ابتلعت هند ريقها لتقمع تلك المرارة في حلقها، " لكن هيئة وشكل خلود لا تتناسب إطلاقًا مع المنتج"خلود كبرت في الخارج، وأسلوبها أيضًا لا يتناسب مع المطلوب.قال المدير طارق" هذا ليس من شأني، أنه عملك أنتِ"، وأنا واثق من أن لديكِ الحل، هذه الفرصة في غاية الأهمية بالنسبة لخلود، وعليكِ متابعة كل شئ."شعرت هند وكأن جسمها قد تخدر، ووجهها قد تيبس، ولا تعرف أتضحك أم تبكي.كان طارق يعرف مدى قدراتها، لكنه كان قاسيًا لدرجة أنه دفع بعشيقته الأولى نحوها.طارق، هل حقًا تعتقد أنني لست إنسانة، لا أشعر ولا اتألم ؟فقالت هند بصوت مبحوح وكأن زجاجًا يقطع حلقها: "حسنًا، سوف أبذل قصاري جهدي" قالت تلك الكلمات بشق الأنفس.......في الحماملم تتوقف هند عن التقيؤ الجاف، ولم تخرج بتقيؤها أي شئ.ثم وضعت يدها علي بطنها مهدئة ذلك الطفل الذي لم يولد بعد.وفي مرآة الحمام الكبيرة التي كانت تغطي الحمام بأكمله، انعكس وجهها الشاحب وعيناها المحمرتان.واستمرت هند في رش وجهها بالماء البارد لعلها تفيق.لا مشكلة...لا مشكلة.....أليست فقط مسألة جعل خلود ممثلة للعلامة التجارية؟ إنها مجرد مسألة متابعة تصوير خلود للإعلانات وتوزيع
قبل ثلاث سنوات، اصطحب طارق خلود لزيارة منزله القديم.كانت آنذاك ما زالت تدرس في الجامعة، وعلي الرغم من أن المدرسة كانت بعيدة جدًا عن المنزل القديم، إلا أنها كانت تعود يوميًا لكي لا تفوت فرصة رؤيته حينما كان يزور المكان.وفي ذلك اليوم، لم تفوت الفرصة.رأته بعينيها وهو يقدم خلود لعائلته كحبيبة سيتزوجها.وشاهدت بعينيها أيضًا كيف كانا يحتضنان ويقبلان بعضهما في فناء المنزل الخلفي.كانت معتقدة حينها أن هذه الحياة لن تسمح لها سوى بمشاهدته من بعيد.حتى أنها يوم زواجها منه، شعرت وكأنها في حلم.وبما أنه حلم، فلا بد له أن ينتهي في أي لحظة.وكانت خلود هي التي أيقظتها من حلمها.شعرت هند بألم طفيف يعتري قلبها، لكنها ابتسمت برفق وقالت:لم أركِ منذ وقت طويل، أصبحتِ أكثر تألقًا يا آنسة ."لكنها تعلم في قرارة نفسها أنها لن تستطيع بعد الآن مناداتها بـ "زوجة أخي".ابتسمت خلود قائلة:“شكرًا، وأنتِ أيضًا تبدين رائعة. بالمناسبة، يا هند، هل أعجبتكِ أسطوانة L.X التي قامت بتوقيعها؟ سمعت أنكِ تحبينها كثيرًا، وقد صادف أنها صديقتي من أيام دراستي في الخارج، فطلبت منها توقيعًا خصيصًا لكِ."شعرت هند وكأنها تلقت صاعق
في هذه اللحظة، لم يكن التوتر على وجوه موظفي الشركة فقط، بل شملت أيضًا فريق خلود. كانت مديرة أعمال هند تسحب بهدوء كمّ لينا تحت الطاولة لتتوقف، لكنها استمرت في رفع رأسها بثقة.ردت هند ببرود: “هل تعنين أن الجد الأكبر لا يراعي الذكريات القديمة ولا يهتم سوي بالمصلحة؟"تجمدت ملامح ليان وقالت: " ليس هذا ما قصدته."وفي تلك اللحظة، انفتح باب الغرفة، ودخل طارق وخلود معًا.كان الرجل وسيمًا من عائلة مرموقة، والمرأة جميلة وناجحة في حياتها المهنية. ظهورهما معًا أثار الإعجاب والغيرة في آن واحد.اقترب مدير المنتجات من هند وهمس لها: " طارق والسيدة خلود مناسبان جدًا لبعضهما. يبدو أننا سنحصل على زوجة مدير جديدة."شعرت هند بوجع في قلبها، وابتسامة باهتة ارتسمت على وجهها قبل أن تنهض لاستقبالهم.قالت ليان بابتسامة:" يا لها من مفاجأة، السيد طارق يشاركنا الغداء اليوم. تفضل هنا، وأنتِ أيضًا يا خلود."وسارعت بترتيب المقاعد لطارق وخلود معًا قبل أن تتمكن هند من التدخل.وقف الجميع لتحيتهم، وبعد أن تحدث طارق بهدوء، عادوا إلى مقاعدهم.بدت الأجواء على الطاولة ودية من الظاهر، وتخللتها محادثات خفيفة بدأت بها ليان وفريقه
" لا." ثم قال وهو يميل بجسده على ظهر الكرسي، ثم أغلق الحاسوب ونهض من مكانه. "هيا، لنذهب."عندما عادوا إلى المنزل، كان العاملون قد أعدوا العشاء.تناولا وجبة بسيطة، ثم عاد طارق إلى مكتبه ليكمل عمله.جلست هند في غرفة المعيشة، تشاهد التلفاز لبعض الوقت. ثم سكبت لنفسها كوبًا من الماء الفاتر، وأحضرت علبة الدواء من الخزانة لتتناولها مع الماء.فجأة، جاء صوت طارق من خلفها: "هل تتناولين دواء؟ ما الأمر؟ هل أنتِ بخير؟"شعرت هند بالتوتر، لكنها استدارت نحوه وردت بثبات: " أعاني من بعض المشاكل في المعدة مؤخرًا."اقترب طارق منها وملأ لنفسه كوبًا من الماء وقال: "هل ذهبتِ إلى الطبيب؟"ربط بين ما قالته أثناء العشاء وبين كلامها الآن، ولم يشك في شيء.أجابت بهدوء: "نعم، لقد زرت الطبيب."“جيد. عليكِ أن تعتني بنفسكِ أكثر."رغم نبرة اهتمامه بها، إلا أنها شعرت بألم شديد في قلبها، واكتفت بهزة رأس بسيطة....في صباح اليوم التالي، استيقظت هند على صوت هاتفها.فتحت عينيها بصعوبة، وأخذت الهاتف من الطاولة التي بجانب السرير. ونظرت إلى الشاشة، ثم أجابت:"مرحبًا؟"كانت مساعدتها في العمل علي الهاتف متوترة: "مديرة هند، حدث
السيد طارق باعتباره الرئيس التنفيذي لمجموعة فايف استار ظهر عدة مرات في الأخبار المالية، بشكله الوسيم، وقامته الممشوقة، وعائلته الثرية، بالإضافة إلى أنه لم يرتبط بأي شائعات، مما أكسبه العديد من المعجبين الذين يعتبرونه بطل رواية حقيقي. أما خلود فكانت تتمتع بجمال فائق، ونجاح في عملها، وقد حققت نتائج رائعة في الخارج. لذا، يعتبر الثنائي مثالًا على الجمال والموهبة، ويتناسبان اجتماعيًا.ومع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ المعجبون يباركون لهما، وتكونت مجموعة كبيرة من معجبي علاقتهما، وبدأوا في دعم فكرة العلاقة بينهما. وسُرعان ما تأسست مجموعة باسم "الزوجان المثيران للجدل"، وفي فترة قصيرة جذب الحساب الآلاف من المعجبين. بدأ المعجبون الكتابة عنهما في قصص حب مؤثرة، ورسم آخرون صورًا كاريكاتيرية لهما كزوجين، بينما جمع البعض مقاطع من دراما خلود وأخبار طارق المالية ودمجوها في فيديوهات.في أحد الأيام، اكتشفت هند أن إحدى المعجبات قد غيّرت اسم حسابها إلى "هل تزوج طارق وخلود اليوم؟"، وبدأ المعجبون في طرح الافتراضات، معتقدين أن طارق ظل عازبًا طوال هذا الوقت منتظرًا عودة خلود.لكن هند شعرت أن هذه الكلم
صمت وهدوء يعتري المكانوبعد قليل، تحدث طارق بصوت منخفض وقال: "أنا كنت متسرعًا، آسف..."آسف...هه.ثلاث سنوات من الزواج، لم يترك لها سوى كلمة "آسف"."أنا آسف لكِ... سأعوضكِ عن كل شئ تريدينه، لكن هذا الموضوع لا علاقة له بخلود إطلاقًا، هي لا تعرف شيئًا عن زواجنا، فلا داعي لأن تستهدفيها."ابتسمت هند بمرارة.هذا هو طارق، زوجها! من ناحية يعتذر منها، ومن ناحية يهددها من أجل خلود.شعرت هند بالإرهاق الشديد ولم تعد تريد التحدث معه ، فقالت: "افعل ما تشاء."ثم خرجت بسرعة من مكتبه.كان ظهرها هشًا، ضعيفًا، وحزينًا.راقب طارق ظهرها، وعيناه مشدودتان، ثم فجأة رن الهاتف.نظر طارق للهاتف ورد على المكالمة.“طارق... لقد رأيت ما حدث في الأخبار، آسفة، لو كنت أكثر حذرًا لما تم تصويرنا." كانت خلود هي من علي الهاتف.لم يرد طارق عليها، وبعد لحظات نادت عليه وقالت: "طارق!"رد طارق بهدوء وقال: "لا شيء، لقد تم حل الأمر ولن يؤثر عليكِ."“حقًا؟ شكرًا جزيلاً لك، طارق، أنت طيب جدًا معي."بعد أن أنهى المكالمة، قالت ليان معبرة عن إعجابها: "استخدمتِ حيلة رائعة. ولكن ماذا لو انتشر خبر زواجهما، ماذا ستفعلين؟"أجابت خلود بثق
وعند وصولهما إلى المنزل القديم، استقبلهما الخدم وقالوا: "الجدة في المطبخ مشغولة الآن، فلتتفضلا بالجلوس أولاً."ثم ذهبت الخادمة لإحضار الشاي وقدمت طبق الفواكه لهما.كانت الجدة بسيطة جدًا، فعلى الرغم من أنها عاشت حياة مريحة لفترة طويلة، إلا أنها كانت لا تزال تحب الاعتناء بالأطفال والطبخ في المطبخ، وأحيانًا كانت تقوم بحياكة وشاح لأحفادها.حتى وإن كانت هناك توترات بين أفراد العائلة ، إلا أن الجميع يكن لها احترامًا كبيرًا.وبينما كانت هند تغير حذاءها، سألَت الخادمة: "أين جدي؟"أشارت الخادمة إلى الطابق العلوي وقالت: "هو مستريح الآن، حالته الصحية ليست على ما يرام مؤخرًا."تبادل طارق وهند نظرات القلق بعد سماع هذا.كانت ثروة عائلة طارق قد انتقلت من جيل إلى جيل، ولكنها ازدهرت في يد الجد الذي ضحى بصحته من أجل العمل، وتدهورت حالته الصحية مع تقدم السن، حيث خضع لعملية زراعة كبد وكان يتناول أدوية مناعية بشكل مستمر.سألها طارق: "ماذا قال الطبيب بدر؟"الطبيب بدر هو مدير مستشفى العاصمة والطبيب الخاص للجد.أجاب الخادم: "هو يفعل ما بوسعه."أومأ طارق بحزن وألم.ودخلت هند إلى المطبخ لمساعدة الجدة.قالت الجد
سارعت هند بتغيير الجو المحرج، واستخدمت ملعقتها لتضع قطعة من طبق الباذنجان الحلو والحامض في طبق الجد قائلة: "جدي، تفضل تذوق هذا الطبق. أنا من قمت بتحضيره بنفسي، وأعلم أنه كان دائمًا مفضلًا لديك."أيدتها الجدة بابتسامة قائلة: "انظروا إليها، هند دائمًا تتذكرك. أشعر بالغيرة حقًا!"ضحك الجد بسعادة وهو يأخذ قطعة من الطبق، قائلًا: “هند دائمًا بارة بنا، على عكس بعض الأشخاص عديمي الضمير الذين يبدو أنهم لن يرتاحوا إلا إذا أغضبوني حتى الموت!"كان طارق هو المقصود بالكلام، فالتزم الصمت، ووجهه يخفي مشاعره:ابتسمت هند بلطف وقالت: "جدي، لا تقل هذا. بالتأكيد ستعيش طويلاً بصحة جيدة."هند عاشت طفولة مليئة بالصعوبات؛ انفصل والداها وهي صغيرة، وتخلت عنها والدتها، ثم فقدت جدّيها وهي لا تزال طفلة صغيرة، وأخيرًا فقدت والدها وهي في السادسة عشرة من عمرها.لم تجد هند دفء العائلة إلا مع الجدة والجد الذين قدما لها كل الحب والدعم. لذا، لم يكن أحد يقدّر صحتهما ووجودهما مثلها.وخلال وجبة الطعام، كان الجو ممتعًا ودافئًا بين هند والجدين، بينما بقي طارق في حالة صمت، يراقب من بعيد.بعد تناول الطعام، قضت هند بعض الوقت تلعب