.بعد لحظات، ظهرت مجموعة مكونة من ألف رجل أمام مرأى الجميع.كانوا جميعًا يرتدون أزياء أنيقة، ويحملون سيوفًا حدباء على خصرهم، وعيونهم تفيض بالعزم، وهيبتهم تعج بالقوة التي لا تُقهر!"بصفتي حاكم المنطقة الشرقية، أقدم تحياتي لسيادة القائد الأعلى، نحن في انتظار أوامرك"بطبيعة الحال، كان الرجل