في الفحص السابق، لم يظهر سوى كيس حمل واحد.لم تتوقع عفاف أنه في غضون أسبوع واحد فقط، سيصبح في رحمها طفلان.جلست عفاف على المقعد في ممر المستشفى، تحدق في صورة الفحص بالموجات فوق الصوتية وهي غارقة في أفكارها.أخبرها الطبيب أن احتمال الحمل بتوأم نادر جدًا.وإذا قررت إنهاء هذا الحمل، فقد لا تتمكن من الحمل بتوأم مرة أخرى في المستقبل.ابتسمت عفاف بمرارة في داخلها؛ كل هذا كان نتيجة لأفعال طبيب عائلة الدرهمي الخاص.عندما قاموا بزراعة الأجنة في رحمها، لم يخبروها بأنهم يخططون لجعلها تحمل بتوأم.ربما، في نظرهم، كانت عفاف دائمًا مجرد أداة لإنجاب الأطفال لـ عائلة الدرهمي.الأسبوع الماضي، عندما نزفت، ظنت أنها مجرد دورة شهرية.وعندما أخبرت طبيب العائلة، افترض الطبيب أن عملية الزرع قد فشلت. ومع استيقاظ سليم ورغبته في الطلاق، لم يعد طبيب عائلة الدرهمي يتابع حالتها.الآن، قرار إنجاب الطفل أو إنهاء الحمل كان في يدها وحدها.جلست عفاف في المستشفى لأكثر من ساعة، حتى رن هاتفها داخل حقيبتها.أخرجت هاتفها، ثم نهضت وسارت نحو خارج المستشفى."عفاف، والدكِ حالته خطيرة! عودي إلى المنزل فورًا!" جاء صوت
في تلك اللحظة، ساد الصمت في الصالون، حتى أن صوت ضربات القلب كان مسموعًا.عفاف عادت إلى غرفتها وأغلقت الباب بقوة."بوم!"اهتزت الفيلا وكأنها تأثرت بالصدمة.أن تجرؤ عفاف على إغلاق الباب بهذه القوة في منزل سليم، هذا يعني أنها حقًا لا تخاف الموت.الجميع بدأوا ينظرون بحذر إلى ملامح وجه سليم، ليروا أنه كان هادئًا تمامًا، وكأن شيئًا لم يحدث.عادةً، إذا صدر أمامه صوت أعلى من ستين ديسيبل، كان يعبس على الفور.ولكن صوت إغلاق الباب الذي أحدثته عفاف كان على الأقل تسعين ديسيبل، فكيف لم يغضب؟والأهم من ذلك، أن الزجاجة التي حطمتها عفاف كانت قيمتها تقارب المليونين، ولم يكن الضيوف قد حصلوا على فرصة لتذوقها بعد.لقد حطمتها وكأنها لا تبالي، دون حتى أن ترمش."أمم... سمعت أن والد الآنسة عفاف توفي قبل يومين. بالنظر إلى ملابسها السوداء اليوم، أعتقد أنها عادت للتو من جنازة والدها!"قال أحدهم بشجاعة، ليكسر الصمت الثقيل في الغرفة.المرأة التي كانت ترتدي الفستان الأبيض تُدعى شيماء، وهي مديرة العلاقات العامة في مجموعة ستار.اليوم كان عيد ميلادها، وبهذه المناسبة، دعت أصدقاء سليم إلى منزله للاحتفال بصحو
مدّ سليم ذراعه خارج نافذة السيارة.بأصابعه الطويلة، قدم لها علبة مناديل.ترددت عفاف للحظة، وكانت تنوي رفضها، لكن بطريقة ما، أخذت المنديل وقالت: "شكرًا."كانت علبة المناديل لا تزال تحمل دفء كفّه.سحب سليم نظره بسرعة من على وجهها، ثم أغلق النافذة وانطلقت السيارة بسرعة.الساعة العاشرة صباحًا.مجموعة القين.كان الموظفون لا يزالون في مواقعهم، يقومون بأعمالهم.رغم أن الشركة لم تصرف الرواتب لأكثر من شهر، إلا أن مجموعة القين كانت من أقدم الشركات في المدينة، ورغم الشائعات السلبية التي تنتشر على الإنترنت، لم يرغب الموظفون في التخلي عن أملهم حتى اللحظة الأخيرة.لو لم تكن عفاف تعلم أن الشركة مثقلة بالديون، لما كانت لتتصور أن هذا الهدوء الظاهري كله مجرد وهم.دخلت عفاف قاعة الاجتماعات برفقة نائب الرئيس.عندما التقى المحامي بـ عفاف، بادر مباشرةً وقال: "الآنسة عفاف، أرجو أن تتقبلي تعازينا. أنا مُكلَّف من قبل والدك بإعلان وصيته الآن."أومأت عفاف برأسها.فتح المحامي الوثائق وبدأ يتحدث ببطء وهدوء: "والدك يمتلك ست عقارات سكنية، تقع في المناطق التالية... هذه هي الوثائق، يرجى التحقق منها."أخذت
الساعة التاسعة مساءً.كان النسيم الخريفي يعبث بالأشجار، وتدحرجت الأوراق المتساقطة على الأرض مع صوت همسات الرياح.نزلت عفاف من سيارة الأجرة، ولفحتها نسمات باردة، جعلتها ترتجف قليلاً.كانت تحمل حقيبتها، وتسير بخطوات سريعة نحو باب قصر الدرهمي.في ظل الليل الباهت، كانت ترتدي فستانًا أحمر طويلًا بحمالات، تبدو فيه مثيرة وساحرة.في الصباح، عندما غادرت المنزل، كانت ترتدي قميصًا عاديًا وبنطالًا مريحًا.حينها تخيل سليم أنها ارتدت هذا الفستان خصيصًا لإرضاء رجال آخرين، قبضت يده بقوة من شدة الغضب.عند مدخل القصر، عندما بدلت عفاف حذاءها، لاحظت لأول مرة أن سليم كان جالسًا في الصالون على الأريكة.كان يرتدي قميصًا أسود، مما جعله يبدو أكثر برودة وغموضًا من المعتاد.كانت تعابير وجهه كما هي دائمًا، باردة وغير مبالية. لم تجرؤ على النظر إليه أكثر من ذلك.بعد أن بدلت حذاءها، ترددت في داخلها حول ما إذا كان عليها أن تلقي التحية عليه أم لا، خاصة بعد أن أعطاها منديلاً في الصباح.بخطوات مترددة، اقتربت من الصالون، وألقت نظرة خاطفة عليه.لكن الجو الليلة كان مختلفًا. في العادة، كانت رهف تخرج لاستقبالها ب
في غرفة النوم الرئيسية، داخل الحمام.كان الممرض يحمل منشفة جافة ويمسح بعناية قطرات الماء من جسد سليم.كانت ساقاه لا تزالان ضعيفتين، ولا يستطيع الوقوف بثبات إلا بمساعدة، لذلك كان بحاجة إلى الممرض لمساعدته.هذا الممرض كان يعتني به منذ تعرضه للحادث، وهو رجل في الأربعينيات من عمره، حذر ودقيق في عمله."سيدي، هناك كدمة على ساقك." قال الممرض وهو يساعده على ارتداء الروب، ثم دعمه للخروج من الحمام. "سأذهب لجلب المرهم لتدليك الكدمة."جلس سليم على حافة السرير، وبعد خروج الممرض، رفع أسفل الروب ونظر إلى الكدمة الزرقاء على فخذه.كانت هذه الكدمة بسبب عفاف، عندما قامت بقرصه.لم تكن ساقاه خاليتين تمامًا من الإحساس.عندما قرصته عفاف في تلك اللحظة، كان قد كبح رد فعله.لكن عقله لم يتوقف عن استرجاع صورتها وهي تبكي بحرقة.وأيضًا... تلك الرائحة الفريدة المنبعثة من جسدها، التي لا تزال عالقة في ذهنه.على مدار هذه السنوات، لم يشعر بأي انجذاب نحو أي امرأة.لم يكن لديه أي مشاعر غير عادية تجاه أي امرأة على الإطلاق.لكن عفاف أثارت في داخله الليلة مشاعر لا يمكنه التحكم فيها.لماذا يشعر بتلك الرغبة القوي
سليم بدا في عيني عفاف وكأنه تحول إلى شيطان، مظهراً أنيابه الحادة نحوها."لماذا؟" سألت بصوت متقطع، "سليم، حتى لو كنت لا تريد الأطفال، ليس من الضروري أن تقول مثل هذه الكلمات القاسية!"في عيون سليم المظلمة، برزت برودة قاسية: "إذا لم أوضح الأمور بشكل جلي، ماذا لو كنتِ تعتقدين أنه يمكن تغيير رأيي؟"عفاف تنفست بعمق، محاولة إبعاد نظرها عنه، وهي تشعر وكأنها تسقط إلى أعماق الهاوية.رد فعلها أثار فضول سليم، الذي تلاعب بابتسامة ساخرة على شفتيه."عفاف، هل تعتقدين حقًا أنكِ ستنجحين في إنجاب طفلًا لي؟"عفاف، عيونها متسعة من الصدمة، حدقت فيه بذهول.سليم أضاف بحدة، "أنصحك ألا تأخذي تحذيري باستخفاف. أنتِ تعرفين من أنا، أفعالي ستكون أشد قسوة مما أقول. إذا كنتِ لا تريدين الهلاك، فلا تلمسي محظوراتي."نظرت عفاف بعبوس، وشدّت أصابعها بإحكام، قائلة: "لا تقلق، لن أُنجِب لك أطفالاً. أنت تعرف تمامًا كم أكرهك. الأمر العاجل الآن هو الطلاق!"الأطفال ليسوا مسؤولية شخص واحد فقط. إذا أنجبت طفلًا، فسيكون من أجل نفسها أيضًا. وعندما يكبر الطفل، ستخبره أن والده قد مات."ليس الوقت مناسبًا بعد. سننتظر حتى تتحسن حا
أقراص الكالسيوم التي تتناولها النساء الحوامل ليست مختلفة عن تلك التي يتناولها كبار السن أو الذين يعانون من نقص الكالسيوم. لذا، كانت العبوة مكتوب عليها ببساطة "أقراص كالسيوم"."هل عليك أن تخبر الآخرين بكل دواء تتناولينه؟" قال سليم، وهو يحدق في أقراص الكالسيوم الخاصة بها، وعينيه تحملان نظرة من الغضب.فجأة، انطلقت عفاف مبتعدة، خجلاً لكن بصوت هادئ نسبياً.عادت إلى غرفتها، وضعت أقراص الكالسيوم في الدرج، ثم ذهبت إلى الحمام لتغسل وجهها.لم يعد بالإمكان الاستمرار بهذه الطريقة. إذا لم تغادر المكان قريباً، فإنها ستكشف أمرها في النهاية.كما أن تقارير الفحوصات الخاصة بالحمل موجودة في غرفتها، وإذا قرر سليم تفتيش غرفتها، فستُكشف الحقيقة.بالطبع، العقل يقول لها إن سليم رغم جنونه، ليس إلى حد التصرف بشكل مرضي بحيث يفتش غرفتها. بالإضافة إلى ذلك، بما أنه لم يطلب الطلاق، فهي لا تستطيع الطلاق منه.فقد أخذت المهر الكبير من عائلة سليم.جلست على حافة السرير، تفكر بشكل مضطرب، لدرجة أنها نسيت شعورها بالجوع.بعد لحظات، سُمِعَ طرق على باب الغرفة.عادت عقلية عفاف إلى مكانها، وذهبت لفتح الباب.قالت رهف ب
عفاف: "من أخبرك أنه لديه امرأة أخرى يحبها؟ من أين حصلت على هذه المعلومات؟ هل تعرفي اسم المرأة التي يحبها؟"كانت شيماء في داخليها تبدأ في القلق. رغم أنها كانت متأكدة من أن سليم ليس لديه امرأة أخرى بجانبه سوى هي، إلا أن حديث عفاف أزعجها.عفاف: "شيماء، ما قلته للتو كان مجرد تقييم شخصي مني... أنا بالتأكيد لا أعرف عنه كما تعرفين."بعد أن استجمعت أعصابها، غيرت عفاف كلامها. أدركت أن مسألة سليم ليست بهذه البساطة، ولم ترغب في الانجرار وراء الأمور المعقدة. كانت ترغب فقط في حياة هادئة وتمر بولادة الطفل بسلام.شيماء: "كنت أعتقد أنك رأيت سليم مع امرأة أخرى، وأصابني الذعر. لكن يبدو أن الأمور ليست كما توقعت."عندما استمعت إلى تفسير عفاف، ارتاحت شيماء قليلاً، وأصرت على أن سليم ليس الشخص الذي يُعتقد أنه يحب النساء أو الأطفال.سألت عفاف بلا إكتراث : "هل تعرفين لماذا لا يحب الأطفال؟"شيماء: "بصراحة، لا أعرف. ولا أريد أن أعرف السبب. إذا كان لا يحب الأطفال، فلن أنجب. كانت حاجبي شيماء مقطبتين قليلاً، وكأنها تتمتم لنفسها لكن سليم يعاملني بشكل جيد."عفاف: "أتمنى لك السعادة. ”كانت عفاف قد تخلت بالفعل ع