الفصل 10
في تلك اللحظة، ساد الصمت في الصالون، حتى أن صوت ضربات القلب كان مسموعًا.

عفاف عادت إلى غرفتها وأغلقت الباب بقوة.

"بوم!"

اهتزت الفيلا وكأنها تأثرت بالصدمة.

أن تجرؤ عفاف على إغلاق الباب بهذه القوة في منزل سليم، هذا يعني أنها حقًا لا تخاف الموت.

الجميع بدأوا ينظرون بحذر إلى ملامح وجه سليم، ليروا أنه كان هادئًا تمامًا، وكأن شيئًا لم يحدث.

عادةً، إذا صدر أمامه صوت أعلى من ستين ديسيبل، كان يعبس على الفور.

ولكن صوت إغلاق الباب الذي أحدثته عفاف كان على الأقل تسعين ديسيبل، فكيف لم يغضب؟

والأهم من ذلك، أن الزجاجة التي حطمتها عفاف كانت قيمتها تقارب المليونين، ولم يكن الضيوف قد حصلوا على فرصة لتذوقها بعد.

لقد حطمتها وكأنها لا تبالي، دون حتى أن ترمش.

"أمم... سمعت أن والد الآنسة عفاف توفي قبل يومين. بالنظر إلى ملابسها السوداء اليوم، أعتقد أنها عادت للتو من جنازة والدها!"

قال أحدهم بشجاعة، ليكسر الصمت الثقيل في الغرفة.

المرأة التي كانت ترتدي الفستان الأبيض تُدعى شيماء، وهي مديرة العلاقات العامة في مجموعة ستار.

اليوم كان عيد ميلادها، وبهذه المناسبة، دعت أصدقاء سليم إلى منزله للاحتفال بصحوه من مرضه.

لكن المواجهة التي حدثت بينها وبين عفاف أحرجتها بشدة.

رغم أن وجه سليم بدا غير متأثر، إلا أنها كانت تعرفه جيدًا بما يكفي لتدرك أنه قد ينقلب في أي لحظة.

عادت شيماء إلى جانبه، واعتذرت بحذر: "سليم، أنا آسفة، لم أكن أعلم أن والد عفاف قد توفي."

سليم أطفأ سيجارته في المنفضة، ثم مد يده الطويلة وأمسك بكأس النبيذ، وشرب ما تبقى فيه دفعة واحدة. ثم وضع الكأس على الطاولة، جاء صوته العميق والجذاب: "عيد ميلاد سعيد."

شعرت شيماء بالحرارة في أذنيها وردت بخجل: "شكرًا."

ثم أضاف سليم بنبرة تنطوي على تحذير: "وأيضًا، عفاف ليست شخصًا يمكنكِ المساس به."كانت أصابع سليم الطويلة عدلت قليلاً من ياقة قميصه، وصوته حمل تحذيرًا واضحًا: "حتى لو كانت مجرد كلب لعائلة الدرهمي، فهي لي فقط لأؤذيها."

شعرت شيماء بالاختناق من الإحراج وقالت: "لكنّك ستطلقها قريبًا، وبعد ذلك لن تكون حتى كلبك!"

نظرات سليم أصبحت فجأة أكثر برودة وحدّة: "حتى لو كانت شيئًا لا أريده بعد الآن، فلن أسمح لأي شخص آخر أن يدوسها."

في تلك اللحظة، جاءت رهف لتنظف الزجاج المحطم والسجادة المتسخة.

وأُعيد ملء كأس سليم بالنبيذ.

"سليم، لا تغضب. شيماء لم تقصد ذلك، ولن تجرؤ على إيذاء عفاف فعليًا." حاول الشخص الجالس بجانب سليم تهدئة الأجواء بعد أن أصبحت مشحونة.

"نعم! شيماء، عليك أن تعاقبي نفسك بثلاثة كؤوس! رغم أنكِ صاحبة عيد الميلاد، إلا أنكِ كنتِ مخطئة للتو!"

أمسكت شيماء بكأسها، مستعدة لمعاقبة نفسها بثلاثة كؤوس.

لكن سليم ألقى نظرة على الحارس الشخصي بجانبه.

فهم الحارس على الفور، وتقدم لمساعدته على الوقوف.

"استمروا في الشرب!" قال سليم ببرود وهو يغادر الصالون عائدًا إلى غرفته.

نظرت شيماء إلى ظهره الحاسم أثناء مغادرته، وعيناها محمرتان، ثم شربت الكؤوس الثلاثة على التوالي وغادرت وهي ترتدي حذاءها ذي الكعب العالي.

"يا إلهي! كلا البطلين غادرا، فهل سنكمل الشرب أم لا؟" سأل أحد الضيوف ممازحًا.

"نعم، لنكمل الشرب! ربما بعد هذا، ستتخلى شيماء عن وهم أنها ستصبح السيدة الدرهمي!"

"لا أعتقد أن ما حدث الليلة سيجعلها تتخلى عن أملها. بعد كل شيء، سليم يخطط للطلاق من عفاف."

"بالحديث عن عفاف، هي بالفعل جميلة، لكن مزاجها ناري للغاية. كيف يمكن لـ سليم أن يتحملها؟"

...

في غرفة الضيوف.

كانت عفاف تحتضن ركبتيها بين ذراعيها، ودموعها تنهمر بصمت.

الدموع التي حبستها لثلاثة أيام انفجرت في هذه اللحظة.

كان اعتذار والدها على فراش الموت يتردد في ذهنها باستمرار.

الحقد الذي كانت تشعر به تجاه والدها قبل وفاته أصبح ضعيفًا وغير ذي قيمة.

وهي تبكي، غلبها النعاس والدموع لا تزال في عينيها.

في صباح اليوم التالي، عندما استيقظت، كانت عيناها منتفختين وتؤلمانها.

بعد أن استحمت وارتدت قميص نوم نظيف، خرجت من غرفتها.

لم تأكل جيدًا خلال الأيام القليلة الماضية، والآن كانت تشعر بجوع شديد حتى بدأ ألم في معدتها.

عندما وصلت إلى باب غرفة الطعام، توقفت فجأة عندما رأت ظهر سليم.

عندما رأتها رهف، نادت بسرعة: "سيدتي، الفطور جاهز! تعالي لتأكلي!"

في الماضي، كانت تتجنب سليم قدر الإمكان، خوفًا من إغضابه وجعل حياتها أكثر صعوبة.

لكن الآن، مع إدراكها أن تأخير الطلاق كان بسببه، شعرت بثقة أكبر في نفسها.

اختارت عفاف الجلوس في أبعد مقعد عنه، وجاءت رهف بوجبة الإفطار ووضعتها أمامها. أمسكَت عفاف ملاعق الطعام، مستعدة لتناول الطعام.

"الزجاجة التي حطمتِها الليلة الماضية كانت بقيمة مليون وثمانمائة ألف." جاء صوته باردًا.

تجمدت يد عفاف وهي تمسك ملاعق الطعام، وامتلأ عقلها بالذهول.

مليون وثمانمائة ألف؟

لِزجاجة نبيذ واحدة؟

أي نوع من النبيذ يمكن أن يكون بهذه القيمة؟

هل ينوي أن يطلب منها التعويض؟

هل تبدو وكأنها قادرة على دفع هذا المبلغ؟

شعرت بألم شديد في معدتها، وبدأ العرق البارد يتصبب من ظهرها، وفقدت شهيتها تمامًا.

ألقى سليم نظرة سريعة على وجهها الشاحب والمنهك، ثم قال بلهجة صارمة: "هذه المرة تحذير، المرة القادمة إذا حطمتِ أي شيء في بيتي، ستدفعين ثمنه بالكامل!"

بعد سماع ذلك، اختفى ألم معدتها فجأة، وعادت شهيتها.

في المراحل المبكرة من الحمل، تعاني الكثير من النساء من أعراض الحمل مثل الغثيان المستمر أو حتى البقاء في السرير بسبب التعب الشديد.

أما عفاف، فلم تعاني سوى من بعض الغثيان الخفيف بين الحين والآخر، ولم تتقيأ أبدًا.

لكن عندما نظرت إلى اللحم في وعاءها، شعرت بعدم الراحة بشكل غير واعٍ، فقامت بإخراج قطع اللحم.

"سيدتي، هل الطعام لم يعجبك؟" سألتها رهف بقلق عندما رأت عفاف تزيل اللحم.

هزت عفاف رأسها: "لا، فقط أريد تناول الطعام النباتي مؤخرًا."

أجابت رهف بسرعة: "حسنًا، سأنتبه لذلك في المرات القادمة."

بعد الإفطار، عادت عفاف إلى غرفتها لتبديل ملابسها.

اليوم، كان من المقرر أن تلتقي بمحامي أبيها عادل، ورغم أن المحامي لم يوضح سبب الاجتماع، كانت عفاف تتوقع ما يريده.

بعد أن ارتدت ملابسها وأخذت حقيبتها، خرجت من الغرفة.

وبالصدفة، كان سليم يستعد هو أيضًا للخروج.

كان لديه حراسه الشخصيون وسائقه الخاص ينتظرونه.

نظرت عفاف إلى الساعة، وكانت قد حددت موعدًا مع المحامي في الساعة العاشرة، والآن كانت الساعة تقترب من التاسعة.

خطت خطوات سريعة نحو الخارج، علمًا بأن الخروج من منطقة الفيلات سيستغرق حوالي عشر دقائق سيرًا على الأقدام قبل أن تتمكن من العثور على سيارة أجرة.

بعد أمطار الخريف التي هطلت بالأمس، انخفضت درجة الحرارة بضع درجات اليوم.

لم تكد تمشي لفترة طويلة حتى شعرت بالغثيان في صدرها، ربما بسبب الهواء البارد.

في تلك اللحظة، كانت سيارة بنتلي فضية تخرج من المجمع السكني، وعندما هم السائق بتسريع السيارة، لمحت عيناه عفاف.

"يبدو أنها السيدة." قال السائق دون تفكير، وأبطأ سرعته قليلاً.

السائق كان قد رأى عفاف تغادر المنزل في وقت سابق، وتذكر جيدًا ما كانت ترتديه اليوم.

كان سليم قد أغلق عينيه مستريحًا، لكن عندما سمع كلمات السائق، فتح عينيه فجأة.

"سيدي، أعتقد أن السيدة تتقيأ." قال السائق وهو في المقعد الأمامي، وقد رأى الموقف بوضوح أكثر.

عفاف كانت قد شعرت بالارتياح أثناء تناول الإفطار لأنها ظنت أن أعراض حملها المبكرة ليست قوية، لكنها الآن تجد نفسها تتقيأ دون سيطرة.

بعد أن انتهت من التقيؤ، كانت تنوي العودة إلى المنزل لغسل وجهها.

ولكن في اللحظة التي استدارت فيها، التقت عينها بسيارة سليم الفاخرة.

تحت أشعة الشمس، كانت سيارته تتلألأ.

لاحظت أن السائق قد أوقف السيارة بجانبها في وقت غير معلوم، وأن نافذة السيارة قد نزلت.

رأت عيون سليم الباردة والعميقة، وهو يراقبها عن كثب.

احمر وجهها بسرعة.

هل يمكن أن يكون قد شك في شيء؟

ضغطت على حاجبيها وهي تمشي نحو مؤخرة السيارة، ثم أخرجت جملة تبرير بصعوبة: "ربما أكلت كثيرًا في الإفطار."
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP