بسبب وجود حالة نزيف، كان عليها أن تحافظ على الحمل!هذا الخبر كان كالصاعقة بيوم مشمس، أصاب عفاف بالذعر."دكتور، ماذا لو كنت لا أريد هذا الطفل؟"كانت على وشك الطلاق من سليم، وجاء هذا الطفل في وقت غير مناسب.لدى سماعها، نظر الطبيب إليها قائلًا: "لماذا لا تريدينه؟ هل تعلمين كم من الناس يتمنون الحصول على طفل ولا يستطيعون؟"أطرقت بعينيها، وغرقت في الصمت."لماذا لم يأت زوجك معك؟" قال الطبيب، "حتى لو كنت لا تريدين الطفل، يجب أن تناقشي الأمر أولاً مع زوجك."تقطبت عفاف حاجبيها بقلق.رأى الطبيب حيرتها، فرفع دفتر ملفها الطبي وألقى نظرة سريعة: "أنتِ في الحادية والعشرين من عمرك فقط! لم تتزوجي بعد، أليس كذلك؟"عفاف: "تزوجت... يُحسب أن لم أتزوج!" بعد كل شيء، كان الطلاق وشيكًا."عملية الإجهاض الجراحي ليست بسيطة، وحتى لو كنتِ متأكدة من رغبتك في إجرائها، ليس لديّ وقت اليوم. عودي وفكري جيدًا. بغض النظر عن علاقتك بصديقك، الطفل بريء."أعاد الطبيب إليها دفتر ملفها الطبي، "لديكِ حالة نزيف الآن، إذا لم تحافظي على الحمل، فمن الصعب قول ما إذا كان بإمكانك الحفاظ على هذا الطفل لاحقًا."ليّن قلب عفاف ق
لم يكن هناك أي كلمة مرور.كما أن الجهاز اشتغل بسرعة فائقة،لدرجة أن قلبها خفق بشكل غير منتظم للحظات.أخذت نفسًا عميقًا، ثم أدخلت وحدة التخزين USB وبدأت بتسجيل الدخول إلى حسابها الاجتماعي.تم تسجيل الدخول بنجاح، وسرعان ما أرسلت الملف إلى زميلها.كل شيء سار بشكل سلس ومفاجئ.تم إرسال الملف قبل الساعة الثانية عشرة بنجاح.لم تجرؤ عفاف على البقاء في المكتب ولو لثانية إضافية.عندما كانت تغلق الجهاز، اهتزت يدها قليلاً وهي تمسك بالماوس، وبدون قصد نقرت على أحد المجلدات على سطح المكتب.فجأة، انبثق المجلد أمامها.اتسعت عيناها بفضول، فنظرت سريعًا إلى محتوياته...بعد خمس دقائق، خرجت عفاف من المكتب.تنفست رهف الصعداء وقالت: "ألم أقل لكِ إنه لن يعود بهذه السرعة؟"كانت مشاعر عفاف معقدة للغاية؛ بدا وكأنها اكتشفت سرًا يخص سليم.لو كانت تعلم هذا من قبل، لما استخدمت جهازه."رهف، هل يوجد كاميرات مراقبة داخل مكتبه؟""هناك كاميرا خارج المكتب."شحب وجه عفاف فورًا: "إذًا، بالتأكيد سيعلم أنني دخلت مكتبه.""عندما يعود، اذهبي وتحدثي معه بنفسك. لقد رأيتِ الوقت، لم تستخدميه لأكثر من عشر دقائق، ل
فتح الباب، ووقفت السيدة فخرية عند المدخل، تنظر إلى الداخل. كانت عفاف جالسة على الأرض، تحتضن ركبتيها، وقد انكمشت على نفسها وهي مستندة إلى الحائط.كان شعرها منسدلًا وفوضويًا.عندما سمعت الصوت القادم من الباب، التفتت برأسها ببطء، وعيناها فارغتان من التعب."عفاف! ما بك؟!" صرخت السيدة فخرية عندما رأت وجه عفاف الشاحب كالأوراق، وشعرت بارتفاع مفاجئ في ضغط دمها. "كيف أصبحتِ هكذا؟ هل... هل سليم... أساء إليك؟"ارتعش صوت السيدة فخرية وهي تتحدث.لقد خسرت عفاف الكثير من وزنها خلال الأيام القليلة الماضية.وجه عفاف كان شاحبًا تمامًا، وشفتيها جافتين مع تشققات خفيفة.صدرها كان يرتفع وينخفض بشكل متسارع، تحاول التحدث، لكنها لم تستطع إصدار أي صوت.رهف قدمت كوبًا من الحليب الدافئ ووضعته بالقرب من شفتيها: "سيدتي، اشربي بعض الحليب أولاً. لا تخافي، السيدة فخرية هنا، وستتناولين الطعام الآن."قطبت السيدة فخرية حاجبيها بشدة: "ما الذي يحدث؟! هل سليم منع عفاف من تناول الطعام؟ الآن أفهم لماذا نحفت هكذا! هل ينوي تجويعها حتى الموت؟!"كانت هذه المسألة صادمة للغاية بالنسبة لـ السيدة فخرية.توجهت بسرعة إلى ا
في الفحص السابق، لم يظهر سوى كيس حمل واحد.لم تتوقع عفاف أنه في غضون أسبوع واحد فقط، سيصبح في رحمها طفلان.جلست عفاف على المقعد في ممر المستشفى، تحدق في صورة الفحص بالموجات فوق الصوتية وهي غارقة في أفكارها.أخبرها الطبيب أن احتمال الحمل بتوأم نادر جدًا.وإذا قررت إنهاء هذا الحمل، فقد لا تتمكن من الحمل بتوأم مرة أخرى في المستقبل.ابتسمت عفاف بمرارة في داخلها؛ كل هذا كان نتيجة لأفعال طبيب عائلة الدرهمي الخاص.عندما قاموا بزراعة الأجنة في رحمها، لم يخبروها بأنهم يخططون لجعلها تحمل بتوأم.ربما، في نظرهم، كانت عفاف دائمًا مجرد أداة لإنجاب الأطفال لـ عائلة الدرهمي.الأسبوع الماضي، عندما نزفت، ظنت أنها مجرد دورة شهرية.وعندما أخبرت طبيب العائلة، افترض الطبيب أن عملية الزرع قد فشلت. ومع استيقاظ سليم ورغبته في الطلاق، لم يعد طبيب عائلة الدرهمي يتابع حالتها.الآن، قرار إنجاب الطفل أو إنهاء الحمل كان في يدها وحدها.جلست عفاف في المستشفى لأكثر من ساعة، حتى رن هاتفها داخل حقيبتها.أخرجت هاتفها، ثم نهضت وسارت نحو خارج المستشفى."عفاف، والدكِ حالته خطيرة! عودي إلى المنزل فورًا!" جاء صوت
في تلك اللحظة، ساد الصمت في الصالون، حتى أن صوت ضربات القلب كان مسموعًا.عفاف عادت إلى غرفتها وأغلقت الباب بقوة."بوم!"اهتزت الفيلا وكأنها تأثرت بالصدمة.أن تجرؤ عفاف على إغلاق الباب بهذه القوة في منزل سليم، هذا يعني أنها حقًا لا تخاف الموت.الجميع بدأوا ينظرون بحذر إلى ملامح وجه سليم، ليروا أنه كان هادئًا تمامًا، وكأن شيئًا لم يحدث.عادةً، إذا صدر أمامه صوت أعلى من ستين ديسيبل، كان يعبس على الفور.ولكن صوت إغلاق الباب الذي أحدثته عفاف كان على الأقل تسعين ديسيبل، فكيف لم يغضب؟والأهم من ذلك، أن الزجاجة التي حطمتها عفاف كانت قيمتها تقارب المليونين، ولم يكن الضيوف قد حصلوا على فرصة لتذوقها بعد.لقد حطمتها وكأنها لا تبالي، دون حتى أن ترمش."أمم... سمعت أن والد الآنسة عفاف توفي قبل يومين. بالنظر إلى ملابسها السوداء اليوم، أعتقد أنها عادت للتو من جنازة والدها!"قال أحدهم بشجاعة، ليكسر الصمت الثقيل في الغرفة.المرأة التي كانت ترتدي الفستان الأبيض تُدعى شيماء، وهي مديرة العلاقات العامة في مجموعة ستار.اليوم كان عيد ميلادها، وبهذه المناسبة، دعت أصدقاء سليم إلى منزله للاحتفال بصحو
مدّ سليم ذراعه خارج نافذة السيارة.بأصابعه الطويلة، قدم لها علبة مناديل.ترددت عفاف للحظة، وكانت تنوي رفضها، لكن بطريقة ما، أخذت المنديل وقالت: "شكرًا."كانت علبة المناديل لا تزال تحمل دفء كفّه.سحب سليم نظره بسرعة من على وجهها، ثم أغلق النافذة وانطلقت السيارة بسرعة.الساعة العاشرة صباحًا.مجموعة القين.كان الموظفون لا يزالون في مواقعهم، يقومون بأعمالهم.رغم أن الشركة لم تصرف الرواتب لأكثر من شهر، إلا أن مجموعة القين كانت من أقدم الشركات في المدينة، ورغم الشائعات السلبية التي تنتشر على الإنترنت، لم يرغب الموظفون في التخلي عن أملهم حتى اللحظة الأخيرة.لو لم تكن عفاف تعلم أن الشركة مثقلة بالديون، لما كانت لتتصور أن هذا الهدوء الظاهري كله مجرد وهم.دخلت عفاف قاعة الاجتماعات برفقة نائب الرئيس.عندما التقى المحامي بـ عفاف، بادر مباشرةً وقال: "الآنسة عفاف، أرجو أن تتقبلي تعازينا. أنا مُكلَّف من قبل والدك بإعلان وصيته الآن."أومأت عفاف برأسها.فتح المحامي الوثائق وبدأ يتحدث ببطء وهدوء: "والدك يمتلك ست عقارات سكنية، تقع في المناطق التالية... هذه هي الوثائق، يرجى التحقق منها."أخذت
الساعة التاسعة مساءً.كان النسيم الخريفي يعبث بالأشجار، وتدحرجت الأوراق المتساقطة على الأرض مع صوت همسات الرياح.نزلت عفاف من سيارة الأجرة، ولفحتها نسمات باردة، جعلتها ترتجف قليلاً.كانت تحمل حقيبتها، وتسير بخطوات سريعة نحو باب قصر الدرهمي.في ظل الليل الباهت، كانت ترتدي فستانًا أحمر طويلًا بحمالات، تبدو فيه مثيرة وساحرة.في الصباح، عندما غادرت المنزل، كانت ترتدي قميصًا عاديًا وبنطالًا مريحًا.حينها تخيل سليم أنها ارتدت هذا الفستان خصيصًا لإرضاء رجال آخرين، قبضت يده بقوة من شدة الغضب.عند مدخل القصر، عندما بدلت عفاف حذاءها، لاحظت لأول مرة أن سليم كان جالسًا في الصالون على الأريكة.كان يرتدي قميصًا أسود، مما جعله يبدو أكثر برودة وغموضًا من المعتاد.كانت تعابير وجهه كما هي دائمًا، باردة وغير مبالية. لم تجرؤ على النظر إليه أكثر من ذلك.بعد أن بدلت حذاءها، ترددت في داخلها حول ما إذا كان عليها أن تلقي التحية عليه أم لا، خاصة بعد أن أعطاها منديلاً في الصباح.بخطوات مترددة، اقتربت من الصالون، وألقت نظرة خاطفة عليه.لكن الجو الليلة كان مختلفًا. في العادة، كانت رهف تخرج لاستقبالها ب
في غرفة النوم الرئيسية، داخل الحمام.كان الممرض يحمل منشفة جافة ويمسح بعناية قطرات الماء من جسد سليم.كانت ساقاه لا تزالان ضعيفتين، ولا يستطيع الوقوف بثبات إلا بمساعدة، لذلك كان بحاجة إلى الممرض لمساعدته.هذا الممرض كان يعتني به منذ تعرضه للحادث، وهو رجل في الأربعينيات من عمره، حذر ودقيق في عمله."سيدي، هناك كدمة على ساقك." قال الممرض وهو يساعده على ارتداء الروب، ثم دعمه للخروج من الحمام. "سأذهب لجلب المرهم لتدليك الكدمة."جلس سليم على حافة السرير، وبعد خروج الممرض، رفع أسفل الروب ونظر إلى الكدمة الزرقاء على فخذه.كانت هذه الكدمة بسبب عفاف، عندما قامت بقرصه.لم تكن ساقاه خاليتين تمامًا من الإحساس.عندما قرصته عفاف في تلك اللحظة، كان قد كبح رد فعله.لكن عقله لم يتوقف عن استرجاع صورتها وهي تبكي بحرقة.وأيضًا... تلك الرائحة الفريدة المنبعثة من جسدها، التي لا تزال عالقة في ذهنه.على مدار هذه السنوات، لم يشعر بأي انجذاب نحو أي امرأة.لم يكن لديه أي مشاعر غير عادية تجاه أي امرأة على الإطلاق.لكن عفاف أثارت في داخله الليلة مشاعر لا يمكنه التحكم فيها.لماذا يشعر بتلك الرغبة القوي