الفصل 8
"لا تقلقوا يا عمي ويا آنستان!" قال لؤي بينما كان يساعد ناهد على النهوض.

"فقدت العمة وعيها مؤقتًا بسبب ارتفاع الضغط الناتج عن شدة الانفعال، دعوها تستريح في الغرفة لبعض الوقت وستكون بخير."

وبعد أن قام عاطف وابنتاه بمساعدة ناهد على الدخول إلى الغرفة، التفتت نسمة نحو باسل وقالت بنبرةٍ قلقة: "يجب أن ترحل فورًا، اترك مدينة الشيخ زويد الآن. إذا استيقظ فايز، فلن تفلت منه بالتأكيد!"

لكن باسل تجاهل كلماتها، وقال لها: "نسمة، لم ننتهِ من حديثنا عن موضوع ري ري، فكّري جيدًا، هل حدث أي شيء غير طبيعي مؤخراً؟"

أجابت نسمة وهي تحاول كبح دموعها: "عائلة النصر هي ثاني أكبر عائلة في مدينة الشيخ زويد، لن تستطيع مواجهتهم. عليك أن تهرب فورًا......"

رد باسل بنبرةٍ حازمةٍ: "نسمة، لا تقلقي. أعدك أنني سأكون بخير، ولكن ري ري......"

قاطعته نسمة بصوتٍ مرتفعٍ: "هل تفهم ما أقول؟ إذا لم تهرب الآن، سيتم قتلك!"

رفع باسل صوته قليلاً: "نسمة، اهدئي قليلًا، دعكِ من عائلة النصر الآن!"

"ليس لدينا وقت لنضيعه!"

وأضاف بنبرةٍ جادة: "أعيدي التفكير بإمعان، هل ذهبتم إلى أي مكان مميز خلال هذه الفترة؟"

قالت نسمة وهي تحاول كبح دموعها: "لا...... لم نذهب إلى أي مكان مميز."

حين رأت أنها لم تستطع إقناع باسل، لم تصر.

لكن فجأة، كما لو أن فكرة خطرت ببالها، اتسعت عيناها وبدت كمن تذكر شيئًا مهمًا.

"حين سألتني عن حدوث شيءٍ مميز، فبالفعل قد حدث شيءٌ غريب."

"ما هو؟" سأل باسل بسرعة.

أجابت نسمة: "قبل أيام، سقطت ري ري عن طريق الخطأ، فأخذتها إلى مشفى خاص لتضميد جرحها، وحينها لاحظت بالصدفة أن الطبيب أجرى لها فحصاً لتحديد فصيلة الدم."

قالت نسمة بعد أن فكرت للحظة: "عادةً، لا يتم فحص فصيلة الدم لمجرد إجراء بسيط لتضميد جرح، هذا غير طبيعي."

"بالإضافة إلى ذلك، رأيت في درج الطبيب تقارير عن فصائل دم لأطفال آخرين"

"ماذا؟" عند سماع هذه الكلمات، قطّب باسل ولؤي حاجبيهما، وشعرا بقلقٍ غريزيٍ يتزايد في صدريهما.

"أي مشفى هذه؟ وما اسم الطبيب؟"

قال باسل بجدية: "أنتِ بحاجة لاصطحابي إلى هناك فورًا!"

"حسنًا!" أومأت نسمة برأسها، وبدأت توضح الطريق.

بوم!

بعد دقيقتين فقط، ضغط لؤي على دواسة الوقود بأقصى قوة.

إن هذه المشفى التي أشارت إليها نسمة مشفى خاصة مشهورة نسبيًا، تقع في المنطقة التجارية الثانية في شرق المدينة.

إن المسافة من منزل نسمة إلى المشفى تستغرق عادةً نصف ساعة بالسيارة، لكن لؤي وصل إلى هناك في أقل من ربع ساعة.

توقفت السيارة بسرعة أمام مدخل المشفى، ونزل الثلاثة منها مسرعين نحو السلم الداخلي.

"مكتبه في الغرفة رقم 406" قالت نسمة وهي تمشي بخطوات متوترة، ووجهها شاحب للغاية، وبدأت ترتجف بشكلٍ واضح.

في تلك اللحظة، بدأت نسمة تستوعب احتمالًا مرعبًا، ربما تم اختطاف ابنتها ري ري لأجل إجراء عملية نقل أعضاء!

بوم!

عندما وصل الثلاثة إلى باب الغرفة 406، رفع لؤي يده وضرب الباب ضربةً قويةً ليفتحه، حتى تهشم جزء منه.

صرخ الطبيب الجالس على كرسيه في المكتب، مرتديًا معطفًا أبيض اللون، وهو يرتجف: "تبًا لكم، من أنتم؟"

استدار باسل نحو نسمة، وسألها: "هل هذا هو؟"

"نعم" أومأت نسمة برأسها وهي تنظر إليه بخوف.

"من أنتم بالضبط؟ وماذا تريدون مني؟ إذا لم تخرجوا فورًا، سأستدعي الأمن!" صرخ الطبيب مرة أخرى.

طقطقة!

قبل أن ينهي حديثه، تقدم لؤي بخطوة سريعة، وأمسك بمعصم الطبيب ثم لوى ذراعه بقوة، وبدا ذراعه في لحظة على هيئة ضفيرة ملتوية، متدلية بشكل غير طبيعي.

صرخ الطبيب بألم: "آه......!"

"سأسألك مرة واحدة فقط، إذا لم تخبرني بالحقيقة، فسأرسلك فورًا لمقابلة ملك الموت!" تقدم باسل بخطوات ثابتة نحو الطبيب، وصوته العميق ينضح بتهديدٍ قاتل.

في نفس اللحظة، انطلقت من جسده هالة مرعبة أشبه بالصقيع، أحاطت بالطبيب كليًا.

طخ!

تحت تأثير تلك الهالة الساحقة، شعر الطبيب وكأنه سقط في أعماق الجحيم، محاطًا بنظرات شياطين جائعة تترصد خطواته، حتى جسده لم يعد قادرًا على المقاومة، وفقدت ساقاه قوتهما، وانهار على الأرض مرتجفًا.

"ما......ما الذي تريد أن تسأل عنه؟" سأل الطبيب بصعوبة.

صوت خطوات!

تقدم لؤي نحو المكتب وسحب الدرج بعنف، وألقى على الأرض مجموعة من الملفات، كانت كلها تقارير عن فصائل دم أطفال.

عندما رأت نسمة تقرير ابنتها ري ري ضمن الأوراق، بدأت دموعها تتدفق من جديد دون أن تتمكن من السيطرة عليها.

أما الطبيب، فكان جسده يرتجف بعنف وهو ينظر إلى الملفات المبعثرة على الأرض، كان واضحًا أنه أدرك السبب الذي جعلهم يأتون إليه.

"لمن تعمل؟ ومن الذي اختطف الأطفال الذين تطابقت فصائل دمهم؟" سأل باسل بصوت بارد حاد.

"إنه...... إنه رجل يُدعى الأخ ذئب النار، هو من أجبرني على فعل هذا......" أجاب الطبيب دون أي محاولة لإخفاء الحقيقة.

"من هذا الرجل؟" سأل باسل مرة أخرى.

"إنه...... أحد الجنرالات الأربعة حول السيد الرابع، أعتقد أن هذه الأوامر جاءت منه......" رد الرجل بصعوبة، وكاد صوته يختنق.

"أي سيد رابع؟" اشتعلت عينا باسل ببريقٍ من الغضب القاتل.

"خالد......" قال الطبيب بصوت متقطع.

"إنه...... زعيم المنظمات السرية في مدينة الشيخ زويد......"

طخ!

قبل أن ينهي كلماته، وجّه باسل ضربة قوية على عنقه، أفقدته الوعي على الفور وسقط مغشيًا عليه.

"خذوه!" قال باسل بحزم قبل أن يلتفت إلى نسمة، ثم قال لها: "نسمة، عودي إلى المنزل وانتظريني هناك، أنا سأذهب لإنقاذ ري ري!"

"سأذهب معك!" قالت نسمة بصوتٍ مرتفعٍ وهي تمسح دموعها.

رد باسل بنبرةٍ جادة: "الوضع لم يتضح بعد، إذا جئتِ معي، قد تكونين في خطر"

"ثقي بي، سأعيد ري ري سالمة بالتأكيد!"

"لا! لا يمكنني البقاء مكتوفة الأيدي، يجب أن أذهب!" أجابت نسمة بإصرار، وملامحها متجهمة بالعزيمة.

صوت رنين الهاتف!

قطع رنين هاتفها النقاش، فوجدت أن المتصلة هي شقيقتها إلهام.

أجابت بسرعة: "إلهام، ما الأمر؟"

جاء صوت شقيقتها مذعورًا على الطرف الآخر: "أختي، عليكِ أنتِ وباسل الهرب فورًا! غادروا مدينة الشيخ زويد الآن! رجال عائلة النصر يبحثون عنكما في كل مكان......"

طراخ!

انقطع الحديث فجأة، وسمعت صوت الهاتف وهو يسقط على الأرض، يتبعه صرخة مذعورة من شقيقتها: "آه!"

صاحت نسمة بقلق: "إلهام! إلهام، هل تسمعينني؟"

لكن صوتًا رجوليًا وباردًا قاطعها من الطرف الآخر: "إذا كنتِ لا تريدين أن يصيب عائلتكِ مكروه، عودي فورًا مع ذلك الشاب الذي يُدعى باسل، أنا بانتظاركما في منزلكِ."

ثم أردف بنبرة تهديد قاتلة: "لديكِ ساعة واحدة فقط، إذا لم أركما هنا خلال ذلك الوقت......استعدي لتلقي جثث عائلتكِ!"

أُغلق الخط قبل أن تتمكن من الرد.

نظر باسل إلى نسمة التي كانت ترتجف، وسألها بجدية: "نسمة، ما الذي حدث؟"

لكنها أطلقت صرخة مفزعة تمزق القلوب، كأنما طعنت في أعماق روحها: "آه!"

أمسكت نسمة برأسها بكلتا يديها، وبدأت تشد شعرها بعنف، ووجهها يفيض بألم عميق، وكأنها على وشك الانهيار.

قال لها باسل وهو يضمها بقوة إلى صدره: "نسمة، أرجوك لا تفعلي هذا بنفسك! أخبريني ما الذي يحدث، سأساعدكِ......"

لكنها دفعته بعيدًا بكل قوتها، وصرخت وهي تغالب دموعها: "لا أريد مساعدتك! ارحل! غادر مدينة الشيخ زويد فورًا ولا تعد إلى حياتي أبدًا!"

أردفت وهي تبكي بحرقة: "كل هذا بسببك! كل شيء حدث لنا سببه وجودك في حياتنا! كانت أمي محقة...... أنت لعنة أُرسلت لمعاقبة عائلتنا!"

ثم استدارت بسرعة وركضت نحو باب المكتب، محاولة الهروب من كل شيء.

تجمد باسل للحظات، محاولًا كبح مشاعره، ثم التفت إلى لؤي وأمره: "اتبعها وتأكد مما يجري!"

وأضاف بنبرة صارمة: "وأيضًا، اجعل رجالك يعثرون على موقع خالد وأرسل التفاصيل إلى هاتفي فورًا!"

أومأ لؤي برأسه، وقال: "تحت أمرك!" ثم انطلق بسرعة للّحاق بنسمة.

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP