الفصل 13
لم ترد يارا، استدارت واتكأت على جدار الممر، محاولة تحمل ألم معدتها بصمت.

سارة، رغم شعورها بالضيق، لم تكن من النوع الذي يثير المشاكل عندما تكون مخطئة. وقفت بجانب يارا، وهي تنظر إلى مبنى السكن الذي كان يتم بناؤه في المسافة وقالت: "هل تعلمين؟ مبنى السكن ذاك تم تمويله أيضًا من قبل ياسر. إنه حقًا ثري، عائلتنا تعتبر صغيرة مقارنة به. يارا، سمعت أنه سيزور الجامعة اليوم..."

لم ترد يارا على كلامها، فقد كان ألم معدتها شديدًا لدرجة أنها لم تستطع التحدث.

في هذه اللحظة، خرجت المعلمة بخطوات واثقة وقالت بلهجة حازمة: "أنتما حقًا مثيرتان للاهتمام، حتى بعد أن عوقبتما بالوقوف تجدان وقتًا للدردشة؟ أحضرا لوحاتكما وارسما في الممر! وإذا لم تسلما العمل بنهاية المحاضرة، ستران ما سيحدث!"

رفعت سارة ذقنها بتحدٍ ودخلت إلى الفصل لجلب لوح الرسم، بينما بقيت يارا واقفة في مكانها دون أن تتحرك، وقد بدأت رؤيتها تصبح مشوشة قليلاً.

ازدادت المعلمة غضبًا كلما نظرت إلى مظهر يارا الضعيف والهزيل، فدفعتها بيدها قائلة: "قلت لكِ اذهبي وأحضري لوحة الرسم! هل أصابكِ الصمم؟!"

بتلك الدفعة، سقطت يارا مباشرة على الأرض. وعندما خرجت سارة ورأت ما حدث، واجهت المعلمة على الفور بغضب: "لماذا دفعتها؟!"

شعرت المعلمة ببعض التوتر وقالت متلعثمًة: "لقد دفعتها بخفة، من كان يظن أنها ستسقط بهذه الطريقة...؟"

انحنت سارة لتساعد يارا على النهوض وهي تصرخ في وجه المعلمة: "لقد انتهى أمركِ، سأبلغ عنكِ! هذا يعتبر عقابًا جسديًا، أنتِ لا تستحقين أن تكوني معلمًة!"

شعرت المعلمة بالظلم وقالت: "هل هي مصنوعة من ورق؟ كيف تسقط من مجرد لمسة؟ هل هذا معقول؟ سارة، لا تظني أنكِ تستطيعين اتهامي هكذا لمجرد أن عائلتكِ تملك بعض المال! ويارا، توقفي عن التظاهر! من سيصدق أنكِ بهذا الضعف؟!"

كان صوت الشجار في الممر مزعجًا وملفتًا للانتباه، إذ استمر الجدال بين سارة والمعلمة بلا نتيجة. بينما كانت هذه المشاهد تجري، لاحظها مجموعة من الأشخاص عند زاوية الممر. وكان على رأسهم مدير الجامعة، الذي بدت على وجهه علامات الانزعاج الشديد، فقد كان قد أمر مسبقًا بأن يتم تجنب أي مشاكل اليوم، خاصة مع زيارة ياسر المتوقعة...

ياسر، الذي كان يقف جانبًا، ثبت نظره على يارا، وبدت ملامحه هادئة دون أي تعبير واضح. لكنه عندما حول نظره نحو المعلمة، اشتدت برودة عينيه بشكل ملحوظ.

قالت يارا بصوت ضعيف: "توقفوا عن الشجار... أنا بخير. سارة، هل يمكنكِ مساعدتي في إحضار لوحة الرسم...؟"

حاولت سارة كبح غضبها وعادت إلى غرفة الرسم، لكن المعلمة لم تستطع كبح غضبها، فدفعت يارا مرة أخرى وقالت بسخرية: "ألستِ تنهارين مع كل هبة ريح؟ هيا، انهاري مرة أخرى أمامي!"

هذه المرة كانت قوتها أكبر بكثير من المرة السابقة، شعرت يارا بألم شديد لدرجة أنها لم تستطع النطق. بدأ كل شيء حولها يظلم، وجسدها كله أخذ يهتز وكأنها على وشك السقوط.

ولكن في اللحظة التالية، امتدت ذراع قوية لتحتضنها وتحميها من السقوط. شعرت يارا بأنها بلا قوة، وكل ما استطاعت أن تستنشقه كان رائحة مألوفة تعود لذلك الشخص.

"ياسر..."

يارا همست بصوت خافت، وفي رؤيتها الضبابية، رأت فكَّه المشدود ووجهه المتجهم المليء بالغضب.

لم تتمكن يارا من سؤاله عن سبب ظهوره المفاجئ، إذ سرعان ما تلاشى النور من أمام عينيها، وسقطت على الأرض فاقدةً الوعي.

عندما رأت المعلمة الرجل الذي ظهر فجأة، ارتعبت من الهالة الباردة التي كانت تحيط به، وامتلأ وجهها شحوبًا في لحظة.

الرجل لم ينطق بكلمة، بل انحنى وحمل يارا بين ذراعيه وغادر بصمت، ملامحه كانت قاتمة بشكل مخيف، والغضب الكامن في عينيه بدا وكأنه على وشك الانفجار في أي لحظة.

المدير الذي كان يتبع الرجل بخطوات متسارعة، بدا وجهه شاحبًا من القلق، ووجه نظرات مليئة بالغضب والاستياء إلى المعلمة قائلاً: "أنتِ دائمًا ما تتسببين لي بالمشاكل!"

عندما خرجت سارة، رأت الرجل يحمل يارا ويختفي كالريح عند زاوية الممر، في حين كان مدير الجامعة يركض بخطى متسارعة خلفهما، ولم يبقَ سوى المعلمة التي كانت تقف بوجه شاحب، وكأن الأرض قد ابتلعتها.

عندما أدركت سارة ما حدث، دفعت المعلمة بغضب وقالت: "انتظري وسترين!" ثم هرعت بسرعة للحاق بهما، وملامحها تعكس قلقًا وتوترًا.

خارج قسم الطوارئ في المستشفى، جلس ياسر على المقعد الطويل، رأسه مائل قليلاً نحو الأسفل. الهالة التي كانت تنبعث منه أشبه بجبل جليدي، ساكنة ومميتة، وباردة إلى أقصى حد.

وقف المدير وسارة بجانب بعضهما، يتنقلان بقلق ذهابًا وإيابًا. وفجأة، تحدث ياسر قائلاً: "يبدو أن معلمي الجامعة الجنوبية لديهم طابع 'مميز'."

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP