الفصل 18
رد ياسر كان مجرد همسة باردة، مما جعل المدير يرتجف من الخوف ويصمت تمامًا.

بعد لحظات، وصل عدد من الحراس الشخصيين يرتدون بدلات سوداء ونظارات شمسية على عجل: "سيدي، لقد تحققنا من الأمر. المعتدي هو شاب يبلغ من العمر 21 عامًا، يعاني من قصور عقلي، وهو ابن إحدى عاملات النظافة في مطعم الجامعة الجنوبية، ويعمل هناك كعامل بسيط. تصرفاته اليوم كانت عشوائية تمامًا، وعند التحقيق معه لم يكن يعرف أي شيء. بسبب حالته، من غير المرجح أن يُسجن."

"إذن، يجب أن يُرسل إلى مستشفى الأمراض العقلية! شخص ذو عقل غير طبيعي ويظهر سلوكًا عدوانيًا، كيف يمكن تركه في الجامعة ليواصل إيذاء الآخرين؟!" صدى صوته البارد والمظلم ملأ أرجاء الممر، وكأنه آتٍ من أعماق الجحيم.

"حسنًا!" أجاب الحراس سريعًا ثم انصرفوا على عجل.

كان المدير يبدو مترددًا ويبدو عليه الحيرة. نظر ياسر إليه، وظهرت على وجهه ابتسامة باردة: "ما الأمر؟ هل لديك اعتراض على قراراتي، أيها المدير؟"

: "لا، لا، ليس لدي أي اعتراض... لكن... صحيح أن الشاب يعاني من قصور عقلي، لكنه ليس مريضًا عقليًا... عادةً يكون هادئًا جدًا، واليوم لا نعرف ماذا حدث له. أما مستشفى الأمراض العقلية، فهو مكان قد يجعل أي شخص طبيعي يجن، ناهيك عن شخص يعاني من قصور عقلي..."

رد ياسر ببرود: "إذن، عليك أنت أن تذهب إلى هناك!"

لم يكن يتوقع أبدًا أن يكون ياسر، الذي عُرف دائمًا بلطفه ووداعته في التعامل مع الآخرين، يحمل جانبًا مرعبًا كهذا. لا يمكن لوم أحد سوى ذلك الأحمق نفسه، فقد كان حظه سيئًا، ومن الذي طلب منه أن يتصرف بحماقة؟

بعد وقت طويل، أخيرًا انفتح باب غرفة الطوارئ، وخرج الطبيب الذي عالج يارا عندما أغمي عليها في المرة السابقة. توجه مباشرة إلى ياسر وقال: "كما قلت في المرة السابقة، حالة المريضة الصحية ليست جيدة. هذه المرة، فقدان الدم تسبب في تفاقم فقر الدم بشكل أكبر. يجب عليها أن تعتني بصحتها جيدًا. الجرح عميق بعض الشيء، ورغم أننا أجرينا الخياطة، إلا أن الندوب لا مفر منها. الآن، المريضة خرجت من دائرة الخطر ويمكن نقلها إلى غرفة عادية. بعد عدة أيام من المراقبة، ستكون جاهزة للخروج من المستشفى."

تنفس ياسر الصعداء قليلاً، وقال بارتياح: "شكرًا لك."

لاحظ مدير الجامعة بعض التفاصيل الغريبة. صحيح أن يارا أصيبت في محاولة لحماية ياسر، لكن ردة فعله والاهتمام المفرط الذي أبداه بكل التفاصيل جعل المدير يشك. عند استرجاع ما حدث في المرة السابقة، بدأت الصورة تتضح أكثر، وكان من الواضح أن العلاقة بينهما ليست علاقة عادية.

سأله بحذر: "سيد ياسر، ما رأيك أن أحاول التواصل مع والداي الطالبة يارا أولاً؟ من غير اللائق أن نزعجك بهذه الطريقة باستمرار، فهذه مسؤولية الجامعة."

ظل ياسر صامتًا، وعندما خرجت يارا من غرفة الطوارئ على نقالة، تبعه إلى جناح المرضى.

اتصل المدير بالجامعة من الممر قائلاً: "ساعدوني في العثور على معلومات الاتصال بأولياء أمور الطالبة يارا من قسم الفنون، السنة الأولى... نعم... ماذا؟ لا توجد معلومات؟ حسنًا، لا بأس، دعونا نترك الأمر الآن."

قال المدير، وهو يقف عند باب الغرفة بحذر: "سيد ياسر، يبدو أن الطالبة يارا لم تسجل أبدًا معلومات عن ولي  أمرها في الجامعة، ويقال إنه ليس لها والدين وربما لا توجد لها عائلة أخرى. لذا، ستكون نفقات إقامتها في المستشفى على عاتق الجامعة. لقد قمت بواجبك بالكامل، ولن نزعجك أكثر من ذلك."

ظل ياسر صامتًا لعدة ثوانٍ، ثم قال: "اجعلوا النفقات تُسجل باسمي."

استغرب المدير وسأل: "ماذا تقصد؟"

قال ياسر بوضوح: "معلومات الاتصال الخاصة بها، سجلها باسمي."

عندما استيقظت يارا، كان قد حل الظلام. من خلال النوافذ الكبيرة في غرفة المستشفى الخاصة بكبار الزوار ،كان بإمكانها رؤية الأضواء الملونة والثلج المتساقط في الخارج. كان الدفء داخل الغرفة والبرودة في الخارج يمثلان عالَمين منفصلين تمامًا.

فجأة سمعت صوت حركة في الغرفة، فاستدارت ببطء لترى الرجل الجالس على الأريكة يعمل على جهاز الكمبيوتر المحمول. كانت أصابعه الطويلة والنحيلة تضغط برفق على لوحة المفاتيح، وجهه الذي كان مركزًا على العمل بدا أقل حدة من المعتاد، فيما كانت شفتاه المطبقتان تضفيان عليه برودة واضحة.

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP