الفصل 8
"اعتني بنورة، سأعود حالاً."

أغلق أمين الهاتف ونهض ليغادر على الفور.

"انتظر!"

عندما سمعت علية ذكر نورة، قفزت بسرعة واقفة وقالت: "ماذا حدث لنورة؟"

توقف أمين قليلاً وهو يمسك بمقبض الباب.

استدار ونظر إلى علية بنظرة باردة.

أمام نظراته المشككة، أخذت علية نفساً عميقاً وقالت: "سأكون لاحقاً الخادمة الخاصة بنورة، من الطبيعي أن أهتم بها."

فتح أمين الباب وتوجه إلى الممر قائلاً: "لنذهب."

في الطريق إلى فيلا الخليج الأزرق، حاولت علية استفسار أمين عن حال نورة.

نظر إليها بنظرة عابرة وألقى بالعقد عليها قائلاً: "أنتِ لستِ خادمتها الخاصة بعد."

عضت علية شفتيها ووقعت العقد بسرعة وأعطته إياه قائلة: "سيد أمين، هل يمكن أن تخبرني الآن ماذا حدث لنورة؟"

قطب أمين جبينه قليلاً وقال: "وردة جاءت إلى البيت تبحث عن نورة."

بمجرد سماع تلك الكلمات، شعرت علية وكأن قلبها سقط إلى أعماق الهاوية!

وردة جاءت تبحث عن نورة!

لماذا؟ ماذا تريد من نورة؟

نورة هي ألاصغر بين الأطفال الثلاثة، وقد أخذ إخوتها نصيباً كبيراً من غذائها، مما جعلها تولد ضعيفة وهزيلة. على مدى السنوات الست الماضية، كانت هذه أول مرة تفترق فيها نورة عن علية لفترة طويلة.

لم تستطع علية البقاء هادئة.

نظرت من نافذة السيارة وعليها علامات القلق الشديد، وقالت: " أيها السائق، هل يمكنك الإسراع قليلاً؟"

كان أمين جالساً بجانبها، يراقبها بنظرة عميقة.

"يبدو أن الآنسة علية تهتم بنورة أكثر من والدها الحقيقي."

توقفت علية فجأة.

لم تدرك حتى ذكر أمين ذلك أن قلقها على نورة تجاوز الحدود المعتادة لعلاقة خادمة بطفل مخدومها.

عضت شفتيها وقالت: "لقد وقعت العقد، نورة ستكون مصدراً لدخلي، بالطبع سأهتم بها."

ابتسم أمين بنصف ابتسامة وسألها: "فقط لهذا السبب؟"

شعرت علية بعدم الراحة من نبرة أمين الغامضة، فهزت رأسها مؤكدة: "نعم."

لم يعلق أمين على الأمر، وسرعان ما وصلوا إلى فيلا الخليج الأزرق.

"سيدي، أخيراً عدت!" استقبلهم مدير المنزل بمجرد أن توقفت السيارة.

سأل أمين بوجه عابس: "كيف هو الوضع؟"

لكنه لم يحصل على إجابة فورية، إذ فتحت علية باب السيارة بسرعة كالسهم ودخلت الفيلا.

كان الجو في الصالة مشحوناً برائحة الدم الخفيفة.

عندما دخلت علية، وجدت نورة جالسة في زاوية الأريكة، وجهها متعب ومنحنٍ بلا حياة.

وفي المقابل كانت وردة جالسة، عيونها مليئة بالغضب.

"نورة!"

ركضت علية نحو الطفلة الصغيرة وأخذتها في حضنها وهي تقول بقلق: "هل أنت بخير؟"

كان صوت علية يرتجف دون أن تدري: "هل أنت بخير؟"

مدت نورة يدها الصغيرة وأمسكت بذراع علية بصمت: "أنا بخير."

"من أنت؟" قالت وردة بنظرة ازدراء، موجهة كلامها لعلية: "الخادمة الجديدة؟"

ثم أضافت بنبرة مهينة: "بوجهك هذا، تحاولين إغراء من؟"

عضت علية شفتيها بشدة، لكنها لم ترغب في الدخول في مشادة مع وردة، بل انحنت لتحاول رفع وجه نورة.

"دعيني أرى."

رفضت نورة برأس منخفض: "لا داعي."

لكن علية كانت تشعر بشيء سيء يقترب، فرفعت وجه الطفلة الصغيرة رغم اعتراضها.

وكان ما توقعته صحيحاً.

كان هناك أثر كف يد على وجه نورة الصغير الناعم.

كانت الضربة عميقة لدرجة أن تفاصيل اليد كانت واضحة.

كان من الواضح أن الضربة جاءت من شخص بالغ، وبقوة كبيرة.

شعرت علية بألم في قلبها وكادت تبكي.

"أنا بخير حقاً." قالت نورة بصوت منخفض، محاولة تهدئة علية. "الجد الخادم أعطاني قطعة ثلج، لم تعد تؤلمني."

تصرف نورة الناضج زاد من ألم علية، وكأن قلبها كان يثقب بشيء حاد.

رفعت رأسها، قبضت على يديها بقوة ونظرت إلى وردة بغضب.

"أنا من ضربتها." قالت وردة ببرود، مكتفة ذراعيها. "هل تريدين الانتقام لهذه الطفلة اللقيطة؟"

"من وصفتِ باللقيطة؟"

صكت علية أسنانها من الغضب، وضعت نورة جانباً ووقفت، متوجهة بخطوات ثابتة نحو وردة.

"كيف تجرؤين على ضرب طفلة صغيرة بهذا السن؟"

"أنتِ شخص بالغ، كيف يمكنك أن تؤذي فتاة عمرها خمس سنوات؟ ألا تشعرين بأي خجل؟"

سخرت وردة وقالت ببرود: "لماذا لا أضربها؟"

"هذه الطفلة اللعينة تبحث عن أب في كل مكان، تستحق ما حصل لها!"

لم تكمل وردة جملتها حتى كانت علية قد ضربتها على وجهها بقوة.

"صفعة!"

صوت الصفعة تردد في الصالة.

سقطت وردة على الأريكة، رأسها يطن ولم تستطع النهوض لفترة.

كانت علية تحدق بها بغضب.

كانت علية قد أحبت وردة كثيراً في السابق.

كانت وردة أختها، وعلية كانت تعطيها كل شيء.

حتى بعد الزواج، وعندما وجدت وردة صعوبة في العثور على وظيفة جيدة، أوصت علية بها لتعمل في شركة أمين.

والنتيجة؟ أصبحت وردة سكرتيرة شخصية لأمين، وتآمرت معه لدفع علية إلى الهاوية.

والآن، تجرؤ وردة على ضرب نورة!

صفعة واحدة لا يمكن أن تشفي حقد علية!

"كيف تجرؤين على ضربي؟" صرخت وردة ونهضت من الأريكة، واتجهت نحو علية بعصبية:

"هل تعلمين أنني خطيبة أمين، وسأكون سيدة هذا المنزل قريباً!

"هل تريدين مواصلة العمل في هذا المنزل؟"

"أين أنتم؟ تخلصوا منها!" صرخت وردة في الخدم.

لكن الخدم كانوا يراقبون من بعيد، ولم يجرؤ أحد على التدخل.

شتمت وردة بصوت منخفض وهاجمت علية مجدداً، واندلعت بينهما معركة.

"توقفا عن القتال..." جاء صوت نورة من الخلف، وكانت على وشك البكاء.

نهضت الطفلة الصغيرة من الأريكة وهرعت لوقف الشجار، لكنها تعثرت وسقطت على السجادة.

"نورة!" صرخت علية في هلع، وقد تملكتها الحيرة.

استدارت لتفقد نورة، لكن وردة استغلت الفرصة وأمسكت بيد علية وصفعتها.

"صفعة!"

شعرت علية بألم حاد ورائحة الدم في فمها.

رفعت وردة يدها لتوجه صفعة أخرى، لكنها كانت أضعف من علية.

علية ردت الصفعة بمهارة، وأطاحت بوردة أرضاً.

مسحت علية الدم من فمها وقالت: "هل تريدين المزيد؟"

رفعت يدها لتضربها مجدداً، لكن يدها أُمسكت فجأة.

كان ذلك أمين.

وقف أمين بوجه بارد وقال: "ماذا تفعلين؟"

"أمين، خادمتك تجرؤ على ضربي!" صرخت وردة وهي تنهض لتلكم علية بقدمها.

لكن نورة التي نهضت أخيراً، ركضت إلى علية وقالت: "يا عمتي، هل أنت بخير؟"

نظر أمين إلى نورة، وعندما رأى أثر الكف على وجهها الصغير، اشتعل غضبه

أمسك نورة بقوة وقال: "من الذي ضربك؟"
Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP