برودة طفيفة أصابت أنف هند، وضباب أبيض جري في عينيها، وشعرت بمرارة في قلبها لم تعهدها من قبل. لم تر هند طارق بهذا الحنان من قبل، فطوال الثلاث سنوات من زواجهما لم تعهد منه سوي البرود.كانت دائمًا ما تواسي نفسها قائلة إن هذه طباعه ولن تتغير.كررت تلك الكذبة كثيرًا لدرجة أنها صدقتها.أمّا الآن، فقد رأت هذا بأم عينها، فطارق يعرف كيف يكون حنونًا، ولكنه أعطي كل هذا الحنان لامرأة أخري.ثم ركب طارق السيارة مع هذه المرأة ومرّ من أمام سيارتها، ولم يلحظ حتى وجود سيارتها."سيدتي، لقد عدتِ، ماذا ترغبين أن تأكلي علي العشاء.."لاحظت الخالة ما بوجه هند من تعب، ورأت الدموع تتلألأ من علي خدها، ولم تكمل حتي حديثها، حتي رأتها تدخل إلي غرفة نومها مباشرة، ودون أن تنطق بأي كلمة. فقدت هند قوته وانحنت على الباب، وكانت تشعر بألم شديد في حلقها.بعد أن كظمت حزنها طوال اليوم، لم تستطع أن تتحمل أكثر من ذلك. فتغطت عينيها بطبقة من الدموع والتي تدفقت بغزارة، وانهمرت على وجنتيها.كانت تتألم بشدة، وكأن الألم يمزق قلبها.لقد عانت بما فيه الكفاية من معاناة العيش وحيدة بعد طلاق والديها، ولم تكن تريد لطفلها أن يعاني نفس ال
ما إن سمعت وكيلة إسراء صوت المديرة هند حتى بدأت تصرخ بغضب وقالت: "مديرة هند! إذا كنتم تعتقدون أن مكانة إسراء لا تناسب مستوى شركتكم، قولوا ذلك بصراحة! إسراء لا تحتاج إليكم أبدًا! والآن، بعدما تخلت عن عروض إعلانية أخرى من أجلكم، قررتم فجأة استبدالها؟ هل تسخرون منا؟ يجب أن تعطوا إسراء تفسيرًا لهذه المهزلة"!ردت هند بكل هدوء: "آنسة هبة، من فضلكِ اهدئي. إسراء هي من اخترناها للتمثيل الإعلاني، كيف سنستبدلها؟""حقًا ! يبدو أنكِ لا تعلمين! مدير قسم العلاقات العامة لديكم اتصل شخصيًا وأخبرنا بأنكم ستغيرون الممثلة!"انصدمت هند للحظة بعد أن سمعت تلك الكلمات، ثم قالت: "آنسة هبة، سأتحقق من هذا الأمر فورًا، وسأعطيكِ تفسيرًا واضحًا لهذا الأمر."أغلقت الهاتف بوجه متجهم، وقامت فورًا متجهة مباشرًة إلى قسم العلاقات العامة، وكان صوت كعب حذائها العالي يرن في الممرات.خلال السنوات الثلاث التي قضتها في الشركة، لم تكن هدير تتوقف عن مضايقتها ووضع العراقيل أمامها.كان الموظفون يتبادلون النظرات وهم يراقبونها تتحرك بغضب، يهمسون: "يبدو أن هناك عرضًا مثيرًا اليوم. مديرة العلاقات العامة هدير ومديرة التسويق هند لا يتفق
نظر طارق إليها وليس في وجهه أي تعبير لما حدث، ثم التفت إلي هدير وعلي وجه علامات برود لما يحدث، وقال: " يالكما من رائعتين، مديرتان! وتتشاجران أمام الموظفين، هل هكذا تكون الإدارة؟ أم أنكما تعتبران الشركة مكانًا للعبث؟"فأسرع الموظفون بالرجوع لأماكنهم، ولم يجرؤ أحد منهم سوى إلقاء نظرات خاطفة دون انتباه من أحد.وقالت هدير بثقة: " أيها المدير، لقد كنت منشغلة في عملي، وفجأة أتت المديرة هند وبدأت بالصراخ والفوضى دون أن تميز مع من تتحدث، بل وضربتني! شخص كهذا، كيف يمكن أن يكون مؤهلاً ليكون مدير العلامة التجارية؟...”نظر المدير طارق إلي هند بنظرة حادة وباردة، وقال لها "اعتذري لها"أخذت هند نفسًا عميقًا، وقبضتها مشدودة كثيرًا، وقالت: " لن أعتذر إلا عندما تعتذر لي المديرة هدير أولاً ".بصفتها مديرة، لم يكن من الصواب أن تضرب أحدًا في الشركة، ولكنها لم تندم.وهي مستعدة لتحمل العواقب ولكن بشرط أن تعتذر المديرة هدير لها أولًا.فنظرت هدير للمدير طارق بمسكنة وقالت له: " أيها المدير، هل يمكن أن أعرف ما هو الخطأ الذي ارتكبته...." وعندما همّت هند بالرد عليها، أوقفها طارق وقال لها: " اعتذري!" كان صوته حاد
ابتلعت هند ريقها لتقمع تلك المرارة في حلقها، " لكن هيئة وشكل خلود لا تتناسب إطلاقًا مع المنتج"خلود كبرت في الخارج، وأسلوبها أيضًا لا يتناسب مع المطلوب.قال المدير طارق" هذا ليس من شأني، أنه عملك أنتِ"، وأنا واثق من أن لديكِ الحل، هذه الفرصة في غاية الأهمية بالنسبة لخلود، وعليكِ متابعة كل شئ."شعرت هند وكأن جسمها قد تخدر، ووجهها قد تيبس، ولا تعرف أتضحك أم تبكي.كان طارق يعرف مدى قدراتها، لكنه كان قاسيًا لدرجة أنه دفع بعشيقته الأولى نحوها.طارق، هل حقًا تعتقد أنني لست إنسانة، لا أشعر ولا اتألم ؟فقالت هند بصوت مبحوح وكأن زجاجًا يقطع حلقها: "حسنًا، سوف أبذل قصاري جهدي" قالت تلك الكلمات بشق الأنفس.......في الحماملم تتوقف هند عن التقيؤ الجاف، ولم تخرج بتقيؤها أي شئ.ثم وضعت يدها علي بطنها مهدئة ذلك الطفل الذي لم يولد بعد.وفي مرآة الحمام الكبيرة التي كانت تغطي الحمام بأكمله، انعكس وجهها الشاحب وعيناها المحمرتان.واستمرت هند في رش وجهها بالماء البارد لعلها تفيق.لا مشكلة...لا مشكلة.....أليست فقط مسألة جعل خلود ممثلة للعلامة التجارية؟ إنها مجرد مسألة متابعة تصوير خلود للإعلانات وتوزيع
قبل ثلاث سنوات، اصطحب طارق خلود لزيارة منزله القديم.كانت آنذاك ما زالت تدرس في الجامعة، وعلي الرغم من أن المدرسة كانت بعيدة جدًا عن المنزل القديم، إلا أنها كانت تعود يوميًا لكي لا تفوت فرصة رؤيته حينما كان يزور المكان.وفي ذلك اليوم، لم تفوت الفرصة.رأته بعينيها وهو يقدم خلود لعائلته كحبيبة سيتزوجها.وشاهدت بعينيها أيضًا كيف كانا يحتضنان ويقبلان بعضهما في فناء المنزل الخلفي.كانت معتقدة حينها أن هذه الحياة لن تسمح لها سوى بمشاهدته من بعيد.حتى أنها يوم زواجها منه، شعرت وكأنها في حلم.وبما أنه حلم، فلا بد له أن ينتهي في أي لحظة.وكانت خلود هي التي أيقظتها من حلمها.شعرت هند بألم طفيف يعتري قلبها، لكنها ابتسمت برفق وقالت:لم أركِ منذ وقت طويل، أصبحتِ أكثر تألقًا يا آنسة ."لكنها تعلم في قرارة نفسها أنها لن تستطيع بعد الآن مناداتها بـ "زوجة أخي".ابتسمت خلود قائلة:“شكرًا، وأنتِ أيضًا تبدين رائعة. بالمناسبة، يا هند، هل أعجبتكِ أسطوانة L.X التي قامت بتوقيعها؟ سمعت أنكِ تحبينها كثيرًا، وقد صادف أنها صديقتي من أيام دراستي في الخارج، فطلبت منها توقيعًا خصيصًا لكِ."شعرت هند وكأنها تلقت صاعق
في هذه اللحظة، لم يكن التوتر على وجوه موظفي الشركة فقط، بل شملت أيضًا فريق خلود. كانت مديرة أعمال هند تسحب بهدوء كمّ لينا تحت الطاولة لتتوقف، لكنها استمرت في رفع رأسها بثقة.ردت هند ببرود: “هل تعنين أن الجد الأكبر لا يراعي الذكريات القديمة ولا يهتم سوي بالمصلحة؟"تجمدت ملامح ليان وقالت: " ليس هذا ما قصدته."وفي تلك اللحظة، انفتح باب الغرفة، ودخل طارق وخلود معًا.كان الرجل وسيمًا من عائلة مرموقة، والمرأة جميلة وناجحة في حياتها المهنية. ظهورهما معًا أثار الإعجاب والغيرة في آن واحد.اقترب مدير المنتجات من هند وهمس لها: " طارق والسيدة خلود مناسبان جدًا لبعضهما. يبدو أننا سنحصل على زوجة مدير جديدة."شعرت هند بوجع في قلبها، وابتسامة باهتة ارتسمت على وجهها قبل أن تنهض لاستقبالهم.قالت ليان بابتسامة:" يا لها من مفاجأة، السيد طارق يشاركنا الغداء اليوم. تفضل هنا، وأنتِ أيضًا يا خلود."وسارعت بترتيب المقاعد لطارق وخلود معًا قبل أن تتمكن هند من التدخل.وقف الجميع لتحيتهم، وبعد أن تحدث طارق بهدوء، عادوا إلى مقاعدهم.بدت الأجواء على الطاولة ودية من الظاهر، وتخللتها محادثات خفيفة بدأت بها ليان وفريقه
" لا." ثم قال وهو يميل بجسده على ظهر الكرسي، ثم أغلق الحاسوب ونهض من مكانه. "هيا، لنذهب."عندما عادوا إلى المنزل، كان العاملون قد أعدوا العشاء.تناولا وجبة بسيطة، ثم عاد طارق إلى مكتبه ليكمل عمله.جلست هند في غرفة المعيشة، تشاهد التلفاز لبعض الوقت. ثم سكبت لنفسها كوبًا من الماء الفاتر، وأحضرت علبة الدواء من الخزانة لتتناولها مع الماء.فجأة، جاء صوت طارق من خلفها: "هل تتناولين دواء؟ ما الأمر؟ هل أنتِ بخير؟"شعرت هند بالتوتر، لكنها استدارت نحوه وردت بثبات: " أعاني من بعض المشاكل في المعدة مؤخرًا."اقترب طارق منها وملأ لنفسه كوبًا من الماء وقال: "هل ذهبتِ إلى الطبيب؟"ربط بين ما قالته أثناء العشاء وبين كلامها الآن، ولم يشك في شيء.أجابت بهدوء: "نعم، لقد زرت الطبيب."“جيد. عليكِ أن تعتني بنفسكِ أكثر."رغم نبرة اهتمامه بها، إلا أنها شعرت بألم شديد في قلبها، واكتفت بهزة رأس بسيطة....في صباح اليوم التالي، استيقظت هند على صوت هاتفها.فتحت عينيها بصعوبة، وأخذت الهاتف من الطاولة التي بجانب السرير. ونظرت إلى الشاشة، ثم أجابت:"مرحبًا؟"كانت مساعدتها في العمل علي الهاتف متوترة: "مديرة هند، حدث
السيد طارق باعتباره الرئيس التنفيذي لمجموعة فايف استار ظهر عدة مرات في الأخبار المالية، بشكله الوسيم، وقامته الممشوقة، وعائلته الثرية، بالإضافة إلى أنه لم يرتبط بأي شائعات، مما أكسبه العديد من المعجبين الذين يعتبرونه بطل رواية حقيقي. أما خلود فكانت تتمتع بجمال فائق، ونجاح في عملها، وقد حققت نتائج رائعة في الخارج. لذا، يعتبر الثنائي مثالًا على الجمال والموهبة، ويتناسبان اجتماعيًا.ومع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ المعجبون يباركون لهما، وتكونت مجموعة كبيرة من معجبي علاقتهما، وبدأوا في دعم فكرة العلاقة بينهما. وسُرعان ما تأسست مجموعة باسم "الزوجان المثيران للجدل"، وفي فترة قصيرة جذب الحساب الآلاف من المعجبين. بدأ المعجبون الكتابة عنهما في قصص حب مؤثرة، ورسم آخرون صورًا كاريكاتيرية لهما كزوجين، بينما جمع البعض مقاطع من دراما خلود وأخبار طارق المالية ودمجوها في فيديوهات.في أحد الأيام، اكتشفت هند أن إحدى المعجبات قد غيّرت اسم حسابها إلى "هل تزوج طارق وخلود اليوم؟"، وبدأ المعجبون في طرح الافتراضات، معتقدين أن طارق ظل عازبًا طوال هذا الوقت منتظرًا عودة خلود.لكن هند شعرت أن هذه الكلم