الفصل 4
وقفت مايا و عيناها متوجهة نحو الأسفل، اقتربت لتجمع صندوق الإسعافات الطبية، دون أن تنسى مسؤوليتها كطبيبة. وجهت تعليماتها قائلة:

"الجروح لا يمكن أن تتعرض للماء في الوقت الحالي، يجب تعقيمها مرة واحدة يومياً، واحرص على أن تكون الملابس فضفاضة لتجنب احتكاكها بالجرح."

وضعت الأدوية جانباً وقالت: "هذا الدواء يُؤخذ عن طريق الفم، وهذا للاستعمال الخارجي."

لم يلتفت سمير إليها، واكتفى بالرد بصوت خافت، "همم."

مايا لم تضف المزيد من الكلمات، بل حملت صندوق الإسعافات وغادرت.

استقلت سيارة أجرة وعادت إلى المستشفى، كانت الساعة قد قاربت الحادية عشرة . توجهت إلى كافتيريا المستشفى لتناول وجبة خفيفة ، وعادت إلى مكتبها، لكنها لم تلبث طويلاً حتى استدعاها المدير إلى مكتبه.

قال المدير بلهجة جدية تخفي شيئاً ما: "بخصوص الذهاب للتدريب في المنطقة العسكرية الثانية، قررت أن أرسل ثريا بدلاً منك."

تجمدت مايا لبرهة، لكنها لم تستسلم، وسألت بإصرار: "ألم تقل إنني أنا من سيذهب؟"

أجاب المدير، وقد بدا عليه الإحراج: "أنت تعرفين أن المعدات الطبية المتقدمة في مستشفانا تبرعت بها مجموعة الافق. وسمير أوصاني بالاهتمام بالدكتورة ثريا، ولم أستطع الرفض."

عندما سمعت مايا اسم سمير، شعرت بالتوتر. فعلى الرغم من أنها أصبحت زوجته بموافقة العائلتين، إلا أنها لم تقابله رسمياً من قبل.

هي فقط رأت صوره في مجلات الاقتصاد وعلى شاشات التلفزيون.

"سمير وثريا؟" ترددت هذه الفكرة في ذهنها، لكنها أخفت مشاعرها وأجابت بهدوء: "هكذا إذن؟"

رد المدير: "بالتأكيد، نحن نقدّر مهاراتك الطبية وأخلاقياتك المهنية."

أومأت مايا برأسها وقالت: "فهمت."

ثم أضافت في داخلها: "أنا مجرد زوجة مفروضة عليه، ولن يعبأ بي أبداً."

قالت وهي تنهض: "لدي عملية جراحية بعد الظهر، سأذهب الآن."

كانت تدرك في قرارة نفسها أن الأمر قد حُسم ولا مجال لتغييره.

تنهد المدير، وتركها لتواصل عملها.

بعد الظهر، انغمست في عملها. وبعد إجراء عمليتين جراحيتين متتاليتين، شعرت بالإرهاق التام.

غسلت يديها وخلعت زي العمليات الأزرق، وجلست على الكرسي ترتاح قليلاً.

دخلت ثريا إلى الغرفة وقالت بابتسامة: "دكتورة مايا، ما رأيك أن أستضيفك على العشاء؟"

ردت مايا بأدب: "لدي أعمال أخرى، أعتذر."

لم تكن علاقتهما وطيده، فهما مجرد زميلتين.

تخرجتا من الجامعة نفسها، وفي نفس الدفعة، لكن شخصية ثريا المندفعة والطموحة، وشغفها بالظهور والمنافسة، كانا سبباً في عدم توافقهما.

على العكس، مايا كانت تحب الهدوء والقراءة، لذلك لم تكونا صديقتين مقربتين.

قالت ثريا وقد ارتسمت ملامح الحرج على وجهها: "في الحقيقة، كنت أريد أن أخبرك بشيء."

نهضت مايا لتعلق معطفها وقالت دون أن تنظر إليها: "قولي."

لم تكن تعرف السبب، لكن فكرة ارتباط ثريا بسمير دفعتها للابتعاد عنها أكثر.

أجابت ثريا بصوت خافت: "أعتقد أنك سمعتِ عن الأمر. أنا آسفة جداً، لم أكن أعلم أن المدير سيقوم بهذا."

قاطعتها مايا قائلة: "لا بأس."

ترددت ثريا للحظة، ثم تابعت: "وأيضاً، بخصوص غيابي عن المستشفى الليلة الماضية، هل يمكنك الاحتفاظ بهذا الأمر سراً؟ أريد بدء فترة التدريب في المستشفى الرئيسي دون أي مشاكل."

بررت طلبها، لكن مايا شعرت أن العذر ضعيف، وأجابت ببساطة: "لن أخبر أحداً."

في الأصل، مساعدة الزملاء بتغطية مناوباتهم الطارئة أمر شائع للغاية.

فالجميع قد يواجه حالات طارئة في بعض الأوقات.

في الخارج، بدأ الظلام يخيّم على المدينة، وأضاءت مصابيح الشوارع.

وقفت سيارة سوداء فاخرة عند مدخل المستشفى. كان سعد يجلس بداخلها، وقال بنبرة تفاخر: "زميلتي الطبيبة جيدة في عملها، أليس كذلك؟"

كان سمير يجلس في المقعد الخلفي، متكئاً براحة، وتذكر برودة أعصابها ومهارتها أثناء معالجة جروحه، ما جعله يقدر كفاءتها.

نبه سعيد: "آنسة ثريا قادمة."

خفض سمير نافذة السيارة.

اقتربت ثريا، ورآها سعد وقال بدهشة: "ثريا؟"

سأل سعيد باستغراب: "هل تعرفها؟"

أومأ سعد: "كانت زميلتي في الجامعة."

رفع سمير عينيه، وبدا وكأن فكرة ما تلمع في ذهنه.

"هي التي أنقذتني الليلة الماضية، وهي نفسها من عالجتني اليوم؟"

هي ...

رد سعيد مازحاً: "هل هي سهام الحب يا ترى؟ أخيراً قرر القدر أن يصنع لك علاقة رومانسية؟"

عبس سعد وقال: "عمّ تتحدث؟

قاطعت ثريا الحديث عندما وصلت إلى السيارة وقالت: " سيد سمير."

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP