بعد مرور ساعة.توقفت سيارة لاند روفر أمام ناطحة سحاب لم يتم إفتتاحها بعد بوسط مدينة العريش."أهذا هو برج العريش إذًا؟" سال باسل أثناء نزولهما من السيارة، وعلت وجهه تعبيرات معقدة.كانت تلك أكبر أمنية لوالده بالتبني قبل أن يموت؛ وهي أن يحول هذا الصرح الأضخم إلى أيقونة مدينة العريش، فيتبادر إلى الذهن فور ذكر اسم المدينة.ووفقًا للمشروع، فكان البرج سيضم بعد اكتماله مراكز تسوق فاخرة، أماكن ترفيهية، فنادق، ومكاتب عمل.لكن للأسف، حلّت مأساة والده بالتبني قبل انتهاء المشروع."نعم" أجاب لؤي."تم تعليق المشروع بعد حادثة والدك، وأخذت الجهات المعنية بالعريش تبحث عن مستثمرٍ جديد""لكن نظرًا لارتفاع تكلفة المشروع، والفال الشؤم الذي ارتبط به فلم يُقبل أحد على تولي المشروع""وفقًا للتعليمات التي تلقيتها منك منذ سنة، تواصلت مع فتحي ليأتي للعريش ويتولى المشروع""فأسس فرعًا لشركة الأربع بحار في العريش، وبعد عام من الإنشاء، اكتمل المشروع الآن وأصبح في مرحلة استقطاب المستثمرين""همم" أومأ باسل برأسه وقال: "يبدو أن فتحي هذا جدير بالثقة"صوت مكابح السيارة!في تلك اللحظة، دوى صوت مكابح سيارات بال
بعد ذلك، نظر فتحي إلى لؤي، وقال: "سيد لؤي! طال غيابك، لقد اشتقت إليك!""اغرب عن وجهي، لا أكترث بأمرك" قال لؤي وهو ينظر إليه بازدراء."آه!... أرجوك يا سيد لؤي، لا تسيء سمعتي أمام الآخرين" قال فتحي وهو يعض على شفتيه، ثم التفت للنظر إلى باسل."سيد باسل، هذا المكان لم يُفتتح بعد، أتريك الذهاب لشركتنا قليلًا؟""دعنا نجلس في السيارة قليلًا" قال باسل وهو يتفحص المبنى مرةً أخرى، ثم اتجه للسيارة.سأل فتحي باسل ما إن ركب ثلاثتهم السيارة: "سيد باسل، لطالما كنت بالأراضي الغربية، فلما قررت المجيء إلى العريش فجأة؟""أحسنت صنعًا يا فتى، مرت سنتان منذ أن رأيتك آخر مرة، وقد فقدت كثيرًا من الوزن" قال باسل بدون أن يعلق على حديثه."هاها! أليس هذا ما طلبته مني؟" قال فتحي بضحكةٍ بسيطة."مارست التمارين الرياضية بانتظامٍ طوال السنتين الماضيتين، وأخيرًا، حققت هدف خسارة الوزن الذي حددته لي""جيد! يبدو أنك تمتلك بعض الإرادة" قال باسل بابتسامة."أشكرك على المديح يا سيد باسل" قال فتحي بابتسامة: "هل أبدأ بإبلاغك عن مستجدات مشروع برج العريش؟""لا داعي لذلك" قال باسل بإيماءة: "أنا أثق بك، يمكنك اتخاذ القرا
"ماذا؟" بمجرد أن سمع حديث فتحي، ارتجف المسن وعلت وجهه الدهشة.أخيرًا أدرك الشيخ السبب وراء كل هذا التبجيل الذي أبداه السيد فتحي.فرجلٌ واحد يقف على حدود البلاد، جعل جميع الفاسدين من حوله يرتعدون لمجرد سماع اسمه.فهو سيفٌ ملطخٌ بالدماء، ما إن يُستل حتى تمتلأ الأرض من حوله بالجثث، وتتدفق منها أنهار من الدماء.قلة فقط من الناس قد لا ينحنون لمثل هذا الرجل!"حتى حياتي أنا شخصيًا، قد أنقذها السيد باسل، ولولا مساعدته لكنت الآن ترابًا" أكمل فتحي."وكل ما أنجزته من إنجازاتٍ وثروة هي في الأصل بفضل السيد باسل""فبإمكاننا القول أن فضل السيد باسل علي أكبر من فضل والديّ"امتلأت عينا فتحي بالمتنان والتبجيل أثناء حديثه.وكذا لمعت في عيني الشيخ أسامة علامات التبجيل وهو يقول: "فهمت"رنين!وفي ذات الوقت، أصدر هاتف لؤي صوتًا عن تلقيه رسالة داخل سيارة اللاند روفر.قال بعد أن قرأ محتوى الرسالة: "سيدي القائد، تم تحديد أماكن تواجد الأسياد الثلاث الكبار" "رائع، دعنا نذهب لمقابلتهم إذًا" قال باسل وبعينيه قسوة وتعطش للقتل.بوم!ضغط لؤي بقوة على دواسة الوقود، فاندفعت اللاند روفر بسرعة البرق.يقع
بوم! بوم! بوم!سقط الجميع -بما فيهم محمود- أرضًا من الخوف، وأخذت وجوههم الشاحبة تتصبب عرقًا.كادت عجلات الهامر تسحقهم لولا توقفها في اللحظة الأخيرة.بوم!ترجل من سيارة الهامر رجلان يرتديان ملابس فاخرة وسيوفٍ حدباء على خصريهما، تعبراتهما صارمة، ونظراتهما حادة."من أنتم بحق الجحيم؟ ألا تعرفون أي مكانٍ هذا؟ أم أنكم لا تخشون الموت؟"تنفس محمود بعمقٍ محاولًا كبح غضبه، إلا أنه سرعان ما صرخ غاضبًا."يا للعجب! كيف يجرؤ أحدهم على إثارة الفوضى بقصر النجوم؟""إذًا أنت محمود" قال الرجل ببرود وهو يطالع صورة على هاتفه.صرغ محمود بغضب: "من أنتم أيها الأوغاد؟"بوم! بوم! بوم!وفجأة، تقدم فريق من الرجال بملابس سوداء، يحمل كلًّا منهم عصا كهربائية، وعلى وجههم تعبيرات شرسة.قال قائدهم بصوتٍ مرتفع: "ما الخطب يا سيد محمود؟""لا تضيع الوقت بالحديث! اقضوا عليهما فورًا!" قال محمود بغضب: "اكسروا ذراعًا وساقًا لكل واحدٍ منهما""علم!" قال القائد، ثم رفع يده مشيرًا لرجاله، فتقدم نحو خمسة عشر رجلًا وهرعوا باتجاه الرجلين."يا للتهور!" قال أحد الرجلين مستلًا سيفه الأحدب، ثم تحرك بسرعة البرق.وفي أقل من
بدت الشمس الغاربة التي تملأ السماء مثل بقعة الدماء بين الرمال الصفراء.في الأراضي الغربية للإقليم، وعلى بُعد ما يزيد عن مائة كيلومتر داخل حدود العدو.انتهت معركة مروّعة بعد أن دامت لثلاثة شهور، بدت ساحة المعركة مثل الجحيم على الأرض، حيث الأشلاء، والجثث المنتشرة في كل مكان، وكل شيء مُلطخ بالدماء.جلس شاب على الأرض حاملًا سيفًا، ومرتديًا ملابس عادية، وترقد بالقرب منه جثة مقطوعة الرأس.يُدعى ذلك الشاب العاديّ باسل، وهو القائد الأعلى لكتيبة الدم والظل، كما أنه حاكم الأراضي الغربية.أما تلك الجثة مقطوعة الرأس فهي لقائد جيش العدو، وهو مُحارب جامح!صوت حفيف! وسرعان ما ظهر خمسة أشخاص من اتجاهاتٍ مختلفةٍ، ثم ركع كل منهم على ركبةٍ واحدةٍ أمامه.كانوا يرتدون الزي الحربي، وظهر عليهم الهيبة، والشرف، كما انبعثت منهم رائحة الدم التي تخنق الأنفاس."أيها القائد، لقد أُبيد جيش العدو بالكامل!" قال الرجل ذا الزي الحربي الذي يترأس الكتيبة.إنه يُدعى لؤي، وهو نائب القائد باسل.أما الأربعة الآخرون، فهم قادة الجيوش الأربعة في كتيبة الدم والظل، صلاح، وفهد، ومالِك، وسالم."انهضوا، استريحوا قليلًا
تقع مدينتي الشيخ زويد، ورفح بجانب مدينة العريش داخل حدود المنطقة.خرجت سيارة فارهة بدون لوحة ترخيص من مصنعٍ مهجورٍ، واندفعت نحو الضواحي.تضمنت السيارة ثلاثة رجال ذوي وشوم، بالإضافة إلى السائق، وطفلة صغيرة في الرابعة أو الخامسة من عُمرها.بدت الطفلة شاحبة الوجه، وعيناها الكبيرتان مليئتان بخوفٍ لا نهائي، وجسدها يرتجف قليلًا."كيف فعلت ذلك؟" نظر الرجل ذو الندبة بوجهه إلى الرجل الأصلع، وقال بصوتٍ غاضب."طلبت منك مراقبة هذه الطفلة الصغيرة، ولم تكن تعرف حتى أنها تحمل هاتفًا!""عذرًا أيها القائد، لقد كان ذلك خطأي" أجاب الرجل الأصلع سريعًا."لم أتوقع أن تكون كبيرة لهذا الحد الذي يسمح لوالدتها بأن تشتري لها هاتفًا!""كن أكثر حذرًا بالمرة القادمة." رد الرجل ذو الندبة بصوتٍ حاد."لولا أننا اكتشفنا الأمر بالوقت المناسب، لكانت اتّصلت بشخصٍ ما، مما سيوقعنا نحن الأربعة بورطة كبيرة.""فهمت أيها الزعيم" رد الرجل الأصلع، وأومأ برأسه بقوة."أيها الزعيم، من الذي يريد هذه الطفلة؟ لقد دفع أجرًا كبيرًا، لا بد أنه ليس شخصًا عاديًا." سأل رجل آخر ذو شعر قصير."لا تسأل عما لا يجب أن تسأل عنه. قم بعمل
قبل ساعة، على حدود المنطقة، في مكان مهجورة تبلغ مساحته عشرات من الكيلومترات.كان هناك شخصان يطارد أحدهما الآخر كالأشباح، يركضان بسرعة كبيرة.كان الشخص الذي بالمقدمة رجلًا في الأربعين من عُمره.بدا وجهه شرسًا، وبه ندبة عميقة بطول 10 سنتيمترات على وجهه، يحمل سيفًا كبيرًا لامعًا، وتنبعث من جسده رائحة دماء قوية.أما من خلفه، فهو شاب في السادسة والعشرين أو السابعة والعشرين من العمر.كان وسيمًا، يرتدي ثيابًا أنيقة، تحيط به رغبة بالقتل، يحمل خنجرًا فولاذيًا منحنيًا مكتوبًا عليه بوابة الظلال. كان هذا السلاح يُعرف باسم (سيف القمر البارد)."أيها المُفتش، لقد طاردتني لثلاثة أيام وثلاث ليالٍ. هل ترى أن راتبك الزهيد يستحق هذا العناء؟"وقف الرجل ذو الندبة بجانب النهر، يرمق الشاب خلفه بنظرات شرسة."إنك سفاح عديم الضمير، لقد قتلت الأبرياء، وارتكبت جرائم شنيعة." توقف المُفتش في الوقت نفسه: "ستكون نهايتك اليوم.""همم!" ضحك السفاح بسخرية: "هل تعتقدون، أنتم أعضاء منظمة بوابة الظلال، أنكم أبطال العالم؟""هل بإمكانكم قتل جميع الأشرار بالعالم؟""سنُكافح الفساد، ونحمى الأخيار، ونُعاقب المذنبين،
قال فايز بسخرية: "أحقًا يمكنك فعل أي شيء؟"ردت نسمة بصوتٍ مرتجف: "حقًا...... حقًا......""هاها، ترفض العرض ثم تخضع له بالإجبار!" ضحك فايز بسخرية، ثم تغيرت نبرته فجأة إلى الجدية."ليس مستحيلًا أن أساعدك في العثور على هذه اللقيطة، لكن بشرطين!""الأول؛ اجلسي بجانبي الآن، ودعيني أستمتع ببعض المرح هذا اليوم.""الثاني؛ بعد أن أجد هذه اللقيطة، يجب أن ترافقيني لمدة شهر كامل دون أي اعتراض، تكونين تحت أمري متى شئت!""أنا...... أوافق......" عضّت نسمة على شفتيها بشدة وأومأت برأسها."إذًا، لماذا لا تأتي إلى جانبي بسرعة؟" قال فايز وهو يربّت على المكان الفارغ بجانبه: "ابدئي بتدليك جسدي أولًا!""بعدما أشعر بالراحة، سأتصل فورًا بمن يساعدك في العثور على تلك اللقيطة!""آمل فقط أن تكون كلماتك صادقة......" قالت نسمة وهي تأخذ نفسًا عميقًا آخر، ثم نهضت لتجلس بجانب فايز."هيا إذًا!" قبل أن تجلس نسمة بجانبه، جذبها إليه فجأة واحتضنها بين ذراعيه.بوم!في هذه اللحظة، تحطم باب الغرفة كأنه مصنوع من ورق، وتطايرت شظايا الخشب في كل اتجاه.وفجاةً ظهر باسل عند باب الغرفة، واقفًا بصمت بينما يتطاير الغضب من ع