الفصل 13
"أنتم...... أنتم لا تفهمون حقًا ما تعنيه عائلة آدم!" قال سعيد وهو يأخذ نفسًا عميقًا، محاولًا الحفاظ على رباطة جأشه قبل أن يواصل الحديث.

"أعدكم أنكم ستندمون جميعًا على ما فعلتم!"

"في هذه المدينة -الشيخ زويد- لم يجرؤ أحد قط على تحدي عائلة آدم بهذا الشكل!"

"ليس فقط أنتما الاثنين، بل حتى عائلة نسمة بأكملها ستُدفن معكم!"

رد لؤي بلا مبالاة قائلاً: "أنت حقًا أحمق!"

وفي تلك اللحظة، تسللت إلى ذهن لؤي صور حية من ساحات القتال.

ذكريات محفورة بدماء وجثث لا تُحصى، مشاهد القائد الأعلى، وهو يقف وحده في قلب المعركة، سيفه يلمع كوميض برقٍ قاتل، والجثث متناثرة في كل مكان كأنها مناظر من الجحيم ذاته، عادت تتكرر في ذهنه.

قوة قتالية من هذا المستوى، هل يمكن لعائلة مثل عائلة آدم أن تقاومها؟

إنهم حقًا جهلاء لا يعرفون حدودهم!

صوت رنين الهاتف!

بعد لحظات، رن هاتف باسل، وتلقى مكالمة هاتفية من نسمة.

"نسمة!" قال باسل بصوت ناعم بعد أن أجاب على المكالمة.

"أين أنتم الآن؟ هل هناك أي أخبار عن ري ري؟" صدر صوت نسمة المتوتر من الهاتف.

"نسمة، لا تقلقي، ري ري بخير الآن" رد عليها باسل.

"هل وجدتم ري ري؟" كان صوت نسمة مليئًا بالحماس.

"نعم!" قال باسل مجددًا: "نسمة، انتظريني في المنزل، سأعود مع ري ري قريبًا"

"ماذا تعني بذلك؟" تردد صوت نسمة :"ألم تخرج ري ري من الخطر بعد؟"

"نسمة، لا داعي للقلق، أعدك أن ري ري لن يصيبها مكروه!" قال باسل.

سألته نسمة: "من هؤلاء الذين اختطفوا ري ري؟"

رد باسل عليها: "نسمة، لدي بعض الأمور هنا، سأغلق المكالمة الآن، وسأشرح لكِ كل شيء لاحقًا" قال باسل، ثم أغلق الهاتف.

لم يكن هناك فائدة من إزعاج نسمة بالكثير من التفسيرات، لأنها لن تفيد سوى في زيادة قلقها، لذا كان من الأفضل أن ينتظر حتى يُنقذ ري ري ثم يشرح لها كل شيء بهدوء.

مرت ساعة بسرعة، وكأنها لحظة واحدة.

"من المحتمل أن يكون أفراد من عائلة آدم قد وصلوا" قال لؤي بعد أن شرب رشفة من الشاي.

"كما توقعت، آدم لا يمكنه ترك ابنه بين أيدينا لمدة ثلاث ساعات دون أن يتحرك" رد باسل بهدوء.

طخ! طخ! طخ!

ما إن أنهى سليم كلماته، حتى اندفعت مجموعة كبيرة من الأشخاص عبر مدخل مقهى الشاي.

تقدمتهم امرأة في منتصف الثلاثينيات، ذات ملامح جذابة إلى حد ما، تزينها المجوهرات البراقة، وبدا على وجهها تعبير متعجرف يوحي بأنها صاحبة الكلمة العليا.

كان جميع من خلفها يرتدون زيًا موحدًا، وعلى صدورهم شعار يحمل عبارة (أمن آدم).

أما خلف المرأة، فوقف عشرة رجال يحمل كل منهم مسدسًا من نوع (ديزرت إيغل)، بينما تسلّح البقية بمختلف أنواع الأسلحة البيضاء.

فضلًا عن الأربعين أو الخمسين شخصًا الذين اقتحموا المقهى، كان هناك أيضًا حوالي مائتي شخص آخرين يحاصرون المكان في الخارج، جميعهم يرتدون الزيَ الرسمي لشركة الأمن.

حين رأى سعيد المرأة، ارتفع صوته صارخًا بصوتٍ مبحوح ككلبٍ جريح: "أختي...... أنقذيني......"

"ماذا!" عندما رأت منى شقيقها على هذه الحالة المهينة، اجتاحت وجهها موجة من الغضب البارد، كأنها تنذر بعاصفة وشيكة.

نظرت إلى باسل، وضاقت عيناها بغضب مكتوم، ثم قالت بنبرةٍ قاسيةٍ وكلماتٍ مليئة بالتهديد: "أيها الشاب...... يبدو أنك شجاع جدًا!"

تابعت بحدة: "أن تعتدي على أحد أفراد عائلتي –عائلة آدم- في مدينة الشيخ زويد التي تخضع لسيطرتنا، فأنت أول من يفعلها...... وستكون الأخير!"

ابتسم باسل بهدوء وتهكم، ثم رد بنبرة باردة: "لا أعرف إذا ما كنت أول من يفعل ذلك، لكن ما أعرفه تمامًا هو أن لا أحد سيفعلها بعد اليوم!"

"لأن ابتداءً من الغد، لن يكون لعائلة آدم أي وجود في الشيخ زويد!"

"هاهاها......" انفجرت منى بضحكةٍ متعاليةٍ ومليئةٍ بالسخرية، وقالت: "ليس لديك الجرأة فقط، بل يبدو أنك تحب إطلاق النكات أيضًا!"

لكن وجهها تجمد فجأة، لتكمل بصوت ثقيل.

"هل تعتقد أن مجرد القضاء على خالد يمنحك القدرة على تحدي عائلة آدم؟"

"ولمَ لا؟" رد باسل بصوت هادئ.

"أنت حقًا جاهل وشجاع في آنٍ واحد!" سخرت منى بصوت مليء بالاحتقار.

"خالد في أفضل حالاته، مجرد قائد صغير لعصابة تافهة، الفرق بينه وبين عائلتي، كالفرق بين السماء والأرض!"

"إذا كنت تظن أن القضاء عليه كافٍ لإخافة عائلة آدم، فأنت طفل ساذج!"

"ألا تصدق أن هؤلاء الأشخاص الذين جلبتهم معي اليوم قادرين على قتل الكثير من أمثال خالد؟"

"أصدق" أجاب باسل وهو يهز كتفيه بلا مبالاة، وأضاف بابتسامةٍ ساخرة: "لكن، هل أحضرتِ كل هؤلاء فقط لتخبريني أنكم قادرون على قتل الكثير من أمثال خالد؟"

"هُراء!" زفرت منى بغضب، وتابعت بنبرة حادة: "أيها الفتى، هذه فرصتك الأخيرة، أطلق سراح أخي الآن، وبعدها لا بد من كسر يديكما ورجليكما، لكي أترك لكما فرصة للعيش كالكلاب!"

"وإلا سأجعلكما تندمان أشد الندم على قدومكما إلى هذا العالم!"

رد لؤي باستخفاف وهو يحدق بها: "هل كل أفراد عائلة آدم بهذا القدر من الغباء؟"

"ماذا؟" انتفضت منى غضبًا، وقالت: " يجب كسر ذراعك الأخرى أيضًا قبل أن تغادر حيًا لقولك هذا"

"أحقًا؟" ثم التفت لؤي نحو باسل وسأله: "ما مدى الفوضى التي تريدني أن أتركها هنا؟"

رد باسل بنبرة هادئة: "أريد أن تظل السيدة الكبيرة هنا، أما البقية، فإذا رفضوا المغادرة، فلا داعي لبقائهم أحياء."

"حسنًا!" أجاب لؤي وهو يومئ برأسه، وفجأة، انطلق كأنه شبح، تاركًا أثرًا باهتًا خلفه.

ظهرت لحظة من الصدمة على وجه منى قبل أن تصرخ غاضبة بصوتٍ مرتفع: "اقتلوه فورًا!"

بوم! بوم! بوم!

قبل أن تنهي كلامها، رفع الرجال العشرة مسدساتهم من طراز (ديزرت إيغل)، وأطلقوا وابلًا من الرصاص باتجاه لؤي.

طخ! طخ! طخ!

لكن تلك الرصاصات التي انهالت كالمطر، لم تصب سوى الأرض، وتناثرت شراراتها في كل مكان.

بوم! بوم! بوم!

في اللحظة التالية، ظهر لؤي كالشبح أمامهم، وفي غمضة عين، طار الرجال العشرة وكأن إعصارًا ضربهم.

بعضهم لم يحتمل الصدمة وسقط غارقًا في دمائه، وتفجرت الدماء من أفواههم، وحاولوا فتح فمهم للتفوه، لكنهم لم يتمكنوا من قول كلمة واحدة قبل أن يميلوا برؤوسهم ويفارقوا الحياة.

"اقتلوه!"

عند رؤية هذا المشهد، صرخ من تبقى من الرجال بصوتٍ غاضبٍ، ورفعوا أسلحتهم وتقدموا نحو لؤي.

أما في الخارج، وبعد هذا المشهد المروّع، تدفق حوالي مئة رجل آخرين إلى قاعة الشاي، ولو كانت تتسع المزيد، لكانوا اقتحموا جميعًا بلا تردد.

ولكن، كل ذلك كان عبثًا!

النتيجة كانت محسومة؛ في أقل من ثلاث دقائق، كان أكثر من مئة رجل مطروحين أرضًا، بين قتيل ومصاب، فيما تردد صدى صرخات الألم في أرجاء المكان.

أما من تبقى من الرجال في الخارج، وعددهم نحو مئة، فقد وقفوا هناك مرتجفين، وأوجههم مليئة بالذعر، دون أن يجرؤ أحدهم على التقدم خطوة أخرى نحو الداخل.

"كي......كيف يمكن هذا؟"

كانت منى تقف في زاوية المكان، تحدّق بالمشهد أمامها بصدمة كبيرة، وكان جبينها يتصبب عرقًا، كما كانت ترتجف بشدة، غير قادرة على السيطرة على جسدها.

"إذن؟ هل يمكنك الآن أن تخبريني إذا كنت أملك القدرة على تحدي عائلة آدم؟" قال باسل بهدوء وهو يسير نحوها بخطوات بطيئة.

"أنتَ...... لا تقترب!" قالت منى بصوتٍ مرتعش.

"ألم تطلبي مننا قبل قليل أن نكسر أيدينا وأرجلنا بأنفسنا؟" قال باسل وهو يقترب منها بهدوء.

"سأمنحك نفس الفرصة الآن، اكسرري يدًا وساقًا بنفسك، وسأدعك تغادرين حية، ما رأيك؟"

"ابنتك...... لا تزال في أيدينا...... إذا تجرأت على إيذائي، فلن تبقى ابنتك على قيد الحياة!"

قالت منى بصعوبة، ثم سارعت بسحب هاتفها من جيبها لتتصل بوالدها عبر مكالمة فيديو.

كان هذا ما أوصاها به والدها آدم، قبل أن تغادر؛ أخبرها بأنها إذا واجهت خطرًا، عليها أن تتصل به فورًا لجعل الطفلة رهينة لحماية نفسها.

في البداية، ظنت منى أن والدها كان قلقًا أكثر من اللازم؛ فقد جاءت ومعها هذا العدد الكبير من الرجال لمواجهة شابين غريبين، فما الخطر الذي قد تواجهه؟

لكنها الآن كانت ممتنة للغاية لهذا التوجيه، فلولا تلك الخطة الاحتياطية، لكانت في موقف لا تُحسد عليه.

"أنت...... أنت رجل شرير! أطلق سراحي!" جاء صوت طفولي من مكبر صوت الهاتف المحمول.

"والدي سيأتي لإنقاذي قريبًا...... والدي بطل كبير...... لن يدعك تنجو بفعلتك أيها الشرير!"

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP