عندما دخل سمير بجسده الطويل المهيب إلى الغرفة الخاصة، جمدت مايا في مكانها.كانت متصلبة بالكامل.وقف طارق بسرعة، مرحبًا باحترام، "السيد سمير".انتقلت نظرة سمير من وجه طارق إلى مايا. كانت دائمًا بسيطة في مظهرها، فمنذ أن تعرف عليها لم يسبق أن رآها تضع مساحيق التجميل، وكانت ملابسها اليومية متواضعة ومحافظة. لم يسبق له أن رآها ترتدي ملابس مكشوفة، ناهيك عن لون أحمر صارخ يبرز بياض بشرتها.لاحظ طارق أن مايا لم تتحرك، فمد يده ليشدها بلطف، "انهضي بسرعة لتحيي السيد سمير".ولكن عندما لمس طارق ذراع مايا، تغيرت تعابير سمير بوضوح، وكأنه على وشك فقدان أعصابه، لكنه تحكم بنفسه ولم يتحرك.وقفت مايا أخيرًا، وكانت ترتدي فستانًا طويلاً ضيقًا يبرز تفاصيل جسدها بشكل جلي، مما أضاف مظهرًا فاتنًا غير معتاد.طرف سمير بجفونه قليلًا. واختفت ومضة من الضوء العميق في عينيه سريعًا.كانت مايا تشعر بتوتر شديد؛ لم تكن تتوقع أن يكون الشخص الذي ستقابله هو سمير. لو علمت بذلك، لما كانت وافقت أبدًا.تلعثمت وهي تقول، "السيد سمير..."ثم ابتسم طارق وقدمها قائلًا: "هذه الآنسة مايا".وبمجرد أن انتهى من تقديمها، طلب من مايا أن تسحب
خلال تلك الفترة، لم يعد سمير إلى الفيلا، لأنه لم يرغب في أن يتكرر ما حدث في ذلك اليوم.لكن من كان يظن أن تلك المرأة ستقتحم عالمه مجددًا، بنفس هذه الهيئة!عندما رأى مظهرها المثير وهي تحاول إرضاء الرجال.اشتعلت فيه كراهية عارمة.إذا لم يكن هو من جاء اليوم، فهل كانت ستفعل ذلك أمام رجال آخرين، محاولة لفت انتباههم؟كلما فكّر بالأمر، زاد غضبه، وكأن نارًا غير قابلة للسيطرة تشتعل في رأسه، تعطل قدرته على التفكير.كل ما أراده في تلك اللحظة هو امتلاك هذه المرأة!كانت تحركاته سريعة للغاية لدرجة أن مايا لم تدرك ما ينوي فعله. وعندما استوعبت ما يحدث، كانت شفتاها الناعمتان قد غُطيتا بشفتيه."اوه..."حاولت مايا المقاومة، ولكن بمجرد أن تحركت يداها، أمسك بهما وثبتهما فوق رأسها على ظهر المقعد.كان سمير قاسيًا ومتسلطًا، دون أدنى لمسة من الرقة، وكأنه يعاقبها، مستمرًا في امتلاكها بطريقة قاسية!كانت شفاهها ناعمة، تفوح منها رائحة فريدة.ذكّرته بإحساس مألوف جعل طمعه يزداد.الألم...كانت مايا ترتجف من شدة الألم، غير قادرة على المقاومة، وأُجبرت على التحمل.بعد دقائق، استعاد سمير جزءًا من عقله، وأبعد شفتيه ببطء عن
تزوجت مايا ، لكن العريس لم يظهر أبداً.غطاء السرير الأحمر، وزخارف الزفاف على الحائط، والألوان البارزة، كانت كصفعات متتالية على وجهها.إهانة! قهر!؟ولكن ماذا بوسعها أن تفعل؟منذ ولادتها، كانت حياتها بأكملها تحت سيطرة الآخرين، بما في ذلك زواجها.زواجها لعائلة سمير لم يكن سوى نتيجة لجشع والدها. كان جدها سائقًا للجد الأكبر لعائلة سمير. وفي حادث مفاجئ، مات أثناء إنقاذ الجد الأكبر.الشركة الصغيرة التي يديرها والدها كانت غارقة في الديون الضخمة، وتواجه الإفلاس. أدرك والدها البارع أنه إذا طلب المال من عائلة سمير، فسيضيع المعروف الوحيد المتبقي لديهم. لذا، فكر في وسيلة أنانية، وهي أن يطلب من الجد الأكبر أن يتزوج حفيده سمير من مايا.بهذا، يمكن لعائلة سمير بممتلكاتهم أن تقدم مهرًا كبيرًا ، فضلًا عن تحقيق صلة نسب مع العائلة الغنية.لم ترفض عائلة سمير، حفاظًا على سمعتهم.لكن هذه الزيجة أثارت غضب سمير بشدة. لذا، لذا لم يحضر حفل الزفاف الذي اقتصر على أفراد العائلتين فقط. وإشترط شرطًا واضحًا: لا يحق لها أن تقدم نفسها كزوجته في العلن.في هذه القصة بأكملها، لم يسألها أحد إن كانت موافقة أم لا.فتحت ما
قال مدير المستشفى: "هذه هي الطبيبة التي كانت مناوبة الليلة الماضية، ثريا."تقدم سعيد بخطوات ثابتة، وألقى نظرة على بطاقة عمل ثريا، ثم قال: "تعالي معي."نظرت ثريا بحيرة وقالت: "إلى أين...؟"لكن مدير المستشفى قاطعها بحزم: "هيا بسرعة، لا تدعي السيد سمير ينتظر طويلاً."بعد لحظات وجدت نفسها تُقاد إلى مكتب المدير.كان سمير جالسًا على الأريكة، جسده الطويل يبدو مستقيماً وأنيقاً، ورغم محاولته الحفاظ على هدوئه، إلا أن شحوب شفتيه كشف عن إرهاق ظاهر.رائحة المطهر الطبي طغت على الجو، لكنها لم تستطع إخفاء أثر الدماء الخافت الذي بدا وكأنه يلتصق به.كان يرتدي بدلة سوداء أنيقة، وانعكست هيبته القوية في كل حركة من حركاته. مجرد نظرة واحدة من عينيه الحادة كافية لزرع الرهبة في قلب أي شخص.انحنى سعيد نحو سمير وهمس بصوت منخفض: "تم تدمير جميع تسجيلات المراقبة من الليلة الماضية عمداً. من الواضح أن من كانوا يطاردونك حاولوا طمس أي دليل. وهذه هي الطبيبة المناوبة التي تأكدنا أنها كانت هنا الليلة الماضية، وفقًا لجدول المناوبات."رفع سمير نظره نحو ثريا.شهقت ثريا بصدمه، فهذا الرجل هو المدير العام لمجموعة شركات
الشخص الذي اتصل بها هو زميلها في الدراسة، تخرجوا من نفس كلية الطب، لكنه كان في دفعة أعلى منها بسنتين، ذهب لدراسة التخصص في الخارج، وهو الآن معروف جدًا في البلاد. كان دائمًا يهتم بها. لذلك، يمكن القول إنهما كانا صديقين مقربين .قالت بسرعة: "ماذا، قل لي."رد قائلاً: "لدي مريض، لدي امر طارئ ولا أستطيع الوصول في الوقت المحدد، هل يمكنك الذهاب بالنيابة عني؟"نظرت مايا إلى الساعة، لم يكن لديها مواعيد عيادة اليوم، ولكن كان لديها عمليتين جراحيتين بعد الظهر، وكان لديها وقت في الصباح، فقالت: "حسنًا."قال: "العنوان هو: حديقة الورود، المنطقه A شقه رقم 306 .قولي لهم أنك تريدين مقابلة السيد سعيد و سيبلغونه.ردت: "حاضر."أضاف: "هذا الامر ، لا تذكريه لأحد، ولا تسألي عن التفاصيل، فقط تواصلي مع المريض واعملي على علاجه." "فهمت."بعد أن أنهت المكالمة، ركبت سيارة أجرة وتوجهت إلى المكان. كان ذلك المكان في حي سكني راقٍ، حيث كان الأمن والخصوصية من الدرجة الأولى.أوقفها حارس الأمن عند البوابة، وعندما قالت إنها تبحث عن السيد سعيد، اتصل الحارس للتأكد من الأمر، وبعد الموافقة سمح لها بالدخول.وصلت إل
وقفت مايا و عيناها متوجهة نحو الأسفل، اقتربت لتجمع صندوق الإسعافات الطبية، دون أن تنسى مسؤوليتها كطبيبة. وجهت تعليماتها قائلة:"الجروح لا يمكن أن تتعرض للماء في الوقت الحالي، يجب تعقيمها مرة واحدة يومياً، واحرص على أن تكون الملابس فضفاضة لتجنب احتكاكها بالجرح."وضعت الأدوية جانباً وقالت: "هذا الدواء يُؤخذ عن طريق الفم، وهذا للاستعمال الخارجي."لم يلتفت سمير إليها، واكتفى بالرد بصوت خافت، "همم."مايا لم تضف المزيد من الكلمات، بل حملت صندوق الإسعافات وغادرت.استقلت سيارة أجرة وعادت إلى المستشفى، كانت الساعة قد قاربت الحادية عشرة . توجهت إلى كافتيريا المستشفى لتناول وجبة خفيفة ، وعادت إلى مكتبها، لكنها لم تلبث طويلاً حتى استدعاها المدير إلى مكتبه.قال المدير بلهجة جدية تخفي شيئاً ما: "بخصوص الذهاب للتدريب في المنطقة العسكرية الثانية، قررت أن أرسل ثريا بدلاً منك."تجمدت مايا لبرهة، لكنها لم تستسلم، وسألت بإصرار: "ألم تقل إنني أنا من سيذهب؟"أجاب المدير، وقد بدا عليه الإحراج: "أنت تعرفين أن المعدات الطبية المتقدمة في مستشفانا تبرعت بها مجموعة الافق. وسمير أوصاني بالاهتمام بالدكتورة ثريا
سعد جاء إلى هنا للبحث عن مايا، وركب مع سمير في طريقه.عندما رأى ثريا تقترب، فتح باب السيارة ونزل قائلاً: "سأذهب الآن."بعد مغادرته، دخلت ثريا السيارة وجلست مقابل سمير. شعرت ببعض التوتر، فقد أدركت أنه ربما خلط بينها وبين شخص آخر. لكنها أيضاً استوعبت الفوائد التي ستجنيها من التقرب منه.رغم أن المدير كان يُعجب بـ مايا دائماً، إلا أنه فجأة منح فرصة التدريب في المستشفى العسكري لـ ثريا، وكل ذلك بسبب سمير.قررت ثريا أن تستغل هذه الفرصة. هذا النوع من الحظ النادر الذي وهبته لها السماء لا يمكن أن تضيعه.قالت بنبرة واثقة وهي ترفع عينيها: "لقد فكرت في الأمر."لم يكن سمير يتوقع أن تتخذ قرارها بهذه السرعة، فمال بجسده قليلاً وكأنه يفكر في جوابها.تابعت ثريا: "لا أريد شيئاً."كانت تعلم أن الزواج منه يتطلب وجود علاقة عاطفية قوية أو اتفاق ضمني. إذا طالبت بالزواج أو بأي امتياز آخر فوراً، فقد تظهر وكأنها طامعة.لذلك قررت أن تتبع استراتيجية التراجع لتنال المكاسب لاحقاً: "يكفيني أن نكون مجرد أصدقاء عاديين."ضغط سمير شفتيه بإحكام، ولم يُظهر أي تعبير واضح، لكنه سألها بنبرة هادئة: "هل فكرتِ جيداً؟"أومأت
رفع سمير نظره، انعقد حاجباه قليلاً، فارتسمت على ملامحه هيبة دون أن يغضب. قال بنبرة منخفضة: "نعم؟"رد سعد، وهو يعض على أسنانه: "حسنًا، من أجل سعادتك، سأتحمل ذلك."نظر سمير إليه بعينين عميقتين، سوداوين وهادئتين، وقال بصوت حازم: "لنذهب."سعيد أدار المحرك، وتحركت السيارة. أما سعد، فشعر بحاجة للقيام بشيء من أجل مايا. فاستدار ليبحث عنها، لكنه وجدها قد خرجت بالفعل."مايا." ناداها وهو يتقدم نحوها.ابتسمت له قائلة: "عليّ أن أعود الآن."نظر إليها سعد وشعر بشيء من الضيق في قلبه. قال بتردد: "بالنسبة لموضوع البحث عن قلب متوافق لوالدتك، سأبذل قصارى جهدي لأساعدك بأسرع وقت ممكن."تذكرت مايا والدتها، فاختنق قلبها بالألم. حاولت جاهدة أن تخفي مشاعرها، لكن صوتها خانها واهتز قليلًا وهي تسأل: "حقًا؟"القلب ليس كأي عضو آخر؛ العثور عليه أمر صعب للغاية. بعض الناس ينتظرون طويلاً، ولا يجدونه أبدًا حتى الموت .قالت مايا: "أشكرك كثيرًا يا أخي ." لم تكن تعرف كيف تعبر عن امتنانها. احمرت عيناها قليلًا من التأثر.رد سعد بارتباك: "علاقتنا لا تستدعي الشكر."كان يشعر بأنه إذا لم يكن سمير هو من فتح الأبواب لها، لكانت