ماذا حدث لكارمن، التي كانت دائمًا لطيفة ومطيعة، وكأنها أصبحت شخصًا آخر؟ كنت بالكاد أستطيع التعرف عليها عندما وقفت على المسرح وأخذت تتكلم بكل حماس.دون أي إشعار مسبق!ظهرت فجأة هكذا، وكادت تدمّر سمعة شركة K&W.لولا أنني ما زلت أحتاجها، لكان من الممكن أن أفكر في قتلها!هل من الممكن أن التغيير الكبير الذي حدث أمس يعني... أنها اكتشفت علاقتي مع كارمن؟لكن هذا غير ممكن!إذا كانت قد اكتشفت، كيف لا تقوم بأي تصرف؟ كيف لا تبكي أو تشكو؟ هذا ليس رد فعل طبيعي من امرأة."هم يقولون..."بينما كانت تنظر إلى كارمن ووليد وقد ظهر على ملامحهما مشاعر القلق والغضب، وكانا يحاولان جاهدين إخفاء مشاعرهما، شعرت ريم بالضحك.كانت قد قررت في البداية أنها إذا لزم الأمر ستقطع علاقاتها معهما، فهي لم تكن قد وقعت عقدًا مع شركة وليد بعد، وبالتالي يمكنها ببساطة مغادرة المكان وأخذ كل شيء يخصّها.لكنها لم تتوقع أن يواصلا هذه المسرحية.هل كانا يظنان أنها غبية إلى هذا الحد؟ حتى بعد ما حدث البارحة، هل كانا يعتقدان أنها ستتأثر وتعود لتخدمهم مرة أخرى؟ربما ريم ليست ذكية جدًا، لكنها بالتأكيد ليست غبية إلى هذا الحد.كانت تتكلم على
"قالوا إنكِ خائنة، وتتآمرين عليّ!" !!!تغيرت ملامح وجه وليد فجأة، "ما هذا الهراء!"أمّا كارمن التي كانت تواجه ريم، لم تستوعب ما يحدث، وراودها شعور بالذنب لا إرادياً أمام ذلك الاتهام المباشر والقاسي، فأشاحت بنظرها بسرعة.وعندما سمعت صوت وليد، استوعبت الأمر وقالت، "نعم، كيف يمكنك أن تصدّقي مثل هذا الكلام، إنه افتراء!""ريم، نحن الثلاثة معًا منذ فترة طويلة، وعلاقتنا لا تحتاج أن يخبرك عنها أحد، كيف يمكنك أن تصدقي مثل هذه الافتراءات السخيفة، هذا محزن جداً."وما إن قالت هذه الكلمات، حتى احمرّت عيونها، وكادت دموعها أن تنهمر، وبدت كأنها متألمة جدًا.وقفت ريم متعجبةً من أداء كارمن، فعدم دخولها لعالم التمثيل أمر مؤسف حقًا.ولكن الحياة في حقيقتها مسرحية كبيرة، تقوم على المهارات التمثيلية، ومن منّا لا يستطيع التمثيل!تقوست شفتيّ ريم، وتدلت زوايا عينيها، وأظهرت أنها مترددة ومتضاربة وحائرة، "لكنهم ليسوا الوحيدين، فالناس في الخارج يتحدثون عنك وعن وليد دوماً...""ريم!"لم تكد تنهي كلامها حتى قاطعها وليد بصوت حاد، وأمسك ذراعها بقوة، "هل أنتِ غبية! تصدقين كل الشائعات! يقول الناس يقول الناس، هل لديكِ أذن
المشكلة هي، متى تعاونت ريم مع شركة أنفاس الورد؟ وكيف لم يصله علم بهذا الأمر؟هزّت رأسها، "لم يحدث ذلك.""إذن فالأمر بسيط. بما أنكِ لم توقعي عقدًا، فما زال هناك مجال للتغيير. ها هم يثيرون الشائعات حولنا أمامك، ولولا رحمتي بهم، لرفعت عليهم دعوى بتهمة التشهير."أخذ نفسًا عميقًا، وراح يربت على ذراعها، "ريم، أنتِ طيبة جدًا، ولا تدركين تعقيدات وقذارة عالم الأعمال، نحن نعمل من أجلكِ، لا نريدكِ أن تشاركي في هذه الأمور الفوضوية.""دعي هذه الأمور لي أنا وكارمن لنتعامل معها، وأنتِ ركزي في صناعة العطور. أليس هذا ما تحبينه؟ أن تواصلي فعل ما تحبينه بتركيز، أليس هذا أمرًا رائعًا؟"نظرت إليه ريم، وأدركت أنه كان طوال الوقت يستخدم هذه الأساليب لغسل دماغها، ليجعلها تساعدهم بكل رضا ودون مقابل.والآن أيضاً، مع أنهم يفكرون في تحميلها مسؤولية كل شيء، إلا أنهم يبررون ذلك بأنه لمصلحتها.إذا اعترفت بأنها سرقت الوصفة منهم وانتقلت إلى شركة أخرى، فسيكون هذا بمثابة وصمة عار لن تُمحى من تاريخها، ولن تتمكن من البقاء في هذا المجال بعدها.ما يريده وليد منها هو الحفاظ على سمعة كارمن، وفي نفس الوقت تدمير سمعتها حتى تكون
بعد مغادرة ريم شركة وليد، توجهت أولاً إلى مشغل العطور.لم يكن المشغل قريبًا من الشركة، وعادةً ما كانت ريم وهند تعملان على تطوير المنتجات الجديدة هناك، وبعد التأكد من نجاح المنتج الجديد فيه، يبدأ إنتاجه بكميات كبيرة.لكن وليد كان متلهفاً للشهرة والنجاح، وفي بعض الأحيان كان لا ينتظر اجتياز المنتجات الجديدة اختبار الثبات، ويبدأ مباشرة في الإنتاج والطرح في السوق.فوفقًا لكلامه، السوق يتغير بسرعة، وإذا لم نستغل الفرصة بسرعة، فسنُستَبدل بسرعة. لذا، يجب تطوير منتجات جديدة باستمرار وجذب انتباه المستهلكين والسيطرة على السوق.وهذه الطريقة الهجومية في التسويق، لم ترق لريم أبداً.إن تطوير منتج جديد، من الفكرة إلى التجارب والاختبارات المستمرة، وصولاً إلى النجاح النهائي، هو عملية تحتاج إلى وقت، ولا يمكن الاستعجال فيها.لا يمكننا القول بأننا سنطرح المنتج في السوق بسرعة بدون الالتفات إلى الخطوات الأساسية والضرورية في المنتصف.لم توافق ريم على هذه الطريقة، لكنها لم تكن المديرة، واقتصر دورها على تقديم بعض الاقتراحات، لكن وليد كان يرد عليها بأنها لا تفهم في مجال الأعمال، وعليها فقط تطوير المنتجات الجديدة
وأخيرًا، تقدم أحدهم ليقود المجموعة، وقال: " أيتها الفنيّة ريم، نحن هنا ننفذ الأوامر. إذا كان لديك أي اعتراض، يمكنك التحدث مع السيد وليد. نحن ننفذ ما يقوله المدير فقط!"ردت عليه بغضب، "حسنًا، تظنون أنني لا أجرؤ على ذلك؟"ثم اتصلت بوليد أمامهم، ولكنه لم يجب على المكالمة، مع أن خطه كان متاحاً. أدركت ريم أنه كان يتجاهلها عمدًا، ينتقم منها لعدم ردها على مكالماته السابقة. كان يحاول إحباطها وجعلها تستسلم.ابتسم الرجل الذي كان يقف أمامها بتفاخر، فقد فهم أنها لم تتمكن من الاتصال بالسيد وليد.فقال: "أيتها الفنّية ريم، مساعدتك تبحث منذ أكثر من ساعة. استمراركم في إضاعة الوقت لن يجدي نفعاً، لدينا من الوقت ما يكفي. إن كانت تلك معلومات سرية، فهي تابعة للشركة، والمدير وليد يريد الحفاظ عليها في مكان أكثر أمانا."ابتسمت بسخرية وقالت: "حقًا، إنه شخص ذو نوايا حسنة."ثم أغلقت الهاتف وقالت ببرود: "يارا، أعطهم الملفات."كانت يارا متفاجئة، فقد كانت مستعدة للقتال من أجل الحفاظ على تلك المعلومات الثمينة. فقالت: "ريم، إنها عصارة جهدنا، لا يمكنهم أخذها بسهولة. لابد أن نواياهم سيئة!"أدركت ريم أن وليد يحاول بذلك أ
"يارا"، جلست ريم ورفعت رأسها تنظر إليها وقالت: "لو تحتم عليكِ الاختيار بيني وبينكِ في شركة K&W للعطور، فماذا..…."."سأختارك أنتِ!".لم تُبدِ يارا أي تردد، حتى إنها بادرت بالجواب قبل أن تكمل ريم كلامها.ابتسمت ريم على الفور والذهول يتملكها.في الحقيقة، كانت يارا تبلي بلاءً حسنًا هنا، فهي تحظى بعمل مستقر وعائد مادي لا بأس به، وعلى الرغم من كونها حادة المزاج ولا تحبذ العلاقات الاجتماعية المعقدة، لكنها مع هذا تتمتع بخبرة مهنية ممتازة، لذا كانت هذه الشركة تناسبها جدًا.إنها بالتأكيد لن تستمر بالعمل في شركة K&W للعطور، لكنها بذلك ستكون قد أقحمت يارا معها عن غير قصد، لذلك شعرت في داخلها بأسف شديد.لم تكن تتوقع أن يارا ستختارها بشكل مباشر وصريح. ها هي لم تخرج من هذا المكان خالية الوفاض.نظر الاثنان إلى بعضهما البعض وابتسما، لم تكن ثمة حاجة إلى الكلام، فتلك النظرة لخصت كل شيء."صحيح، هل عقدت العزم على الانتقال إلى شركة أنفاس الورد للعطور".وعلى ذكر هذا الموضوع، سألتها يارا مباشرة: "إذن.….أيمكنني الذهاب أنا أيضًا؟".كانت يارا حذرة للغاية، فهي تخشى أن تتسبب بالمتاعب لريم.ويتطلب الانت
"برأيك ما أكثر ما أخشاه حين يرغمني وليد على الاعتراف أمام الناس بالنصب والاحتيال؟".ثم نظرت إلى يارا بنظرة مبهمة وأردفت قائلة: "شاهد ودليل يقفان ضده، أما الدليل فقد سرقه، وأما الشاهد.….."."أنا هي الشاهدة؟"، تحسست يارا أنفها لما تجلت لها الحقيقة."يمكنني أن أقف وأشهد لك"، ثم تخصرت بكلتا يديها وقالت بكل حماس: "حينها يمكننا أن نسقط عنه ذلك القناع الزائف، ونكشف للجميع حقيقة هذا الشخص".هزت ريم رأسها وقالت وعلى شفتيها ابتسامة خفيفة: "لا، لا تذهبي، كل ما ينبغي عليك فعله هذين اليومين أن تأخذي إجازة"." إجازة؟"."نعم، إجازة! وليد لا يحتاجك أن تشهدي له، هو فقط يريد ألا يشهد لي أحد، وإذا غادرتِ حينها، فسيكون ذلك مثاليًا بالنسبة له".أضف إليه أن يارا إذا استقالت مباشرة في تلك اللحظة الحرجة، فإن وليد -بطبعه المتعنت- لن يدعها ترحل بسلام؛ بل سيتهمها بالتقاعس عن أداء الواجب، وهذا خيار مثالي بالنسبة له.كانت يارا لا تزال قلقة: "لكنني يجب أن أقف إلى جانبك في ذلك الوقت يا ريم، ألا يعد هروبي حينها فرارًا من المعركة؟"."أيتها الحمقاء، هذه ليست معركة، وهذا ليس فرارًا!"، ثم لم تتمالك ريم نفسها عن
انطلقت السيارة بسرعة البرق، وسرعان ما تمكنوا من الفرار من السيارة التي كانت تلاحقهم.التفتت ريم بعد لحظة إدراك وقالت: "لقد أرسل رجالًا يتبعونني، يريد أن يعرف هل ما زلت على تواصل مع شركة أنفاس الورد للعطور"."آه"، رفع السيد سعيد حاجبيه وقال: "هل وعدتيه بعدم الذهاب إلى شركة أنفاس الورد للعطور؟"."لم أعده بأي شيء، لكنه ربما يظن أنه قد استطاع إقناعي".في الحقيقة لم تعده ريم بأي شيء، لكن وليد ظن أنه نجح في خداعها ثانية بكذبته السخيفة تلك.فهذه ليست المرة الأولى، وهي لا تختلف عن المرات السابقة، لقد اعتاد الأمر منذ فترة.لكنه لم يكن يعلم أن ريم التي وثقت به سابقًا، لما رأت بعينيها خيانته ونذالته، وعلاقته غير المشروعة بكارمن، انهارت ثقتها به كليًا، وما عادت تثق بكلمة أو حرف واحد مما يقول."ماذا تنوين أن تقعلي إذًا؟".لم يتدخل السيد سعيد في قرارها، على الرغم من شعوره ببعض الرغبة وشيء من الفضول.….كيف ستتصرف في هذا الموقف.بصراحة، ذلك الوغد المدعو وليد آذاها بشدة، في البداية كان ينوي أن يطالب لها بحقها، لكن الآن بعد أن استغنت زوجته تمامًا عن حمايته، صار يحق لها أن تتصرف بطريقتها.نظرت ر