آنسة نسمة، إلى أين تذهبين؟" صاح لؤي وهو ينظر إلى نسمة التي كانت تسير في الممر بعد أن انتهى للتو من التحدث مع فايز.ولكن تجاهلته نسمة تمامًا، وسرعان ما اختفت عند زاوية الدرج."أوقفوا نسمة!" خرج باسل مسرعًا من الغرفة وصرخ بصوت عالٍ.بعد سماعه لكلمات نسمة المليئة بالدموع، بدأ يشعر بأنه ربما أساء فهمها."عُلم!" استدار لؤي واندفع لملاحقتها.لكنه بالكاد قطع خطوتين عندما رن هاتفه، وبينما كان يركض، أمسك بالهاتف وأجاب."حقًا؟" في اللحظة التالية، توقف لؤي فجأة عن الركض.لم يُعرف ما قاله الطرف الآخر على الهاتف، لكن لؤي عبس وقال: "سنأتي فورًا!""ماذا حدث؟" سأل باسل الذي كان قد وصل إلى جانبه."تم العثور على الأشخاص الأربعة الذين اختطفوا ري ري!" قال لؤي بصوتٍ مضطربٍ بعد أن أغلق الهاتف: "لكنهم قد ماتوا بالفعل!""ماذا؟" عبس باسل ونظر نحو الاتجاه الذي اختفت فيه نسمة، ثم قال بعد لحظة من التردد: "لنذهب ونرى!"بالنسبة له الآن، إنقاذ ري ري كان أهم شيء.صوت انطلاق السيارة!بعد ثلاث دقائق، ضغط لؤي بقوة على دواسة البنزين، وانطلقت السيارة بسرعة هائلة."أيها القائد، ربما أسأت فهم الآنسة نسمة!" قال
"يتصرف الطرف الآخر بأسلوب مُحترف، لذلك ربما سيكون من الصعب كشف هذا اللغز بوقتٍ قصير" قال باسل بصوتٍ حاد داخل السيارة."هل ترغب بمقابلة السيدة نسمة مُجددًا؟" أومأ لؤي برأسه قليلًا: "هل ترى أن بإمكانها تقديم بعض الأدلة؟""نعم"رد باسل بعد أن أخذ نفسًا عميقًا.صوت المُحرك!أمسك لؤي هاتفه، وأرسل رسالة يطلب بها تتبع موقع نسمة، ثم ضغط على دواسة الوقود لينطلق.بعد نصف ساعة، توقفت سيارة لؤي عند مجمع سكني قديم الطراز.وصلوا إلى مبنى متهالك بعد مرورهم بعد منعطفات، وتوقفوا أمامه."تُقيم السيدة نسمة في الطابق الأول مع أختها ووالديها." قال لؤي وهو ينظر إلى باسل الجالس بمقعد الراكب.تنهُد عميق!أخرج باسل نفسًا عميقًا.أخذ ينظر إلى المبنى المتهالك، وتظهر عليه تعابير الندم: "لقد تسببت في معاناة عائلتها بأكملها!"قال هذا ثم نزل من السيارة."أبي، أرجوك، ساعدني واطلب من جدي مرة أخرى أن يرسل شخصًا للبحث عن ري ري......"عندما اقتربا من مدخل المبنى، سمعا صوت نسمة تتوسل باكيةً."آه...... لا تظني أنني لا أريد مساعدتك، كما رأيتِ بالأمس، عائلة فريد لا يسمحون لي حتى بدخول البوابة الرئيسية، لم أتمكن
"أنتما الاثنان هنا حقًا!" صرخ الشاب النبيل وهو يشير إلى باسل والآخر، ضاغطًا على أسنانه بغضب. "قلت لكم من قبل، سأجعلكم تعرفون عواقب التلاعب معي!""أقسم أنني سأسلخكم أحياءً""هل تعرفه؟" نظر باسل إلى الشخص الآخر ثم التفت إلى لؤي.كان وجه الشاب النبيل قد تشوه بالكامل تقريبًا، ولم يتمكن من التعرف عليه في هذه اللحظة."هو ابن عائلة النصر!" قال لؤي وهو يهز كتفيه."كان عليك أن تكون أكثر قسوة معه." ابتسم باسل ابتسامة خفيفة، ثم وجه حديثه إلى فايز بنبرة جادة:" ليس لدي وقت الآن للعب معك، إن لم ترد أن تموت، فاغرب عن وجهي فورًا، وإلا فاعلم أن كل العواقب ستكون على عاتقك!""هل أنت...... أنت فايز؟" صاحت إلهام بدهشة عندما سمعت حديثهم.في سماء مدينة الشيخ زويد، كيف يجرؤ أحد على ضرب الابن الأكبر لعائلة النصر بهذه الطريقة؟ هل يريدون الموت؟عائلة النصر هي العائلة الثانية من حيث القوة بمدينة الشيخ زويد!كان فايز، كابن للعائلة، دائمًا محط احترام الجميع أينما ذهب، لكنه الآن أصبح بهذا الشكل.بعد سماع كلام إلهام، أدرك عاطف وزوجته من هو فايز، وظهرت عليهما علامات الدهشة الشديدة."فايز، من فعل بك هذ
"لا تقلقوا يا عمي ويا آنستان!" قال لؤي بينما كان يساعد ناهد على النهوض."فقدت العمة وعيها مؤقتًا بسبب ارتفاع الضغط الناتج عن شدة الانفعال، دعوها تستريح في الغرفة لبعض الوقت وستكون بخير."وبعد أن قام عاطف وابنتاه بمساعدة ناهد على الدخول إلى الغرفة، التفتت نسمة نحو باسل وقالت بنبرةٍ قلقة: "يجب أن ترحل فورًا، اترك مدينة الشيخ زويد الآن. إذا استيقظ فايز، فلن تفلت منه بالتأكيد!"لكن باسل تجاهل كلماتها، وقال لها: "نسمة، لم ننتهِ من حديثنا عن موضوع ري ري، فكّري جيدًا، هل حدث أي شيء غير طبيعي مؤخراً؟"أجابت نسمة وهي تحاول كبح دموعها: "عائلة النصر هي ثاني أكبر عائلة في مدينة الشيخ زويد، لن تستطيع مواجهتهم. عليك أن تهرب فورًا......"رد باسل بنبرةٍ حازمةٍ: "نسمة، لا تقلقي. أعدك أنني سأكون بخير، ولكن ري ري......"قاطعته نسمة بصوتٍ مرتفعٍ: "هل تفهم ما أقول؟ إذا لم تهرب الآن، سيتم قتلك!"رفع باسل صوته قليلاً: "نسمة، اهدئي قليلًا، دعكِ من عائلة النصر الآن!""ليس لدينا وقت لنضيعه!"وأضاف بنبرةٍ جادة: "أعيدي التفكير بإمعان، هل ذهبتم إلى أي مكان مميز خلال هذه الفترة؟"قالت نسمة وهي تحاول كبح د
صوت المُحرك!بعد مرور عشر دقائق، ألقى باسل الطبيب بالسيارة بعد أن تلقى الرسالة، وانطلق نحو وجهته.رنين الهاتف!رن جرس الهاتف بعد أقل من عشر دقائق من انطلاقه."تحدث!" أجاب باسل على المُكالمة، ثم قال بصوتٍ حاد."أيها القائد، أنا رامي، لقد توصلنا إلى هوية الأربعة أشخاص الذين خطفوا ري ري." قال رامي عبر الهاتف."لا بد أن رجال خالد هم من طلبوا منهم تنفيذ هذا الأمر...…""أعلم ذلك، إنه الآن في مطعم الزهرة، جهز الرجال لتولي أمر ما سيحدث." قاطعه باسل.أغلق الخط بمجرد أن قال ذلك، ثم ضغط على دواسة الوقود بكل قوته.يُعد مطعم الزهرة أحد أرقى مطاعم مدينة الشيخ زويد.عادةً ما يكون هذا المكان حكرًا على الأثرياء والنخبة، فهو ليس مكانًا يمكن لأي موظف عادي تحمل تكلفته.رفض المطعم اليوم استقبال جميع الزبائن بدايةً من فترة الظهيرة.ويرجع السبب إلى أن السيد خالد يُقيم حفلة عيد مولده الليلة.أغلق الزبائن المتذمرون أفواههم، وغادروا فورًا بمجرد سماع اسم السيد خالد.كان اسمه مثيرًا للرعب في مدينة الشيخ زويد.ليس فقط الأشخاص العادية، بل كان أفراد العائلات الكبيرة يتجنبونه أيضًا.وفي الساعة السادس
بووم! بووم! بووم!تحطمت الطاولات والكراسي المحيطة بالكامل، وانفجرت النوافذ الزجاجية على الجدران إلى شظايا صغيرة، وانهارت طاولة المشروبات بصوتٍ مدوٍ.أما خالد، فقد طار كالقذيفة، مرتطمًا بالجدار القريب، ما تسبب في ثقب كبير فيه، وسقط على الأرضية الأسمنتية بالخارج."كم هو...…قوي!" قال بصعوبة، قبل أن تتدفق الدماء بغزارة من فمه، واهتز جسده قليلًا قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.لم يتوقع أبدًا أن نهايته، وهو سيد المنظمات السرّية في مدينة الشيخ زويد، الرجل الذي أُعجب به الآلاف، ستكون بسبب فتاة صغيرة.لو أُتيحت له فرصة ثانية، لرفض التعامل مع عائلة آدم مهما كلفه الأمر.ولكن لا مجال للعودة، الخير والشر لهما عواقب، وكل شيء يحدث لسبب.صوت تدفق!اندفع الدم إلى قلب باسل، وأُصيب مُجددًا، وتدفق الدم من فمه، مما أضعف هالته."آه..." جثا على ركبتيه، وامتلأت عيناه بالدموع، ثم نظر إلى السماء، وأطلق صرخة حزينة ترددت في السماء.هل تأخّرت فعلا بعد كل ذلك؟لماذا يعاقبني القدر؟لماذا يُعاملني بهذه القسوة؟إن ري ري مجرد طفلة في الرابعة أو الخامسة من عُمرها.صوت خطوات!بعد لحظات، علا صوت خطوات مسرعة
كان سعيد حينئذٍ في أكبر جناح خاص بالطابق الثالث.كان مستلقيًا على الأريكة، يحتضن بيده فتاة جميلة ومثيرة، ويحمل سيجارة باليد الأخرى. كان معه شابان آخران، وكلًّا منهما برفقة فتاة مغرية، وبأيديهم السجائر والمشروبات."تهانينا سيد سعيد! لقد نجحت في إبرام مشروعٍ كبير، نرجو أن تتكرم بدعمنا في المستقبل" قال أحد الشابين، وهو طويل القامة، رافعًا كأسه باتجاه سعيد."هاها، لا تقلق، لن أتخلى عنكم" ابتسم سعيد ابتسامة خفيفة، ورفع كأسه ليُلامس الكأس الآخر."بالمناسبة يا سيد سعيد، كيف حال عملية زراعة القلب الخاصة بابنتك؟ هل وجدتم القلب البديل المناسب؟" سأل الشاب الآخر بعد أن أخذ نفسًا من سيجاره."لقد وجدناه" ابتسم سعيد، وقال: "إذا لم يحدث أي طارئ، ستكون في غرفة العمليات خلال نصف ساعة"عند ذِكر هذا الأمر، ارتفعت معنوياته كثيرًا.لقد انتظرت ابنته هذه العملية لقرابة الشهرين، وخلال هذه الفترة، بذلت عائلة آدم قصارى جهدها حتى حصلوا أخيرًا على غايتهم.أما بالنسبة لحياة الطفلة الأخرى، فلم تكن ضمن اعتبارات سعيد على الإطلاق.في نظره، كل إنسان يولد وله مكانته، وما دام يمكن استخدام قلب طفلة أخرى لإنقا
بعد أن أنهى مكالمته مع آدم، أخرج باسل هاتفه المحمول واتصل برقم رامي."أيها القائد!" لم يكد الهاتف يرن مرة واحدة حتى أجاب رامي.قال باسل بصوتٍ بارد: "أحضر رجالًالتنظيف النادي!" وأضاف: "وأيضًا، قابلني في منزل عائلة آدم بعد ثلاث ساعات!""ماذا؟" أصيب رامي بالذهول لوهلة، لكنه سرعان ما أجاب بصوتٍ عالٍ: "عُلِم!"بعد إنهاء المكالمة، توجه باسل نحو الباب، يتبعه لؤي وهو يحمل سعيد الذي أغمي عليه مجددًا.في الوقت نفسه، عند مدخل أفخم مستشفى خاص في القاهرة:توقفت سيارة مرسيدس بنز أمام المدخل.بداخلها كان آدم يجلس مع مدير عائلة آدم، ورجلين قويين البنية، بالإضافة إلى ري ري الصغيرة، التي كانت مستلقية في المقعد الخلفي فاقدةً للوعي.كان آدم جالسًا وهو في قمة غضبه، وجهه متجهم، ونظراته حادة كالسكاكين، وجسده يفيض بروح قاتلة.لقد مرت ثلاثون سنة أو أكثر دون أن يشعر بمثل هذا الغضب، فكيف يجرؤ شخص في مدينة الشيخ زويد على تحديه؟ اعتبر هذا التصرف بمثابة تحدٍّ علني له، وهو أمر لا يُغتفر.داخل عقله، أصدر حكمًا بالقصاص الشديد على باسل، عازمًا على جعله يتذوق أقسى أنواع العذاب قبل موته لإخماد نيران غضبه.سأل