بالنظر إلى هيئته فالرجل الذي يقف أمامها يبدو وكأنه ليس هو الشخص المسئوول.و من المؤكد أن مالك السيارة يجلس في المقعد الخلفي.وبطريقة عفوية انحرفت نظرات وفاء تجاه الراجل الجالس بالمقعد الخلفي، مرتدياً بدلة سوداء أنيقة، ذو هيبة ووقار،تنبع ملامحه بسحر خارق للطبيعة يجذب العيون ويفرض الاحترام.ومع ذلك، زينت شفتيه بشحوب غريب، مما يشير إلى ضعفه وكان يستريح، وعيناه مغلقتان.جلس بجانبه رجل أصغر سناً يرتدي نظارة ذات إطار ذهبي، لقد بدا ناضجاً وثابتاً. كانت عيناه الحادتان تلمعان بالذكاء، لكن ارتسم ظلًا من القلق على حاجبيه. كسر الصمت قائلاً: "حامد، فلنترك لهذه السيدة الكارت الشخصي. ولنناقش معها موضوع التعويض لاحقًا. في الوقت الحالي، دعنا ننقل السيد الشاب إلى منزل السيد جمال. لا يمكننا إضاعة المزيد من الوقت هنا."بينما كانوا يتحدثون، وجدت وفاء نفسها تقترب من السيارة، واعتمادا على حاسة الشم القوية لديها، شمت رائحة الدم القوية المنبعثة من السيارة. لم تستطع إلا أن تتجهم، وحدثها قلبها أن الرجل الذي في السيارة ربما قد أصيب، و لم تستطع أن تمنع نفسها من تكرار النظر تجاه عين هذا الرجل، للوهلة الأولى شعرت
أخذت وفاء نفسًا عميقًا لكن مايزال قلبها مثقلاً بالقلق.اتصلت أولا بشركة متخصصة في نقل السيارات بعد الحوادث و شرحت لهم العنوان،بعدها اتصلت بالشرطة.بعد فترة وجيزة، وصلت الشركة والشرطة لمكان الحادث. أخذ الضابط منها بيانًا موجزًا عما حدث، وعندما علم أن الأمر قد تم تسويته بينهم، أنهى الأمور بسرعة ولم يطل في الحديث.شاهدت وفاء سيارتها وهي تُسحب بعيدًا، وامتلأ قلبها بخليط من المشاعر المختلفة.قال ضابط المرور: "أستاذة وفاء، من فضلك تعالي معي إلى قسم الشرطة لعمل محضر."أومأت برأسها، وأمسكت بأيدي صغارها بينما صعدوا إلى سيارة الشرطة. وبحلول الوقت الذي عادوا فيه إلى المنزل، كان الليل قد حل.وفي الوقت نفسه، وفي مكان آخر، توقفت سيارة هيثم عند الصيدلية المملوكة لعائلة السيد جمال. وكان مساعده عماد أول من قفز خارج السيارة، وفتح الباب، وحمل هيثم للداخل بمساعدة السائق.بمجرد أن وصل للداخل اتجه ناحية موظفة الاستقبال و سألها بسرعة:" أين السيد جمال؟"تقدمت موظفة الاستقبال بسرعة، وقادته إلى الداخل قائلة:"السيد جمال ينتظرك منذ وقت طويل، من فضلك ادخل بسرعة."سرعان ما تم إدخال هيثم إلى داخل الغرفة. الغرفة التي
عماد الواقف بالجانب الآخر أصيب بالدهشة أيضاً و سأل بسرعة:"سيد جمال، هل لديك المزيد؟ إذا كان لديك، نأمل أن تتمكن من بيع بعضه لنا! مهما كانت الكمية المتاحة لديك، سنأخذها!"قد يعني هذا أن السيد هيثم لن يضطر إلى المعاناة كثيرًا بعد الآن.ضحك السيد جمال بشئ من المرارة و العجز: "هل تعتقد أن هذا هو العشب الذي يمكنك شراؤه بهذه السهولة؟ لقد أخبرتك، إنه نادر!""إذن ..." كان من الصعب رؤية بصيص الأمل في هذا الأمر لكن عماد كان لايزال غير راغب في الاستسلام.تابع السيد جمال قائلا: "لقد كانت مجرد صدفة. فالفتاة التي تزودنا بالأعشاب دائما، قد حصلت على هذا القدر القليل منه. عندما سألتها عما إذا كان لديها أي شيء إضافي، قالت إنها لا تملك المزيد."غمرت خيبة الأمل وجه عماد، بينما ظلت ملامح هيثم هادئة إلا أن نظرة الحماس في عينه خفت قليلاً.لقد عانى من مرضه القديم لسنوات عديدة.طوال تلك السنوات، كان يبحث عن أطباء مشهورين في جميع أنحاء العالم، لكن لم يقدم أي منهم أي أمل حقيقي في العلاج بالكامل، على الأقل مع السيد جمال وجد بعض الراحة.الآن بعد أن عرف أخيرًا وجود مثل هذا الدواء المعجزة، كان هيثم يأمل بطبيعة الحال
كانت وفاء تهتم بلا كلل بنباتاتها العشبية الثمينة، وتسقيها بعناية وتقص أي أوراق أو فروع عديمة الفائدة. استهلكت هذه المهمة الدقيقة أكثر من ساعة.وبحلول الوقت الذي انتهت فيه، كان الليل قد غطى السماء بالكامل، تنفست الصعداء أخيراً.وهي تعلم أن الأعشاب التي رعتها للتو كانت نادرة وقيمة بشكل لا يصدق - تساوي مائة مرة- أكثر من تلك التي باعتها للسيد جمال خلال النهار. خلال اليوم جلبت تلك النباتات القليلة أكثر من ثلاثة ألاف دولار، وهذه البراعم الصغيرة، إذا تمت زراعتها بعناية، يمكن أن تنتج ثروات أعظم! كنز لا يمكن تعويضه في سوق يبحث عنها بشدة!أحست وفاء وهي تمسح العرق عن جبينها بإحساس بالراحة يغمرها خاصة عندما فكرت في الطفلين الصغيرين اللذين ينتظرانها في المنزل، شعرت بتحسن كبير وكان لديها ابتسامة على وجهها.بمجرد أن جمعت أدواتها وأغلقت بوابة حديقة الأعشاب الخاصة بها، توجهت إلى المنزل.عندما فتحت الباب، استقبلها مشهد يبعث الدفء و البهجة في القلب، كان طفلاها ملفوفين بمنشفة الحمام، منغمسين في لعبة الشطرنج مع جدتهما .كانت القطتان "مشمش" و"خوخة" تدوران بحماس بجانبهما، وكان المشهد دافئاً ومبهجاً."الجدة
في القاعة، وجدت وفاء نفسها وحيدة. ثابتة في مكانها، غير متأكدة مما إذا كانت ستبقى أم تغادر. تعرفت وفاء بسرعة على الرجل ذو النظارات ذات الإطار الذهبي؛ كان أحد الركاب من حادث السيارة بالأمس وكان يجلس في المقعد الخلفي.أما بالنسبة للرجل الآخر...... ذو الهيبة و الوقار كأنه شخص كان يتمتع بسلطة و مكانة عالية لفترة طويلة، بالإضافة لرائحة الدم التي شمتها في وقت سابق و بالأضافة للوضع الحالي فمن المؤكد أن الشخص الموجود بداخل القاعة كان هو!أدركت وفاء أن هذا الرجل ليس شخصًا يمكن الاستخفاف به، ومن المنطقي أن تغادر على الفور. ومع ذلك، فإن شفقة المعالج شدّت ضميرها. شعرت أنه من الخطأ تجاهل شخص محتاج.وبينما كانت مترددة، صرخ عماد من الداخل بعجالة:"سيدي...."دون أدنى تفكير آخر، خطت وفاء إلى غرفة الاستراحة.بمجرد دخولها، شمت رائحة قوية لأدوية تقليدية. على سرير المستشفى النظيف يرقد رجل وسيم، عيناه مغمضتان، شاحبًا فاقدًا للوعي، ووجنتاه محمرتان بشكل مثير للقلق.كان بإمكانها أن ترى من نظرة سريعة أنه يعاني من الحمى، ولا بد أن الحمى الشديدة استمرت لفترة طويلة.كان عماد و سلوى على الجانب قلقين للغاية وفي
أجابت وفاء بلا حول ولا قوة: "لم تسأل من قبل، لذلك لم أخبرك.أنا بالفعل أعلم ببعض المهارات الطبية." لقد فكرت في الأمر إذا قالت إنها على دراية كاملة بالمهارات الطبية، فسيكون ذلك موضعًا للشك.لقد كانت المهارات الطبية لمعلمها ممتازة، وقد علمها الكثير بالفعل، لذلك يمكنها علاج الأمراض العادية دون أى مشكلة.لم يسمع عماد عنها قبل ذلك، و عبس جبينه وشك في أنها شخص يمكن الوثوق به." تعلمي بعض المهارات فقط، آنسة وفاء هذا ليس مزاح لا يمكنني تعريض حياة سيدي للخطر." قبل أن ينتهي من حديثه، قاطعته وفاء قائلة: "لقد فات الأوان بالنسبة لانتقاله إلى المستشفى الآن. أنفاس سيدك تضعف وحياته في خطر في أي وقت.المكان هنا ليس قريب من المستشفي، فأقرب مستشفي من هنا تبعد حوالي نص ساعة بالسيارة. ومن المحتمل أن تضعه مثل هذه المتاعب في وضع خطير للغاية."شحب وجه سلوى ، لأن ما قالته كان منطقيًا، فماذا يجب أن نفعل الآن؟ "آنسة وفاء، هل لديك أي طريقة لعلاج مرض السيد هيثم؟ إنه في وضع خطر الآن." لم يقل عماد أي شيء، فقط كان يحدق بها، وكان الرد واضح من عينيه. تنهدت وفاء وأجابت بشكل مباشر للغاية: "الطب له حدود، ولا يوجد طبي
لم تقل ذلك بصوت عالٍ. حتى لو فعلت ذلك، فسيكون ذلك بلا جدوى. من الأفضل أن توفر على نفسها مجهود المجادلة.سحبت يدها من معصم ذاك الشخص، واستدارت لتسأل سلوى:"سلوى، هل لديك أي إبر؟ النوع المستخدم في الوخز بالإبر."أضاءت عيون سلوى بالفرح:"نعم! آنسة وفاء، هل تقصدي أنك تستطيعين علاجه؟"همهمت وفاء.كان عماد قلقًا بعض الشيء بشأن مهاراتها الطبية وسألها بلا تردد: "آنسة وفاء، هل أنت جيدة حقًا في هذا؟"ألقت عليه نظرة بلا كلام. لقد شكك هذا الرجل فيها عدة مرات،لقد كثر هذا الهراء.ردت وفاء بغضب: "إذا قلت إنني أستطيع، فأنا أستطيع! هل تعالجه أنت أم أنا؟"أغلق عماد فمه مطيعًا ولم يقل المزيد.ركضت سلوى إلى الطابق العلوي وعادت إلى الأسفل بحقيبة بها مجموعة إبر، مليئة بالإبر بأحجام مختلفة."لن أستطيع إتمام الأمر بمفردي، أحتاج إلى مساعدتكم."أومأت سلوى برأسها: "فقط أخبريني ماذا أفعل."، و لم يتردد عماد أيضًا."حسنًا يا سلوى، من فضلك ساعدي في تعقيم جميع الإبر،" ألتفت وفاء إلى المساعد عماد وقالت:" أستاذ عماد من فضلك ساعده في خلع ملابسه ماعدا ملابسه الداخلية.""آه" قالتها سلوى التي كانت على وشك الذهاب لتعقيم الإبر
هل الأمر بهذه السهولة حقًا؟ مرض السيد هيثم خطير للغاية، هل يمكن لبضعة إبر أن تجعله أفضل في عشر دقائق؟على الرغم أن لهجة وفاء كانت واثقة و حازمة،إلا أن عماد و سلوى كانوا متشككين، لكن لم يستطيعا قول أي شيء ولم يكن لديهما خيار سوى الانتظار بقلق. فكر عماد في الاتصال بالطبيب المتواجد بالمستشفى عدة مرات، قلقاً للغاية من احتمالية حدوث مكرره للسيد هيثم.وغير متأكد مما إذا كان يمكن الوثوق بوفاء أم لا.على عكس توترهم، كانت وفاء مسترخية تماما.الآن فقط بدأت تلاحظ الشخص الموجود على السرير.كان وسيمًا بشكل لا يصدق، ولم يقلل مرضه من مظهره. على الرغم من أن وجهه كان شاحبًا، لكن ملامحه كانت جذابة بشكل رائع إلى درجة ساحرة جداً.بحاجبين يشبهان السيف وعينين مرصعتين بالنجوم، وأنف ممتلئة، وشفتين رقيقتين مثل أزهار الخوخ، كان جماله مذهلاً.على الرغم من أنها لم تستطع رؤية جسده بالكامل من الأمام، إلا أن عضلاته تبدو قوية مشدودة وموزعة بشكل جميل عبر جسده النحيف القوي، مع خطوط مثالية تجعل الناس غير قادرة على إبعاد أعينهم عن شكله المثير الذي يشع جاذبية شديدة.كيف يمكن لشخص أن يكون وسيمًا إلى هذا الحد؟نظرة واحدة ف