الساعة العاشرة مساءً.سمعت يارا صوت محرك سيارة قادم من الطابق السفلي.أسرعت بالنزول لتجد طارق قد خطا بخطوات واسعة إلى غرفة الجلوس.لم يلتقيا منذ أسبوع، وكانت ملامح طارق الوسيمة متعبة بشكل واضح.كانت يارا على دراية بجدول أعماله، فقد كان في رحلة عمل خارج المدينة طوال الفترة الماضية.عندما ظهرت يارا أمامه بمبادرة منها، بدا عليه الاستغراب للحظة ،"هل هناك شيء؟"أومأت يارا برأسها:"أريد زيارة أمي في المستشفى غدًا."توجه طارق بخطوات واسعة نحو الدرج ،"لنتحدث بالأعلى."تبعته يارا إلى المكتب.جلس طارق خلف مكتبه، وبدأ بفك ربطة عنقه وسألها:"متى تريدين الذهاب؟"كانت يارا تصب الماء، ورفعت عينيها نحوه "هل يناسبك صباح الغد؟"بعد قول ذلك، قدمت له كوب ماء دافئ.نظر طارق إلى الكوب للحظات، ثم قال بصوت بارد: "بعد أن تنتهي، اطلبي فريد أن يعيدكِ إلى الشركة لتباشري عملكِ."لم تتوقع يارا أن يوافق بهذه السرعة، بل ويسمح لها بالعودة إلى العمل أيضًا.حاولت كبح فرحتها وأومأت برأسها قائلة: "حسنًا."لكنها لم تدرك أن الفرحة التي ظهرت في عينيها للحظة، لم تفُت طارق.نهض طارق من مكانه وأمسك بكتفيها بشكل مفاجئ، ثم دفعها ن
وكما هو متوقع ما تخشاه يحدث حتمًا.أسرعت بالنزول من حضن سامح.وعندما لامست قدمها اليمنى الأرض، شعرت يارا بألم جعلها تلهث.رفعت رأسها لتنظر إلى سامح وقالت "أرجوك، ياطبيب سامح، اعتنِ بوالدتي."هز سامح رأسه، وأخذ يراقب يارا وهي تبتعد بخطوات متعثرة.وعندما اختفت ملامحها تدريجيًا، تحول نظره نحو سيارة ماركة بنز المتوقفة عند بوابة المستشفى.اقتربت من السيارة، حيث فتح فريد لها الباب.وفجأة، انبعثت برودة مروعة من داخل السيارة.صرخ طارق بصوت غاضب:"ادخلي"!جلست يارا داخل السيارة بتوتر.وقبل أن تستقر في مقعدها، أمسك طارق بذقنها وأجبرها على النظر مباشرًة إلى عينيه الملتهبتين بالغضب.كانت ملامح وجهه قاتمة ومليئة بالغضب، وصاح من بين أسنانه:"يارا ، هل تعتبرين كلامي مجرد هواء ؟"!شحب وجه يارا وهي تشرح:"طارق ، ليس الأمر كما يبدو لك...""إذن كيف يبدو؟!" قاطعها طارق: "يارا، أنا لا أصدق إلا عينيّ"!تجمعت الدموع في عين يارا بسبب الألم.كيف يمكنها أن تشرح له حتى يصدقها؟إن الأمر ليس كما رآه تمامًا.حدّق طارق بعينيه الباردتين في يارا.كان يعتقد أنها ستتعلم أن تكون مطيعة.لذلك، عندما وافق ليلة أمس، لم يطلب من
مع توجيه نظر طارق رفعت سارة رأسها أيضًا.في اللحظة التي رأت فيها يارا، ظهر في عينيها بسرعة نظرة حاقدة.ولكن في اللحظة التالية، ابتسمت ووقفت قائلة:"آنسة يارا جاءت! تفضلي اجلسي."كان أسلوبها مألوفًا لدرجة جعل الأمر يبدو وكأن يارا هي ضيفة هذا المنزل.عرفت يارا نوايا سارة بوضوح، لكنها لم تُعرها أي اهتمام، جلست بهدوء أمامهما وبدأت في تناول الطعام.نظرت سارة إلى طارق بإحراج وقالت: "طارق، هل وجودي هنا يجعل الآنسة يارا غير سعيدة؟"رد طارق ببرود: "لا تهتمي بها." ثم أمسك بيد سارة وأجلسها.هزّت سارة رأسها بطاعة، وبعد تناول لقمتين قالت :"آنسة يارا، لم أُلقِ اللوم عليكِ بشأن ما حدث آخر مرة، كان خطأي لأني لم أقف بثبات."ثم بدأت عيناها تحمرّان وهي تقول: "هل يمكنكِ ألا تغضبي مني؟"كانت كلمات سارة مثل قطعة اللحم التي تثيرغثيان يارا.لولا أنها كبحت شعور الغثيان بداخلها، لربما تقيأت في الحال.رفعت يارا نظرها نحوها وقالت: "أنا لست كبعض الأشخاص، ضيقة الأفق."فور سماع هذه الكلمات، قبضت سارة بشدة على ملعقة الطعام في يدها.لكن بفضل مهاراتها التمثيلية العالية، حولت غضبها إلى مظهر ضعيف قائلة: "لا لا، آنسة يارا،
"يارا، ماذا قلتِ؟"سألها طارق وهو عابس الوجه، غير قادر على فهم ما قالته.كان صوت يارا منخفضًا جدًا، لدرجة أن طارق لم يسمع كلماتها بوضوح.كانت يارا تتألم بشدة لدرجة أن شفتيها أصبحت شاحبة.وقبل أن تتمكن من الرد، دخل فريد مسرعًا حاملاً هاتفًا في يده، وملامح وجهه تحمل توترًا شديدًا."سيدي! هناك مكالمة طارئة"!"أجلها لوقت لاحق"!حمل طارق يارا بخطوات سريعة خارج الفيلا ووصل إلى جانب السيارة.قال فريد بتردد: "إنها مكالمة من هناك."عند سماع ذلك، توقف طارق فجأة في مكانه.بعد لحظة من التردد، عبس ووضع يارا في المقعد الخلفي للسيارة."سأجعل فريد يأخذكِ إلى المستشفى، وسأذهب لرؤيتكِ لاحقًا".بعد قوله ذلك، أخذ الهاتف من يد فريد ووضعه على أذنه.بكل قوتها، أمسكت يارا بطرف قميص طارق وقالت بتوسل: "لا تذهب...أرجوك"…لكن من خلال سماعة الهاتف، جاء صوت امرأة تبكي وتصرخ" :طارق ، أين أنت؟ أنا خائفة جدًا، أرجوك تعال بسرعة، بسرعة"!!ازداد القلق في عيني طارق، وقال: "لا تخافي، أنا قادم الآن"!ثم أغلق الهاتف وسحب يد يارا عن قميصه بقسوة."أنا آسف"…بعد اعتذاره ، أمر فريد على الفور بقيادة السيارة والذهاب بيارا إلى أفضل
خرجت يارا من المستشفى بعد إنهاء إجراءات الخروج، مثقلة بالهموم.عندما وقفت بالخارج ونظرت إلى السيارات المارة، شعرت بالشرود.بعد لحظات من الصمت، أخرجت هاتفها لتطلب سيارة أجرة.في هذه اللحظة، ظهر على شاشة الهاتف اتصال من سليم.تنهدت يارا بتعب قبل أن ترد على المكالمة."ما الأمر؟"قال سليم: "يارا لماذا لم تتصلي بي ولو لمرة على الأقل؟"ردت يارا: "أنت من قمت بحظري، خوفًا من أن يستخدمني أحد للوصول إليك. هل نسيت؟"ضحك سليم بضحكة محرجة: "نسيت يا بنتي، أين أنتِ الآن؟"نظرت يارا إلى المستشفى، ثم قالت: "في طريقي إلى الشركة للعمل ساعات إضافية!"فقد فوتت الكثير من العمل خلال أيام إقامتها في المستشفى.قال سليم: "أوه، العمل الإضافي جيد ويجلب مالاً أكثر،يارا، هل معكِ مال الآن؟"شدّت يارا على هاتفها بغضب. ألا يوجد لديه أي موضوع سوى المال؟هل نسي ما فعله عندما تركها في الكازينو آخر مرة؟قالت يارا بلهجة صارمة: "لا يوجد! أعطيتك كل ما لدي لسداد ديونك!"رد سليم بلهجة مستعجلة: "حتى لو بضع مئات! لا يمكن أن تكوني بلا مال تمامًا، أليس كذلك؟"شعرت يارا بالمرارة في قلبها وقالت: "أبي، هل تصر على دفعي إلى حافة الانه
كانت عفاف تحمل طبقًا من الطعام، وعندما رأت طارق تقدمت لتحيته على الفور قائلة: "سيدي لقد عدتَ".فك طارق ربطة عنقه وقال: "هل توقفت هي عن تناول الطعام مؤخرًا؟"تغيرت ملامح وجه عفاف للحزن وقالت: "الآنسة يارا أصبحت تسهر كثيرًا، ومع عدم انتظام طعامها، فقدت الكثير من الوزن"."السهر؟" نظر طارق نحو الحمام المغلق، وسأل: "ماذا تفعل؟"أشارت عفاف إلى بعض الأوراق المرمية على الطاولة التي لم تتسنَّ لها إزالتها بعد وقالت: "ترسم".أخذ طارق إحدى الأوراق المرمية ونظر إليها.تصاميم أزياء؟تأمل قليلًا،فلم يذكر أن سيرتها الذاتية تحتوي على أي شيء يتعلق بالتصميم.متى بدأت تعلم هذا؟بينما كان يقلب الأوراق واحدة تلو الأخرى، خرجت يارا من الحمام.عندما رأت طارق ينظر إلى رسوماتها، تغير وجهها، وتقدمت بسرعة لتنتزع الأوراق منه."لا تنظر"!رفع طارق حاجبيه ونظر إليها بنظرة متفحصة: "متى تعلمتِ هذا؟"ردت يارا بعذر غير مقنع: "كنتُ أشعر بالملل وتعلمتُ عبر الإنترنت لتمضية الوقت، كي لا أشعر بالضجر وأنا محبوسة".صمت طارق للحظة ثم قال: "هذه الأيام كنتُ مشغولًا بأمر ضروري للغاية، لذلك لم أذهب إلى المستشفى لرؤيتكِ".تبدلت يارا و
صدركِ مكشوف تمامًا، لمن تريد أن تظهريه؟يارا"...":كانت ترتدي دائمًا بهذا الشكل، فلماذا أصبح الأمر غير مقبول اليوم؟لم تُرِد يارا أن تتجادل مع طارق، فعادت لتبدّل ثوبها. اختارت فستانًا أبيض طويلًا مكشوف الظهر على شكل حرف.V لكن عندما خرجت، ازدادت ملامح وجه طارق عبوسًا.أكثر ما يجذب الانتباه في جسد يارا هو ظهرها النحيل المستقيم، مع عظمتين تشبهان جناحي فراشة، مما يزيد من أنوثتها.كان هذا المشهد يُثير غريزته دائمًا.لكن ذلك الظهر لا ينبغي أن يُكشف إلا له فقط، أن ترتدي هكذا في الخارج، فمعناه أنها تحاول لفت انتباه شخص آخر!نهض طارق بوجه متجهم، واتجه نحو صف الفساتين. وبعد النظر إلى فستانين، اختار منهم فستانًا ورديًّا بلون زهرة اللوتس يتميز بالاحتشام ويبرز أناقة يارا.بعد أن بدّلته وخرجت وهي ترتديه، أصبحت إطلالتها محتشمة بالكامل، مما جعله يشعر بالرضا ليأخذها ويخرج.داخل السيارة، قدم طارق لها علبة حذاء.نظرت يارا إليه بدهشة وسألت: "لي أنا؟"أجابها بحدة: "وهل أعطيها لفريد ؟" فريد الذي كان يقود السيارة"..." :فتحت يارا العلبة، ووجدت حذاءً فضي اللون بكعب صغير ورأس مستدير. نظرت إلى كاحلها الذي لم
أخذت يارا بطاقة العمل وقالت بهدوء: "شكرًا لك يا سيد بلال على المساعدة، سأذهب الآن".حتى بعد أن غادرت يارا، بقيت نظرات بلال موجهة نحوها.تشبهها... تشبهها كثيرًا…...قاطعت ليلى صوت أفكاره بصوتها الحاد: "يا ابن عمي"!!رأت أنه ما زال يحدق في ظهر يارا، فظهرت علامات الغضب على وجهها وقالت:"يا ابن عمي! لماذا تنظر أيضًا إلى تلك المخادعة"!!تجهم وجه بلال فور سماعه كلماتها ووبخها: "أين أدبكِ كابنة لعائلة مرموقة؟"ردت بغضب: "هل أعجبتك تلك المخادعة أيضًا؟ لماذا تدافع عنها في كل مرة؟"!"تكلم"!!......لتجنب أي متاعب أخري، قررت يارا العودة إلى جانب طارق.بمجرد أن جلست بجانبه، نظر إليها طارق بتساؤل عندما رأى شحوب وجهها وسأل" :هل تشعرين بعدم الراحة؟"أجابت يارا بهدوء:"فقط أشعر ببعض الضيق".أعاد طارق نظره بعيدًا وقال ببرود: "إذا أعجبكِ شيء، أخبريني".لم تكن يارا مهتمة بهذه الأمور التافهة، لذا التزمت الصمت.بعد بضع دقائق، صعد مقدم الحفل إلى المنصة لإعلان بدء المزاد.ولكن عندما تم عرض أول قطعة، اهتز هاتف طارق.أخرج هاتفه ورأى أن المتصلة كانت سارة، فبادر بالإجابة فورًا."طارق، أين أنت؟ أرجوك، أنقذني! أنقذن