الفصل 5
فجأة، أحاطت بها ذراعان، وجذبتها إلى الوراء. كانت تستطيع تقريبًا أن تشعر برطوبة جسده بعد الاستحمام، ورائحة عطر صابون الاستحمام المنعشة التي كانت تنبعث منه.

وضعت يديها على صدره دون وعي، وكانت ترتجف قليلاً.

اليد التي كانت تحيط بخصرها فجأة ارتخت، وسمعته يقول ببرود: "اغربي عن وجهي."

لم تعرف لماذا تغير صوته ليصبح أجشًا بعض الشيء، ولم تفهم ما الذي أغضبه مرة أخرى. هربت من الغرفة وكأنها تهرب من شيء يلاحقها، غير قادرة على مواجهة المزيد.

عندما عادت يارا إلى غرفة التخزين، بدأت تشعر ببعض الندم لأنها نسيت أن تسأله عن مسألة آدم. لكن حينما تذكرت ما حدث قبل قليل، تلاشت شجاعتها تمامًا ولم تعد تملك الجرأة للعودة إليه مرة أخرى.

في صباح اليوم التالي، دخلت فاطمة إلى غرفة التخزين وهي تحمل كوبًا من الماء الساخن: "تعالي يا يارا، تناولي بعض دواء البرد."

يارا شعرت ببعض الاستغراب. كيف عرفت فاطمة أنها مصابة بالبرد؟ فهي لم تخبرها بذلك. بالإضافة إلى ذلك، كيف تجرؤ فاطمة على إعطائها الدواء دون إذن من ياسر؟

وكأن فاطمة قد لاحظت تساؤلات يارا، ابتسمت وجلست على حافة سريرها قائلة: "سافر السيد في رحلة عمل، ولن يعود إلا بعد شهر تقريبًا. أوصاني بذلك قبل رحيله، تناولي الدواء."

لم تستطع يارا تحديد ما الذي كانت تشعر به بالضبط، لكن حين علمت أنه لن يكون موجودًا لفترة قصيرة، شعرت براحة غامضة تغمرها دون سبب واضح

بعد تناول الدواء، نهضت يارا على عجل وبدأت في تجهيز نفسها. وعندما وصلت إلى المدرسة ودخلت إلى غرفة الرسم، تفاجأت بمدير الكلية وهو يحضر لها جميع الأدوات التي كانت تفتقر إليها بنفسه قائلاً: "يارا، ألقي نظرة، هل ينقصكِ شيء آخر؟"

يارا كانت متفاجئة بعض الشيء: "لا... لا ينقصني شيء، ولكن... ما هذا؟"

لم يقدم المدير الكثير من التوضيح، واكتفى بالقول: "جيد، طالما لا ينقصكِ شيء."

بعد مغادرة المدير، جلست يارا تتأمل الأشياء التي أُرسلت إليها، غارقة في التفكير. كانت متأكدة أن ياسر ليس هو من أرسلها، فهو لن يكلف نفسه عناء الاهتمام بأي شيء يتعلق بها في المدرسة.

"يارا، سمعت أن هناك من قدم لكِ دعمًا ماليًا بشكل مجهول. لم أكن أتصور أن المدرسة ستتعامل مع الأمر بهذه السرعة! ألوان الطلاء التي حصلتِ عليها أفضل من تلك التي أملكها!" قالت سارة بحماس، وهي تقلب الأشياء التي أرسلها المدير رأسًا على عقب.

يارا لم ترد، بل استمرت في ترتيب الأشياء بصمت.

"بالمناسبة، من الذي جاء ليأخذكِ بالأمس؟ كان يقود السيارة بسرعة جنونية، كاد أن يدهسكِ!" سألت سارة بفضول. لم يكن يهمها إن كانت يارا ستجيب أم لا، فهي دائمًا تجد ما تتحدث عنه.

"أخي"، ردت يارا بلا مبالاة.

تجمدت سارة في مكانها للحظة وقالت: "أي أخ هذا الذي يملك كل هذا النفوذ؟ هو ثري جدًا، ومع ذلك يجعلكِ تعيشين كفتاة من حي فقير. في المرة القادمة، دعيني أتعرف عليه."

ابتسمت يارا قليلاً وقالت: "لا تتحدثي عنه بهذه الطريقة، هو في الحقيقة شخص جيد. هو ليس أخي الحقيقي، وليس ملزمًا بالاعتناء بي، ومع ذلك، لقد قام بالكثير من أجلي." نعم، رغم أنها مذنبة، إلا أن ياسر وفر لها مأوى واعتنى بها لعشر سنوات.

سارة لوّحت بيدها بلا مبالاة، ثم بدأت بحماس في تخمين هوية الشخص الذي قدم الدعم المالي: "برأيكِ، من يمكن أن يكون؟  تم إرسال آدم إلى الخارج من قبل والده، ولن يعود في السنوات القليلة المقبلة. ما رأيكِ، هل يمكن أن يكون هو؟ لقد غادر للتو، وفجأة ظهر شخص ما ليدعمكِ. وإلا فلن يكون الأمر منطقيًا!"

تجمدت يارا للحظة. مقارنًة بياسر، كانت تميل أكثر إلى الاعتقاد بأن آدم هو من قدم لها الدعم.

عندما فكرت في ذلك الرجل اللطيف والحنون كاليشم، شعرت يارا بغصة غريبة في قلبها.

رحيل آدم كان بسببها...

في الأيام التي غاب فيها ياسر، شعرت يارا بارتياح كبير. وفي يوم عيد ميلادها، الذي صادف عطلة نهاية الأسبوع، أصرت سارة على أخذها للخروج والاستمتاع بيوم كامل. كانت تعلم أن يارا لا تحب الأماكن المزدحمة، لذا لم تدعُ أي شخص آخر.

قبل العودة إلى المنزل، أخرجت سارة بشكل مفاجئ علبتي هدايا صغيرتين وقالت بابتسامة: "هذه هدية عيد ميلادكِ مني ومن آدم."

لم تمد يارا يدها لتأخذ الهدايا. كانت تعلم أنها لن تستطيع رد الجميل. فقط من خلال النظر إلى صناديق الهدايا المغلفة، كانت تدرك أن الهدايا ليست رخيصة. رغم فقرها، إلا أن سنواتها في منزل عائلة كريم جعلتها تعرف قيمة الأشياء جيدًا.

"شكرًا لكِ على قضاء اليوم معي، لكن لا داعي للهدايا." قالت ذلك بعد أن أخذت نفسًا عميقًا، وكان الهواء البارد الممزوج برائحة الثلج يملأ رئتيها.

سارة أجبرت يارا على أخذ علبة الهدايا: "أنا أتعامل معكِ بلطف ليس لأني أبحث عن مقابل، لكن آدم لديه نوايا أخرى... قفي مستقيمة، عليّ إنهاء المهمة التي كلفني بها."

يارا لم تفهم ماذا كانت تريد سارة، لكنها أطاعت ووقفت مستقيمة بكل جدية.

نظرت سارة إلى يارا بجدية وقالت بلهجة رسمية: "يارا، أنا آدم، أنا أحبكِ، انتظريني حتى أعود من الخارج، لا بد أن تنتظريني."

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP