الفصل 17
مرت السيارة بجانبها بسرعة.

أثارت نسمة باردة!

رفعت عفاف رأسها، وفي ظل الليل الضبابي، كانت أضواء خلفية رولز رويس تتلألأ وتظهر وتختفي.

هل كانت تلك سيارة سليم؟

مسحت دموعها بسرعة، وضبطت مزاجها، ثم توجهت نحو منزل عائلة الدرهمي.

عندما وصلت إلى فناء المنزل الأمامي، رأت السيارة متوقفة في الفناء.

وقفت خارج البوابة، منتظرة عودة سليم إلى غرفته قبل أن تدخل.

كانت عيناها متعبة ومؤلمة، رفعت رأسها قليلاً، ورأت السماء المرصعة بالنجوم، تتلألأ وتلمع، رائعة وساطعة.

كم هو جميل.

يبدو أن الطقس سيكون مشمسًا غدًا.

وقفت في الخارج، وسرعان ما مرت ساعة دون أن تدري.

السيارة في الفناء قد أوقفها السائق في المرآب.

في غرفة المعيشة، الأضواء ما زالت مضاءة، والجو خالٍ وهادئ.

استعادت عفاف هدوءها تدريجيًا، وتقدمت نحو غرفة المعيشة خطوة بخطوة.

على الشرفة في الطابق الثاني، كان سليم يرتدي رداء نوم رمادي، جالسًا على كرسي متحرك، يمسك بكأس طويل، والشراب الأحمر في الكأس على وشك الانتهاء.

كانت قد وقفت في الخارج لمدة ساعة، بينما كان هو يراقب الشرفة طوال هذه الساعة.

لم يكن يعرف ما كانت تفكر فيه، لكن كان من الواضح أنها كانت غافلة تمامًا، واقفة هناك دون حركة. بعد فترة، كان يكاد يظن أنها اندمجت مع ظلال الأشجار القريبة.

سليم رأى الكثير من الأشخاص الأذكياء طوال حياته، لأن الذكاء هو ما يجعلك تظل بجانبه.

لكن عفاف كانت استثناءً.

لم تكن ذكية بالمرة، لأنها رغم علمها بأنه ليس سهل التعامل، كانت دائمًا ما تستفزه وتثير غضبه.

كانت امرأة غبية بكل معنى الكلمة.

ومع ذلك، كان يشعر بتأثير حزنها على مشاعره بشكل غير مباشر.

كانت هذه تجربة جديدة بالنسبة له، شعور لم يختبره من قبل.

.......

عادت عفاف إلى غرفتها، وكان رأسها ثقيلاً وقدميها مرهقتين، ربما بسبب الهواء البارد الذي تعرضت له.

أخذت من الخزانة بطانية سميكة ولفت نفسها بها، وسرعان ما نامت بعمق.

تعرقت طوال الليل، مما ساعد على التخلص من برودة الهواء الذي تعرضت له.

في اليوم التالي، استيقظت، ورغم أنها شعرت بشيء من اللزوجة على جلدها، إلا أن حالتها النفسية كانت جيدة.

ذهبت إلى الحمام للاستحمام، ثم ارتدت ملابسها وخرجت من الغرفة.

توجهت نحو المطبخ بناءً على رائحة الطعام، حيث قامت رهف بتقديم الإفطار على الطاولة.

سألت عفاف: "هل تناول طعام الإفطار؟"

أجابت رهف: "لا، السيد لم ينزل بعد."

عند سماعها ذلك، أخذت عفاف كوب الحليب من الطاولة وأخذت منها قطعة من الخبز، وبدأت في تناول الإفطار بسرعة.

انتهت من تناول الإفطار خلال أقل من خمس دقائق.

قالت رهف وهي تضحك: "سيدة، هل أنت خائفة منه؟"

أجابت عفاف وهي ترفع ذقنها قليلاً، بعد تفكير قصير: "ليس بالضبط خوفاً... بل لا أريد رؤيته."

"ستعتادين عليه مع مرور الوقت. هل ستعودين لتناول الغداء؟"

قالت عفاف: "لن أعود. لدي فعالية في المدرسة اليوم. لا تحتاجي لإعداد العشاء لي."

أجابت رهف: "حسنًا. سأطلب من السائق أن يوصلتك."

قوبلت عفاف ذلك بالرفض بسرعة: "لا داعي. سأستقل سيارة أجرة بنفسي. اتركي السائق للسيد."

ردت رهف: "يوجد لدينا سائقان، واحد لشراء البقالة وآخر لنقل السيد. سأطلب من سائق البقالة أن يوصلتك."

لم تستطع عفاف مقاومة إصرار رهف.

عندما أوصلها السائق إلى المدرسة، شكرت عفاف السائق: "شكرًا لك على تعبك. يمكنك العودة الآن، سأستقل سيارة أجرة للعودة في المساء."

بعد أن غادر السائق، ركضت إحدى الفتيات نحو عفاف، وأمسكت بها من كتفها: "أنان! من كان ذلك الشاب الذي كان يقود البورش؟"

لم تتوقع عفاف أن تصادف صديقتها سلوى عند مدخل المدرسة.

أجابت عفاف وهي تسير معها إلى داخل المدرسة: "ذلك لم يكن شقيقًا، بل كان عمًّا." "سلوى، أخشى أنني لن أستطيع أن أكمل معك الدراسة للماجستير."

سألت سلوى بدهشة: "هل هو بسبب المشاكل العائلية؟ سمعت والدي يتحدث عن ذلك، وأنا أشعر بالأسف الشديد لك."

ابتسمت عفاف قائلة: "في الحقيقة، لم أكن مهتمة كثيرًا بالدراسات العليا في الأصل."

قالت سلوى: "أعرف، أنتِ تخططين للتخرج والزواج من صديقك. متى ستقدمينه لي للتعرف عليه؟"

شعرت عفاف بالذهول.

لم تخبر عفاف سوى والدتها عن علاقتها بـ ليث. أصدقاؤها المقربون يعرفون فقط أنها في علاقة عاطفية، ولكن لا يعرفون من هو.

أجابت عفاف بعمق: "انفصلنا."

أخذت عفاف نفسًا عميقًا، ثم تابعت: "سلوى، هل عايشتِ شعور فقدان الثقة؟ كنت أعتقد أنه أفضل رجل في العالم، ولكن اتضح أنه شخص سيء."

احتضنت سلوى خصر عفاف، ونظرت إلى عينيها المبللتين: "عفاف، لا تدعي ذلك يؤثر عليكِ كثيرًا. نحن ما زلنا شباب، اعتبريها تجربة. بالتأكيد ستلتقين برجل أفضل في المستقبل."

ابتسمت عفاف قائلة: "بدلاً من الاعتماد على الرجال، من الأفضل الاعتماد على نفسي."

أجابت سلوى بإعجاب: "الإنسان يحتاج إلى بعض الجروح العاطفية لينمو بسرعة. كنتِ قبل عطلة الصيف في حالة حب دائمًا، والآن أصبحتِ امرأة قوية!"

هزت عفاف رأسها: "امرأة قوية ليست بالشيء الذي أريده، أريد فقط التخرج والقدرة على إعالة نفسي."

ردت سلوى بثقة: "بالتأكيد ستتمكنين من ذلك! أنتِ من بين القلائل الذين يدرسون تخصصين وتحصلين على أعلى الدرجات في كلا التخصصين. أنتِ مميزة، وستحققين إنجازات كبيرة في المستقبل!"

شعرت عفاف بالخجل من المديح.

في الخامسة مساءً.

عفاف و سلوى خرجتا من المدرسة، واتفقتا على تناول العشاء معًا.

فور خروجهما من بوابة المدرسة، أشارت سلوى إلى سيارة بورش متوقفة عند البوابة.

قالت: "عفاف! أليست هذه سيارة البورش التي أقلتكِ في الصباح؟! هل جاء ليأخذكِ؟"

تذكرت سلوى السيارة، فبعد كل شيء، السيارات الفاخرة تشبه الأشخاص الجميلين، فهي ملفتة للنظر.

نظرت عفاف إلى سيارة البورش، وكانت النوافذ مفتوحة، فرأت السائق الذي بدوره رآها أيضًا.

تجمدت عفاف للحظة. ألم يكن قد قيل للسائق ألا يأتي مساءً؟

ماذا يحدث؟

خطت عفاف خطوات سريعة نحو السيارة.

فتح السائق باب المقعد الخلفي لها، مشيرًا إليها بالصعود.

سألت عفاف بصوت منخفض: "ماذا حدث؟"

نظر السائق بحذر بسبب وجود سلوى: "سنناقش ذلك بعد أن تصعدي."

شعرت عفاف بقلق شديد.

قالت سلوى: "عفاف، إذا كان لديكِ أمر مهم، يمكنكِ الذهاب الآن. سنلتقي في مرة قادمة."

أجابت عفاف: "شكرًا، سأدفع لكِ في المرة القادمة."

أجابت سلوى: "لا داعي للتكلف معي. إذا احتجتِ لأي شيء، اتصلي بي!"

بعد أن صعدت عفاف إلى السيارة، انطلقت السيارة على الفور.

سأل السائق: "مدام، هل غضب السيد منكِ مرة أخرى؟"

تجمدت عفاف للحظة، وعبست جبينها: "لم أفعل. هل أرسل لك ليأتي لأخذي؟"

أجاب السائق: "نعم. عليكِ أن تستعدي نفسيًا!"

بدأ قلب عفاف ينبض بسرعة، وبدأت تفكر بسرعة أيضًا.

"هذا غير صحيح!"

وهي طوال اليوم في المدرسة، لم تره على الإطلاق، ناهيك عن إغضابه.

قامت عفاف بمراجعة الأحداث التي جرت خلال الأيام الماضية في ذهنها، لكنها لم تجد أي خيوط تشير إلى سبب غضب سليم.

استمر الألم في الصدغين حتى توقفت عن محاولة التفكير في الأمر.

في تمام الساعة الخامسة وأربعين دقيقة، وصلت السيارة إلى منزل الدرهمي.

عندما توقفت السيارة، نزلت عفاف منها.

عند دخولها المنزل وتغيير حذائها، لاحظت أن سليم هو الوحيد الموجود في غرفة المعيشة.

كان يرتدي قميصًا بلون الأزرق الداكن، بأكمام مرفوعة حتى الكوع، كاشفًا عن ذراعيه النحيفتين والعضليتين.

كانت الأزرار على الأكمام مرصعة بجوهرة زرقاء داكنة، تتلألأ وتبهر العين.

جلس سليم بأناقة على الأريكة، مظهراً الهيبة والاعتداد بالنفس التي يتمتع بها من قضاء وقت طويل في موقعه المرموق.

Continue lendo no Buenovela
Digitalize o código para baixar o App

Capítulos relacionados

Último capítulo

Digitalize o código para ler no App