الفصل 9 الحفلة
أغلق فهد ياسر الهاتف، وضغط على جبهته بأصابعه. كانت ملامحه غارقة في الكآبة والانزعاج الشديد.

اتصل برقم نور السالم، لكن كما توقع، لم تجب عليه. بل يبدو أنها حظرته تمامًا.

بغضب، ألقى هاتفه بقوة على الطاولة، مما أحدث صوتًا مدويًا، ثم وجه نظراته الباردة إلى عادل منصور.

"ابحث عن مكان نور السالم. أريد النتائج خلال خمس عشرة دقيقة."

شعر عادل منصور بأن وظيفته أصبحت على المحك، فخفض رأسه أكثر وقال:

"الرئيس ياسر، لقد طلبت من الناس البحث، ويبدو أن الآنسة السالم ليست في المدينة أيه. لم نعثر على أي أثر لها."

اشتدت خطوط الغضب على وجه فهد ياسر، وزادت الكآبة في ملامحه التي أصبحت أكثر قتامة.

بعد نصف ساعة، حذفت شركة فهد المقال الذي كان يتضمن إيحاءات ضد نور السالم، ونشرت اعتذارًا رسميًا، وأوضحت أن الأمر كان مجرد سوء فهم. لكن البيان لم يذكر شيئًا عن مشكلات زواجهما.

لكن هذا التصرف كان تأثيره محدودًا للغاية. جلس فهد ياسر يتصفح محتوى حساب نور السالم الشخصي. كانت تلك المنشورات التي تتحدث عن تفاصيل حياتهما المشتركة قريبة جدًا منه، لكنها في الوقت ذاته تبدو غريبة تمامًا.

"السيد ياسر عاد اليوم مبكرًا، أشعر بالسعادة..."

"تمطر الآن، أتساءل إن كان السيد ياسر قد أخذ مظلته."

"السيد ياسر اصطحبني من العمل اليوم..."

"إفطار أعددته للسيد ياسر..."

......

فهد ياسر استمر في النظر بلا وعي، فجأة أدرك أن زواجه الذي دام ثلاث سنوات لم يكن فارغًا تمامًا، بل كان مليئًا بهذه المرأة في كل زاوية.

لقد اكتشف أنه لم يعرفها أبداً، ولم يشارك في فرحتها أبداً.

كل جملة كتبتها كانت تبدأ بـ"السيد ياسر"، ولكن آخر منشور لها، الذي نشرته في الساعة الثامنة، كان بيانًا باردًا، خالٍ تمامًا من أي مشاعر.

وكأنه إعلان عن نهاية هذه العلاقة!

شعر وكأن جزءًا من صدره قد انكسر، تاركًا فراغًا مؤلمًا.

أراد أن يستمر في القراءة، لكنه فجأة لاحظ أن الصفحة توقفت عن العمل. حاول تحديثها، لكن كل المنشورات التي قرأها للتو اختفت. تم حذفها بالكامل. لم يتبقَ سوى ذلك البيان البارد الوحيد.

مع استمرار زيادة عدد المتابعين والتعليقات وإعادة النشر، أصبح هذا البيان هو الشيء الوحيد الذي يمثلها الآن.

كان هذا موقفها.

هل حذفت كل شيء هكذا؟

هل قررت أن تجعل السنوات الثلاث وكأنها لم تحدث أبدًا؟

كان صدر فهد ياسر مليئًا بالكآبة، وعيناه غارقتان في الظلام. شعر وكأن قلبه قد قُبض عليه بقوة.

حتى لو اضطر إلى البحث في كل زاوية، سيجدها!

......

بعد شهر.

في حفلة مسائية خاصة بأعيان الأعمال في مدينة أيه، كان الحاضرون جميعهم من النخبة الثرية، حيث لم يتخلف أي من أفراد الطبقة العليا عن الحضور.

لم تكن هذه المناسبة مفتوحة للعامة، وكانت الحراسة مشددة على بعد عدة شوارع، مع وجود حراس شخصيين لمنع الصحفيين من الاقتراب أو التقاط الصور.

توقفت سيارة مرسيدس بنز رياضية فاخرة ببطء أمام فندق والدون الفاخر. ظهر فهد ياسر، بجاذبية لا مثيل لها وهيبة استثنائية، مما جعله محور الأنظار. وبرفقته شريكته لانا جمال التي جاءت معه كضيفة شرف.

عندما علمت لانا جمال أن فهد ياسر قد طلق زوجته، شعرت بسعادة غامرة، لأنها اعتقدت أن فرصتها قد حانت.

لكن خلال هذه الفترة، حتى عندما كانت تمرض، لم يكلف فهد ياسر نفسه عناء زيارتها ولو لمرة واحدة.

لم تتمكن من حضور هذه الحفلة إلا بعد أن أعطاها عمها الدعوة وسلمها لها بنفسه.

ارتدت فستانًا فاخرًا مخصصًا، وأظهرت مظهرًا رقيقًا مليئًا بالبراءة. أي رجل يراها لا يمكنه إلا أن يشعر بالإعجاب والانجذاب نحوها.

"مرحبًا بالرئيس ياسر، أهلاً وسهلاً بكم..." قال أحد منظمي الحفل وهو يتقدم لمصافحة فهد. ولكن فجأة، سُمع صوت همهمة عند الباب.

"زايد السالم من غرب المدينة قد وصل..." قال أحدهم بصوت مسموع.

ظهرت سيارة رولز رويس فاخرة مخصصة. زايد السالم، الذي لم يخيب التوقعات بكونه أحد أساطير وول ستريت، أظهر حضورًا مذهلًا. كانت كل حركة يقوم بها تعكس رقيًا وهيبة لا تضاهى، ليكون نداً لفهد ياسر، أسطورتان من جهتين متقابلتين.

بمجرد ظهوره، كان جميع الحاضرين ينتظرون بفارغ الصبر لمصافحته وتبادل الحديث معه.

لكن زايد السالم، بعد نزوله من السيارة، لم يغادر على الفور. بل توجه إلى جانب السيارة، وأخذ مكان خادم الباب، وفتح باب السيارة الأيمن. مد يده برقي وأدب، مما جذب أنظار الجميع.

زايد السالم، المعروف بابتعاده عن النساء، من هي السيدة التي ترافقه اليوم؟

"نور السالم!" صرخ أحدهم فجأة باسمها.

كانت ترتدي فستانًا فاخرًا مخصصًا من إحدى دور الأزياء الملكية الأوروبية، مرصعًا بالألماس، يتلألأ بفخامة ويبرز جمالها وأناقتها، ويظهر قوامها الرشيق بشكل لا تشوبه شائبة.

كان مكياج نور السالم ساحرًا، جمالها مشرق ومبهر، يحمل لمسة من الجرأة التي أكملت حضورها المثالي.

ضاقت عينا فهد ياسر، وعيناه غارقتان في الظلام، وهو يراقب تلك المرأة تمسك بذراع زايد السالم، تسير بخفة وضحكاتها تملأ الأجواء.

كانت تخطو نحوه، خطوة بخطوة...

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP