الفصل 2 درس
أغلقت نور السالم هاتفها، محاولة كبت ألمها الداخلي والحرارة التي اجتاحت جسدها. قاومت بصعوبة، وخرجت من المنزل واستقلت سيارة أجرة إلى مكتب الأحوال المدنية.

مرت الدقائق ببطء شديد، اتصل فهد ياسر مرتين ولم يتلق ردًا، فتوقف عن المحاولة.

كانت نور السالم جالسة هناك، وجهها شاحب للغاية. بعد ساعة، ظهر فهد ياسر بجسد يكسوه البرود، وتعبيرات وجه خالية تمامًا من أي مشاعر. نظر إليها من الأعلى بعينيه الممتلئتين بالبرودة.

"ما الذي لا يرضيك بالضبط؟ أعلم أنك تبرعت بالدم أكثر هذا الشهر، لكنني عوضتك بالفعل."

"دعنا ننفصل……" رفعت نور السالم رأسها، والتقت عيناها بنظراته الباردة. صوتها كان هادئًا، فلم تعد تريد أن تضيع كلماتها معه.

لطالما كانوا يتحدثون عن أمور مختلفة تمامًا.

كانت تنظر إلى ملامحه المميزة، وجماله الذي لا يمكن مقاومته، لكنه لم يمنحها يومًا أي تعبير لطيف.

كانت نور السالم تخشى دائمًا أن تثير غضبه، لكنها الآن وهي تنظر إليه، كانت هادئة وكأن قلبها أصبح جامدًا.

نظر فهد ياسر إليها، وجهه أصبح أكثر قسوة. كان يستطيع تحمل تصرفاتها المتزايدة، لكنه لا يستطيع تحمل عدم وضوحها المستمر.

هل تعتقد حقًا أنها الوحيدة القادرة على التبرع بالدم؟

"نور السالم، لا تندمي لاحقًا!"

"أكبر ندم في حياتي هو زواجي منك قبل ثلاث سنوات." ابتسمت نور السالم بسخرية، وكانت واضحة للغاية، لم تكن أكثر وضوحًا من الآن.

السير في طريق فهد ياسر الذي ملأ حياتها بالألم والجروح، كان كافيًا، بل أكثر من كافٍ!

عندما أوشك الدوام على الانتهاء، لم يكن هناك أي شخص آخر في الطابور، وكانا آخر من يدخل.

في غضون دقائق معدودة، انتهت ثلاث سنوات من الزواج بشكل عابر وسريع.

في اللحظة التي استلمت فيها شهادة الطلاق، شعرت نور السالم بارتعاش في قلبها.

لم يقل فهد ياسر أي كلمة لمحاولة إصلاح الأمور، ولم يمنحها حتى نظرة واحدة.

"لنذهب إلى المستشفى."

لم ينسَ فهد ياسر آخر ما يمكنها تقديمه له.

رفعت نور السالم رأسها قليلاً، وفجأة ابتسمت وقالت: "فهد ياسر، حتى لو ماتت أمامي، لن أضيع قطرة دم واحدة من أجلها بعد الآن."

تجمدت ملامح فهد ياسر فجأة، وقال بنبرة مظلمة: "لانا مريضة، وأنتِ تلعنينها هكذا؟ لا تنسي أن شروط زواجك كانت التبرع بالدم في أي وقت."

في تلك اللحظة، شعرت وكأن قلبها قد طُعن بسلاح حاد، الألم كان يفوق قدرتها على التحمل.

نعم، تمكنت من الزواج به لأنها تملك دم الباندا النادر، ولأنها وعدت بأنه كلما احتاجت لانا جمال إلى الدم، ستتبرع به في أي وقت.

نظرت نور السالم إليه بعينين لامعتين، بينما كان الرجل يقف تحت حاجبيه الحادين، وعيناه تعكسان البرود المعتاد.

اتسعت ابتسامة نور السالم، وكانت ضحكتها باردة وقاسية.

كان عليها أن تدرك منذ زمن أنها ليست سوى بنك دم متنقل بلا قيمة تُذكر.

"فهد ياسر، مكانة السيدة ياسر لا تعنيني أبدًا. اطمئن، هذه ستكون المرة الأخيرة لتبرعي بالدم، وسأقوم بتصفية الحسابات."

ضحكت بطريقة غامضة، ألقت نظرة أخيرة على فهد ياسر، ثم استدارت وغادرت مباشرة.

انعقد حاجباه قليلاً، وشعر بقلق غريب لا يستطيع تفسيره. كان هناك شيء مختلف في نور السالم، شيء لا يستطيع تحديده، لكنه بدا وكأنه يخرج عن سيطرته.

على مدى ثلاث سنوات من الحياة الزوجية، كان يعتقد أنه يعرفها جيدًا. قبل الزواج، كانت تلاحقه بلا كلل، وبعد الزواج، كانت مطيعة ومتواضعة.

في الفترة الأخيرة، ازدادت حاجة لانا جمال إلى التبرع بالدم، وكان يشعر ببعض الذنب، لكن نور السالم لم ترفض قط، وهذا ما جعله يشعر بالراحة، واعتقد أن بإمكانه تعويضها بطرق أخرى.

بغض النظر عن النوايا، كانت نور السالم زوجة مقبولة. لكن طلب الطلاق المفاجئ لم يكن مريحًا له.

مع ذلك، الطلاق بالنسبة له لم يكن مشكلة!

هدأت عينا فهد ياسر الباردتان، وتخلص من شعور القلق الذي اجتاحه. لا بأس، عندما تجد أنها لا تستطيع البقاء بمفردها، ستأتي إليه بنفسها.

......

أوقفت نور السالم سيارة أجرة على جانب الطريق مباشرة، ودون أن تترك مجالًا لأي رد فعل من فهد ياسر، توجهت مباشرة إلى المستشفى. وصلت إلى غرفة لانا جمال الخاصة، ودفعت الباب لتدخل.

كان هناك مجموعة من الأطباء والممرضات محيطين بـلانا جمال، يسألونها بحذر عن أي شعور مزعج.

عندما رأت نور السالم تدخل، لمعت عينا لانا جمال، وارتسمت على وجهها تعابير فرح على الفور.

"نور السالم، أخيرًا جئتِ. أرجو أن لا تكوني غاضبة مني. جسمي ضعيف، وأزعجك دائمًا. كنت قلقة على صحتك أن تتدهور بسبب ذلك."

خطت نور السالم بخطوات واسعة نحوها، وعيناها مظلمتان مليئتان بالبرود.

"الرسالة كانت منكِ، أليس كذلك؟"

سألتها مباشرة دون أي مقدمات.

لم تنتظر نور السالم جوابها، وصفعتها بقوة على وجهها.

"آه......" صرخت لانا جمال بصدمة، واضعة يدها على وجهها من شدة الألم.

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP